أثر الانتباه على مهارات التواصل غير اللفظي لدى الطفل التوحديThe impact of attention on nonverbal communication skills of autistic children L’impact du déficit de l’attention sur les compétences de la communication non verbale chez l’enfant autiste
Plan du site au format XML


Archive: revues des lettres et sciences sociales


N°01 Avril 2004


N°02 Mai 2005


N°03 Novembre 2005


N°04 Juin 2006


N°05 Juin 2007


N°06 Janvier 2008


N°07 Juin 2008


N°08 Mai 2009


N°09 Octobre 2009


N°10 Décembre 2009


N°11 Juin 2010


N°12 Juillet 2010


N°13 Janvier 2011


N°14 Juin 2011


N°15 Juillet 2012


N°16 Décembre 2012


N°17 Septembre 2013


Revue des Lettres et Sciences Sociales


N°18 Juin 2014


N°19 Décembre 2014


N°20 Juin 2015


N°21 Décembre 2015


N°22 Juin 2016


N° 23 Décembre 2016


N° 24 Juin 2017


N° 25 Décembre 2017


N°26 Vol 15- 2018


N°27 Vol 15- 2018


N°28 Vol 15- 2018


N°01 Vol 16- 2019


N°02 Vol 16- 2019


N°03 Vol 16- 2019


N°04 Vol 16- 2019


N°01 VOL 17-2020


N:02 vol 17-2020


N:03 vol 17-2020


N°01 vol 18-2021


N°02 vol 18-2021


N°01 vol 19-2022


N°02 vol 19-2022


N°01 vol 20-2023


N°02 vol 20-2023


N°01 vol 21-2024


A propos

avancée

Archive PDF

N°02 vol 19-2022

أثر الانتباه على مهارات التواصل غير اللفظي لدى الطفل التوحدي
L’impact du déficit de l’attention sur les compétences de la communication non verbale chez l’enfant autiste
The impact of attention on nonverbal communication skills of autistic children
ص ص 249-260

مبروك شيخي / محمد الطاهر بوطغان
  • resume:Ar
  • resume
  • Abstract
  • Auteurs
  • TEXTE INTEGRAL
  • Bibliographie

هدفت هذه الدراسة إلى معرفة أثر ضعف الانتباه على مهارات التواصل غير اللفظي لدى الطفل التوحدي، وأجريت الدراسة على مجموعة مكونة من (04) حالات مصابة باضطراب التوحد درجة متوسطة، ولا تعاني من أي إعاقات مصاحبة، تراوحت أعمارهم ما بين (5) و(6)سنوات، وقصد تحقيق أهداف اعتمدنا المنهج الوصفي أسلوب دراسة حالة، وبعد تطبيق إجراءات وأدوات الدراسة المتمثلة في مقياس تقدير صعوبات الانتباه لدى الطفل التوحدي للباحثين شيخي، قانة (2017)؛ ومقياس التواصل غير اللفظي للباحثة لينا صديق (2005)، تمّ التوصل إلى النتائج التالية: هناك قصور واضح في الانتباه لدى أفراد مجموعة الدراسة فهم لا يستطيعون تركيز انتباههم على شيء محدّد ضمن أشياء متعدّدة، لديهم مشاكل على مستوى التواصل غير اللفظي، خاصة على مستوى الانتباه المشترك، ضعف الانتباه يؤثّر على الأداء التواصلي لدى الطفل التوحدي. وانطلاقا من نتائج الدراسة تم تقديم بعض التوصيات والاقتراحات للأخصائيين والباحثين المهتمين باضطراب التوحد أهمها: ضرورة التركيز على تنمية القدرات المعرفية لتطوير الجانب اللغوي الاتصالي لدى الطفل المتوحد .

