تعليم المهارات اللغوية تواصلياThe Communicative Approach to teaching Language Skills L’approche communicative de l’enseignement des compétences linguistiques
Plan du site au format XML


Archive: revues des lettres et sciences sociales


N°01 Avril 2004


N°02 Mai 2005


N°03 Novembre 2005


N°04 Juin 2006


N°05 Juin 2007


N°06 Janvier 2008


N°07 Juin 2008


N°08 Mai 2009


N°09 Octobre 2009


N°10 Décembre 2009


N°11 Juin 2010


N°12 Juillet 2010


N°13 Janvier 2011


N°14 Juin 2011


N°15 Juillet 2012


N°16 Décembre 2012


N°17 Septembre 2013


Revue des Lettres et Sciences Sociales


N°18 Juin 2014


N°19 Décembre 2014


N°20 Juin 2015


N°21 Décembre 2015


N°22 Juin 2016


N° 23 Décembre 2016


N° 24 Juin 2017


N° 25 Décembre 2017


N°26 Vol 15- 2018


N°27 Vol 15- 2018


N°28 Vol 15- 2018


N°01 Vol 16- 2019


N°02 Vol 16- 2019


N°03 Vol 16- 2019


N°04 Vol 16- 2019


N°01 VOL 17-2020


N:02 vol 17-2020


N:03 vol 17-2020


N°01 vol 18-2021


N°02 vol 18-2021


N°01 vol 19-2022


N°02 vol 19-2022


N°01 vol 20-2023


N°02 vol 20-2023


A propos

avancée

Archive PDF

N°02 vol 19-2022

تعليم المهارات اللغوية تواصليا
L’approche communicative de l’enseignement des compétences linguistiques
The Communicative Approach to teaching Language Skills
ص ص 196-208

ربيع كيفوش
  • resume:Ar
  • resume
  • Abstract
  • Auteurs
  • TEXTE INTEGRAL
  • Bibliographie

نحاول في هذا المقال تقديم تصور للمنحى الذي يمكن أن يٌسْلَكَ في أي مشروع لساني تعليمي، يهدف إلى تحسين تعليم اللغة العربية وفق المدخل التواصلي، من خلال استثمار منجزات الدّرس اللساني الحديث الذي يستند إليه البحث في مرجعياته وأصوله المعرفية، بعد توصيف شامل لمختلف المهارات اللغوية. يستهدف هذا المشروع في المقام الأول الكفاية التواصلية التي تسمح لمتعلمي اللغة بالتّواصل على نحو سليم وفعال فيما بينهم داخل قاعة الدرس وخارجها.

يؤكد المنظرون للمدخل التواصلي أن المهارات اللغوية متكاملة، فلا تقوم الواحدة منها دون الأخرى، إذ لا استماع من دون تحدث وقراءة، ولا قراءة من دون كتابة ولا مرسل من دون تحدث أو كتابة، ولا متلق من دون استماع أو قراءة.  فتكامل المهارات اللغوية داخل المنهاج أمر ضروري، لأن الاستخدام الهادف لها يزود المتعلم بمخرجات فعالة في التعليم اللغوي. وتداخل الجوانب المختلفة لمهارات اللغة تداخلا ارتباطيا أمر أساسي في كل المراحل لتخطيط برنامج لغوي متوازن، يستند إلى العلاقة العضوية بين عمليتي الإرسال والاستقبال أو الإنتاج والتلقي، من خلال تقديم مواقف تعليمية يمكن أن تتطور فيها أنظمة اللغة الفرعية لأغراض تواصلية

 

معلومات حول المقال

تاريخ الاستلام 05-12-2020

تاريخ القبول 08-06-2022

 

الكلمات المفتاحية

الكفاية التواصلية

المهارات اللغوية

تكامل المهارات

المدخل التواصلي

تعليم اللغة

Dans cet article, nous essayons de fournir une visualisation de l’approche qui peut être adoptée dans tout projet linguistique éducatif, visant à améliorer l’enseignement de la langue arabe selon l’approche communicative. En investissant dans les acquis de la leçon de langue moderne sur laquelle la recherche s’appuie sur ses références et ses origines cognitives, après une description complète des différentes compétences linguistiques. Il cible principalement la suffisance communicative qui permet aux apprenants de langue de communiquer de manière saine et efficace entre eux à l’intérieur et à l’extérieur de la classe.

Les théoriciens de l’approche communicative affirment que les compétences linguistiques sont complémentaires, de sorte que l’une n’existe pas sans l’autre, il n’y a pas d’écoute sans parole et lecture, pas de lecture sans écriture, pas d’expéditeur sans parole ni écriture, et pas de destinataire sans écoute ni lecture. L’intégration des compétences linguistiques dans le programme est nécessaire, car l’utilisation ciblée de ces compétences linguistiques fournit à l’apprenant des résultats efficaces dans l’enseignement des langues. L’interdépendance des différents aspects des compétences linguistiques est essentielle pour planifier un programme linguistique équilibré, basé sur la relation organique entre les deux processus d’envoi et de réception ou de production et de réception. En présentant des situations d’apprentissage naturelles dans lesquelles les sous-systèmes linguistiques peuvent se développer à des fins de communication

. 

      Mots clés

Compétence communicative

Compétences linguistiques

Intégration des compétences

Approche communicative

enseignement de la langue

In this article, we try to provide a visualization of the approach that can be taken in any educational linguistic project, aimed at improving the teaching of the Arabic language according to the communicative approach. By investing in the achievements of the modern linguistic lesson on which the research is based on its references and cognitive origins, after a comprehensive description of the various language skills. It primarily targets communicative sufficiency that allows language learners to communicate in a sound and effective manner with each other inside and outside the classroom.

The theorists of the communicative approach assert that language skills are complementary, so that one does not exist without the other, there is no listening without speech and reading, no reading without writing, no sender without speech or writing, and no recipient without listening or reading. The integration of language skills within the curriculum is necessary, because the purposeful use of these language skills provides the learner with effective outcomes in language education. The interdependence of the different aspects of language skills is essential for planning a balanced language program, based on the organic relationship between the two processes of sending and receiving or production and receiving. By presenting natural learning situations in which language sub-systems can develop for communicative purposes.

Keywords

Communicative competence

language skills

Skills Integration

Communicativ Approach

Learning the langauge

Quelques mots à propos de :  ربيع كيفوش

د. ربيع كيفوش     Dr . Rabia Kifouche جامعة محمد الصديق بن يحي جيجل،الجزائرr.kifouche@univ-jijel.dz

مقدمة

للغة بعد اجتماعي يتجلى في التخاطب والاتصال والتواصل بين البشر، وبعد نفسي يظهر في الإفصاح عما يجول في النفس من خواطر وأفكار وأحاسيس. واللغة وسيلة الفرد للتعبير عن أغراضه وتنفيذ مطالبه في المجتمع، بها يناقش، ويستفسر، ويستوضح، وتنمو ثقافته، وتزداد خبراته نتيجة لتفاعله مع البيئة التي ينضوي تحتها. باللغة يؤثر الفرد في الآخرين، ويستثير عواطفهم، كما يؤثر في عقولهم. أما فيما يتعلق بالمجتمع، فاللغة هي المستودع لتراثه والرابط بين أبنائه، فيوحد كلمتهم ويجمع بينهم فكرياً، وهي الجسر الذي تعبر عليه الأجيال من الماضي إلى الحاضر والمستقبل. وأيا ما كانت تعريفات اللغة ووظائفها، فإن الوظيفة الاتصالية تقف في مقدمة هذه الوظائف.

يختلف تأليف كتب تعليم اللغة العربية باختلاف نظرة مؤلفيها للغة، وتصورهم لوظائفها، وعند الحديث عن الأسس اللغوية في إعداد المناهج أو إعداد المحتوى اللغوي أو تأليف الكتب التعليمية، يقف تعريف اللغة في مكانة خاصة. فهذا التعريف موجه للمشتغلين بالمناهج والمواد التعليمية، سواء في اختيار المادة المرغوب في تعليمها، أو المهارات المطلوب تنميتها، أو المدخل المعتمد لتعليمها وتعلمها أو الطريقة التي يقدم بها هذا كله. 

وإذا كان هذا يصدق على مداخل تعليم اللغة بشكل عام، فهو أصدق عند الحديث عن تعليم اللغة اتصالياً، ولعل السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو: ما موقع عملية التواصل من المفاهيم والتعريفات الخاصة باللغة؟ إلى أي مدى يدرك أصحاب هذه التعريفات الجانب الاتصالي؟ ثم ما موقع الوظيفة التواصلية من الوظائف المختلفة للغة؟ كيف يتعلم المتعلم مهاراتها من منظور المدخل التواصلي؟ وكيف يكتسب المتعلم الكفاية التواصلية التي تفسح المجال أمامه للإبداع والمبادرة؟

المدخل التواصلي

اللغة أداة التفكير وثمرته، فهي تسهل عملية التفاعل الاجتماعي والانصهار الفكري بين أفراد المجتمع، وهي مستودع تراث الأمة لأن كل كلمة تحمل في طياتها خبرات بشرية. والميزة الكبرى للغة هي أنها أداة لنقل الخبرات التي تؤلف التراث الحضاري والثقافي المتراكم من جيل إلى جيل عبر الزمن.

