المخاوف المدرسية وعلاقتها بتقدير الذات لدى المراهق المتمدرس دراسة ميدانية على عينة من تلاميذ المرحلة المتوسطةSchool phobia and their relationship with self-esteem of a schooling teenager: field study regarding a sample of middle school pupils Les phobies scolaires et sa relation avec l’estime de soi a l’adolescent- une étude sur le terrain d’un échantillon d’élèves du collège
Plan du site au format XML


Archive: revues des lettres et sciences sociales


N°01 Avril 2004


N°02 Mai 2005


N°03 Novembre 2005


N°04 Juin 2006


N°05 Juin 2007


N°06 Janvier 2008


N°07 Juin 2008


N°08 Mai 2009


N°09 Octobre 2009


N°10 Décembre 2009


N°11 Juin 2010


N°12 Juillet 2010


N°13 Janvier 2011


N°14 Juin 2011


N°15 Juillet 2012


N°16 Décembre 2012


N°17 Septembre 2013


Revue des Lettres et Sciences Sociales


N°18 Juin 2014


N°19 Décembre 2014


N°20 Juin 2015


N°21 Décembre 2015


N°22 Juin 2016


N° 23 Décembre 2016


N° 24 Juin 2017


N° 25 Décembre 2017


N°26 Vol 15- 2018


N°27 Vol 15- 2018


N°28 Vol 15- 2018


N°01 Vol 16- 2019


N°02 Vol 16- 2019


N°03 Vol 16- 2019


N°04 Vol 16- 2019


N°01 VOL 17-2020


N:02 vol 17-2020


N:03 vol 17-2020


N°01 vol 18-2021


N°02 vol 18-2021


N°01 vol 19-2022


N°02 vol 19-2022


N°01 vol 20-2023


N°02 vol 20-2023


N°01 vol 21-2024


A propos

avancée

Archive PDF

N°02 vol 19-2022

المخاوف المدرسية وعلاقتها بتقدير الذات لدى المراهق المتمدرس دراسة ميدانية على عينة من تلاميذ المرحلة المتوسطة
Les phobies scolaires et sa relation avec l’estime de soi a l’adolescent- une étude sur le terrain d’un échantillon d’élèves du collège
School phobia and their relationship with self-esteem of a schooling teenager: field study regarding a sample of middle school pupils
ص ص 161-178

فايزة بلخير
  • resume:Ar
  • resume
  • Abstract
  • Auteurs
  • TEXTE INTEGRAL
  • Bibliographie

تهدف الدراسة الحالية  الى الكشف عن طبيعة العلاقة بين المخاوف المدرسية وتقدير الذات لدى المراهق المتمدرس ، ومدى وجود فروق ذات دلالة إحصائية في المخاوف المدرسية حسب متغير الجنس والمستوى الدراسي (سنة أولى وثانية وثالثة متوسط) ، تكونت عينة الدراسة من (135) تلميذا بمتوسطة مشري محمد ولاية تيارت(بالجزائر)،فأسفرت نتائج الدراسة  عن وجود علاقة ارتباطية سالبة بين المخاوف المدرسية وتقدير الذات، ووجود فروق بين الجنسين في الخوف من المعلم و الخوف من الامتحانات لصالح الإناث، بينما لا توجد فروق ذات دلالة إحصائية في المخاوف المدرسية تعزى لمتغير المستوى الدراسي.

معلومات حول المقال

تاريخ الاستلام 10-12-2019

تاريخ القبول 13-04-2021

 

الكلمات المفتاحية

مخاوف

 مخاوف مدرسية

 خوف من الامتحانات

 تقدير الذات

المراهق المتمدرس

Cette étude a pour objectif principal la découverte de la nature de la relation entre les phobies scolaires et l’estime de soi chez l’adolescent scolarisé, ansi les différences statistiquement significatives dans les phobies scolaires selon le sexe et le niveau scolaire (première, deuxième et troisième année moyenne). L’étude porte sur un échantillon de (135) élèves au milieu de l’école Mesheri Mohammed a Tiaret(Algérie). Les résultats de cette étude ont permis de déceler une relation de corrélation négative entre les phobies scolaires et l’estime de soi, il existe des différences entre les sexes dans la phobie de l’enseignant et la phobie des examens au profit du sexe féminin, bien qu’il n’y ait pas de différences statistiquement significatives dans les phobies scolaires attribuables à variable du niveau scolaire. 

      Mots clés

phobies

 phobies scolaires

 phobies des examens

 éstime de soi- adolescents Adolescent scolarisé 

This study aims to explore the relationship between school phobia and self-esteem of the schooling teenager, and the extent to which there are statistically significant differences in school phobia due to gender and academic level (first, second and third year average). The study sample is consisted of (135) pupils in the middle at The Masheri Mohammed Intermediate School in Tiaret (Algeria). The study found a negative correlation between school phobia and self-esteem. It also revealed the existence of differences among genders in the phobia of teacher and phobia of exams in favor of females, while there are no statistically significant differences in school phobia due to the change in the school level.

Keywords

 phobia

school phobia

phobia of exams

self-esteem

socolar teenager

 

Quelques mots à propos de :  فايزة بلخير

د. فايزة بلخير Dr . Faiza Belkheirجامعة أحمد زبانة غليزان،الجزائرfaiza.belkheir@univ-relizane.dz

مقدمة

يعاني الفرد من مخاوف كثيرة في حياته، تختلف من شخص لآخر، وتأخذ أشكالا متعدّدة وبدرجات متفاوتة مما قد تؤثر على شخصيته وعلى نموّه النفسي والاجتماعي والمعرفي، ومن بين المخاوف التي تعدّ من بين الأنواع التي تسبّب مشكلة له فلا يستطيع تجنبها هي المخاوف المدرسية بخوف التلميذ الشديد من المدرسة وعدم الرغبة في عدم الذهاب إليها. وأيضا للمحيطين بها بمعاناة العديد من أولياء الأمور بشعورهم بالقلق بخوف أبنائهم من المدارس والذهاب إليها، وعدم القدرة على السيطرة عليهم وإقناعهم بالذهاب إلى المدرسة، فبعضهم بسبب بداية دخوله للمدرسة في المرة الأولى وعدم التعود عليها، والبعض الآخر يخاف من المدرسة لأسباب أخرى.

فغالبا ما ينشأ رهاب المدرسة من بداية العام الدراسي أو بعد فترة العطلة، أو خلال أي حدث مثل وفاة أحد أفراد الأسرة أو انفصال الوالدين، أو تغيير المدرسة، إعادة السنة، أو تغيير المكان في الفصل، شجار مع زميل، إلخ (Bouteldja, 2014) فتؤدي الى انقطاع كلّيّ او جزئي عن المدرسة مما قد يؤثر على أدائه المدرسي، قد يتعدى تأثيرها الى مراحل لاحقة بما فيها مرحلة المراهقة التي تشهد الكثير من التغيرات الجسمية ويسعى من خلالها المراهق الى البحث عن ذاته. ويصبح تقدير الذات ضرورة ملحة خصوصا مع التغيرات الجسدية التي يعايشها، فيحرص على البحث عن مظاهر التميز أمام أقرانه لاسيما في الوسط المدرسي، فيبحث عن الموضوعات التي تعزز لديه تقديره لذاته كالنجاح والتفوق في الدراسة، إلا أنّ سيطرة مشاعر الخوف الشديد من المعلم أو الفشل في الامتحانات أو من الزملاء يدفعه إلى رفض الذهاب الى المدرسة، كذلك الخبرات السيئة المرتبطة بالمدرسة قد تجعله يحكم على نفسه بالفشل والعجز والخوف من الإخفاق الدراسي مما قد تؤثر على تقديره لذاته التي تكتسي أهمية خلال فترة المراهقة.

 فتقدير الذات لبنة أساسية يجب أن يقوم عليها البناء النفسي لشخصية المراهق لاسيما إذا علمنا أنّ إحدى المهمات النمائية الاساسية للمراهق هو سعيه الدائم لإيجاد نفسه وتقديرها وتحقيقها (ازهار وصباح، 2013)، واي خلل في تقدير الذات من شأنه أن يؤثر تأثيرا سلبيا على أداء المراهق في المدرسة وحتى على صحته النفسية بسبب ما يعانيه من مخاوف من المدرسة، فقد يصبح عرضة للنقد والرفض مما قد يؤثر على مستوى تقديره لذاته خاصة في هذه المرحلة التي يسعى إلى أن يحظى باهتمام الآخرين وتقديرهم.

2.  إشكالية الدراسة

تعدّ المدرسة البيئة الثانية بعد الأسرة يقضي فيها التلميذ معظم وقته فتزوده بمختلف المعارف والعلوم فيتعلم القيم والمبادئ، والكثير من الخبرات من خلال تعامله مع مدرسيه وزملائه فتساهم في تشكيل شخصيته، إلا إنّها قد تصبح مصدر خوفه لاسيما في سنواته الاولى من تمدرسه وهي حالة طبيعية تنتاب اي تلميذ نتيجة انتقاله من بيئة اجتماعية وهي المنزل الى بيئة جديدة هي المدرسة فتنتهي مع مرور الزمن باندماجه تدريجيا في البيئة المدرسية،  فيتأقلم معها ويتفاعل مع زملائه ومع الأنشطة المقامة فيها فيصبح محبا للمدرسة، كما قد تصبح حالة مرضية باستمرار خوف التلميذ وعدم الرغبة ورفضه الذهاب اليها والانزعاج الشديد و ظهور شكاوي جسمية دون اساس عضوي مما قد تؤثر على تحصيله العلمي.

فتعدّ المخاوف المدرسية من بين الاضطرابات السلوكية التي تنتشر بين الاطفال لاسيما في مرحلة الطفولة وقد يمتد أثرها ويتعداها الى مراحل عمرية لاحقة. فاكتست مشكلة الخوف المدرسي طابعا عالميا اذ تراكمت البحوث التي أجريت في كثير من الدول على الاطفال الذين يعانون من الخوف المرضي من المدرسة، ففي البيئة الاجنبية تباينت نتائج الدراسات حول نسبة انتشار هذه الفئة في المجتمع المدرسي، إذ أشارت احدى الدراسات إلى أنّ نسبة الاطفال الذين يعانون من الخوف المرضي من المدرسة بلغت في الدول العربية20 % لدى تلاميذ المرحلة الابتدائية (3)، أما(غياث، 2011) في مرحلة المراهقة يكون الخوف من الامتحانات، وتبادل الاتهامات حول نوعية التدريس، والشكاوى حول الأقران غالبا ما تكون في مقدمة المخاوف . وتستطيع فئات أخرى من اضطرابات القلق أن تلعب دورا في رفض الأطفال الذهاب الى المدرسة: كاضطراب الهلع (مع الخوف من تطوير نوبة ذعر في الفصول الدراسية) فرط القلق (مع الخوف من الفشل) (Emilien, et al, 2003)

فالمخاوف المدرسية هي احدى المشكلات التي تواجه التلميذ واسرته برفضه الذهاب الى المدرسة وعدم رغبته في الدراسة خاصة اذا ظهرت في مرحلة المراهقة التي تشهد الكثير من التغيرات فيعجز في كثير من الاحيان فيها المراهق عن فهمها او كيفية التعامل معها فتتطلب من جهة التكيف معها،  وانتقاله من جهة اخرى الى مرحلة دراسية اخرى تفرض عليه التعامل مع العديد من المدرسين ومنهج مختلف وواجبات مدرسية والتفكير في الحصول على تحصيل جيد ترضي ذاته ووالديه فبه يتحدد مصيره العلمي والمهني مما قد تسيطر عليه المخاوف من المدرسة خوفا من الفشل فقد تنعكس على شخصيته وسلوكياته  .