معلومات حول المقال

تاريخ الاستلام 2019.10.29

تاريخ القبول 12-10-2021

الكلمات المفتاحية

الطفل التوحدي

ضعف الانتباه

التواصل غير اللفظي

Cette étude visait à connaitre l’impact du déficit de l’attention sur les compétences de la communication non verbale chez l’enfant autiste. L’étude a été menée sur un groupe de (04) personnes atteints d’autisme, ce dernier ne présente aucun handicap associé où le dégrée d’autisme et moyenne, leurs âges varie entre (5) et (6) ans. Pour atteindre l’objectif nous adoptons la méthode descriptive’ étude de cas ‘, après l’application des procédures et les outils de l’étude, nous avons appliqué le test d’évaluation des difficultés de l’attention chez l’enfant autiste par les chrcheurs Chikhi et Gana, (2017) et le test de la communication non verbale Seddik, (2005). Nous sommes arrivés à des conclusions suivants : Les membres du groupe ont un déficit de l’attention ils ne peuvent pas à se concentrer sur quelque chose de spécifique dans plusieurs choses. Ils présentent notamment des problèmes de communication non verbale surtout au niveau d’attention partagée, Ce déficit de l’attention affecte la performance communicationnelle chez l’enfant autiste. À partir des résultats d’étude quelques recommandations qui ont été présentées par des spécialistes et des chercheurs intéressés aux troubles d’autisme. Ils doivent se concentrer sur le renforcement des capacités cognitives de l’enfant autiste afin de développer l’aspect langagier et communicationnel de celui-ci. 

      Mots clés

Enfants autistes

 déficit de l’attention

 communication non verbale

 

This study aims to know the impact of attention deficit on the non-verbal communication of the autistic child. The study was conducted on a group of (04) cases with medium degree of autism disorder and without any accompanying disabilities. Their ages ranged between (5) to (6) years old. The research adopted the descriptive method ‘case study’. After the application of the procedures and the material of the study represented in the estimating difficulties in the autistic child developed by Chikhi & Gana (2017) and Seddik (2005), the study concludes that there is a clear lack of attention among the members of the study group, as they cannot focus their attention on a specific thing among several things. They have problems in nonverbal communication, especially at the level of joint attention. In addition, the attention deficit affects the communicative performance of the autistic child. Based on these results, some recommendations were suggested to specialists and researchers interested in autism, the most important of which is  to focus on the development of cognitive abilities in order to enhance the communicative linguistic aspect of the autistic child.

Keywords

Autistic child

 attention deficit

 nonverbal communication

 

 

 

 

Quelques mots à propos de :  مبروك شيخي

د. مبروك شيخي[1] Dr. Mabrouk Chikhi جامعة لونيسي علي البليدة2، الجزائرm.chikhiphoni@yahoo.com
[1] المؤلف المراسل 

Quelques mots à propos de :  محمد الطاهر بوطغان

أ.د. محمد الطاهر بوطغانPr. Mohamed Taher Boutghaneجامعة لونيسي علي البليدة2، الجزائرboutghanem@yahoo.fr

مقدمة

يُعدّ التوحّد من أصعب الاضطرابات التي تصيب الطفل في المراحل الأولى والتي تؤثّر بشكل كبير على قدراته التطورية، ونظرا لغموض هذا الاضطراب تعدّدت التعريفات المرتبطة به، واختلفت من مرحلة إلى أخرى واقترنت بتطور البحث في مجال علم النفس. وتعود أصل التسميـة في اللغات الأجنبيـة(Autisme) إلى اللغة اليونانية، وهي مفردة مشتقة من كلمة (Autos) وتعني الذات.

أما في اللغة العربية فقد تمّت ترجمة المفردة إلى الذاتوية وهي اسم غير متداول، ثم ظهر مصطلح التوحّد ليدلّ عن الحالة المرضية التي تصيب الأطفال والتي تتمثل في الانعزال وغياب التواصل والتفاعل مع محيطهم، ولكن هذا يختلف باختلاف حدة الاضطراب. أما من الناحية الاصطلاحية فقد تعدّدت تعريفات التوحّد، إذ عرفته الجمعية البريطانية لأطفال التوحّد (NSAC)(National Society for Autistic Children). بأنه إعاقة تؤثر على طريقة اتصال الطفل مع الآخرين، ويتميّز المصابون به باضطراب في مجال التفاعل الاجتماعي، واضطراب في مجال الاتصال الاجتماعي، واضطراب في مجال التخيل، وسلوكات تكرارية نمطي (الإمام، الجوادة، 2010).          