يعد التواصل أهم وظيفة اجتماعية للغة، فهي تمثل علاقة اللغة بالمجتمع، وعلاقة الفرد بالمجتمع من خلال اللغة، «فعن طريق الاستماع والتحدث يستطيع أن يتصل بأفراد هذه الجماعة لقضاء حاجياته اليومية، ويعرف ما لديهم من أفكار ومعلومات وآراء، ويشارك في توجيه نشاطهم، وعن طريق القراءة والكتابة يستطيع أن يخرج عن حدود الجماعة الصغيرة ويتصل بالمجتمع الكبير ليحقق مطالبه، ويطلع على ما يجري من أحداث وتطورات ويكتسب خبرات أوسع ومعلومات أكثر» (رشدى، 1979). واللغة وسيلة لنقل الأفكار والرغبات والمشاعر من خلال نظام من الرموز يختاره المجتمع، ويتفاعل بواسطتها أفراده في ضوء الأشكال الثقافية المتعارف عليها أثناء التواصل. ووظيفتا التواصل والتفاعل لا تتحققان فقط بين متحدثي اللغة في إطار ثقافتهم، إنما تتحققان أيضا بين المتحدثين باللغة وبين الآخرين ممن يتعلمون هـــــــــــذه اللغة (الحسيني، 1991).

إن وظائف الاتصال اللغوي كثيرة أجملتها عدة كتابات في: الوظيفة النفعية، الوظيفة التنظيمية، الوظيفة التفاعلية، الوظيفة الشخصية، الوظيفة الاستكشافية، الوظيفة التخيلية، الوظيفة الإخبارية والوظيفة الرمزية. أثناء تعليم اللغة لا بد من استهداف هذه الوظائف كافة، لأن تَحَقُقُ هذه الوظائف اللغوية في المواقف التعليمية التعلمية، يؤدي إلى تكامل عناصر التواصل اللغوي بواسطة الأشكال اللغوية التي تنتقل عبرها الأفكار والمعلومات والاتجاهات، وتتحقق عمليات الإرسال والاستقبال، «هذا التواصل يتحقق من خلال ثلاثة عناصر هي، موقف التواصل كالظرف أو السياق الذي يتم فيه التواصل كإحدى الحصص الدراسية مثلا، وحدث التواصل وهو أحد عناصر الموقف كالتمهيد للحصة مثلا. أما فعل التواصل فيشمل مجموعة الجمل والعبارات التي تمثل محتوى الرسالة اللغوية، وتمثل جوهر عـــمــلية التواصل»(خرما، 1988). يمثل التواصل نموذجا حديثا في الحقل التربوي -التعليمي الحديث، لا سيما في تعليمية اللغات، التي تقوم على قنوات صوتية- تركيبية في إيصال الأفكار والمكتسبات والكفايات للمتعلمين، كي يتمكنوا من الارتقاء بالتواصل الإنساني والعالمي.

يستهدف تعليم اللغة اتصاليا إكساب المتعلمين مهارات الاتصال وتنميتها، من أجل أداء وظائف اتصالية معينة في مواقف طبيعية، لأن «الوظيفة الأساسية للغة هي الاتصال والتواصل، وإن كون اللغة ثمرة من ثمار التفكير الإنساني يكون عاملا مساعدا للفرد على ضبط التفكير ودقته وصولا إلـــى السيطــرة علـــى البيـــئـــة والتحكــــم فيــهــا من إطار التفاعل الاجتماعـــــــي»(السيد، 2005). ومهمة معلم اللغة العربية خلق مواقف طبيعية فردية وجماعية اتصالية مباشرة، من خلال محتوى لغوي يُركز فيه على تدريب التلاميذ على المحادثة الشفوية أولا، ثم التدريب على باقي مهارات اللغة مع ضرورة تكاملها عند تعليمها.

تحكم عملية التواصل متغيرات كثيرة منها نوع الموضوع الذي يدور حوله الحديث، والعلاقة بين أطراف الحديث، والظروف المحيطة بالحديث مثل زمانه ومكانه وغيرها من المتغيرات. والمهم في كل هذا عدم التصنع، أو افتعال المواقف حتى يقترب الموقف التعليمي في القسم من المواقف الحياتية. في هذه الحالة تُرْفَضُ التدريبات التي تُعَلِمُ المهارات اللغوية في شكل وحدات منعزلة عن السياق والحياة. فالاهتمام ببنية اللغة دون مراعاة مدى مناسبتها للسياق يتنافى مع الاتصال الحقيقي الذي يختلف فيه الحوار باختلاف أطراف الحديث. إن السياق عنصر أساسي في بيان الأدوار بين طرفي الحوار، «وانتقاء النصوص والمواضيع عامل أساسي لنجاح الأدوار، فمن المفيد انتقاء نصوص تفتح نقاشا في وضع تواصلي حيث المرسل إليه عام»(سلهب، 2006)، والأهم في كل هذه المسألة هي النصوص ومعايير انتقائها وكيفية تقديمها وطرائق تفكيكها لفهمها. لا بد من اختيار نصوص تُؤمن الحاجة التواصلية والتداولية للمتعلم، والملاحظ أن المدخل التواصلي هو الأهم «وهو ما ينسحب بدوره على النصوص الأصلية والنصوص التعليمية المُعَدَّة لأغراض التعليم، وكذلك النصوص الموجودة في الكتب التعليمية، أو النصوص التي يكونها الدارسون بأنفسهم، حيث أنها هي الأخرى مجرد نصوص من بين نصوص أخرى»(حمادي، 2019)، ومن المفيد أن يكون المتعلم ملما بنصه ومقتنعا بجدواه متفاعلا مع مادته، ومحققا بذلك التواصل بينه وبين النص أولا وبينه وبين المعلم وباقي المتعلمين ثانيا، لينطلق لاحقا من خلاله إلى فضاءات تواصلية أخرى.

مكونات الكفاية التواصلية

أول من استعمل مصطلح الكفاية التواصلية اللساني الأمريكي ديل هايمز Dill Hymes، ويحددها «بأنها جماع معارف تتصل بمعايير النحو اتصالها بمعايير الاستعمال، بفضلها تحدث المناسبة بين السلوك التواصلي والسياق الذي يكتنفه والملابسات التي يجري فيها»(عبيد، 2013). فحين رأى اللسانيون الأمريكيون أن فكرة الكفاية اللغوية عند تشومسكي(Noam Chomsky) محدودة وغير شاملة، صاروا يتجاوزونها إلى الاهتمام بالأحوال الخطابية المختلفة في الحياة اليومية والأغراض المتعلقة بها، فصدرت سلسلة من البحوث تصدت إلى تفسير هذه الكفاية انطلاقا من الوظائف الاجتماعية للغة. وحاول أصحاب المنهجية الجديدة أن يضعوا طرائق تعليمية تعتمد على مقاربات تواصلية تستثمر معطيات اللسانيات الاجتماعية.

تمثل الكفاية التواصلية مدى وعي الفرد بالقواعد المتحكمة في الاستعمال المناسب في موقف اجتماعي، وتشمل مفهومين أساسيين هما المناسبة والفعالية، يتحقق هذان المفهومان في اللغة المنطوقة والمكتوبة على حد سواء. والكفاية التواصلية كذلك هي: « قدرة الفرد على أن ينقل رسالة أو يوصل معنى معينا، وأن يجمع بكفاءة بين معرفة القواعد اللغوية، والقيم والتقاليد الاجتماعية في التواصل»(الحسيني، 1991)، إنها عملية فردية اجتماعية معا، تكمن فرديتها حين تتعلق بالأساليب الخاصة للفرد لمواجهة الموقف، واجتماعيتها حين تتعلق بالسياق الذي يتم فيه التواصل.

يَعتَبِرُ هايمز أن ما يتميز به الفرد المتكلم هو امتلاكه لقدرة أكثر وظيفية مما يقترحه النحو التوليدي، وهي الكفاية التواصلية، وتعرف بأنها «قدرة الفرد على استعمال اللغة في سياق تواصلي لأداء أغراض تواصلية معيّنة. إن الكفاية التواصلية تعني على هذا الأساس قدرة الفرد على تبليغ أغراضه، بواسطة عبارات متعارف عليها، واستعمالها في موقف اجتماعي»(cuq, 2003). والكفاية التواصلية حسب هايمز لا تقتصر على معرفة النسق اللغوي، إنما تتعلق باشتغال السلوك اللغوي في شموليته وواقعيته، وهي مختلف السياقات والمقامات الممكنة لتحقيق كل الأغراض التواصلية في أبعادها الفردية والجماعية.

ظهر  نموذج «ديل هايمز»  الخاص بالتواصل سنة 1972  في كتابه وظائف اللّغة في الفصول الدّراسية Functions of language in the classroom، بحث هايمز في عملية التّواصل من ناحية الكفاية التّواصلية، وحدّد الكفاية التواصلية بأربعة مكونات هي: الكفاية النّحوية، الكفاية السيكو لسانية، والكفاية السوسيو ثقافية، والكفاية الاحتمالية (علوي، 2013) .

يعني ديل هايمز بالكــــــــــفاية النّحوية أَوَلُ مكون من مكونات الكفاية التّواصلية، وتضم المعرفة بالقواعد التركيبية والدّلالية والصّوتــيـــة.