وهذا ما بينته العديد من الدراسات كدراسة لي وملتبرجر (Lee & Miltenberger 2006) التي هدفت الى التعرف على بعض خصائص الاطفال المرتبطة بسلوك فوبيا الحياة المدرسية، ومعرفة مدى اختلاف البنيان النفسي لدى الاطفال المصابين بفوبيا الحياة المدرسية واطفال الروضة العاديين. فتكونت عينة الدراسة من(58) طفلا وطفلة منهم(29) طفلا لديه فوبيا الحياة المدرسية و(29) طفلا من اطفال الروضة العاديين وروعي في العينة التجانس في الذكاء، والمستوى الاقتصادي والاجتماعي، وتم استبعاد حالات الامراض الجسمية المزمنة، وتراوح العمر الزمني للعينة ما بين(4-6) سنوات من اطفال الصف الاول والثاني من رياض الاطفال، بالاعتماد على الحصر الشامل للأطفال متكرري الغياب، ومراجعة سجلات الاطفال، وبطاقات الملاحظة لسلوك الاطفال داخل الروضة، فأوضحت النتائج أنّ الاطفال المصابين بفوبيا الحياة المدرسية يتسمون بسوء التوافق الشخصي والاجتماعي وسمة العدوانية وعدم الاتزان الانفعالي والقلق وسرعة الاستثارة والخضوع، والانطواء وعدم القدرة على تحمل المسؤولية، وعدم النضج الانفعالي وضعف الثقة بالنفس، والإحجام والانفرادية وعدم الإدراك الاجتماعي وضعف الدافعية، وعدم القدرة على الضبط الانفعالي، ووجود فروق ذات دلالة إحصائية في بعد التوافق الشخصي والاجتماعي بين مجموعات الاطفال الاسوياء والمصابين بفوبيا الحياة المدرسية .

وفي نفس السياق هدفت دراسة كنلومان Knollmann)2010) الى التعرف على العلاقة بين فوبيا الحياة المدرسية وظهور الاضطرابات النفسية والسلوكية في مرحلة الطفولة والمراهقة. وقد أجريت الدراسة على عينة قوامها (89) طفلا وطفلة تتراوح اعمارهم الزمنية ما بين (4-15) سنة وذلك بوحدة متعالجي فوبيا المدرسة المتخصصة بقسم الطفل وطب الامراض النفسية بمدينة Essen بألمانيا، بالاعتماد على مراجعة التقارير الطبية لعينة الدراسة فتوصلت الدراسة الى انتشار الاضطرابات النفسية لدى هذه العينة والمتمثلة في اعراض القلق والاكتئاب وضعف الثقة بالنفس، وتقلب المزاج وضعف الاتزان الانفعالي لديهم، كما أنّ البنية النفسية لهؤلاء الاطفال اتسمت باضطراب صورة الذات واضطراب الصورة الوالدية لديهم وانتشار الصراعات والاحباطات لديهم.

كما هدفت دراسة غيات سالمة(2011) الى التعرف على المخاوف المدرسية الشائعة لدى تلاميذ المرحلة الابتدائية بأدرار (الجزائر)، والتعرف على وجود فروق في المخاوف المدرسية حسب المستوى الدراسي والجنس باستخدام المنهج الوصفي على عينة مكونة من (250) تلميذا من المدارس الابتدائية باستعمال استمارة المخاوف المدرسية من تصميم الباحثة، فتوصلت الباحثة  الى أنّ المخاوف المدرسية الشائعة تتوزع تبعا لنوع وطبيعة كل مصدر خوف المحدد إجرائيا حيث تصدر الخوف من  الامتحانات المرتبة الاولى ثم الخوف من المعلم يليها الخوف من المدير والزملاء، فالخوف من طبيب المدرسة، وأخيرا الخوف من الذهاب الى المدرسة ومن فناء المدرسة، ووجود فروق دالة احصائيا في المخاوف المدرسية بالنظر الى السنوات الدراسية (السنة الثالثة والرابعة والخامسة ابتدائي)، وعدم وجود فروق بين الجنسين في المخاوف المدرسية.  في حين أوضحت دراسة بن وسعد نبيلة (2012) بالجزائر حول الصورة الوالدية عند الاطفال المصابين بالفوبيا المدرسية خلال فترة الكمون دراسة عيادية لست حالات من خلال محتوى المقابلة العيادية واختبار PDI لبيرون على اطفال يعانون من الفوبيا المدرسية يتراوح اعمارهم ما بين 6-12 سنة، فتوصلت النتائج إلى أنّ الصورة الوالدية التي يحملها الطفل الذي يعاني من الفوبيا المدرسية تكون سلبية تفتقر الى معطيات الحب والحماية مع تواجد عطاء نسبي.

بينما بينت دراسة عصام سعدي محمد(2013) حول علاقة الخوف من المدرسة بالتكيف النفسي والاجتماعي لدى تلاميذ الصف الثالث الابتدائي، حيث هدفت الى التعرف على درجة التكيف النفسي والاجتماعي وايضا درجة الخوف من المدرسة و التعرف على طبيعة العلاقة ما بين التكيف النفسي والاجتماعي والخوف من المدرسة على عينة مكونة من(45) تلاميذا الصف الثالث  الابتدائي الرصافة الاولى (العراق) باستخدام  مقياس التكيف النفسي والاجتماعي لغاليا العشا (2010)، ومقياس الخوف من المدرسة لتمار علي (2009)، فتوصل الباحث إلى أنّ هناك درجة منخفضة من التكيف النفسي والاجتماعي واعتدال درجة الخوف، ووجود علاقة ارتباطية ما بين الخوف من المدرسة والتكيف النفسي والاجتماعي.

وفي السياق نفسه هدفت دراسة فايزة يوسف، عبد المجيد(2015) بمصر الكشف عن المخاوف المدرسية الشائعة لدى الاطفال في المرحلة العمرية من 6-9 سنوات والكشف عن الفروق في هذه المخاوف تبعا لمتغير الجنس، على عينة مكونة من 268 تلميذا وتلميذة بالصفوف الثلاثة الاولى تتراوح اعمارهم ما بين 6-9 سنوات من المدارس الخاصة والتجريبية، باستخدام استمارة المستوى الاجتماعي والتعليمي للوالدين ومقياس المخاوف المدرسية الشائعة من إعداد الباحثتين، فتوصلت الى وجود فروق بين متوسطي درجات كل من تلاميذ في درجة المخاوف المدرسية الشائعة بين الذكور والاناث في المدارس الخاصة والتجريبية، ووجود فروق بين متوسطي درجات كل من التلاميذ في درجة المخاوف المدرسية الشائعة باختلاف المستويات الاجتماعية والتعلمية للوالدين (متوسط- مرتفع) في المدارس الخاصة والتجريبية، ولا توجد فروق بين متوسط درجات كل من التلاميذ في درجة المخاوف المدرسية الشائعة بين المدارس الخاصة والتجريبية عند التلاميذ.

يتبين مما سبق أنّ الدراسات السابقة اظهرت اهمية المخاوف المدرسية وخطورتها بظهور بعض الخصائص النفسية كسوء التوافق الشخصي والاجتماعي وظهور العدوانية وضعف الثقة بالنفس واضطراب صورة الذات كدراسة لي وملتبرجر(Lee & Miltenberger, 2006)،ودراسةعصام سعدي محمد(2013) فيتعداها الى ظهور اضطرابات نفسية والى مراحل عمرية لاحقة اي في مرحلة المراهقة  كالقلق والاكتئاب وتقلب المزاج وهذا ما بينته دراسة كنلومان Knollmann (2010)، كما اختلفت الدراسات السابقة حول موضوع المخاوف المدرسية من حيث الهدف فمنها من ربطتها ببعض الاضطرابات النفسية كالاكتئاب والقلق أو ظهور بعض الخصائص النفسية كسرعة الاستثارة واضطراب صورة الذات وصورة والدية سلبية، وتباينت وسائل القياس بحسب هدف الدراسة وتنوعت الدراسة ما بين منهج  الوصفي او العيادي . وايضا ركزت معظم الدراسات السابقة على ظهور المخاوف المدرسية بشكل كبير على مرحلة عمرية هامة وهي مرحلة الطفولة وفي الطور الابتدائي، الا انه قد يتعداها الى مراحل عمرية بما في ذلك مرحلة المراهقة واطوار دراسية اخرى كالطور المتوسط. وهذا ما تسعى اليه الدراسة الحالية هذا من جهة، ومن جهة اخرى محاولة معرفة علاقة المخاوف المدرسية بتقدير الذات لاسيما في هذه المرحلة يسعى من خلالها المراهق الى الاهتمام أكثر بذاته وبتقديره لذاته الذي يعدّ عاملا مهما في ظهور المخاوف المدرسية، فالتلميذ الذي يعطي قيمة عالية للذات وثقة زائدة بالنفس والانجاز وعندما تواجهه مشكلات تتحدى مستوى أدائه المدرسي يشعر بالنقص من ثم يرفض ويخاف الذهاب الى المدرسة خوفا من الفشل ومن تقييمات مدرسيه وزملائه فتنتابه هذه المخاوف.

وهذا ما يراه ليفنتال وسيل أنّ المشكلة الرئيسية التي يعاني منها هؤلاء الاطفال هي انهم يعطون قيمة مرتفعة لأنفسهم وتحصيلهم الدراسي وعندما يهدد هذا التقدير المبالغ فيه للذات في البيئة المدرسية. فهؤلاء الاطفال يصابون بالقلق، وبها يبدا الطفل بكراهية المدرسة والخوف منها والإصرار على عدم الذهاب اليها بكونها تعد من وجهة نظره مصدر تهديد لذاته (رياض نايل، 2015)

فعليه فقد يعتبر تقدير الذات سببا في ظهور المخاوف المدرسية، او قد يكون نتيجة لها بخوف التلميذ من الامتحانات او من مدرسيه، مما قد تؤثر على تقدير ذاته بشعوره بالنقص خوفا من عدم تحقيق تحصيل علمي جيد فيكره فيخاف من المدرسة، وهذا ما تحاول الدراسة دراسته من خلال طرح مجموعة من التساؤلات التالية:

- هل توجد علاقة ارتباطية بين المخاوف المدرسية وتقدير الذات لدى المراهق المتمدرس بالمرحلة المتوسطة؟

- هل توجد فروق ذات دلالة إحصائية في المخاوف المدرسية تعزى لمتغير الجنس لدى المراهق المتمدرس بالمرحلة المتوسطة؟

- هل توجد فروق ذات دلالة إحصائية في المخاوف المدرسية تعزى لمتغير المستوى الدراسي (سنة وثانية وثالثة متوسط) لدى المراهق المتمدرس بالمرحلة المتوسطة؟

3.   فرضيات الدراسة

- توجد علاقة ارتباطية بين المخاوف المدرسية وتقدير الذات لدى المراهق المتمدرس بالمرحلة المتوسطة.