أما الجمعية الأمريكية للتوحّد (ASA.Autism Society of American) فقد عرفت اضطراب التوحد على أنه إعاقة نمائية شديدة تستمر طوال الحياة، وتظهر عادة خلال الأعوام الثلاثة الأولى من العمر، ويؤثّر على النمو السوي للدماغ في المجالات التالية: التفاعل الاجتماعي والاتصال اللفظي وغير اللفظي، التطور الحسّي

بصفة عامة يمكن القول بأنّ التوحّد هو اضطراب عصبي بيولوجي يؤثر على التفاعل الاجتماعي والتواصل وعلى سلوك الطفل وقابليته للتعلّم والتدرّب، يأخذ عدّة مظاهر تأخر وفقدان النمو اللغوي كنوبات الغضب والبكاء، الضحك بلا سبب، عدم إدراك الخطر، اللعب بطريقة شاذة مع صعوبات العناية بالذات (الأكل والشرب، ارتداء الملابس النظافة الشخصية...) (بيومي، 2008).

 الإشكالية

اضطراب التوحّد من أكثر المواضيع التي لاقت اهتماماً لافتاً في الآونة الأخيرة حتى أصبح يسمى بمرض العصر، (الإمام، الجوالدة، 2010)، وقد وصف ليو كانر،1943(Leo kanner)، الطفل التوحدي في كتابه اضطراب التواصل لدى التوحديين، بقوله: ‘‘إنّ أكثر الأمور إثارةً هي انعزاله وانفصاله عن الآخرين، يمشي وكأنه في الظل، يعيش عالمه الخاص’’ (لورا، 2010).

وتعدّ مهارات التواصل غير اللفظي بين أهمّ الخصائص التواصلية التي تمثل عرضاً واضحاً في الطفل التوحدي، وهي ما تعرف بمهارات التواصل الاجتماعي، كالانتباه المشترك، التواصل البصري، التقليد، الاستماع والفهم، الإشارة إلى ما هو مرغوب فيه، وفهم تعبيرات الوجه، وتمييز نبرات الصوت الدالة عليها، والتي لها أثر مباشر على علاقته وتفاعله مع الآخرين، نتيجة عدم قدرته على تفسير هذه المهارات (بن صديق، 2007).

ومع تزايد الأبحاث في مجال اللغة والتواصل بصفة عامة وعند المصابين باضطراب التوحّد بصفة خاصة، اتّضح أنّه من الضروري لتفسير الاختلالات التي يعانيها الطفل التوحدي في مجال اللغة والتواصل والتفاعلات الاجتماعية لابدّ من ربطها بالقدرات المعرفية والتوظيف المعرفي لديه. كون أنّ النشاطات اللغوية التي يقوم بها الطفل فهماً وإنتاجاً هي نشاطات واعية ومفكر فيها، وبواسطة كفاءات معرفية، وقدرات ذهنية يمتلكها الطفل من بينها الانتباه. (علوي، ب ت).

بينت الأبحاث أنّ الأطفال التوحديين يعانون من اضطراب في النمو العقلي، كما يعاني البعض منهم من  ضعف في الإدراك والانتباه والوظائف العصبية(شاكر مجيد، 2010)، ويتجلى هذا الضعف في الانتباه إلى الأشياء التي يتنبه لها الآخرون، علاوةً على أنّ لديهم تمييـزا ضعيفا يجعلهم غيـر قادرين على استخلاص المفاهيم من اللغة المسموعة وغيـر المسموعة، الأمر الذي يؤثر على قدرتهم في الفهم والتعرف بصفة خاصة والاتصال اللغوي بصفة عامة لذلك فإنّ أي اختلال على مستوى هذه الوظائف يؤدّي إلى اضطراب في تنظيم وتخطيط الاستجابات السلوكية(اللالا، وآخرون، 2011)، مما ينتج عنه أثر بليغ يَحُدّ من قدرة المصابين بالتوحد على التواصل كسلوك إنساني .