- الكفاية السّيكو لسانية:تمثل العوامل النّفسية واللسانية التي تؤثر على المتكلم سواء في إنتاج أو فهم الخطاب. أما الأسباب المؤدية إلى عدم فهم الخطاب متعددة، منها ما يختص بضعف الإدراك أو قصور الفهم لدى المتكلم ذاته، ومنها ما يتعلق بالعوامل المحيطة، مثل وجود تشتت نتيجة عدم وصول الصوت وصولا جيدا.

-الكفاية السّوسيو ثقافية:يعني بها ما يعرف بمناسبة المقام للمقال؛ أي قد يصدر المتكلم جملا صحيحة في تركيبها البنيوي، ويمكن استعمالها دون أدنى ريبة في صحتّها، غير أنه قد استخدمها في مقام غير مناسب لها، ليس المقام بمقام استخدامها.  ومن هنا كانت الإشارة إلى أن الطفل حين يكتسب اللغة، فإنه يكتسب معها كيفية استخدامها ومقام استخدامها.

-الكفاية الاحتمالية:فتُعنى بمستوى الاستخدام للجمل المنجزة لغويًا؛ أي احتمالية الاستعمال، إذ يختلف استخدم الجمل من ناحية العدد والكثرة، فبعض الجمل تكون صحيحة نحويا قابلة للاستعمال غير أنها قليلة الاستخدام في الخطابات، على النّقيض من ذلك توجد جملٌ لا تتوافق مع الصحة النّحوية وقابلية الاستعمال إلا أنّها كثيرة الاستعمال في الخطابات.

وكان لتصور هايمز حول مفهوم الكفاية التواصلية الفضل في تطور هذا المفهوم على يد مجموعة من الباحثين منهم:  كنالي وسوين( Canale & Swain) سنة 1980اللذان قدما تعريفا للكفاية التواصلية على أنهـــا « تركيب لمعرفة المبادئ النحوية الأساسية، ومعرفة الكيفية التي تستعمل بها اللغة في أوضاع اجتماعية لإنجاز وظائف تواصلية، ومعرفة كيفية التأليف بين الوظائف التواصلية والتلفظية استنادا إلــــــــــى مبادئ الخطاب» (فيرهوفن، 2009). تتكون الكفاية التواصلية عند كنالي وسوين من أربع قدرات، هي:

-الكفاية النحوية:تشمل المعرفة بالوحدات المدمجة والقواعد الصوتية والصرفية والتركيبية والدلالية، التي تمكن المتكلم من إنتاج جمل صحيحة لها دلالتها الواضحة. 

-الكفاية الخطابية:هي القدرة على ربط الجمل لتكوين خطاب أو نص أو ملفوظ منسجم ومتسق ذي معنى.

-الكفاية السوسيو لسانية:وتشمل معرفة القواعد الاجتماعية والثقافية للغة والخطاب، وهي تقتضي معرفة السياق الاجتماعي الذي تستخدم فيه اللغة؛ أي معرفة قواعد السياق التي تمثل الجانب الاجتماعي والثقافي. والفائدة من ذلك تحديد المعنى المراد للعبارات اللغوية، فيحدد قصد المتكلم من خلال سياق العبارات التي أنتجت فيها.

-الكفاية الاستراتيجية:تحتوي قواعد التواصل بنوعيها التواصل اللغوي وغير اللغوي، يستخدمها كل من مستعمل اللغة ومتعليمها، لتعويض النقص الذي ينشأ عن متغيرات الأداء أو توافر القدرة (فيرهوفن، 2009).

أما صوفي موران (Sophie Moirand)(1982) فترى أن الكفاية التواصلية تتكون من (Moirand, 1982):

-المكون اللساني:معرفة القواعد التركيبية والدلالية ومعرفة كيفية استعمالها (تداولية اللغة)، وهو ما يعرف بسنن التواصل.

-المكون الخطابي:معرفة أشكال الخطابات وتنظيمها وتشكيلها وفق الوضعيات التواصلية الني تنتج فيها وتؤول.

- المكون المرجعي:معرفة مختلف مجالات التجربة الإنسانية وموجودات العالم والعلاقات القائمة بينها.

- المكون السوسيو ثقافي:معرفة وامتلاك القواعد الاجتماعية ومعايير التفاعل بين الأفراد والمؤسسات، ومعرفة التاريخ الثقافي والحضاري والعلاقات بين المواضيع الاجتماعية ومعرفة كيفية استعمالها.

إن المكونات التي سبق ذكرها تتداخل فيما بينها وتتكامل من أجل تحقيق كفاية المتعلم التواصلية، وانطلاقا من ذلك تتحدد استراتيجيات تعليمية لغوية.

في حين نجد «سيمون ديك» (Simon Dik) (1989) يبني نموذجه على افتراض مفاده أن الكفاية التواصلية تتكون من عدد محدود من الطاقات، هذه الطاقات خمس على الأقل وهي كالتالي: « الطاقة اللغوية وهي المسؤولة عن إنتاج العبارات اللغوية، والطاقة المعرفية وهي التي تمكن مستعمل اللغة من بناء قاعدة معرفية منظمة واستعمالها عن طريق صياغة معارفه في صور لغوية مناسبة. ثم هناك الطاقة المنطقية وهي المسؤولة عن استنتاج معلومات جديدة من معلومات معطاة، والطاقة الإدراكية المسؤولة عن إدراك المحيط واكتساب المدركات واستعمالها، والطاقة الاجتماعية المسؤولة عن مراعاة الأوضاع الاجتماعية لكل من المتكلم والمخاطَب أثناء التواصل اللغوي بينهما»  (البوشيخي، 2012).

وأضاف الدكتور عز الدين البوشيخي (2012) إلى طاقات القدرة التواصلية عند سيمون ديك طاقة سادسة هي الطاقة التخيلية إنها «الطاقة التي تمكن مستعمل اللغة الطبيعية من اختلاق صور افتراضية تنتمي إلى أحد العوالم الممكنة، ومن بناء وقائع متخيلة تنتمي إلى أحد العوالم الخيالية لتحقيق أهداف تواصلية محددة» (البوشيخي، 2012). يرتكز تعليم اللغة وفق المقاربة التواصلية على جملة من المبادئ نجملها في الآتي:

-  يجب أن يكون تعليم اللغة وتعلمها محكوما بالسياق.

-  يتطلب وضع المتعلمين في الانغماس اللغوي[1].

-  يراعي حاجات المتعلم النفسية والمعرفية.

-  يفترض الاهتمام بالقدرة التواصلية.

تضاف إلى هذه المبادئ مسألة التركيز على المهارات اللغوية الأربع: الاستماع والمحادثة والقراءة والكتابة. فضلا عن إعادة النظر في الأدوار التي يضطلع بها كل من المعلم والمتعلم، والتقويم الذي لم يعد ينصب فقط على الدقة والضبط اللغويين، ولكن على الطلاقة اللغوية في الوقت نفسه. كما أن الأخطاء أضحت في ظل هذه المقاربة تؤدي دورا مهما في بناء التعلمات.

مرجعية اللغات للمجلس الأوروبي

يرجع تطور المقاربة التواصلية إلى أعمال مجلس التعاون الثقافي الأوروبي، الذي اشتغل على تطوير منهج دراسي خاص بالمتعلمين مؤسس على المفاهيم الوظيفية لاستعمال اللغة، فقد قدم ولكنز (Wilkins) 1976تعريفا وظيفيا واتصاليا للغة. هذا التعريف كان الأساس لإعداد المناهج الاتصالية، فقد أخذ هذا المنهج يحقق انتشارا كبيرا في بريطانيا، وذلك بتطوير هذه المقاربة من قبل لسانيين بريطانيين ردا على المقاربات المؤسسة على النحو.

كما عرفت الكفاية التواصلية سنة 2005منعرجا جديدا تولّد عن وثيقة المجلس الأوروبي لمرجعية اللغات. تشكل هذه المقاربة استمرارا للمقاربة التواصلية، إلا أنها تختلف عنها في الانتقال بالمتعلم من التفاعل باللغة داخل القسم إلى التفاعل بها داخل الوسط الاجتماعي وذلك باعتباره فاعلا اجتماعيا. تنطلق هذه الوثيقة من تصور الواقع ليتمكن المتعلم من التفاعل فيه. وهي تتسم بخاصيتين أساسيتين، أولهما أنها إجرائية، فهي لا تركز على اللغة في حدّ ذاتها، وإنما توظفها في حل المشكلات. وثانيهما أنها تستقرئ الأبعاد التعليمية التي تمكن من تصور مختلف المواقف التعليمية (حمادي، 2019).

تقوم هذه المقاربة على مفهومين أساسيين هما: المهمة والفعل. فالمهمة تتجسد من خلال الفعل الذي يتمثل في دمج متعلم اللغة لكفاياته من أجل الوصول إلى هدف محدد سلفا. وتوفر المهمة سياقا اجتماعيا من أجل تعلم اللغة، وذلك من خلال جملة من الأنشطة والأفعال التي تقود إلى منتوج نهائي موجه للتقديم شفويا أو كتابيا أمام جمهور حقيقي. فالمهمة والفعل لا تجمعهما علاقة ترادف، وإنما علاقة تكامل (حمادي، 2019). كما أن المهمة تكون دائما موجهة نحو تحقيق نتيجة، إنها عبارة عن مجموعة من الأفعال النهائية ضمن مجال محدد، إضافة إلى أن هذه المهمة بإمكانها أن تتضمن مجموعة من المهام الصغرى المتنوعة التي تتطلب أنشطة لغوية بسيطة أو مركبة.