- توجد فروق ذات دلالة إحصائية في المخاوف المدرسية تعزى لمتغير الجنس لدى المراهق المتمدرس بالمرحلة المتوسطة.

- توجد فروق ذات دلالة إحصائية في المخاوف المدرسية تعزى لمتغير المستوى الدراسي (سنة أولى وثانية وثالثة متوسط) لدى المراهق المتمدرس بالمرحلة المتوسطة.

4.   أهداف الدراسة

تهدف الدراسة إلى ما يلي:

- الكشف على طبيعة العلاقة بين المخاوف المدرسية وتقدير الذات لدى المراهق المتمدرس بالمرحلة المتوسطة.

- الكشف على الفروق في المخاوف المدرسية حسب الجنس والمستوى الدراسي لدى المراهق المتمدرس بالمرحلة المتوسطة.

5.   أهمية الدراسة

تكمن اهمية الدراسة فما يلي:

-التعرف أكثر والكشف عن مشكلة المخاوف المدرسية لاسيما في مرحلة المراهقة. وما تنطوي عليه من اسباب قد تتعلق بالمحيط الأسري او المدرسي مما قد ينجم عنها من آثار نفسية في مرحلة الرشد، فتعين القائمين على شؤون المراهق في فهم ومراعاة الحالة النفسية له في هذه المرحلة العمرية وذلك من جانب وقائي.

-توعية اسرة المراهق المصاب بالمخاوف المدرسية من جهة والبيئة المدرسية من اساتذة ومشرفين تربويين ومدراء من جهة اخرى بخطورتها، وإرشادهم إلى كيفية التعامل مع هذه المشكلة التي لها آثار لاحقة على صحة المراهق جسميا ونفسيا خاصة إذا تم التعامل معها بشكل سيء.

-تفيد نتائج الدراسة في وضع خطط علاجية وبرامج إرشادية لمساعدة الافراد الذين يعانون من مستويات عالية من الخوف المدرسي عن طريق تقديم خدمات نفسية لتحقيق صحة نفسية سليمة.

6.  التعريفات الإجرائية لمفاهيم الدراسة

-المخاوف المدرسية: هي حالة انفعالية غير سارة تتميز بخوف المراهق المتمدرس من ذهابه الى المدرسة بسبب وجود مثيرات مدرسية معينة مثل الخوف من المعلم، الخوف من المدير، الخوف من الزملاء، الخوف من الامتحانات، الخوف من فناء المدرسة، والخوف من طبيب المدرسة. وهي ايضاالدرجة التي يحصل عليها افراد عينة الدراسة من خلال إجابتهم على مقياس المخاوف المدرسية للباحثة غيات سالمة (2012) المستخدم في الدراسة الموزع على الابعاد التالية:

-الخوف من الذهاب الى المدرسة: هي حالة من الخوف تعتري المراهق المتمدرس من الذهاب الى المدرسة نتيجة عدم شعوره بالأمان والاحساس بالضيق اثناء تواجده بها او خوفا من حدوث مكروه لاحد والديه او وجود اشخاص غرباء بها.

-الخوف من المعلم: هي حالة من الخوف تعتري المراهق المتمدرس من معلمه اما بسبب العقاب او السخرية منه امام زملائه او تهديده بإنقاص درجاته.

-الخوف من المدير: هي حالة من الخوف تعتري المراهق المتمدرس من مدير المدرسة بسبب نمط تعامله وعقابه.

-الخوف من الزملاء: هي حالة من الخوف تعتري المراهق المتمدرس من زملائه نتيجة الاستهزاء والسخرية منه او سرقة ادواته او التعدي عليه جسديا او لفظيا.

- الخوف من الاختبارات(الامتحانات): هي حالة من الخوف تعتري المراهق المتمدرس قبل او اثناء الامتحانات الشفوية او الكتابية خوفا من الرسوب فيها او عقاب الوالدين في حالة الحصول على علامات متدنية.

-الخوف من فناء المدرسة: هي حالة من الخوف تعتري المراهق المتمدرس من الخروج الى ساحة المدرسة وعدم مشاركته للعب مع زملائه بسبب اذيتهم له، والخوف من الذهاب الى مرحاض المدرسة بمفرده.

-الخوف من طبيب المدرسة: هي حالة من الخوف تعتري المراهق المتمدرس اثناء ذهابه الى طبيب المدرسة او القيام بالفحوصات الطبية.

-تقدير الذات: هو الفكرة التي يدرك بها المراهق المتمدرس كيفية نظر الآخرين وتقييمهم له سواء بالإيجاب او السلب. وهو ايضاالدرجة التي يحصل عليها افراد عينة الدراسة من خلال اجابتهم على مقياس روزنبرج Rosenberg المستخدم في الدراسة.

المراهق المتمدرس: هو التلميذ الذي يدرس السنة الاولى والثانية والثالثة من الطور المتوسط بمتوسطة مشري احمد بحي واد طلبة وسط مدينة تيارت(الجزائر).

7.  الإطار النظري للدراسة

يعتبر مصطلح «فوبيا المدرسة» او المخاوف المدرسية او الخوف المرضي من المدرسة من المشكلات النفسية التي تحدث في الوسط المدرسي فظهرت حديثا نسبيا. فلقد كان اول وصف له من قبل «بروادوين» Brodwain سنة (1932)، والتي قامت بدراسة على مجموعة من الاطفال القاطنين بمناطق ريفية، والذين كانوا يرفضون الذهاب الى المدرسة لظروف خاصة، ويفضلون البقاء بالمنزل، او يذهبون اليها تحت تهديد الوالدين او حتمية الفصل الدراسي. ثم جاءت بعدها ادليد جونسون Adélaide Jhonson (1941) واقترحت لأول مرة مصطلح «فوبيا المدرسة» وأرجعت السبب لظهوره الى العلاقة التبعية غير السوية بين الام والطفل.(غياث، 2011)  ومنذ ذلك الحين طرح هذا المصطلح العديد من التساؤلات، حيث يفضل بولبي bowlby وابلسون Abelson التحدث عن مصطلح «قلق الانفصال» وتستعمل «ميلاني كلاين» Mélanie Klein مصطلح اضطراب الفزع او الهلع في حين يتحدث هرسوف Hersov عن «قلق الرفض المدرسي» (بن عامر، 2012)فتعددت التعريفات حول المخاوف المدرسية.

مفهوم المخاوف المدرسية

عرفها برج وآخرون Berg Et Al)1969)  بأنها حالة من الاضطراب تظهر على سلوك الطفل قبيل ذهابه الى المدرسة يصاحبها نوع من القلق العاطفي والرغبة في البقاء في البيت مع علم الوالدين بذلك (غياث، 2011)، بينما يرى ابو عوف أنّ الخوف المرضي من المدرسة هو عبارة عن «خوف الطفل الشديد او الحاد من الذهاب الى المدرسة، ويبقى القلق الذي يرتبط بالموقف المدرسي قويا وشديدا، لدرجة أنّ الطفل لا يمكنه البقاء بالمدرسة، ويعمل بكل الطرائق والاساليب للعودة الى المنزل والبقاء فيه» (رياض نايل، 2015كما عرف بانه إحجام تام عن الذهاب إلى المدرسة لفترة طويلة من الزمن نتيجة للقلق الشديد أو الخوف الشديد من التجارب المرتبطة بالمدرسة (. Patricia. Et Al , 1993) .

في حين اشار جهدي وآخرونjohdoi et al (2009) بأنها«خوف غير منطقي ومبالغ فيه تجاه المدرسة نتيجة نقص المثيرات بها، والمواقف المدرسية المزعجة مثل العلاقات غير السوية مع الاقران والمعلمين المناخ النفسي المدرسي، زيادة توقعات الوالدين وطموحاتهم في اطفالهم نتيجة عدم تحقيقهم لها، والخوف من الفشل المتكرر» (رشا محمود و عبد الفتاح علي، 2013)

ركزت التعريفات السابقة على أنّ المخاوف المدرسية هي مخاوف شديدة ترتبط بالمدرسة نتيجة ما يتعرضه الفرد من مواقف وخبرات مزعجة، فيحاول قدر الإمكان تجنبها والعودة الى المنزل. ويمكن تعريف المخاوف المدرسية بانها خوف المراهق الشديد من الذهاب الى المدرسة تظهر في صورة أعراض مرضية كالخوف الحاد، واعراض جسمية دون اساس عضوي مما تؤدي الى تجنب المدرسة والبقاء في المنزل.

اعراض المخاوف المدرسية

من بين الاعراض ما يلي

-البكاء والنحيب والتوسل الى الاهل للبقاء في المنزل

-شكاوى جسمية (بدنية-سيكوسوماتية) متنوعة مثل أوجاع الرأس (الصداع) دوار الرأس(الدوخة)، آلام في المعدة او في الامعاء، عدم القدرة على الحركة وآلام في الساقين، الإسهال، الحمى ونزلات البرد، فقدان الشهية للطعام، آلام في الحلق.

-شحوب الوجه واصفراره

-نوبات من الغضب او استعمال الفاظ تنم عن الغضب احيانا

-استعمال العنف احيانا كرمي الدمى، او تحطيم اثاث المنزل

-رفض التعاون مع الوالدين حين يجبرونه على الذهاب الى المدرسة

-البكم وعدم القدرة على الكلام رغم انه لا توجد لديه اي عيوب في النطق (رياض نايل، 2015).

النظريات المفسرة للمخاوف المدرسية: تعددت النظريات المفسر منها

1.                 نظرية التحليل النفسي

يرى اصحاب هذه النظرية ان المخاوف المرضية تكون في مرحلة الكمون (6-12) مصاحبة لنمو الانا الاعلى واكتماله، وذلك لقدرة الطفل على استخدام الحيل الدفاعية او الوسائل الدفاعية الاولية التي يستخدمها الطفل لحماية الانا الخاص به، فالطفل هنا يبدأ محاولة كبت الصراع الا أنّ هذا الكبت لا يكفي، فيلجا الطفل للنقل او الازاحة والترميز بأن يحوّل موضوع الخوف الاصلي الى موضوع آخر بديل. فبدلا من خوف الطفل من الاب على سبيل المثال يخاف من حيوان ما، وبدلا من الخوف من الخصاء فهو يخاف من عض الحيوان. كما أنّ الطفل يستخدم الترميز وذلك بأن يجعل موضوع الخوف الجديد يرمز الى موضوع الخوف الاصلي، فالمواقف والشخصيات المخيفة تنطوي دائما عند الشخص الخائف على دلالة لاشعورية، خاصة وانه يرمز اليها بشكل محرف، اما لغاية رغبة مكبوتة، واما الى عقوبة رغبة مكبوتة، واما الى الأمرين معا (رياض نايل، 2015)، كما تنظر انا فرويد في تفسيرها لفوبيا الحياة المدرسية انه لا يمكن لأي طفل ان يندمج في المدرسة قبل ان يتحول اللبيدوا من قبل الوالدين الى المجتمع وعندما يتأخر يعاف المرور في العقدة الاودبية فإنها تمتد كنتاج للعصاب الداخلي، وبالتالي تظهر الاضطرابات في التكييف مع الجماعة ونقص الاهتمام ومخاوف المدرسة التي تصبح في النظام اليومي (رشا محمود و عبد الفتاح علي، 2013).