ففي دراسة تحت عنوان: «القدرات التواصلية في التوحد: دليل على عجز الانتباه» لكلّ من بارا وبوتشيرالي وكول (Bara, & al, 2001) ، يرون بأنّ ضعف الانتباه يؤثّر على الأداء التواصلي لدى الطفل التوحدي حيث يعدّ اضطراب الانتباه من أهم الخصائص التي تميز الأطفال التوحديين حيث اُعتبر من الأعراض الجوهرية لاضطراب التوحد، فالطفل التوحدي يفشل في الانتباه وتركيزه لفترة قصيرة، كما أنه لا  يلتفت إلى من ينادي عليه، ولا ينظر إلى من يتحدّث معه، كما يعاني من مشاكل في نقل الانتباه بين مختلف المثيرات، وكذلك في انتقاء المثير بين عدّة مثيرات. وهذا يتفق مع عدّة أبحاث منها (Ciesiclski et al, 1990: Carthur&Adamson, 1996: Casey et al, 1993: chawarska et al, 2003: Swetrenbani et al, 1998). (نقلا عن، مشيرة فتحي، 2014)

بناء على ما سبق يتضح بأنّ المقاربة المعرفية في التوحد أصبحت ضرورية لفهم طبيعة اضطرابات اللغة            والتواصل لديه، خصوصا ما يتعلق بالانتباه، فالمشاكل التي يعاينها المصابون باضطراب التوحد في الانتباه تجعلهم شبه عاجزين عن التواصل، من هنا أتت إشكالية هذه الدراسة التي تسعى إلى معرفة أثر ضعف الانتباه على مهارات التواصل غير اللفظي لدى الطفل التوحدي. وعلى هذا الأساس يمكننا أن نطرح التساؤل التالي:

هل يؤثر ضعف الانتباه على مهارات التواصل غير اللفظي لدى الطفل التوحدي؟

الفرضية

يؤثّر ضعف الانتباه على مهارات التواصل غير اللفظي لدى الطفل التوحدي.

أهداف الدراسة

-إبراز أثر ضعف الانتباه على مهارات التواصل غير اللفظي لدى الطفل التوحدي.

-إثبات أهمية المقاربة المعرفية في التوحد خاصة فيما يتعلق بفهم طبيعة اضطرابات اللغة والتواصل لديه.

- إثراء البحوث في ميدان التوحد والاضطرابات النمائية.

أهمية الدراسة

 تبرز أهمية هذه الدراسة في أنها تهدف إلى:

التعرف على مستوى الانتباه والتواصل غير اللفظي لدى الطفل التوحدي.

البحث في الانتباه كوظيفة معرفية أساسية يقوم عليها نمو الاتصال اللفظي وغير اللفظي.

أنها تتناول بالدراسة أحد أشدّ وأعقد الاضطرابات التي تعوق النمو الطبيعي لدى الطفل التوحدي. 

حدود الدراسة

وتنقسم حدود هذه الدراسة إلى:

الحدود المكانية

أجريت الدراسة بمقر جمعية الوفاء للإدماج المدرسي والمهني لأطفال التريزوميا والتوحّد الكائن بولاية تيارت. والتي فتحت أبوابها في شهر سبتمبر 2016، بطاقة استيعاب 100 طفل يخضعون لبرنامج مكثّف من طرف مختصين من مختلف التخصصات.

الحدود الزمانية

أجريت الدراسة في شهر ماي 2018، تمّ خلاله اختيار العينة وتطبيق أدوات الدراسة.

الدراسات السابقة

سنقتصر على ذكر بعض الدراسات السابقة، والمتعلقة بموضوع الدراسة، بالطبع هناك العديد من الدراسات السابقة في مجال اضطرابات طيف التوحد، إلا أنّنا حاولنا أن نجمل فقط بعض الدراسات التي يمكن أن تفيدنا في طرح ومعالجة موضوع دراستنا هذه، وإلا فالدراسات التي أجريت حول التوحد، التشخيص، والبرامج العلاجية والتربوية هناك الكثير منها، سواءً عربية كانت أم أجنبية.

دراسة جولدشتن(2001 ,Goldstein) بعنوان «عمليات الانتباه لدى التوحّد» (Attention Processes In Autism)، والتي هدفت إلى دراسة العمليات الانتباهية لدى المصابين بالتوحّد، واشتملت عينة الدراسة على مجموعتين مجموعة تجريبية تكونت من (103) أفراد مصابين بالتوحد أطفال        وراشدين، ومجموعة ضابطة مكونة أيضا من (103) أفراد مصابين بالتوحد، تراوحت أعمارهم بين (6-12) سنة، طُبّق عليهم مقياسان مقياس الانتباه لدى أطفال التوحد، ومقياس الوظائف الحركية الأساسية للأطفال التوحديين. وأشارت نتائج الدراسة إلى وجود ضعف في الانتباه والتركيز البصري لدى عينة الدراسة.