واستحدث مؤلفو الوثيقة المرجعية للمجلس الأوروبي صنفين من الكفايات التواصلية انطلاقا من مفهومها الأصلي وهما: الكفايات العامة الفردية، وكفايات الأنشطة الكلامية (الكشو، 2016).

–الكفايات العامة الفردية:تعني مجموع المعارف والكفايات تم تحويلها إلى فعل وقدرات التصور والتمثل التي تتنزل في سياق عرفاني. تكتسب هذه الكفايات في المدرسة بصورة طبيعية كما تكتسب التمثلات الفردية والجماعية، وتكون بذلك متنوعة وأساسية لأنها تتدخل بشكل حاسم في تصور الوظائف التواصلية (الكشو، 2016).

-كفايات الأنشطة الكلامية:تتعاضد الكفايات الكلامية مع الكفايات الفردية لتحقيق النوايا التواصلية، وتشمل بذلك الكفايات الاجتماعية واللغوية والتداولية. تستند هذه المقاربة إلى مجموعة من المبادئ هي (بوعتور، 2018):

- اعتبار المتعلم فاعلا اجتماعيا ومحورا للعملية التعليمية التعلمية.

- التركيز على حلّ المشكلات باللغة.

-اعتماد بيداغوجيا الأهداف وبيداغوجيا المشكلات باعتبارهما مداخل للمنهاج التعليمي.

- التواصل ليس هدفا في حدّ ذاته، ولكنه يؤدي دور الوسيط في التفاعلات الاجتماعية مما يجعل المتعلم يتكون على المستوى السوسيو وجداني.

- التركيز على البناء التعاوني للمعنى انطلاقا من قطب المجموعة.

التواصل اللساني في القسم

تتم عملية التواصل داخل القسم بين مرسل (المعلم) ومرسل إليه(المتعلم)، وتهدف إلى نقل الخبرات والتجارب إلى المتعلم وتعليمه طرائق التركيب، والتطبيق، والتحليل والتقويم. كما تهدف كذلك إلى تمكين المتعلم من بناء المعرفة، ويكون ذلك بتفعيل الحوار وتنشيط الدرس من خلال صياغة أسئلة ووضعيات مشكلة متدرجة من البساطة نحو الصعوبة، من أجل بلوغ الكفايات المسطرة والأهداف المرسومة التي تطمح إليها الجهات الوصية.

يرتكز التواصل اللساني على ثلاثة عناصر أساسية هي؛ المتكلم والمستمع، ونظام متجانس من العلامات الدالة، يمتلكه المتكلم والمستمع على حد سواء (حساني، 2000).  وحتى يتحقق التواصل في مجال التعليم بخاصة لا بد من توفر مجموعة شروط هي (وطاس، 1988):

التجانس في النظام التواصلي؛ فالعملية التعليمية في جوهرها هي عملية تواصلية، ومن شروط نجاح التواصل، أن يكون هناك تجانس تام في السنن والقواعد بين المرسل والمتلقي، وكذلك الشأن في العملية التعليمية لابد أن تُوجَدَ لغة مشتركة بين المعلم والمتعلم.

معرفة المرسل لمحيطه الطبيعي والاجتماعي معرفة حقيقية؛ أي أن يكون على علم بالتحولات العلمية والاجتماعية والثقافية لمجتمعه.

أن يكون المرسل على وعي عميق بمضمون الرسالة ومدى تعبيرها عن الواقع كما هو موجود.

العمل على ربط خبرة المرسل وأثرها في الوسط الخارجي بخبرة المستقبل للرسالة.

إعداد الوسيلة الناقلة أو الصلة إعدادا دقيقا لتكون مهيأة لحمل الخبرات المراد نقلها من المرسل إلى المرسل إليه.

عناصر التواصل

التواصل عملية مركبة تتكون من عناصر متكاملة ومتداخلة فيما بينها لتحقيق أهداف التواصل، وهذه العناصر هي:

الرسالة: يقصد بها المحتوى الذي يود المرسل نقله إلى المرسل إليه، وتتكون من مجموعة من العلامات اللسانية التي تصله عبر قناة الاتصال، وتكون المرجعية مشتركة بينهما.

المرسل: وهو مصدر الرسالة؛ أي الطرف الأول الذي يبدأ عملية التّواصل، يختار المرسل الرسالة ومضمونها كما يختار المرسل إليه.

المرسل إليه:يُقصد به الجهة التي تنتهي إليها الرسالة، وهو الطرف الثاني الذي يستقبل مضمون الرّسالة، ونجاح التّواصل بين المرسل والمرسل إليه يعتمد على الطرف الثاني، هل يتمكن من استقبال الرسالة على الوجه الأمثل أم لا؟.

القناة:هي الوسيلة المعتمدة لنقل الرسالة من المرسل إلى المتلقي، وقناة الاتصال هي عنصر فيزيائي لأن الأصوات اللغوية تنتقل عبر ذبذبات الهواء الحاملة لها.

المرجع: يتمثل في البيئة التي يجري فيها التواصل، وما يحتوي من متغيرات مؤثرة في عملية الاتصال. وهو يمثل الأساس الثقافي أو الاجتماعي المشترك بين المرسل والمرسل إليه، ومن خلاله تنقل الرسالة، وتفهم في إطار المرجعية التي تضمنها.

الشفرة: هي ما يؤديه مضمون الرّسالة، وتأثيرها على المتلقي، ورد فعله إزاءها.

يبعث المرسل رسالة إلى المستقبل حيث يكون لها مرجع تندرج فيه يشمل جميع الأشياء المتحدث عنها. ولكي يدرك المستقبل هذه الرسالة عليه أن يُوجِد الاتصال المطلوب بينه وبين الباث، ممثلا في القناة الفيزيائية (الأصوات)، التي يشترط في حمولتها اللغوية الشفرة المشتركة. وانطلاقا من البنية العامة لعملية التواصل بين المرسل والمرسل إليه، حدّد رومان ياكبسون (Jakobson Roman) المكونات الستة التي تقوم عليها بنية التواصل. وقد مُثلت هذه العناصر بالمخطط الآتي:

 

شكل( 1):عناصر التواصل في نموذج رومان ياكبسون

المصدر: رومان ياكبسون، قضايا الشعرية، ترجمة: محمَّد الولي ومازن حنون، ط1، دار توبقال، المغرب، 1988.

تمثل العناصر السّابقة عناصر العملية التّواصلية، باكتمالها ينجح التّواصل بين المعلم والمتعلم، في حين أنّ هناك أسبابًا قد تعيق عملية التّواصل منها؛ وجود بعض الأسباب النّفسية التي تمنع المتكلم من الحديث، أو عدم ملاءمة المقام للتّواصل وحدوث مقاطعة ما، تؤثر في اكتمال التّواصل. أو قد تحدث أثناء عملية التواصل أشياء تتسبب في إحداث خلل في عملية التواصل، فتشوه رسالة المرسل، وقد يتلعثم بسببها، وقد لا يكمل الجملة، وقد يخطئ في تركيبها. كل هذه أشياء لا نضمن استبعادها من عملية التواصل نفسها. والمستقبل من طرف آخر يحاول أن يفهم أشكال النطق التي صدرت من المرسل محاولاً التنبؤ بمعاني ما غمض منها. فهو يستقبل الرموز التي استمع إليها، ويرجعها إلى رصيده مفسراً إياها في ضوء خبرته السابقة بهذه الرموز. هذه العملية هي ما تسمى بفك الرموز وتأويلها وهي مهارة يتفاوت فيها المتعلمون. والخلاف كما يرى البعض هو على درجة التمكن مـن المهـارة، وليـس عـلى وجـودها أو عدمه، فتبادل وجهات النظر أو التفاوض، كما يسمى في المدخل الاتصالي أمر يعتمد على نوع العلاقة بين المرسل والمستقبل، وغيرها من العوامل التي لا حصر لها والتي قد تعيق التواصل (علوي، 2013).

 مقومات عملية التواصل

في ضوء العرض السابق لمكونات العملية التواصلية نستطيع أن نقف على المقومات التي تساعد على اكتمال هذه العملية. والمقصود بالمقومات هنا مجموعة من الصفات التي يُعدّ توافرها عاملا أساساً لنجاح عملية التواصل.

-المرسل:أن يكون ذا معرفة تامة بموضوع الرسالة، وملما بكل ما يتصل بموضوعها من وضوح فكرتها، وتنوع طريقته في عرض الأفكار لإثارة دافعية المرسل إليه نحو تلقي الرسالة، وذلك بمعرفته بطرائق التواصل المختلفة، وحسن اختيار المكان والزمان الملائمين لعملية التواصل وامتلاكه لقوة الإقناع وجاذبية في التبليغ.

-الرسالة:  يشترط في الرسالة لكي تتم عملية التواصل بفعالية، أن تكون أفكارها مرتبة ترتيبا منطقيا، دقيقة المفردات والعبارات في التعبير عن الأفكار وخلوها من الأخطاء، وملائمة لقدرات المتلقي، وأن تكون واضحة.