بينما يستخدم جون بولبي J. Bowlby مصطلح رفض المدرسة او خواف المدرسة بدلا من الخوف المرضي من المدرسة ليشير من خلاله أنّ هناك بعض الاطفال يرفضون الذهاب الى المدرسة او الالتحاق بها ويظهرون قلقا أكبر عندما يجبرون على الذهاب اليها، ويكون عدم التحاقهم معروفا بشكل جيد لأبويهم. ومعظمهم يمكثون في البيت أثناء ساعات المدرسة، وكثيرا ما تصاحب حالة الرفض هذه أعراض نفسية بدنية (سيكوسوماتية) مثل: العزوف عن الطعام، الشعور بالوهن، الام البطن، الغثيان. (رياض نايل، 2015 في حين يفترض جونسون أنّ الخوف المرضي من المدرسة لا يتضمن خوفا من المدرسة بالدرجة التي يتضمن الخوف من الانفصال عن الوالدين، وخاصة الام التي تبدي قلقها حين ينفصل عنها، ثم ينتقل هذا الخوف والقلق الى ابنها، وكذلك هي وجهة النظر السلوكية أنّ الطفل يخاف من ان يفقد والدته وذلك لان حياته رهن بوجودها (غياث، 2011).

فتؤكد نظرية التحليل النفسي على الدور الذي تقوم به الام في ظهور وتطور فوبيا المدرسة حيث تؤكد أنّ فوبيا المدرسة فجرها قلق الانفصال الحاد كنتيجة لخوف الطفل اللاشعوري على حياة امه الذي يراه معرضا للخطر (ومن ثم تكون حياته هو ايضا في خطر). وهذا القلق يمكن ان تنتقل عدواه من الوالدين الى الطفل، ويؤدي بدوره الى رد فعل فوبيياوي لدى الطفل- الذي يستبدل مشاعر الغضب الناجمة عن الصراع التكافلي او الثنائي بين الام والطفل، بالخوف من المدرسة وكنتيجة لمشاعر الغضب الشديد لدى الطفل والتي تصيبه وتظهر في شكل نوبات وتتضمن ردود فعل حشوية، وتعد شيئا مفزعا له للغاية، ومن ثم تبدأ مخاوفه من المدرسة ورغبته في العودة للام (سلوى السيد، 2005).

2.                 النظرية السلوكية

 تنظر المدرسة السلوكية الى الخوف من المدرسة على انه استجابة تكيفية متعلمة ارتبطت ارتباطا بالخوف من فقدان الام، فالمدرسة كمثير محايد تصبح مقترنة شرطيا على المستوى اللفظي بالأفكار ذات الصلة بفقدان الام، مثلا «انك غدا ستتركني وتذهب الى المدرسة، هناك رفاق غير مناسبين ابتعد عنهم، سأشتاق اليك كثيرا اثناء غيابك»، وعندما يصبح هذا الارتباط حادا على المستوى الانفعالي يرفض الذهاب الى المدرسة وبقائه بالمنزل (غياث، 2011)،  كما فسرت الفوبيا الحياة المدرسية من خلال العلاقة بين الطفل والبيئة المحيطة به وعلاقته بالأفراد بها من معلمة اقران وكذلك المثيرات المتاحة بها، وبالتالي انها نظرت الى الفوبيا باعتبارها استجابات متعلمة (رشا محمود و عبد الفتاح علي، 2013)، بينما يرى سكنر Skiner ان الطفل لا يتعلم الخوف من المدرسة بالتشريط الكلاسيكي فقط، بل ايضا بالتشريط الإجرائي عن طريق تدعيم «الخوف من المدرسة» عند الطفل في البيت والمدرسة. فقد يذهب الطفل الى المدرسة ويعاقب على تقصيره في أداء الواجبات مثلا (تدعيم سلبي)، في حين يجد في البيت اللعب ومشاهدة التلفزيون (تدعيم إيجابي)، وقد يغيب الطفل عن المدرسة فيشعر بزيادة الاهتمام به والانتباه اليه في البيت (تدعيم ايجابي)، وقد تهدد الام طفلها بإرساله الى المدرسة (تدعيم سلبي)، ولذا يصبح الذهاب الى المدرسة مؤلما، والبقاء في البيت ممتعا فيشعر الطفل في الذهاب الى المدرسة بقلق الانفصال عن البيت وتنشأ فوبيا المدرسة (سلوى السيد، 2005).

3.                 نظرية الذات

 تهتم هذه النظرية بأية أنشطة يقوم بها الطفل داخل المدرسة، مثل علاقاته بالمعلمين وزملاء فصله، حين يناقشون صلتها بتهديد صورة الذات لدى الطفل، ذلك لأنّ صورة الطفل عن ذاته تكون متضخمة، وغير واقعية وتكون حاجته الى التفوق والتميز عالية، لذلك فإنّه عندما يواجه مشكلات تتحدى مستوى أادائه المدرسي ونجاحه يصبح الطفل مترقبا للشر، اي قلقا، ويتحدد مقدار قلقه في ضوء حجم جهوده المبذولة للاحتفاظ بصورته عن ذاته بلا اضطراب او تشويش (رياض نايل، 2015).

تعددت الأطر النظرية التي حاولت تفسير المخاوف فنظرية التحليل النفسي ترى أنّ المخاوف المرضية بصفة عامة ومنها المخاوف المدرسية بانها كبت الصراعات النفسية فلا يستطيع الانسان تجنبها فيستعين باليات دفاعية كالإزاحة، فينتقل الموضوع المسبب للخوف الى موضوع خارجي له دلالة رمزية بالموضوع الحقيقي من اجل تخفيف الصراع، وما تشمله ايضا من مفاهيم التعلق المفرط بالأم و قلق الانفصال  التي ترتبط كقاعدة في نظرية جون بولبي  وجونسون او على التثبيت او النكوص الى مراحل سابقة للنمو، بينما ترى نظرية الذات أنّ الاشخاص المصابين بالمخاوف المدرسية بسبب ما يضعه الفرد من قيمة عالية لذاته وإنجازاته وعندما يواجهه موقف يهدّد ذاته في المدرسة  لاسيما بادئه المدرسي مما يجعله يخاف من المدرسة لأنّها تهدّد ذاته فينسحب منها ويفضّل البقاء في البيت، في حين تنظر السلوكية إلى استجابات شرطية متعلمة عن طريق التعزيز السلبي .

الأشكال التصنيفية للمخاوف المدرسية

تأخذ المخاوف المدرسية أشكالا عدّة تختلف فيما بينها، فمنها من صنفها بحسب الحدّة، أو بحسب السن أو من ناحية الأسباب نذكر منها ما يلي:

-تصنيف هاهن وبيك الثنائي Hahn And Peak 1957 استخلصا وجود نوعين من المخاوف المدرسية هما:

-النوع العصابي: يتسم أطفال هذا النوع بكونهم أطفالا صغارا وأغلبهم من البنات، والذين أظهروا ردود فعل دراماتيكية، وبداية عاجلة لحالة الخوف، وإنّ هؤلاء الأطفال كانوا متكيفين بشكل حسن. وتتجلى المشكلة الرئيسية لديهم بوجود عقدة من جهة الأم.

-النوع المزمن: يكون أطفال هذه المجموعة أكبر سنا من المجموعة الاولى، وقد تبين أنّهم يعانون من اضطرابات انفعالية أكثر وضوحا من النوع الاول. إضافة الى ذلك فإنّ هؤلاء الأطفال اظهروا تاريخا مرضيا اساسيا من أعراض الخوف المرضي من المدرسة وخوفا واضحا من المدرسة (رياض نايل، 2015).

كما صنّف سميث 1970 Smith المخاوف المدرسية الى ثلاثة انواع:

-النوع الاول: الأطفال الذين أظهروا قلق الانفصال عن آبائهم حتى سن ثماني سنوات

-النوع الثاني: وهذا النوع يمثّل الخوف المرضي الحقيقي من المدرسة، ويوجد لدى الاطفال الذين تتراوح أعمارهم بين ثماني سنوات وما فوق، ولم تظهر المشكلات لديهم من قبل، ويستمرّ هذا الخوف والقلق من المدرسة حتى ما بعد المدرسة.

-النوع الثالث: ويضمّ هذا النوع المراهقين الذين يعانون الخوف المرضي من المدرسة، الى جانب أشكال أخرى من الاضطرابات مثل الاكتئاب الانسحاب الاجتماعي المرتبطة غالبا بخوف الطفل من فشل الدخول الى مرحلة المراهقة بأمان (رياض نايل، 2015)

بينما وضع يول وآخرون Yule Et Al (1980) تصنيفا للمخاوف المدرسية والذي اعتمد فيه على سبب ظهور الاضطراب فصنفها الى أربعة أنواع:

-النوع الأول: يظهر عند بداية التحاق الطفل بالروضة او المدرسة (عند بداية السنة الاولى) من المدرسة (ويرجع الى قلق الانفصال)

-النوع الثاني: يحدث لأولئك الأطفال الرافضين للمدرسة لأقل من أسبوعين.

-النوع الثالث: يحدث لدى الأطفال وذلك بعد انتقال الطفل من مدرسة الى أخرى او الانتقال من صف دراسي الى آخر وتكون المشكلة واضحة بسبب اضطرابات ومشاكل الاسرة.

-النوع الرابع: هذا النوع يحدث للأطفال الذين لازموا المدرسة لمدة تسع سنوات ويظهر في صورة كبيرة كما يظهر هذا النوع في حالة من الاكتئاب النفسي الشديد التي تنتاب الطفل وفي شكل حالة فصام ( رشا محمود و عبد الفتاح علي، 2013)

كما نال تقدير الذات الكثير من الاهتمام بدارسة النظريات المرتبطة بها كنظرية روجرز ورونبرغ Rosenberg وكوبر سميث Cooper Smith، بحيث ظهر هذا المصطلح منذ آواخر الستينات وأوائل السبعينات لما له من تأثير على جوانب الشخصية، فربطه العديد من علماء النفس بعدة متغيرات نفسية، فتعدّدت التعريف حوله.