دراسة نوتردام وآخرون (Notrerdaeme. & all, 2001) بعنوان: «تقييم مشاكل الانتباه لدى الأطفال المصابين بالتوحد والأطفال الذين يعانون من اضطراب لغوي محدّد»، وكان الغرض من هذه الدراسة هو فحص ملامح اختبار الانتباه لمجموعتين من الأطفال الذين يعانون من اضطرابات النمو، تكونت عينة الدراسة من (17) شخصاً يعانون من اضطراب لغوي محدّد و(19) شخصاً مصابين بالتوحد. وأظهرت النتائج أنّ الأفراد المصابين بالتوحد يعانون من عجز في الوظائف التنفيذية، في حين أنّ الأطفال ذوي الاضطرابات اللغوية يعانون من قصور في الانتباه السمعي المستمر،

دراسة بيتر وآخرون (Peter & al, 1987)، بعنوان «التواصل غير اللفظي واللعب وعلاقتهما بنمو اللغة لدى الأطفال التوحديين» هدفت هذه الدراسة إلى تحديد الارتباطات الاجتماعية والمعرفية لاكتساب اللغة لدى المصابين باضطراب التوحّد. وقد بيّنت النتائج أنّ هناك ارتباطا بين مهارات اللعب الوظيفية والرمزية والقدرات اللغوية لدى الأطفال التوحديين.

- دراسة ستون وآخرون (Wendy L. Stone, et al, 1997). «حول التواصل غير اللفظي لدى الأطفال التوحديين» الذين تتراوح أعمارهم بين (3) و(4) سنوات، دراسة مقارنة بين (14) طفلا يعانون من اضطراب التوحد و(14) طفلا آخرين يعانون من تأخر في النمو وضعف في اللغة. وتشير نتائج الدراسة إلى أنّ الأطفال التوحديين يُبدون استخدام أقل للتعليقات كما أنهم لا يستخدمون الإشارة بالإصبع من بعيد للحصول على تعليق بالمقارنة مع أفراد العينة الثانية فقد لوحظ أنّ الإشارة بالإصبع نادرة جدا لدى أطفال التوحد.

-دراسة قادري (2010)، هدفت هذه الدراسة إلى المقارنة بين أثر نظام التبادل بالصور بيكس(Pecs) ومشروع ماكتون(Makaton) للتواصل اللغوي في تنمية التواصل غير اللغوي اللفظي لدى أطفال التوحّد بالمملكة العربية السعودية، اشتملت عينة الدراسة على (40) طفلا توحدياً من الذكور والإناث تم اختيارهم عمدياً. ومما أسفرت عنه نتائج هذه الدراسة وجود فروق ذات دلالة إحصائية بين أثر كلّ من نظام التبادل بالصور بيكس وبرنامج التواصل ماكتون على كلّ بُعد من أبعاد قائمة تقدير التواصل غير اللفظي حيث كان نظام التبادل بالصور بيكس له الأثر الإيجابي الأكبر على معظم المهارات (مهارة التقليد، مهارة الانتباه المشترك، مهارة الإشارة إلى ما هو مرغوب فيه ومهارة الفهم والاستماع) أما برنامج ماكتون للتواصل فكان الأكثر فاعلية وإيجابية من نظام التبادل بالصور بيكس في مهارة التواصل غير اللفظي.

كما توصل الباحث إلى أنّ هناك فروقا دالة إحصائيا تعزى لنظام التبادل بالصور بيكس الذي كان الأكثر إيجابية من برنامج التواصل ماكتون في الدرجة الكلية لقائمة التقدير التواصل غير اللفظي.

-تعليق على الدراسات السابقة 

تشترك بعض هذه الدراسات مع دراستنا في اهتمامها بالتواصل غير اللفظي، أو في الانتباه، وأخرى في العينة المدروسة، كما يلاحظ أنّ أغلبها لم تتناول العلاقة السببية بين الانتباه ومهارات التواصل غيـر اللفظي، بينما دراستنا تناولت أثر الانتباه على مهارات التواصل غيـر اللفظي لدى الطفل المتوحد، ومن خلال هذه الدراسة أردنا أن نبين دور العمليات المعرفية والتي من بينها الانتباه في بناء القدرات التواصلية لدى الطفل المتوحد.