-المرسل إليه:يتم الحكم على نجاح الرسالة في الوصول إلى المتلقي، إذا استطاع أن يفهمها ويفسرها بحلّ رموزها ويكون رد فعله إيجابيا، يتوقف هذا على عوامل عديدة منها:

-الخبرات السابقة للمتلقي وصلتها بمحتوى الرسالة.

-وضوح الرموز بالنسبة للمتلقي التي صممت بها الرسالة.

-معرفة المرسل إليه لعادات المرسل في الكتابة أو الحديث.

-تمكن المرسل إليه من إدراك العلاقة بين الخبرة الجديدة (محتوى الرسالة) والخبرات السابقة لديه.

-قناة الاتصال: تتم عملية الاتصال بنجاح إذا توفرت في القناة عدة خصائص منها:

-أن ترتبط بمحتوى الرسالة وطبيعتها.

-أن تلائم قدرات المتلقي.

-عدم وجود مؤثرات جانبية تشوش على المتلقي.

 تعليم المهارات اللغوية

في كل موقف اتصالي يتساوى موقع المهارات اللغوية بمثل ما تتساوى أشكال الاتصال، فلا قيمة للقراءة على حساب الكتابة، ولا قيمة للمهارات الصوتية على حساب المهارات المكتوبة، بحجة أن التواصل الشفوي هو الأساس في أي لغة. يضاف إلى ما تقدم؛ اختلاف أولويات التعليم فقد نبدأ في برنامج بتعليم القراءة، ثم الكتابة وقد نبدأ بالاستماع، وقد نبدأ بالكلام. والشكل التالي يوضح هذه العمليــــــــة:

 

 

 

 


شكل (02): موقع المهارات اللغوية في خطة البرنامج

 

 

 

 

 

 

 

المصدر:رشدى أحمد طعيمة، المهارات اللغوية- مستوياتها، تدريسها، صعوباتها، ط1، دار الفكر العربي، القاهرة، 2004.

 

في ضوء هذا المخطط يتضح أن تحديد المهارات اللغوية يتم في ضوء المنطلقات التي يستند إليها البرنامج؛ منطلقات نفسية واجتماعية ولغوية وتربوية وغيرها. فالمهارات اللغوية المطلوب تنميتها للمتعلمين في برنامج يستند إلى المدخل التواصلي تختلف بالضرورة عن تلك التي يطلب تنميتها لدى المتعلمين في برنامج يستند إلى مدخل آخر، وليكن المدخل اللغوي الذي يهدف إلى تنمية المهارات اللغوية العامة، وتمكين المتعلمين من العناصر اللغوية بصرف النظر عن وظيفتها أو دورها الاجتماعي، وفي ضوء المهارات اللغوية المحددة يتم بناء المواد التعليمية التي تساعد على تنمية هذه المهارات (علوي، 2013).

وقبل الحديث عن المهارات اللغوية الأساسية استماع، تحدث، قراءة، كتابة، في ضوء المدخل التواصلي ينبغي تحديد المقصود بمهارات الاتصال، «فمهارات الاتصال هي قدرة الفرد على تكييف القواعد اللغوية واستخدامها من أجل أداء وظائف اتصالية معينة بطرق مناسبة لمواقف معينة. والمقصود بالقواعد اللغوية هنا بالطبع ليس فقط النحو، مع أهميته في الأداء اللغوي ولكن المقصود بذلك نظام اللغة بشكل عام، أو مختلف أنظمتها الصوتية، والصرفية، والنحوية والمفرداتية والدلالية» (Dubois, 2007).

والمهارات الاتصالية ليست مجرد أداء لغوي، إنما هي قدرة لتحقيق وظائف اتصالية معينة في مواقف اجتماعية محددة. وعليه لا يمكن عزل مهارة الاستماع أو التحدث مثلاً عن السياق الذي تستخدم فيه. وهذا يجعل للمهارات اللغوية في المدخل التواصلي خصائص ووظائف، تختلف عنها في مدخل لغوي آخر فضلاً عن نوع العلاقة بين هذه المهارات. والآن نفصل كل مهارة على حدة:

الاستماع

نشاط أساسي من أنشطة الاتصال بين البشر، وسبيل الإنسان لزيادة ثقافته وتنمية خبراته في المجتمع الذي يحيا فيه، فهو النافذة التي يطل الإنسان من خلالها على العالم من حوله، والأداة التي يستقبل بواسطتها الرسالة الشفوية. لنتأمل ماذا يحدث في موقف اتصالي شفوي بين شخصين، هناك شخص يتحدث، يعرض قضية معينة، يستخدم فيها ألفاظاً وجملاً يستقبلها شخص آخر، فيترجم هذه الألفاظ والجمل إلى معاني ودلالات. وأثناء الحديث قد يستخدم المتحدث مع اللغة إشارات أخرى، يستعين بها في توصيل رسالته، وعلى المستمع في ضوء سياق التخاطب أن يفهم رسالة المتكلم. « ولما كانت القراءة وسيلة من وسائل تنمية الثقافة وزيادة الخبرة فإن الاستماع يعد هو الآخر سبيلا أساسيا في هذا المجال، ولا أدل على ذلك من أن العميان كانوا يكتسبون ثقافتهم عن طريق الاستماع قبل أن تهيئ لهم الوسائل الحديثة سبل القراءة» (السيد، 1980).

ويميز المختصون في عملية الاستماع بين مصطلحين: الأول هو السماع والثاني هو الاستماع، ويقصد بالأول استقبال الفرد لرموز صوتية يركبها في ذهنه بعد ذلك ليجعل منها لفظا ذا معنى، وهو عند فهمه لمعناها يتعرف على دلالات الكلمات والجمل وطريقة تركيبها، هذا النشاط ترجمة لمفهوم الدقة في الاستخدام اللغوي. وهناك نشاط آخر يتعدى به الفرد هذا العمل وهو التعرف على الوظائف المختلفة التي تؤديها الكلمات والجمل، أي ماذا يريد المتحدث توصيله له؟. وأثناء الاستماع يربط المستمع بين ما يقال الآن، وما قيل سابقاً، إنه يضع هذه الجمل في إطار أو سياق معين يجعل لها معنى (شتوي، 2006).

لابد إذن من الالتفات إلى الشق الثاني من هذا النشاط، وهو إدراك العلاقة بين أشكال الحديث، والتعمق في فهم المقصود منها، والتأكد من أن هدف الرسالة قد تحقق. ما من فرد يستمع إلى شيء معين إلا وله هدف من الاستماع سواء أكان الاستماع فردياً؛ أي في موقف خاص لا يتحدث الفرد فيه مع الآخرين، أو كان خلال حديثه مع الآخرين. والبرنامج الجيد يساعد المتعلم على تحديد هدفه من الاستماع وتحقيقه.

يستلزم تعليم الاستماع توفير موقف طبيعي في القسم تُوظَّف فيه مهارتين أو أكثر. وهنا يُطرح سؤال جوهري حول المادة اللغوية المعتمدة في تعليم الاستماع. هل نأتي للمتعلم بنص حواري بكل ما فيه من تجاوزات في الحديث؟ أم نجري على النص بعض التعديلات التي تجعله مناسباً للموقف التعليمي؟ تحكم الحوار متغيرات كثيرة منها نوع الموضوع الذي يدور حوله الحديث، والعلاقة بين أطراف الحديث، والظروف المحيطة بالحديث مثل زمانه ومكانه وغيرها، هـذا من ناحية.  ومن ناحية أخرى فإن الحوار تتخلله أحياناً عبارات غير كاملة، أو فترات توقف، أو أخطاء لغوية، أو إشارات وملامح وإيماءات. وعليه يُعطى المتعلم نصاً معدلاً يمكنه التصرف في المفردات والجمل التي يستخدمها، ويسهل في الوقت نفسه فهم الرسالة بما فيها من تجاوزات.  

التحدث

إذا كان الاستماع وسيلة لتحقيق الفهم، فإن الكلام وسيلة لتحقيق الإفهام، والفهم والإفهام هما هدفا عملية التواصل. يتسع الحديث عن الكلام ليشمل نطق الأصوات والمفردات والحوار والتعبير الشفوي. وتعويد التلميذ على هذه المهارة «يبدأ في وقت مبكر جدا يتم ذلك من خلال برنامج خاص يحس فيه الأطفال بعفويتهم، وينطلقون على سجيتهم. ولما كان للمحادثة هذه الأهمية في الحياة كان لابد من تخصيص الوقت الكافي لها. وتوفير المناخ الملائم لتفتحها ونموها في الجو الطبيعي البعيد عن التصنع والتـــــكـــــلـــــــف» (السيد، 1980).

والكلام نشاط اتصالي يدور بين فردين يتبادلان الأدوار، فالفرد قد يكون متكلماً ثم يصير مستمعاً وهكذا. والمتكلم يستعين لتوصيل رسالته بالوسائل اللغوية والبلاغية من ألفاظ وجمل وتراكيب، فضلاً عن اللغة المصاحبة التي تشتمل على الإيماءات والإشارات واللمحات وغيرها من حركات يستخدمها المتكلم لتوصيل رسالته. «فنقل فكرة إلى سلسلة متتابعة من الأصوات المدمجة في نظام صوتي تتطلب عملا فكريا وجسديا ووعيا وآلة مصوتة. عندما أتكلم أخضع لرغبة، لضرورة، لطلب خارجي، وعندما ألتقط الكلام أفهمه، أي أحوّل العناصر الصوتية إلى معنى، أفك رموزها، أعيد تكوينها. ومن هنا كان ارتباط التعبير بالتواصل، أي بالانفتاح على الأخر، إصغاء وتعبيرا»(سلهب، 2006). ولا شك أن حِرص المتكلم على الدقة اللغوية فقط سوف يكون على حساب قيمة الكفاية الاتصالية؛ أي القدرة على أن يكون طرفاً حقيقياً في عملية الاتصال.