مفهوم تقدير الذات

يرى رونبرج Rosenberg أنّ تقدير الذات هو تقييم يعبّر عن الاحترام الذي يكنّه الفرد لذاته، والذي يحافظ عليه بشكل معتاد، ويعبّر عن اتجاه مقبول او غير مقبول نحو الذات. فمفهوم تقدير الذات يمثّل ظاهرة سلوكية قابلة للقياس، ويمكن معالجتها وتناولها بطريقة علمية، ويعتبر تقدير الذات مؤشرا للصحة النفسية (عرار واخرون، 2019 بينما عرّفه كوبر سميث Cooper Smith بأنّه تقييم يضعه الفرد لنفسه ويعمل على المحافظة عليه، حيث يتضمن تقدير الذات اتجاهات الفرد الإيجابية او السلبية نحو ذاته، كما يوضح مدى اعتقاد الفرد بأنّه قادر وهام وناجح وكفء (افنان، 2019) 

كما عرف بأنّه رغبة الفرد في أن يكون موضع تقدير وقبول من الآخرين، وحاجته الى التقدير والاعتراف بأهميته، فهو يحتاج الى المدح والتشجيع عند إنجازه لأي عمل، ويلعب المحيطون به دورا هاما في إشباع حاجته الى التقدير وذلك بتقديم الثناء والتعزيز اللفظي والمادي له لدى تحقيق اي إنجاز، فمن شأنه ذلك، أن يعزز ثقته بنفسه ويرفع من رضاه عنها  (وائل، 2019).

ويمكن تعريف تقدير الذات هو التقييم الذي يضعه المراهق حول نفسه من خلال الفكرة التي يدرك بها كيفية نظر الآخرين وتقييمهم له سواء بالإيجاب أو السلب.

8.  نظريات تقدير الذات

 توجد عدة نظريات تناولت تقدير الذات ومن بين النظريات ما يلي:

نظرية رونبرج Rosenberg (1965)

اعتبر روزنبرج أنّ تقدير الذات مفهوم يعكس اتجاه الفرد نحو نفسه، وطرح فكرة أنّ الفرد يكوّن اتجاها نحو كل الموضوعات التي يتعامل معها ويغيرها وما الذات الى أحد هذه الموضوعات ويكوّن الفرد نحوه اتجاها لا يختلف كثيرا عن الاتجاهات التي يكوّنها نحو الموضوعات الأخرى ولو كانت أشياء بسيطة ويؤدي استخدامها ولكنه فيما بعد واعترف بأنّ اتجاه الفرد نحو ذاته يختلف ولو من الناحية الكمية عن اتجاهاته نحو الموضوعات الأخرى. معنى ذلك أنّ رونبرج يؤكّد على أنّ تقدير الذات هو التقييم الذي يقوم به الفرد ويحتفظ به عادة لنفسه وهو يعبّر عن اتجاه الاستحسان او الرفض (نبراس يونس، 2007كما اعتبر روننبرج أنّ تقدير الذات هو التقييم الذي يقوم به الفرد ويحتفظ به لنفسه، وهو يعبّر عن اتجاه الاستحسان او الرفض، وقد ركّز على العوامل الاجتماعية والمتمثلة بالمستوى الاقتصادي والاجتماعي والديانة وأساليب المعاملة الوالدية، كما اهتم بصفة خاصة بالدور الذي تقوم به الاسرة في تقييم الفرد لذاته، وعمل على توضيح العلاقة بين تقدير الذات الذي يتكوّن في إطار الاسرة، وأساليب السلوك الاجتماعي اللاحق للفرد، واعتبر أنّ تقدير الذات مفهوم يعكس اتجاه الفرد نحو نفسه  (افنان، 2019)        

نظرية زيلر Zelar (1969)

تفترض نظرية زيلر أنّ تقدير الذات ينشأ ويتطور بلغة الواقع الاجتماعي اي أن ينشأ داخل الإطار الاجتماعي للمحيط الذي يعيش فيه الفرد، لذا ينظر زيلر الى تقدير الذات من زاوية نظرية المجال في الشخصية ويؤكّد أنّ تقييم الذات لا يحدث في معظم الحالات الا في الإطار المرجعي الاجتماعي، ويصف «زيلر» تقدير الذات بأنّه تقدير يقوم به الفرد لذاته ويلعب دور المتغير الوسيط أو أنّه يشغل المنطقة المتوسطة بين الذات والعالم الواقعي»  (نبراس يونس، 2007)،وطبقا «لزيلر» مفهوم يربط بين تكامل الشخصية من ناحية وقدرة الفرد على أن يستجيب لمختلف المثيرات التي يتعرض لها من ناحية أخرى، ولذلك فإنّه افتراض أنّ الشخصية التي تتمتع بدرجة عالية من الكفاءة في الوسط الاجتماعي الذي توجد فيه، وإنّ تأكيد «زيلر» على العامل الاجتماعي جعله يسمى مفهومه – ويوافقه النقاد على ذلك- بانه تقدير الذات الاجتماعي» وقد ادّعى أنّ المناهج او المداخل الأخرى في دراسة تقدير الذات لم تعط العوامل الاجتماعية حقها في نشأة ونمو تقدير الذات (ازهار و صباح، 2013).

نظرية كوبر سميث Cooper Smith 1976

 يرى كوبر سميث أنّ تقدير الذات يتضمن كلا من عمليات تقييم الذات وردود الافعال والاستجابات الدفاعية او على عكس» روزنبرج» لم يحاول كوبر سميث أن يربط أعماله في تقدير الذات بنظرية أكبر وأكثر شمولا، ولكنه ذهب الى أنّ تقدير الذات مفهوم متعدّد الجوانب ولذا فإنّ علينا ألّا ننغلق داخل منهج واحد أو مدخل معين لدراسته، بل علينا أن نستفيد منها جميعا لتفسير الأوجه المتعددة لهذا المفهوم (نبراس يونس، 2007) كوبر سميث تمثلت في دراسة لتقدير الذات عند أطفال ما قبل المدرسة القانونية وتقدير الذات عند كوبر سميث ظاهرة تتضمن كلا من عمليات تقييم الذات كما تتضمّن ردود الفعل او الاستجابة الدفاعية وإن كان تقدير الذات يتضمّن اتجاهات تقييمية نحو الذات فإنّ هذه الاتجاهات تتسم بقدر كبير من العاطفة فتقدير الذات عند كوبر سميث هو الحكم الذي يصدره الفرد على نفسه متضمّنا الاتجاهات التي يرى أنّه تصنعه على نحو دقيق ويقسم تعبير الفرد عن تقديره لذاته على قسمين:

1.التعبير الذاتي وهو إدراك الفرد لذاته ووصفه لها.

2.التعبير السلوكي ويشير إلى الأساليب السلوكية التي تفصح عن تقدير الفرد لذاته التي تكون متاحة للملاحظة

 الخارجية (ازهار و صباح، 2013) .       

وعليه يعدّ مفهوم تقدير الذات من المفاهيم الجوهرية التي حاول علماء النفس التنظير فيها كروزنبرج الذي يرى أنّ تقدير الذات يعكس اتجاه الفرد نحو نفسه إمّا بالإيجاب أو السلب والذي يعلب في تشكيله ويؤيده في ذلك زيلر العامل الاجتماعي كالأسرة والمجتمع، فيظهر التقييم الذي يدركه الفرد نحو ذاته بسلوكيات تصدر عنه وهذا ما أشار اليه كوبر سميث.

9.  تصنيف تقدير الذات

 وضع روزنبرج ثلاثة تصنيفات للذات هي:

الذات الحالية او الموجودة: وهي كما يرى الفرد ذاته، وينفعل بها.

الذات المرغوبة: وهي الذات التي يجب أن يكون عليها الفرد.

الذات المقدمة: وهي صور الذات التي يحاول الفرد أن يوضحها او يعرفها للآخرين، ويسلط روزنبرج الضوء على العوامل الاجتماعية فلا أحد يستطيع أن يضع تقديرا لذاته والإحساس بقيمتها الا من خلال الاخرين . (ازهار و صباح، 2013)

10.   الجانب الميداني للدراسة وإجراءاته المنهجية

منهج الدراسة

 تم اختيار منهج الدراسة اعتمادا على الموضوع المراد دراسته والهدف من الدراسة، ولقد اعتمدت هذه الدراسة على المنهج الوصفي التحليلي الذي يعتمد على وصف وتحليل المعلومات الخاصة بالظاهرة بجمع البيانات والمعلومات المتعلقة بمعرفة المخاوف المدرسية وعلاقتها بتقدير الذات لدى المراهق المتمدرس بالمرحلة المتوسطة وتحليلها في ضوء الإطار النظري والدراسات السابقة.

مجتمع الدراسة

 تمثل مجتمع الدراسة في تلاميذ المتوسطة (السنة الأولى والثانية والثالثة متوسط) المتواجدين بمتوسطة مشرى أحمد بحي واد طلبة وسط مدينة تيارت (الجزائر) للموسم المدرسي 2018/2019م 

أدوات الدراسة

4.                 مقياس المخاوف المدرسية

استخدمنا في هذه الدراسة مقياس المخاوف المدرسية للباحثة غيات سالمة (2012) المكون من 40 فقرة موزع على سبعة أبعاد (الخوف من الذهاب الى المدرسة (9 فقرات) وبعد الخوف من المعلم (9 فقرات)، الخوف من المدير(4فقرات)، الخوف من الزملاء (5 فقرات)، الخوف من الاختبارات (9فقرات)، الخوف من فناء المدرسة(3فقرات)، الخوف من طبيب المدرسة (فقرة واحدة).

5.                 تصحيح المقياس

يتكوّن هذا المقياس من 40 فقرة موزعة على سبعة أبعاد، تتمّ الإجابة على هذا المقياس من خلال بديلين هي نعم ولا، فأعطيت الفقرات التي هي في اتجاه الخاصية الدرجة (1) والتي عكس اتجاه الخاصية الدرجة (0)  (غيات واخرون، 2016)

6.                 الخصائص السيكومترية لمقياس المخاوف المدرسية

قامت الباحثة بتطبيق المقياس بطريقة جماعية على عينة استطلاعية قوامها (40) تلميذا بالطور المتوسط بمتوسطة مشري أحمد وسط مدينة تيارت خلال الموسم الجامعي 2018/2019م للتأكّد من الخصائص السيكومترية لأداة القياس فكانت النتائج كالتالي:

-صدق المقياس: تمّ إثباته باستخدام طريقة المقارنة الطرفية: الصدق التمييزي (المقارنة الطرفية)

تمّ حساب الفروق بين متوسطات الفئة العليا (الحاصلين على أعلى الدرجات على المقياس) والفئة الدنيا (الحاصلين على أدنى الدرجات على المقياس) بعد ترتيب الدرجات وأخذ (27%) من عينة الدراسة وجاءت الفروق كلها دالة لكلّ المقاييس الفرعية (أبعاد المقياس)كما هو موضّح في الجدول التالي

جدول (01): الصدق التمييزي لمقياس المخاوف المدرسية  

يتّضح من الجدول (01) وجود فروق دالة إحصائيا بين متوسط الفئة العليا ومتوسط الفئة الدنيا لمقياس المخاوف المدرسية، حيث جاءت قيم «ت» دالة إحصائيا لجميع المقاييس الفرعية لمقياس المخاوف المدرسية عند مستوى الدلالة (0,01) ودرجة الحرية (38)، ونستدل من هذه النتائج على تمتع هذا المقياس بقدرة جيدة للتمييز بين الفئتين المتطرفتين، وبالتالي المقياس صادق باستخدام طريقة المقارنة الطرفية.