ضبط مصطلحات ومفاهيم الدراسة

 تم ضبط مصطلحات ومفاهيم الدراسة على النحو التالي:

 تعريف الانتباه

يعرّفه ستيرنبرغ (Sternberg , 2003) بأنه القدرة على التعامل مع كميات محدودة من المعلومات منتقاة من كم هائل من المعلومات التي تزودنا بها الحواس أو الذاكرة. (العتوم، 2012).

ويعرّف بارسومان (Parasuman, 1998) الانتباه على أنه مجموعة العمليات تحدث في ذهن المتعلم لأداء مهام حركية وإدراكية أو معرفية ويشمل ثلاث عمليات هي التركيز، والانتقاء، والتحكم، ويضيف «بارسومان» أنّ هذه العمليات تحافظ على استمرار السلوك الموجّه نحو هدف أو مثير معين أو عدّة مواقف متعدّدة ومتشتتة تجذب إدراك الفرد ووعيه. (عبد الحافظ، 2016).

التعريف الإجرائي: هو نشاط ذهني، أو قدرة معرفية، يتمّ تحديدها من خلال مجموعات من المقاييس أو الاختبارات الخاصة بالانتباه مثل اختبار (Anitest) واختبار(TEA-CH)، أو الاختبار المعرفية كاختبار (K-ABC-II)، أو من خلال الاختبارات النفس-عصبية كاختبار (NEPSY-II).

 تعريف التواصل غير اللفظي

يعرّفه «بيير جيرو» بأنه: «مجموع الوسائل الاتصالية الموجودة لدى الأشخاص الأحياء، والتي لا تستعمل اللغة الإنسانية أو مشتقاتها غير السمعية (الكتابة، لغة الصم (الكتابة، لغة الصم والبكم)» وتستخدم لفظة التواصل غير اللفظي للدلالة على «الحركات والهيئات وتوجيهات الجسم وعلى خصوصيات جسدية طبيعية واصطناعية بل على كيفية تنظيم الأشياء والتي بفضلها تبلغ المعلومات»(حمداوي، 2015).

التعريف الإجرائي: التواصل غير اللفظي يتمثل في مجموعة الحركات والإشارات والإيماءات التي تؤدّي غرضا اتصاليّا، ويتمّ تحديدها عبر مقياس التواصل غير اللفظي مثل مقياس صديق عمر، ومقياس كارز(Cars).

 تعريف التوحد

-حسب الجمعية الأمريكية للطب النفسي والدليل التشخيصي والإحصائي الرابع للاضطرابات العقلية الطبعة الرابعة، بأنه اضطراب نمائي عصبي يظهر في مرحلة الطفولة المبكرة، ويؤثر على مجالات تشمل قصوراً في التفاعل الاجتماعي، وقصوراً في التواصل اللفظي وغيـر اللفظي، وظهور الحركات النمطية ومحدودية في النشاطات والاهتمامات، ويظهر بشكل واضح في الثلاث سنوات من حياة الطفل.

-ويعرفه كريك (Creaks, 1961): «التوحد بأنه اضطراب يصيب الطفل في الثلاث سنوات الأولى من العمر، يؤثر على عدّة قدرات لديه، منها عدم إقامة علاقات اجتماعية ذات معنى، واضطراب في الإدراك وضعف الدافعية، وخلل في نمو الوظائف المعرفية، وعدم القدرة على فهم المفاهيم الزمانية والمكانية، وكذا عجز واضح في استعمال اللغة وتطورها، وضعف في القدرة عل التخيل، إضافة إلى أنه يعاني من سلوكات نمطية، ومقاومة التغيرات التي تحدث في بيئته».»(العبادي، 2006).

-التعريف الإجرائي: هو اضطراب يظهر لدى بعض الأطفال في السنوات الأولى من العمر، يتم تشخيصه بالاعتماد على مجموعة من المعايير والمحددة في الدليل التشخيصي والإحصائي للأمراض العقلية النسخة الرابعة والخامسة (DSM-IV) و(DSM-V)، وعلى معايير الدليل الدولي العاشر للاضطرابات العقلية والسلوكية (ICD 10) الذي صدر سنة (1992)، وكذلك يتم تحديد شدته باستخدام مقياس تقدير التوحد الطفولي(Cars).