إن التركيز على بنية اللغة دون السياق، يتنافى مع الاتصال الحقيقي الذي يختلف فيه الحوار باختلاف أطراف الحديث. يفترض الاتصال الحقيقي التجانس في النظام التواصلي، حتى يتحقق الفهم ويكتسب المتعلم خبرات ومهارات جديدة تضاف إلى رصيده اللغوي والمعرفي؛ لأن طرح مسألة في الصف طرح لقضية في الحياة، وطرح أسئلة في المدرسة تمهد إلى ابتكار الإجابات في الحياة، من استكشاف معرفة واقتراح حلول واتخاذ مبادرة وتقويم أداء وتبادل أراء عبر الحوار وتبني موقف ورفض آخر، واستنتاج واقتناع ومحاولة إقناع الغير، هذه المهام تنشط العملية التواصلية وتسهم في تكوين الشخصية الفردية.

والتحدث ليس له معنى إلا في إطار التواصل، فالأشخاص الذين يجدون صعوبة في التواصل يجدون صعوبة في التعبير. فالتعّلم الأفضل للتواصل هو التعّلم الأفضل للكلام، لأن الكلام وسيلة للتعبير أمام الآخرين ومع الآخرين، به يحافظ الإنسان على علاقته مع المجتمع، وهذا يعني أن ارتباط التعبير بالتواصل هو الانفتاح على الآخر إصغاء وتعبيرا.

أصبح الكلام في العصر الحديث ضرورة ملحة، فقد مست الحاجة إلى أن يتقن المتعلم مهارة الكلام، وانتقاء الأفكار، والألفاظ التي تحمل تلك الأفكار، وأن يتقن اختيار الأساليب المنطقية والحجج والأدلة العقلية التي تمكنه من إيصال أفكاره إلى الآخرين، وإقناعهم بها. وبناء على ما تقدم فقد حظيت الكلمة المنطوقة باهتمام المعنيين بالتعلم، وحظيت دروس المحادثة والتدريب على التحدث باهتمام كبير في مناهج التعليم. وأعادت التعليمية للغة وظيفتها الأساسية المتمثلة في التواصل. وتم التركيز على المقاربة التواصلية في تعليم وتعلم اللغة، وخاصة التعبير الشفهي الذي كان مهمشا، وإعطاء الاستماع والكلام قدرا أكبر من الاهتمام بوصفهما الأكثر استعمالا في التواصل اللغوي.

القراءة

القراءة نشاط تتصل العين فيه بصفحة مطبوعة، تشتمل على رموز لغوية يهدف الكاتب منها إلى توصيل رسالة للقارئ، والقارئ يفك هذه الرموز، ويحوّل الرسالة من شكل مطبوع إلى خطاب خاص له. والقراءة عملية عقلية يستخدم الإنسان فيها عقله وخبراته السابقة في فهم وإدراك مغزى الرسالة التي تنتقل إليه. «والطريق الطبيعي في تعلم اللغة هو أن القراءة والكتابة لابد أن تسبقهما مرحلة تهيئ واستعداد، والمحادثة هي التي تهيئ للقراءة والكتابة فيما بعد تهيئة صوتية ونفسية» (السيد، 1980).

تهدف القراءة إلى تعليم التلميذ اللغة وإكسابه آليات الفهم والإفهام، وكذلك اكتساب السمة التركيبية التي ينبني عليها النص، لإعداده لمرحلة الإنتاج والابتكار التي يحاول فيها محاكاة النماذج المثالية عبر إعادة تركيب النظم اللغوية. والقراءة «عملية تفسير للرموز اللفظية المكتوبة، وهي نتيجة التفاعل بين الرموز المكتوبة التي تمثل اللغة والمهارات التواصلية والخبرات السابقة للقارئ، وفي القراءة يحاول القارئ أن يعطي معاني جديدة لـكـلـمـات الـكـاتب، وذلك بحسب مستواه اللغوي وخبراته الـحـيـويــــــــــة» (طعيمة، 1998).

القراءة كذلك هي «عملية ذهنية معقدة تفترض تضافر مجموعة من العمليات البصرية وعمليات فكّ الرموز والدخول في المعجم اللغوي، وتفسير الكلمات بالإضافة إلى تحليل العلاقات النحوية والمعنوية التي تقيمها الكلمات بين بعضها البعض والجمل والنص بكليته وصولا إلى الــــــمــــــــعــنى» (شتوي، 2006). إن القراءة أساساً عملية ذهنية تأملية، تُبنى كتنظيم مركب يتكون من أنماط ذات عمليات عليا، إنها نشاط يحتوي كل أنماط التفكير والتقويم، والحكم، والتحليل والتعليل، وحل المشكلات. فمعالجة المقروء تنتهي بتفكيكه وإعادة بنائه لتكوين صورة ذهنية حوله تؤدي إلى حصول فهمه.

والقراءة بوصفها عملية استقبال تنطوي على أربع مراحل أو عمليات هي: اختيار عينات من المادة المقروءة، والتثبت من الرموز المقروءة، والتنبؤ بما يريده الكاتب، وأخيراً اختبار الفروض التي طرحها القارئ. تختص العمليتان الأوليان (اختيار العينة والتثبت) بالجانب الفسيولوجي في القراءة؛ أي اتصال العين بالرموز المطبوعة، ومحاولة فكها، فهي تعطي إشارة للمخ لكي يفسر هذه الرموز (Cuq, 2007). بينما تختص العمليتان الأخريان (التنبؤ والاختبار) بالجانب الفعلي. فالقراءة عملية فردية تخص القارئ وحده، وتنقل إليه معلومات معينة، ودلالات خاصة قد لا يشاركه فيها غيره، فقد نقرأ جميعاً نصاً معيناً، لكن لا نصل إلى نفس الفهم والمعنى، لذا يميز الخبراء بين قراءة النص المطبوع، وبين قراءة الخطاب. ويقترحون مدخلين لتعليم القراءة؛ الأول يقتصر العمل فيه على مساعدة المتعلم على فك الرموز وفهمها. أما الثاني فيعطى المتعلم نصاً تتبعه أسئلة تقيس مدى فهمه للنص.

وتعليمية القراءة تهتم بتحديد الهدف من القراءة، وبالتفكير في أشكال الأداء الأخرى التي يرجى من المتعلم أن يقوم بها سواء أكانت تحديد مكان على خريطة أو اتخاذ قرار، أو قراءة شيء آخر أو إجراء حوار أو غير ذلك من أداءات. هذه العملية يطلق عليها تحويل الرموز، وهي عملية تربط بين اللغة المطبوعة وبين أشكال الاتصال الأخرى. يضاف إليها مساعدة المتعلم على الإدراك العميق لما ورد في هذا النص، وتدريبه على استخدام القرائن المختلفة في سبيل استيعابه، من هذه القرائن شكل الرموز نفسها، ومعناها القاموسي ودلالاتها الثقافية، وطريقة بناء الجمل والتراكيب، هذه الإشارات أو القرائن تساعد في فهم النص، ويطلب من المتعلم اكتسابها حتى يستقل بنفسه في تحصيل المعرفة والتواصل مع غيره.

الكتابة

الكتابة كالقراءة نشاط اتصالي ينتمي للمهارات المكتوبة، وهي مع التحدث نشاط اتصالي ينتمي إلى المهارات الإنتاجية. «والكتابة وسيلة من وسائل التواصل الإنساني التي يتم بها الوقوف على أفكار الآخرين، بالإضافة إلى ذلك تعتبر الكتابة المفتاح الضروري للتـواصل الـلغـوي والـتـفــاعـــــــل الاجتماعــــــي» (غناج، 2006). يقوم المتعلم في حصة الكتابة بتحويل الرموز من خطاب شفوي إلى نص مطبوع؛ إنها تركيب للرموز بهدف توصيل رسالة إلى قارئ يبعد عن الكاتب مكاناً وزماناً.

وإذا كان الهدف العام للكتابة «هو المقدرة على التعبير المكتوب في جمل وفقرات حول موضوعات يختلف مستواها باختلاف المراحل»(خرما، 1988)، فإن تنميتها يكون من خلال التدريب الواعي وغير الواعي الذي يقود في النهاية إلى الاكتساب الآلي لهذه المهارة التي تتطلب عمليا مجموعة من المهارات المعقدة لإتقانها هي التدريب والتوجيه والممارسة والخبرة والعرض. يقوم تعليم هذه المهارة على وضع خطة تعليمية محددة الأهداف، تبنى فيها الأنشطة بالعناية بالحاجيات التعليمية، وتراعى فيها استعدادات التلاميذ الجسمية والعقلية، حتى تنمي فيهم روح المبادرة والنقد والإحساس بالحاجة إلى أهميتها في الحاضر والمستقبل «فالقدرة على الكتابة المتقنة ليست مهارة مكتسبة فحسب، بل إنها من أعقد الأنشطة العقلية الإنسانية، وأنها شكل من أشكال حلّ المشكلات لأنها تتطلب من المتعلم مجموعة أفكار منتظمة ومختارة لعدد من المفاهيم والعلاقات جامعا إياها من كم هائل من المعلومات وعاملا على جعلها مناسبة لمعـــــــــــرفة شخص آخر هو القارئ مع التقيد بالأصول التواصلية»(غناج، 2006). يمتد هدف هذا النشاط من تخطي فهم المكتوب إلى إنتاج نصوص متكاملة يوظف فيها المتعلم مكتسباته في القواعد التواصلية للتعبير السليم أثناء إنتاج النصوص، هذه النصوص وسيلة ملموسة وواقعية يمكن تقويمها لمعرفة مستوى التلميذ ومكتسباته التواصلية.