-ثبات المقياس

تم حساب ثبات مقياس المخاوف المدرسية اعتمادا على طريقة معامل الثبات ألفا كرونباخ (Alfa Cronbach) وطريقة معادلة التجزئة النصفية وكانت النتائج كما هي موضّحة في الجدول التالي:

جدول (02): قيم ثبات مقياس المخاوف المدرسية

الطريقة المتغيرات       

ألفا كرونباخ

التجزئة النصفية

المخاوف المدرسية

0.76

0.84

 

من خلال الجدول(02) نلاحظ أنّ معامل ثبات مقياس المخاوف المدرسية مقبول، إذ قدرت قيم ثبات مقياس المخاوف المدرسية بطريقة ألفا كرونباخ ب(0.76) وأما بالنسبة لطريقة التجزئة النصفية فقد قدرت معامل الثبات بــ (0.84)، ونستدل من هذه النتائج على تمتع المقياس بدرجة جيدة من الثبات.

7.                 مقياس تقدير الذات لروزنباغ

استخدمت الباحثة في هذه الدراسة مقياس روزنباغRosenberg الذي يقيس تقدير الذات وهو غالبا ما يستخدم في الدراسات التي تخصّ تقدير الذات في فترة المراهقة. صمّم على يد روزنباغ Rosenberg في سنة 1965وهو يقيس النظرة التي ينظرها الفرد الى نفسه، القيمة التي يحملها عن نفسه كشخص، وهو يسمح بتقييم عوامل تقبل الذات في تقدير الذات، يتكوّن من (10) فقرات، وقد قام بترجمته للغة العربية على بوطاق.

8.                  تصحيح المقياس

صمّم المقياس على طريقة ليكرت بأربعة بدائل للإجابة هي: (موافق بشدّة، موافق، غير موافق، غير موافق بشدّة). ويتكوّن من مجموع (10) عبارات تقيسه، (5) عبارات إيجابية وهي على التوالي (1-3-4-7-10)، اما السلبية منها الفقرات (2-5-6-8-9) (بوعقادة، 2013)

9.                 الخصائص السيكومترية لمقياس تقدير الذات روزنباغ Rosenberg

قامت الباحثة بتطبيق المقياس بطريقة جماعية على عينة استطلاعية قوامها (40) تلميذا بالطور المتوسط بمتوسطة مشري أحمد وسط مدينة تيارت خلال الموسم المدرسي 2018/2019م للتأكّد من الخصائص السيكومترية لأداة القياس فكانت النتائج كالتالي:

-صدق المقياس: تمّ إثباته باستخدام طريقة المقارنة الطرفية

- الصدق التمييزي (المقارنة الطرفية)

تم حساب الفروق بين متوسطات الفئة العليا (الحاصلين على أعلى الدرجات على المقياس) والفئة الدنيا (الحاصلين على أدنى الدرجات على المقياس) بعد ترتيب الدرجات وأخذ (27%) من عينة الدراسة وجاء الفرق دالّا كما هو موضّح في الجدول التالي:

جدول(03): الصدق التمييزي لمقياس    تقدير الذات    روزنباغ Rosenberg

يتّضح من الجدول(03) وجود فروق دالة إحصائيا بين متوسط الفئة العليا ومتوسط الفئة الدنيا لمقياس تقدير الذات، حيث جاءت قيم «ت» دالة إحصائيا عند مستوى الدلالة (0,01) ودرجة الحرية (38)، ونستدلّ من هذه النتائج على تمتع هذا المقياس بقدرة جيدة للتمييز بين الفئتين المتطرفتين.

-ثبات المقياس(Validity): تم حساب ثبات مقياس تقدير الذات اعتمادا على طريقة معامل الثبات ألفا كرونباخ (Alfa Cronbach) وطريقة التجزئة النصفية وكانت النتائج كما هي موضّحة في الجدول التالي:

جدول (04): قيم ثبات مقياس تقدير الذات

الطريقة المتغيرات                       

ألفا كرونباخ

التجزئة النصفية

تقدير الذات

0.70

0.67

 

من خلال جدول رقم (04) نلاحظ أنّ معامل ثبات مقياس تقدير الذات كان مقبولا، إذ قدرت قيم ثبات المقياس بطريقة ألفا كرونباخ بــ (0.70)، أما بالنسبة لطريقة التجزئة النصفية، فقد قدرت معامل الثبات بـــ (0.67)، ونستدلّ من هذه النتائج على تمتع المقياس بدرجة جيدة من الثبات.

بعد حساب الخصائص السيكومترية لأدوات القياس وهي مقياس المخاوف المدرسية وتقدير الذات لروزنباغ Rosenberg، تبين لنا أنّ المقياسين يتمتعان بخصائص سيكومترية جيّدة تسمح لنا باستخدامهم في الدراسة الأساسية.

عينة الدراسة الأساسية

 تكوّنت عينة الدراسة من 135 تلميذا (ة) متواجدين بمتوسطة مشرى أحمد بحي واد طلبة وسط مدينة تيارت (الجزائر)، تم اختيارهم بطريقة العينة العشوائية الطبقية وذلك من خلال التركيز على طبقتين في المجتمع انطلاقا من هدف الدراسة هما: الجنس والمستوى الدراسي وتمّ سحب عينة بطريقة عشوائية من كلّ طبقة بما يتناسب حجمها وحجم الطبقة في المجتمع، والجدول الموالي يوضّح توزيع العينة. 

جدول (05): خصائص عينة الدراسة الأساسية

المتغير

الجنس

المستوى الدراسي

ذكور

اناث

اولى متوسط

ثانية متوسط

ثالثة متوسط

التكرار

65

70

75

30

30

النسبة المئوية

48.1%

51.9%

55.6%

22.2%

22.2%

 

نلاحظ من الجدول (5) أنّ نسبة الإناث فاقت نسبة الذكور وأنّ نسبة المستوى أولى متوسط فاقت المستويين الدراسين (الثاني والثالث متوسط).

الأساليب الإحصائية

10.             الإحصاء الوصفي

-تكرارات (Effectifs). -النسبة المئوية. (Pourcentage) -المتوسط الحسابي. (Moyenne) -الانحراف المعياري (Ecart type).

11.             الإحصاء الاستدلالي

-معامل ارتباط بيرسون (Person Corrélation). -معامل ألفا كرونباخ (Alfa Cronbach).

-التجزئة النصفية-  -اختبار «ت» (Test t) للفروق بين المجموعتين المستقلتين. وتمّت المعالجة الإحصائية للبيانات من خلال برنامج الحزمة الإحصائية للعلوم الاجتماعية «SPSS 22»

عرض وتحليل نتائج الدراسة

12.             عرض وتحليل نتائج اختبار الفرضية الأولى

تنصّ الفرضية الأولى على: «توجد علاقة ارتباطيه دالة إحصائيا بين المخاوف المدرسية وتقدير الذات لدى المراهق المتمدرس بالمرحلة المتوسطة «. لاختبار هذه الفرضية استخدمنا معامل الارتباط بيرسون(R)كما هو مبين في الجدول التالي:

جدول (06): العلاقة بين المخاوف المدرسية وتقدير الذات باستخدام معامل الارتباط بيرسون

المخاوف المدرسية

الخوف من الذهاب

الى المدرسة

الخوف من المعلم

الخوف من المدير

الخوف من الزملاء

الخوف

من الاختبارات

الخوف من فناء المدرسة (الساحة)

الخوف من

الطبيب

مخاوف

مدرسية

ككل

تقدير الذات

0.11-

0.26-**

0.53-

0.15-

0.11-

0.10-

0.14-

0.22-**

 

يتّضح من خلال الجدول (06) وجود علاقة ارتباطيه سالبة دالة إحصائيا بين تقدير الذات و كلّ من الخوف من المعلم  والمخاوف المدرسية  ككل، حيث تراوحت معاملات الارتباط بين (0.22-0.26) وهي كلها قيم دالة إحصائيا عند مستوى الدلالة (0.01) بمعنى كلما زادت المخاوف المدرسية قلّ تقدير الذات لدى تلاميذ المرحلة المتوسطة، أما بالنسبة  لأبعاد الخوف من الذهاب الى المدرسة والخوف من المدير والزملاء والامتحانات والخوف من فناء المدرسة  والطبيب فجاءت قيم (r) غير دالة  إحصائيا ونستدل من هذه النتائج على التحقق الجزئي للفرضية.

13.             عرض وتحليل نتائج اختبار الفرضية الثانية

تنّص الفرضية الثانية على: « توجد فروق ذات دلالة إحصائية في المخاوف المدرسية تعزى لمتغير الجنس لدى المراهق المتمدرس بالمرحلة المتوسطة». لاختبار هذه الفرضية استخدمنا اختبار «t» لعينتين مستقلتين كما هو مبين في الجدول التالي: 

 

 

 

جدول (07): الفروق بين الجنسين في المخاوف المدرسية

المتغيرات

n

x̅

s

df

t

مستوى الدلالة

ذكور

اناث

ذكور

اناث

الخوف من الذهاب الى المدرسة

135

1.81

1.96

1.39

1.48

133

0.57-

غير دالة

الخوف من المعلم

135

2.48

3.17

1.91

2.05

1333

2.02-

0.01

الخوف من المدير

135

1.15

1.29

1.09

1.06

133

0.71-

غير دالة

الخوف من الزملاء

135

1.02

1.43

1.16

1.36

133

1.88-

غير دالة

الخوف من الاختبارات

135

4.37

5.11

2.29

1.82

133

2.09-

0.01

الخوف من فناء المدرسة

135

1.03

1.17

0.68

0.74

133

1.14-

غير  دالة

الخوف من الطبيب

135

0.14

0.21

0.34

0.41

133

1.14-

غير دالة

المخاوف المدرسية ككل

135

11.89

14.33

6.06

5.83

133

2.36-

0.01

 

يتّضح من الجدول (7) وجود فروق بين الجنسين في كلّ

من الخوف من المعلم والخوف من الامتحانات والمخاوف المدرسية ككلّ للأب بقيمة (ت) قدرها ما بين (2.02 -2.36) عند مستوى الدلالة (0.01) لصالح الإناث، وعدم وجود فروق بين الجنسين في كلّ من بعد الخوف من المدرسة والمدير والزملاء والخوف من فناء المدرسة والطبيب.