إجراءات الدراسة الميدانية

منهج الدراسة

تتطلب المنهجية العامة لهذه الدراسة والإجراءات التجريبية التي تقتضيها، أن تتلاءم مع طبيعة الدراسة، ومن أجل تحقيق أهداف الدراسة الحالية استخدمنا المنهج الوصفي التحليلي الذي يهتم بوصف الظاهرة موضوع الدراسة، وهو أحد أشكال التحليل والتفسير العلمي المنظّم لوصف ظاهرة أو مشكلة محدّدة.

 عينة الدراسة

تتكوّن مجموعة الدراسة من 04 حالات مصابة بالتوحد ولا تعاني من أي إعاقات مصاحبة، تتراوح أعمارهم بين 5 و6 سنوات. حيث تمّ اختيارها بطريقة قصدية، مع الأخذ بعين الاعتبار المعايير المتمثلة في: السن، درجة التوحد، كما هو مبين كالآتي:

الجدول(01). يوضح أفراد عينة الدراسة

الحالة

العمر

الجنس

درجة التوحد

01

5 سنوات

ذكر

متوسطة

02

6 سنوات

ذكر

متوسطة

03

6 سنوات

ذكر

متوسطة

04

6 سنوات

ذكر

متوسطة

 

 أدوات الدراسة

 مقياس تقدير الانتباه لدى أطفال التوحد

تمّ إعداد المقياس من طرف الباحثيْن شيخي مبروك     وقانة الحسين (2016) ويتمثل الهدف الأساسي لهذه الأداة في قياس تقدير الانتباه لدى الطفل التوحدي، يتكون المقياس من (29) فقرة و(04) محاور (الانتباه والاستجابة البصرية، الانتباه والاستجابة السمعية، الانتباه والمطابقة والتصنيف، الانتباه المشترك) كل محور يتضمن عدداً معيناً من الفقرات.

تجدر الإشارة إلى أنّ كل بنود المقياس إيجابية ماعدا خمسة بنود وهي رقم (04) و(05) و(08) و(24) و(25) تعدّ بنودا سلبية، وتقديرها يختلف عن البنود الإيجابية، بحيث يعطى (04) للبديل دائماً و(03) للبديل أحيانا و(02) للبديل نادراً و(01) للبديل أبداً (شيخي، قانة، 2016).

طريقة الإجابة والتقييم: تكون الإجابة بوضع العلامة (X) في الخانة التي تتناسب مع تصرف أو سلوك الطفل، أما الدرجات فهي كالآتي:

مقياس تقدير مهارات التواصل غير اللفظي.

قامت بإعداده الدكتورة لينا صديق عمر وهو خاص بأطفال التوحد للفئة العمرية ما بين (4-6) سنوات، ويحتوي في صورته النهائية على (18) عبارة تقيس ست مهارات هي:

الانتباه، التواصل البصري، التقليد، الاستماع والفهم، استخدام الإشارة لما هو مطلوب، فهم تعبيرات الوجه ونبرات الصوت الدالة عليه. ويتم التقييم عن طريق إعطاء تقديرا من المختص على كل عبارة من عبارات القائمة عن طريق اختيار أحد الخيارات التالية (أغلب الأحيان، بعض الأحيان، نادرا، أبداً)، بحيث تأخذ خيارات المقياس سلم التقدير الرباعي تتوزع درجاته من (0-3) على أن تكون أعلى درجة للمقياس (54) وأدناها صفر.

الجدول(02) درجات تقييم مقياس تقدير صعوبات الانتباه لدى الطفل المتوحد

البدائل

دائماً

أحياناً

نادراً

أبداً

الدرجات

01

02

03

04

درجة الخام

0- 29

30-  58

59- 87

88 - 116

درجة الصعوبة

عادي

خفيفة

متوسطة

شديدة

 

عرض وتحليل النتائج

عرض نتائج مجموعة البحث على مقياس الانتباه

يقدم لنا الجدول  (03) نتائج مقياس الانتباه

جدول (03): يمثل نتائج مجموعة الدراسة في أبعاد مقياس الانتباه.