يعتمد تقويم النصوص على معيارين: الأول التماسك اللغوي ويقصد به مدى ترابط الجمل لتكون بنية لغوية صحيحة ولتشكل وحدات لغوية (أو نحوية). والثاني الانسجام ويقصد به طريقة تنظيم هذه الجمل لتشكل وحدات ذات معنى؛ أي أن القدرة على إيصال المعنى وتحقيق هدف معين هي الأساس في توجيه النشاط الكتابي. في ضوء هذا النشاط يتبادل المتعلمون الأدوار، فالمتعلم مرة كاتب يرسل رسالة ومرة أخرى قارئ يستقبلها. وقد يكون الكاتب قارئا أيضاً، إذ يعود لقراءة ما كتب إكمالاً لعبارة أو فكرة أو تصحيحاً لمفهوم. تقسم كتابات المتعلمين إلى ثــــــــــلاثة أنـــــــــــــــواع رئيسة هـــــــــــــــــــــــــي (بدوي، 1992):

-الكتابة التعبيرية:وفيها يعبر الفرد عن أفكاره الذاتية الأصلية، يبنيها وينسقها وينظمها في موضوع معين بطريقة تسمح للقارئ أن يمر بالخبرة نفسها التي مر بها الكاتب.

-الكتابة المعرفية: وفيها يستهدف الفرد نقل المعلومات والمعارف وإخبار القارئ بشيء يعتقد الكاتب أنه من الضروري إخباره به. تستلزم الكتابة المعرفية تفكيراً تحليلياً وقدرة على إكساب معنى لأشياء لا معنى لها في حد ذاتها. والمطلوب من كاتب المقال المعرفي أن يعرف قارئه جيداً، وأن يدرك حاجاته ورغباته. تفقد الكتابة المعرفية أهميتها ومغزاها إذا لم تتضمن معلومات وحقائق وأخباراً.

-الكتابة الإقناعية:يستعمل الكاتب فيها العديد من الطرق لإقناع القارئ بوجهة نظره، مثل المحاججة وإثارة العواطف ونقل المعلومات. وقد يلجأ الكاتب إلى المنطق والعاطفة أو الأخلاق، وربما إلى الدين لإقناع القارئ بآرائه.

يؤكد المنظرون للمدخل التواصلي أن كل المهارات اللغوية متكاملة ومتلازمة لوجود علاقة تداخل وتفاعل بينها، فلا تقوم الواحدة منها دون الأخرى، فلا استماع من دون كلام وقراءة، ولا قراءة من دون كتابة ولا مرسل من دون كلام أو كتابة، ولا متلق من دون استماع أو قراءة. كما يقتضي المدخل التواصلي وضع اللغة وأنشطتها موضع الممارسة العملية، فإذا اكتفينا في تعليم اللغة بجانب السلامة اللغوية، أي بجعل المتعلم قادرا على تطبيق القواعد  النحوية وحدها دون مراعاة ما تستلزمه عملية التخاطب، كان تعليمنا ناقصا  -وهو حاصل الآن في أغلب البلدان العربية- وتجاهلنا بذلك أن الملكة اللغوية بكاملها وفي جملتها هي مهارة التصرف في بنى اللغة بما يقتضيه حال الخطاب؛ أي القدرة على التواصل الفعال بما تواضع عليه أهل اللغة، أو  هو القدرة على الاتصال والتواصل اللغوي في جميع الأحوال بما يقتضيه الوضع اللغوي وهذه الأحوال معا من لـــــــفـظ سليم ومناسب (الحاج صالح، 2000) . وعلى هذا الأساس يجتهد المعلم لإتاحة الفرصة للمتعلمين لممارسة اللغة بكل أشكالها، والبحث عن مواقف يستعمل فيها المتعلمون اللغة في القسم تكون مشابهة لتلك المواقف التي تواجههم في حياتهم اليومية.

تكامل المهارات اللغوية

ينظر المشتغلون بتعليمية اللغات إلى المهارات اللغوية نظرة تكاملية، ويؤكدون على أن تكامل الإنتاج والتلقي يعمل على وحدة اللغة. فثمة علاقات متميزة تأثيرية وتأثرية بين المهارات اللغوية، مثل العلاقة بين القراءة والكتابة ثم بين التحدث والاستماع. والعلاقات بين مهارات اللغة كثيرة ومتنوعة «وهي في معظمها تعود إلى أن الفنون تتشكل أساسا من اللغة المشتركة، سواء ظهرت في شكل استقبال كالاستماع والقراءة أم شكل إرسال كالكلام والكتابة. كما تعود هذه الصلات أيضا إلى أن الخبرة والتجربة التي تؤثر في فن منها تؤثر بالتالي في الفنون الأخرى»(يونس، 1987). ويكون منهاج اللغة العربية أكثر فعالية إذا تناول مهارات اللغة كلها على أنها وسيلة لغاية مهمة هي التواصل والتبليغ. أما تعليم كل مهارة على حدة لا مسوغ له عمليا ولا واقعيا. لذا ينظر المنهاج نظرة متوازنة إلى كل المهارات اللغوية، بحيث لا يسمح لمهارة أن تنمو على حساب المهارات الأخرى، ويوجه عنايته إلى هذه المهارات كلها بشكل متكامل وبالتساوي.

تستلزم هذه العملية تخطيطا جيدا لدروس اللغة العربية، حتى تصبح المادة اللغوية كلا متكاملا يخدم بعضه بعضا. ولأن المهارات اللغوية تتكامل وتتداخل مع بعضها البعض في استخدام اللغة استخداما طبيعيا «ومن ثم يتعين أن تنطوي كل مهمة من مهمات تعليم اللغة في قاعة الدرس على أكثر من مهارة واحدة. فالمواقف اللغوية التي نستخدمها تصبح فيها مختلف المهارات كالنسيج الواحد المتداخل الخيوط» (شعبان، 1965). فالاستخدام الهادف لهذه المهارات يزود المتعلم بمخرجات فعالة في التعليم اللغوي. وتداخل الجوانب المختلفة لمهارات اللغة تداخلا ارتباطيا أمر أساسي في كل المستويات العمرية لتخطيط برنامج متوازن يستند إلى العلاقة العضوية بين عمليتي الإرسال والاستقبال أو الإنتاج والتلقي.

وعليه يوظف المتعلم ما اكتسبه خلال دروس القراءة من ألفاظ وتراكيب وفكر وأخيلة وصور وقيم واتجاهات في مواقف التعبير. ويفيد من القواعد النحوية في صحة كتابته وقراءته ودقة فهمه واستنتاجاته. فالتكامل يساعد على تنمية سلوك التلميذ نموا متوازيا من جوانبه المختلفة، الفكرية والوجدانية المتعلقة بالقيم والاتجاهات، والجوانب الأدائية المتعلقة بالاستخدام في مواقف الحياة، بطريقة متكاملة لا ينفصل أحدها عن الآخر.

وتكامل المهارات اللغوية في المدخل الاتصالي لا يعني مجرد ضمِّ مهارة إلى أخرى، إنما هو شيء أبعد من ذلك، إذ يدخل هذا في صميم الموقف التواصلي نفسه، فالموقف التواصلي غالباً يحتاج إلى توظيف مهارتين أو أكثر. وهكذا نجد المزج بين المهارات اللغوية يتعدى ضم المهارات بعضها إلى البعض. إن التكامل الحقيقي بين المهارات يعني الالتحام والتضام بين هذه المهارات بطريقة تؤدي إلى إنجاز المهمة الاتصالية المطلوبة، بأسلوب يجعلها تبدو من خلال الممارسة والسياق على أنها تستخدم بشكل طبيعي، لتحقيق أهداف ذات معنى في حياة الفرد. لذا ينظر منهاج اللغة إلى المهارات اللغوية الأربعة نظرة متوازنة، ولا يسمح لمهارة أن تنمو على حساب مهارة أخرى. بل يوجه عنايته إلى هذه المهارات جميعها بشكل متكامل ومتآزر. فالتكامل يساعد على نمو سلوك التلميذ نموا متوازيا من جوانبه المختلفة الفكرية والوجدانية والأدائية. 