14.              عرض وتحليل نتائج اختبار الفرضية الثالثة

: تنّص الفرضية الثالثة على: « فروق ذات دلالة إحصائية في المخاوف المدرسية تعزى لمتغير المستوى الدراسي (الاولى والثانية والثالثة متوسط) لدى تلاميذ المرحلة المتوسطة». ولاختبار هذه الفرضية استخدمنا تحليل التباين الأحادي، حيث دلّت النتائج على ما يلي:

نلاحظ من خلال جدول (8) أنّ مصدر التباين عدم وجود وجود فروق بين المخاوف المدرسية (الخوف من الذهاب الى المدرسة، الخوف من المعلم، الخوف من المدير، والخوف من الزملاء والامتحانات والخوف من الطبيب وفناء المدرسة) تبعا للمستوى الدراسي (أولى، ثانية وثالثة متوسط) لانعدام الدلالة الإحصائية، مما يعني أنّ عامل المستوى الدراسي لا يؤثّر في المخاوف المدرسية وبالتالي عدم تحقق الفرضية

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

    جدول (08) يوضح نتائج تحليل التباين الأحادي لدراسة  الفروق في المخاوف المدرسية تعزى لمتغير المستوى الدراسي

المتغير

مصدر التباين

درجات الحرية

مجموع مربعات الانحراف

متوسط المربعات

قيمة

(ف)

مستوى الدلالة

الخوف من الذهاب الى المدرسة

بين المجموعات

2

4.611

2.306

 

1.12

 

غير دالة

داخل المجموعات

132

266.697

2.052

المجموع

134

271.415

 

الخوف من المعلم

بين المجموعات

2

9.795

4.897

 

1.21

 

 

غير دالة

داخل المجموعات

132

532.620

4.035

المجموع

134

542.415

 

الخوف من المدير

بين المجموعات

2

1.913

0.957

 

0.82

 

غير دالة

داخل المجموعات

132

153.420

1.162

المجموع

134

155.333

 

الخوف من الزملاء

بين المجموعات

2

1.068

0.534

 

0.31

 

غير دالة

داخل المجموعات

132

220.813

1.673

المجموع

134

221.881

 

الخوف من الاختبارات

بين المجموعات

2

8.400

4.200

 

0.96

 

غير دالة

داخل المجموعات

132

576.533

4.368

المجموع

134

584.933

 

الخوف من فناء المدرسة

بين المجموعات

2

0.415

0.207

 

0.40

 

غير دالة

داخل المجموعات

132

68.133

0.516

المجموع

134

68.548

الخوف من طبيب المدرسة

بين المجموعات

2

0.333

0.167

 

1.13

 

غير دالة

داخل المجموعات

132

19.400

0.147

المجموع

134

19.733

 

المخاوف المدرسية ككل

بين المجموعات

2

40.951

20.476

 

0.55

 

غير دالة

داخل المجموعات

132

4792.733

36.867

المجموع

134

4833.684

 

 

مناقشة وتفسير نتائج الدراسة

15.             مناقشة وتفسير نتائج اختبار الفرضية الأولى

أسفرت نتائج التحليل الإحصائي على تحقّق الفرضية جزئيا التي تنّص على وجود علاقة ارتباطيه دالة إحصائيا بين المخاوف المدرسية وتقدير الذات لدى المراهق المتمدرس بالمرحلة المتوسطة، اي وجود علاقة ارتباطية سالبة بين الخوف من المعلم والمخاوف المدرسية وتقدير الذات بمعنى كلما زاد خوف المراهق من معلمه ومن المدرسة قلّ تقدير الذات لديه. وتعزو الباحثة هذه النتيجة إلى أنّ  التلميذ المصاب بالمخاوف المدرسية الذي يرفض الذهاب اليها وعدم حبه ورغبته بها ينتابه القلق والخوف لاسيما اذا كان المعلم يستخدم أساليب التهديد والصراخ  والسخرية منه أمام زملائه خاصة ما تعرفه المؤسسة (المتوسطة) من اكتظاظ في الاقسام، مما تجعل المعلم يفقد أعصابه فيتجه الى هذه الأساليب فمن شأنها أن تؤدي الى تدنّي مستوى تقدير الذات، وانعدام الثقة بالنفس للتلميذ خاصة اذا خبر مواقف مؤلمة في الطور الابتدائي كالعقاب والتخويف داخل المدرسة فتجعله ينفر منها فتؤثر على تحصيله الدراسي بحصوله على علامات متدنية، فيشعر بالفشل  فتقلّل من ثقته بنفسه  وتقديره لذاته لكونه يرى أنّ خوفه من المدرسة عائق في تحصيله الدراسي.

وهذا ما يراه نايل(1995) بأنّ الأطفال الذي يعانون من فوبيا المدرسة يتسمون بانخفاض في تقدير الذات، اضطراب الصورة الوالدية التي بدت متذبذبة بين السلبية والإهمال وبين الحماية الزائدة، اضطراب صورة البيئة التي يعيش فيها الطفل، وقد بدت قياسية ومتوحشة يكتنفها الغموض والخوف، اضطراب العلاقة بين أفراد الاسرة (الام- الاب- الاخوة) بعضهم البعض، والطفل الفوبياوي لديه مشاعر من الحزن والكآبة والخوف من العدوان الخارجي مع وجود ميول عدوانية لديه تجاه البيئة الأسرية والمدرسية – افتقاره الاتزان  الانفعالي والوجداني والشخصي (سلوى السيد، 2005). وتتفق نتائج الدراسة مع دراسة كنولمان Knollmann (2010). وتتعارض مع دراسة نيكولسوبيرج Nicholsandperg (1970) والتي خلصت الى أنّه لا توجد فروق دالة في تقييم الذات بين الأطفال الذين يعانون الخوف المرضي من المدرسة والمجموعة الضابطة، وايضا مع دراسة يوسف عبد الفتاح (1993) ودراسة العاسمي (1995) في عدم وجود فروق دالة إحصائيا بين الأطفال الذين يعانون الخوف المرضي من المدرسة والأطفال العاديين في مفهوم الطفل عن نفسه.

16.             مناقشة وتفسير نتائج اختبار الفرضية الثانية

أظهرت نتائج التحليل الإحصائي التحقق الجزئي للفرضية التي تنّص على أنّه « توجد فروق ذات دلالة إحصائية في المخاوف المدرسية تعزى لمتغير الجنس لدى المراهق المتمدرس بالمرحلة المتوسطة» حيث أظهرت النتائج أنّ الإناث أكثر معاناة من المخاوف المدرسية والخوف من المعلم ومن الامتحانات على الذكور. وتعزو الباحثة  هذه النتيجة الى طبيعة جنس الإناث من خلال التعبير أكثر عن انفعالاتهن بحرصهن، والتزامهن الشديد على التفوق والتميز مقارنة بأقرانهن من الذكور لتحقيق نتائج جيّدة مما يثير لديهن الخوف والتوتر من الفشل خاصة في ظل طول المنهاج وكثافته مما يحتم على المعلّم التكليف بأعمال خارج الدراسة اي الواجبات المدرسية، فتسبّب لهن التعب وعدم القدرة على الاستيعاب فيشعرن بالخوف والقلق لتصل الى حدّ عدم الذهاب من المدرسة خوفا من عقاب وتوبيخ المعلم، لاسيما اذا كان يتبع أساليب معاملة قاسية كالاعتماد على السب والشتم والسخرية وتهديدهن بخفض علاماتهن قد يتعداها أحيانا الى الضرب، الأمر الذي يشكّل لهن الخوف من التعرض  للتوبيخ أو النقد من قبل المعلم لاسيما في مرحلة المراهقة التي تعرف فيها المراهقة أنّها أكثر حساسية مما يتسبّب في جرح نرجسيتها لاسيما اذا تمّ ذلك أمام زملائها.  وهذا ما أشارت اليه نتائج الدراسة الزيرد والحباشنة (2006) الى أنّ من أسباب الخوف المدرسي: الممارسات الاستفزازية الخاطئة من طرف بعض المعلمين، وضعف التحصيل الدراسي للتلميذ، بالإضافة الى الاستهزاء والسخرية من قبل زملائه والتمييز بين التلاميذ (غياث، 2011).

وهذا ما أشار اليه تالن (Telan 2001) في دراسته على أنّ الطفل الذي لديه علاقات إيجابية مع المعلم يكون متوافقا مدرسيا، فيظهر رغبة أقلّ لتجنب المدرسة، ويشعر بشكل أقلّ بالوحدة أكثر من الطفل الذي لديه فقر في هذه العلاقات (رشا محمود و عبد الفتاح علي، 2013 اما خوفهن من الامتحانات فهو يرجع إلى طبيعة الامتحانات التي أغلبها ذات طابع كتابي أكثر من شفهي وعدم تهيئتهن نفسيا لإجرائه كتوعّد بعض المعلمين أنّ الاختبارات التي ستقدم لهن غير عادية ويصعب الإجابة عليها وتتطلّب جهدا كبيرا في مراجعة الدروس مما تجعلهن يشعرن بالخوف خاصة في ظلّ ضغوطات الوالدين وتوبيخهن أو حرمانهن من الدراسة في حالة حصولهن على درجات منخفضة، فتزيد من مخاوفهن في توقع الفشل في الدراسة،  كما أنّهن أحيانا يمتحن في اليوم أكثر من مادة من شأنه عدم إعطائهن فرصة في مراجعة المواد والتهيؤ للامتحان مما تزيد من مخاوفهن. وتتفق نتائج هذه الدراسة مع دراسة خلدون الزبيدي (1983) ودراسة مرسي (1988) وجاسم أحمد (2003) أنّ الإناث أكثر خوفا من الذكور. وتتعارض مع دراسة وليد الشطري (1986) وعباس عوض ومدحت عبد اللطيف (1990) ودراسة مها أبو حطب (1994) ودراسة ربيع شعبان والسعيد غازي (1996) ودراسة العاسمي (2002) في أنه لا توجد فروق بين الذكور والإناث في المخاوف المدرسية.

17.             مناقشة وتفسير نتائج اختبار الفرضية الثالثة

أسفرت نتائج التحليل الإحصائي على عدم تحقق للفرضية التي تنّص على أنّه«توجد فروق ذات دلالة إحصائية في المخاوف المدرسية تعزى لمتغير المستوى الدراسي (الاولى والثانية والثالثة متوسط) لدى المراهق المتمدرس بالمرحلة المتوسطة» حيث خلصت النتائج إلى عدم وجود فروق في المخاوف المدرسية بين المستويات الثلاثة، مما يعني أنّ تلاميذ هذه المرحلة مهما اختلفت مستوياتهم فهم يعانون من المخاوف المدرسية. ويمكن تفسير هذه النتيجة بانتقالهم الى نظام تعليمي جديد مختلف عما اعتادوا عليه خلال تعليمهم في الطور الابتدائي بالاعتماد على معلّم او معلمين على الأكثر، إلا أنّه في هذا الطور يواجه التلاميذ عدّة اساتذة، كما أنّهم يدرسون الكثير من المواد الدراسية وكثرة الامتحانات وصعوبة المناهج التي تشمل مفاهيم مجردة ومعقّدة ومتطوّرة بالنسبة لهم، وطرائق تدريس مختلفة خاصة إذا اعتمدت على طرق تعليم ضاغطة كالتلقي والحفظ، ومطالب جديدة يفرضها نظامها أي يتلقّى تعزيزات سلبية ممّا يجد صعوبة كبيرة في التكيّف مع المدرسة، مما يولد لديهم الخوف من المدرسة لاسيما في مرحلة المراهقة الذين يسعون من خلالها الى تحديد دورهم ومصيرهم المهني والعلمي، مما تجعلهم يشعرون بتوتّر وقلق دائم يؤدّي بهم إلى الخوف من المدرسة بسبب خوفهم من الفشل خصوصا إذا لم يكونوا على قدر توقّعات الأهل والأساتذة خاصة في ظلّ التغيرات المرتبطة بمرحلة المراهقة التي يحتاجون إلى التكيف معها.

وهذا ما أظهرته دراسة هيرسوفودافيدسون Hersov And Davidson (1996) في دراستين منفصلتين، أنّ أعراض الخوف المرضي من المدرسة قد تظهر مباشرة بعد انتقال الطفل الى مدرسة جديدة، وذلك لأنّ المدرسة تشكّل بيئة معقّدة تتطلّب من الطفل بتكيف مناسب، وإذا فشل فإنّه سوف يعاني من القلق والخوف، ومن ثمّ الانسحاب من المدرسة. (رياض نايل، 2015)

وتتفق نتائج هذه الدراسة مع نتائج دراسة هيث Heath 1985 الى أنّ حالة الفوبيا المدرسية توجد بين الجنسين وبين مستويات عمرية (5-15 سنة)، وتتعارض مع دراسة بحري (1979) في أنّ مخاوف الطلاب في الصف الاول والصف الثاني والصف الثالث المتوسط (بنين وبنات) كانت مخاوفهم تتركز حول الخوف من الامتحان، الرسوب، درس معين، كما أشارت النتائج الى أنّ المخاوف تتغير بتقدم السن والمرحلة الدراسية (يحيى داود و نهى، 2011).     وايضا مع دراسة مها ابو حطب (1994).

11.   خاتمة

يشعر التلميذ في كثير من الأحيان من مخاوف تتعلّق بذهابه الى المدرسة خاصة في السنوات الاولى من تمدرسه والتي تزول بمجرد الاندماج في البيئة المدرسية، إلا أنّه قد  تصبح حالة مرضية فتؤثّر على جوانب حياته والتي تتطلب علاجا ورعاية، فقد يتعدّاها الى أطوار أخرى لاسيما في مرحلة المراهقة التي تظهر على شكل مزمن وشديد، كما قد تتطور الى اضطرابات نفسية أو مشكلات دراسية لاسيما اذا لم يتمّ التكفل بها لما لها من تأثير سلبي على شخصيته، وتحصيله العلمي خاصة في هذه المرحلة التي يسعى من خلالها إلى البحث عن ذاته وتحديد دوره في المجتمع . ونظرا لأهمية المخاوف المدرسية وتأثيرها على عدّة جوانب من الشخصية هو الذات الذي يعتبر من المفاهيم الأساسية في علم النفس بما في ذلك تقدير الذات لما له من أهمية في مرحلة المراهقة بسعي التلميذ المراهق إلى الاهتمام اكثر بذاته، كما يعدّ عاملا في ظهور المخاوف المدرسية أو نتيجة لذلك، لذا فقد جاءت الدراسة الحالية للكشف عن طبيعة العلاقة بين المخاوف المدرسية  وتقدير الذات على عينة مكونة (135) تلميذا وتلميذة بمتوسطة مشري أحمد وسط مدينة تيارت بالجزائر، فأسفرت نتائج الدراسة على وجود علاقة ارتباطية سالبة بين المخاوف المدرسية وتقدير الذات، ووجود فروق بين الجنسين في المخاوف المدرسية و الخوف من المعلم ومن الامتحانات لصالح الإناث، وعدم وجود فروق في المخاوف المدرسية تبعا  للمستوى الدراسي (سنة أولى وثانية وثالثة متوسط) .

وعليه فللمخاوف المدرسية تأثير على تقدير الذات وهذا ما اسفرت عليه نتائج الدراسة وايضا الدراسات السابقة ويبقى دور كل من الاسرة والمدرسة في القضاء عليها، من خلال كسب ثقة المراهق وإقامة علاقات طيبة معه قائمة على الحب والود والتعاون ،وإشراكه في عملية التعلم مع أنّها من ضمن أهداف الإصلاحات التي طرأت على المنظومة التربوية إلا أنّ هذه الحالات التي تعاني من المخاوف المدرسية في اغلبها لا يتمّ التعامل معها بشكل سليم بتجاهلها مما قد تنعكس آثارها في مراحل لاحقة او قد تتطوّر الى اضطرابات نفسية تظهر في مرحلة الرشد. وهذا ما يراه بولبي (1973) أنّ الخوف المرضي من المدرسة يعدّ المسؤول عن كثير من اضطرابات سنّ الرشد: كالعزلة الاجتماعية والخوف من الأماكن المفتوحة والخوف من الذهاب الى العمل. ومن المحتمل أن يؤدّي الخوف المرضي من المدرسة الى حالة فصامية في المستقبل (رياض نايل، 2015). وتبقى توعية الوسط المدرسي بخطورة هذا الاضطراب ونتائجه السلبية على تحصيل التلميذ وعلى نموّ شخصيته ومساعدته من أجل تجاوز تلك المخاوف لكي يصبح مستقلا وناضجا وقادرا على التعامل مع واقعه في المدرسة وخارجها.

وعلى ضوء هذه النتائج نوصي بما يلي

- إعطاء فرصة للمراهق للتحدث عن تجاربه وخبراته المتعلقة بمخاوفه حتى لا يكبتها في اللاشعور وتتحول الى أعراض جسمية ومن ثم ألى أمراض نفسية.

- يجب على الوالدين التحدث مع ابنهم المراهق الخائف من المدرسة بغية تحديد مصدر مخاوفه وحلّها بأسلوب يعتمد على التفاهم والحوار هذا من، ومن جهة أخرى الاهتمام بتوعية الوالدين بالمشكلات النفسية منها المخاوف المدرسية والدراسية التي يتعرض لها الأبناء وكيفية التعامل معها.

- تجنب استخدام العقاب القاسي من طرف المعلم لاسيما في المراحل الاولى من التمدرس من عمر التلميذ لتجنب ظهور المخاوف المدرسية او حتى بعض المشكلات الدراسية في مراحل دراسية لاحقة.

- توفير مختصين نفسانيين ممارسين في المؤسسات التربوية للتكفّل بحالات المخاوف المدرسية ومتابعتها حتى نتفادى تدهور مستوى التحصيل العلمي للتلميذ المراهق ومختلف الاضطرابات النفسية الناجمة عنها في مرحلة الرشد.

كما نقترح دراسات مستقبلية منها:

- المخاوف المدرسية وعلاقتها بالأمراض السيكسوماتية عند المراهق.

- المخاوف المدرسية وعلاقته بتقدير الذات في ضوء متغيرات أخرى (المستوى الاجتماعي، الترتيب الميلادي، المستوى التعليمي للوالدين)

- المخاوف المدرسية عند التلاميذ الموهوبين.

- المخاوف المدرسية عند التلاميذ ذوي صعوبات التعلم والمصابين بالبدانة.

 

المراجع

ازهار يوسف، صباح مرشود (2013تقدير الذات لدى طلبة المرحلة الاعدادية، مجلة جامعة تكريت للعلوم الانسانية، المجلد (20)، العدد (5).

افنان عبد الله (2019اساليب المعاملة الوالدية وعلاقتها بدرجة تقدير الذات لدى طالبات صعوبات التعلم في الصفوف الاولية في المدارس الابتدائية بمدينة جدة، المجلة العربية لعلوم الاعاقة والموهبة، العدد (6).

بوعقادة هند (2013تقدير الذات لدى المراهق البطال، رسالة ماجستير في علم النفس العيادي، جامعة وهران، الجزائر

بن عامر زكية (2012)، المشكلات الدراسية عند الطفل وأثرها على عملية التعلم فوبيا المدرسة نموذجا، مجلة انثروبولوجية الاديان، المجلد 8، العدد 2.

وائل السيد (2019)،جودة الحياة الجامعية كعامل وسيط بين الاغتراب النفسي وتقدير الذات لدى طلاب جامعة الملك سعود، المجلة الدولية للدراسات التربوية والنفسية، المجلد 5، العدد 2.

يحيى داود الجنابي، نهى لعيبي (2011تأثير اسلوب التحصين التدريجي في تخفيض شعور الرهاب المدرسي لدى طالبات المرحلة المتوسطة، مجلة كلية التربية، العدد الرابع، المجلد الاول.

نبراس يونس محمد ال مراد (2007تقدير الذات لدى طالبات قسم التربية الرياضية وعلاقته بمستوى التحصيل الأكاديمي، مجلة جامعة تكريت للعلوم الانسانية، المجلد (14)، العدد (4).

سلوى السيد سليمان (2005فعالية التدريب على المهارات الاجتماعية في خفض فوبيا المدرسة، رسالة ماجستير في التربية (صحة نفسية)، كلية التربية، الزقازيق، مصر.

رياض نايل العاسمي (2015)، ط1، سيكولوجية الطفل الرافض للمدرسة، دار الاعصار العلمي، عمان، الاردن.

رشا محمود حسين، عبد الفتاح علي غزال (2013الفوبيا المدرسية، دار الجامعة الجديدة، الازاريطة، الاسكندرية.

رشيد عرار واخرون (2019العلاقة بين الميول المهنية وتقدير الذات لدى طلبة الصف العاشر في فلسطين، المجلة الدولية للدراسات التربوية والنفسية، العدد 5، المركز الديمقراطي العربي المانيا برلين.

غيات سالمة (2011المخاوف المدرسية الشائعة لدى تلاميذ المرحلة الابتدائية (دراسة وصفية على تلاميذ المرحلة الابتدائية لدائرة تيميمون بولاية ادرار)، رسالة ماجستير في علم النفس وعلوم التربية، كلية العلوم الاجتماعية، جامعة وهران.

غيات سالمة واخرون (2016)، المخاوف المدرسية الشائعة لدى تلاميذ المرحلة الابتدائية (دراسة وصفية على تلاميذ المرحلة الابتدائية بأدرار»، مجلة العلوم الانسانية والاجتماعية، العدد 26.

Bouteldja Mokhtar (2014)،  la phobie scolaire angoisse de séparation ou syndrome dinadaptation scolaire, revue des sciences sociales, , numéro 18.

GéRRARD EMILIEN et al (2003 lanxiété sociale, Mardaga, belgique. 

Patricia. T et al (1993), school phobia – school avoidance, journal of pediatric health care, volume 7.

@pour_citer_ce_document

فايزة بلخير, «المخاوف المدرسية وعلاقتها بتقدير الذات لدى المراهق المتمدرس دراسة ميدانية على عينة من تلاميذ المرحلة المتوسطة»

[En ligne] ,[#G_TITLE:#langue] ,[#G_TITLE:#langue]
Papier : ص ص 161-178,
Date Publication Sur Papier : 2022-12-06,
Date Pulication Electronique : 2022-12-06,
mis a jour le : 06/12/2022,
URL : https://revues.univ-setif2.dz:443/revue/index.php?id=9056.