إن اعتماد الطريقة التواصلية على مبدإ التكامل بين المهارات اللغوية، يجعل اللغة وحدة واحدة يتدرب المتعلم من خلالها على الاستماع والقراءة والتعبير والكتابة. تنطلق من نصوص القراءة لتعليم الأحكام والقاعدة اللغوية واستعمالــــــــها،» والانتقال من دراسة اللغة في نظامها الافتراضي إلى دراستها في تجليها الطبيعي، حيث يستعملها الناس إنتاجا وتلقيا في موقف ما من أجل التواصل والتفاعل»(حسين، 2003). فاللغة نظام، يتكون من عدة مستويات، تتماسك عضويا لتشكل نصا. أما الفصل بين هذه المستويات أثناء تعليمها، فهو من باب التنظيم المنهجي لعملية التعلم. وظهور هذه الطريقة كان نتيجة انفتاح تعلم اللغات على نظريات ومقاربات لسانية، نتج عنها تقليص المسافة المعرفية بين القراءة المنهجية والدرس اللغوي تجسيدا لمبدإ وحدة وتكامل مواد اللغة العربية. إلى جانب الانتقال من دراسة المواد اللغوية إلى الظواهر اللغوية، فلم تعد المواد اللغوية أبوابا في البلاعة والعروض مفصولة، وإنما أصبحت ظواهر لغوية.

خاتمة

يقوم تعليم اللغة على أسس نفسية وتربوية ولغوية؛ تتعلق الأسس النفسية باعتبار العقل وحدة متكاملة وليس مكونا من ملكات متعددة. أما الأسس التربوية فتقوم على أن العملية التعليمية وحدة متكاملة، تُتَممَ المواد الدراسية بعضها بعضا، وتتفاعل فيما بينها لتحقيق هدف واحد هو أن يبلغ المتعلم مستوى مطلوبا من النمو اللغوي. أما الأساس اللغوي فيستند إلى أن استعمال اللغة في التعبير يصدر من الكلام أو الكتابة، أو كليهما معا.

إن تكامل المهارات اللغوية يعني تقديم مواقف تعليمية طبيعية يمكن أن تتطور فيها أنظمة اللغة الفرعية، النظام الصوتي والتركيبي والدلالي لأغراض تواصلية. وفي ذلك يمكن النظر إلى مفهوم التكامل بطرق مختلفة. فهو يعني أن كل مهارة تواصلية تعلم في إطار المهارات الأخرى. فالكتابة يمكن أن تعلم عن طريق الاهتمام بالقراءة. ويعني التكامل كذلك أن كل فرع من فروع اللغة يشكل وحدة متماسكة لا مجموعة من مكونات صغيرة ومفتتة. والتكامل بالضرورة يؤدي إلى تطور اللغة ونموها من خلال تعلم موضوعات مختلفة.

وإذا كان الهدف من تعلم اللغة العربية هو إكساب المتعلم القدرة على التواصل اللغوي السليم شفويا وكتابيا، فإن كل محاولة لتعليم اللغة العربية يجب أن تؤدي إلى تحقيق هذا الهدف، بالعمل على تحقيق التكامل بين المهارات اللغوية، بدلا من الفصل والتجزيء الحاصل نتيجة تعليمها فروعا في مواقف مصطنعة لا يجمع شتاتها جامع.

المدخل التواصلي يعني تعليم وتعلم اللغة تفاعليا وتحاوريا، فتعليم اللغة معناه تزويد المتعلم بالفرص التي يستطيع من خلالها استخدام اللغة لأغراض تواصلية، أما تعلم اللغة فيكون بالتواصل الفعلي.

تؤكد المقاربة التواصلية على أن الهدف من تعليم اللغة وتعلمها هو تطوير الكفاية التواصلية، ولا يقتصر مفهوم الكفاية التواصلية على معرفة النسق اللغوي وإنما يتجاوز ذلك إلى معرفة قواعد استعمال اللغة في السياق الاجتماعي.

في ضوء المدخل التواصلي تعد المهارات اللغوية إطارا تربويا هاما بفعله يتحقق إدماج المعارف اللغوية المكتسبة، ومن ثم فهو يتطلب مهارات وقدرات وتقنيات منظمة لا تكتسب إلا بالممارسة المستمرة والتدريب الطويل في إطار حصص مستقلة واضحة المعالم والأهداف.



[1]الانغماس اللغوي: هو وضع المتعلم في محيط لغوي يشبه- قدر الإمكان- المحيط الطبيعي للغة المتعلمة. والمنهج الذي يلبي هذا المطلب هو المنهج التواصلي في التعليم حيث يعمد إلى دفع المتعلم إلى التواصل باللغة في مقامات مختلفة رغم معرفته البسيطة بالمفردات المعجمية ومعرفته الضئيلة بالقواعد النحوية


 

المراجع

-الكتب

أحمد حساني. (2000). دراسات في اللسانيات التطبيقية – حقل تعليمية اللغات. الجزائر: ديوان المطبوعات الجامعية.

أحمد وطاس. (1988). أهمية الوسائل التعليمية في عملية التعلم عامة وفي تعليم اللغة العربية للأجانب خاصة. الجزائر: المؤسسة الوطنية للكتاب.

السعيد محمد بدوي. (1992). مقتضيات الكفاءة في تعلم اللغة العربية كلغة إضافية، في تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها قضايا وتجارب. تونس: المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم.

امحمد اسماعيلي علوي. (2013). التّواصل الإنساني: دراسة لسانية. عمان، الأردن: دار كنوز المعرفة.

جورج سلهب. (2006). تقنيات التواصل الشفوي من الطرائق الناشطة إلى الكفاية الاندماجية، في تعلّمية اللغة. بيروت: دار النهضة العربية.

حاتم عبيد. (2013). في تحليل الخطاب. الأردن: دار ورد الأردنية للنشر والتوزيع.

رشدى أحمد طعيمة. (1998). الأسس العامة لمناهج تعليم اللغة العربية. القاهرة: دار الفكر العربي.

روزي غناج. (2006). التدعيم: استراتيجية في تعليم الكتابة لمتعلمات ومتعلمي الحلق الأساسية الثانية، في تعلّمية اللغة العربية . بيروت: دار النهضة العربية.

عبد الرحمن الحاج صالح. (2000). بحوث ودراسات في اللسانيات العربية. الجزائر: موفم للشر.

عز الدين البوشيخي. (2012). التواصل اللغوي مقاربة لسانية وظيفية. بيروت: مكتبة لبنان.

علي علي أحمد شعبان. (1965). قراءات في علم اللغة التطبيقي. الرياض: الإدارة العامة للثقافة والنشر والتوزيع.

فتحي علي يونس. (1987). ، تعليم اللغة العربية أسسه وإجراءاته. مصر: شركة عامر للطباعة.

لودو فيرهوفن. (2009). السوسيو لسانيات والتربية، تر: خالد الأشهب، في دليل السوسيو لسانيات. لبنان: مركز دراسات الوحدة العربية، المنظمة العربية للترجمة.

ماغي الخوري شتوي. (2006). تعلمية القراءة العربية: استراتيجيات فهم النصوص، في تعلّمية اللغة العربية. بيروت: دار النهضة العربية.

محمود أحمد السيد. (1980). الموجز في طرق تدريس اللغة العربية. بيروت: دار العودة.

محمود أحمد السيد. (2005). في الأداء اللغوي. دمشق: منشورات وزارة الثقافة.

محمود رشدى. (1979). طرق تدريس اللغة العربية والتربية الدينية في ضوء الاتجاهات التربوية الحديثة. القاهرة: مطابع سجل العرب.

ميشل ماكارتي. (2005). قضايا في علم اللغة التطبيقي، تر: عبد الجواد توفيق محمود . مصر: المجلس الأعلى للثقافة.

نايف خرما وعلي حجاج. (1988). اللغات الأجنبية تعليمها وتعلمها. الكويت: المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، سلسلة عالم المعرفة.

هويدا محمد الحسيني. (1991). دراسة تقويمية لكتب تعليم اللغة العربية كلغة أجنبية في ضوء مفاهيم المدخل الاتصالي. مصر: منشورات جامعة المنصورة.

-المجلات العلمية

جميل عبد المجيد حسين. (2003). علم النص أسسه المعرفية وتجلياته النقدية. مجلة عالم الفكر. ع 2. م 141.

رضا الكشو. (2016). من إشكالات القدرة التواصلية. مجلة اللسانيات العربية. مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز الدولي لخدمة اللغة العربية. ع3 .

طارق بوعتور. (2018). مقاييس تقويم مهارتي الشفوي في المستوى الأوسط لمتعلمي العربية للناطقين بغيرها وفق الإطار المرجعي الأوروبي المشترك للغات. المنتدى العربي التركي.

محمد حمادي. (2019). الإطار الأوروبي المشترك لتدريس اللغات مقاربة إدماجية نحو تحديث مناهج تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها. المنتدى العربي التركي.

-المراجع الأجنبية

cuq, J. P. (paris). Dictionnaire de didactique du Français langue étrangére et seconde. 2003: CLE internationnal.

Dubois, J et autres (2007). Grand dictionnaire linguistique et sciences du language. paris: édition Larousse.

Moirand, S. (1982). Enseigner à communiquer en langues étrangères. paris: édition Hachette.

@pour_citer_ce_document

ربيع كيفوش, «تعليم المهارات اللغوية تواصليا»

[En ligne] ,[#G_TITLE:#langue] ,[#G_TITLE:#langue]
Papier : ص ص 196-208,
Date Publication Sur Papier : 2022-12-06,
Date Pulication Electronique : 2022-12-06,
mis a jour le : 06/12/2022,
URL : https://revues.univ-setif2.dz:443/revue/index.php?id=9086.