تحليل نتائج مجموعة البحث على مقياس الانتباه

-التحليل الكمي

يتضح من خلال النتائج للحالات الأربع على مقياس الانتباه أنها تحصلت على نسبة مئوية تقدر بـ 67.88 % على مقياس الانتباه، بمتوسط حسابي قدره 78.75 حيث تحصّلت في بُعد الانتباه والاستجابة البصرية على نسبة مئوية تقدر بـ 55.55 %، أما على مستوى بُعد الانتباه والاستجابة السمعية فتحصلت على 62.5 %، وفي بُعد الانتباه والمطابقة والتصنيف تحصّلت على نسبة مئوية تقدر بـ 61.60 %، أما في بُعد الانتباه المشترك تحصّلت 61.45%.

-التحليل الكيفي

بعد تطبيق مقياس الانتباه ومن خلال جدول المعطيات الكمية لمجموعة الدراسة، يتضح أنها تعاني من ضعف واضح في الانتباه بدرجة 67.88% خاصةً على مستوى بُعد الانتباه والاستجابة السمعيةب ـ62.5 %، وكذا بُعد الانتباه

 والمطابقة والتنصيف وبعد الانتباه المشترك، حيث تحصلت الحالة في هذين البُعدين على التوالي 61.60%          و61.45%، ثم يليهما بُعد الاستجابة البصرية بـ 55.55%.

ومن أهمّ الملاحظات على هذه الحالات قلّة التركيز، وقلّة الاهتمام بالنشاط الذي تقوم به، وضعف في التواصل البصري، وعدم قدرتها على إعادة رسم الأشكال الهندسية البسيطة، بالإضافة إلى أنها نادراً ما تستخدم الإشارة بغرض التواصل أو للحصول على الأشياء التي تريدها، فهي تتميّز بقلّة الاستجابة البصرية والسمعية، كما لديها عجز في إدراك التفصيل والجزئيات، زيادةً على ذلك لديها ضعف في الاستجابة للصوت الندائي. عموماً تصنف هذه الحالة حسب المقياس بأنّ لديها ضعفا متوسطا في الانتباه.

عرض نتائج مجموعة البحث على مقياس التواصل غير اللفظي

يبين لنا الجدول (04) نتائج قياس التواصل غير اللفظي

جدول (04): نتائج مجموعة الدراسة في أبعاد مقياس

                       التواصل غير اللفظي.

 

 تحليل نتائج مجموعة البحث على مقياس التواصل غير اللفظي

التحليل الكمي

من خلال النتائج على مقياس التواصل غير اللفظي يتضح أنّ مجموعة الدراسة تحصّلت على نسبة مئوية تقدر بـ 49 %على المقياس ككل، حيث تحصّلت في بُعد التقليد على نسبة مئوية تقدر بـ 43.75%، أما على مستوى بُعد التواصل البصري فتحصّلت على 33.33%، وفي بُعد الإشارة إلى ما هو مرغوب تحصّلت على نسبة مئوية تقدر بـ 33.33 %، أما في بُعد الانتباه المشترك تحصّلت على 61.11 %، وبالنسبة لبعد الفهم والاستماع فقد تحصّلت العينة على 33.33 %.

التحليل الكيفي

يتضح بعد تطبيق الاختبار أنّ أفراد مجموعة الدراسة تعاني من مشاكل على مستوى التواصل غير اللفظي خاصة على مستوى الانتباه المشترك بسبب الصعوبة التي يجدونها في البحث عن الأشياء التي يسمعون صوتها مثل لعبة موسيقية، بالإضافة إلى عدم انتباههم إلى الأشياء الموجودة أمامهم، وكذا استمرارهم في أداء بعض السلوكات النمطية. أما بالنسبة للتقليد، والتواصل البصري والإشارة إلى ما هو مرغوب والفهم والاستماع نجد أنّ الصعوبة بنسبة أقلّ مقارنة مع بعد الانتباه المشترك ومن أهم المشاكل التي سجلناها في هذه الأبعاد نجد صعوبة في استخدام وفهم تعبيرات الوجه وفي الابتسامة في الموافق التي تتطلب ذلك، وفي فهم الرسائل غير اللفظية، بالإضافة إلى أنّهم يفتقدون إلى التواصل البصري.

ويمكننا أن نقرأ في الجدول (05) نتائج الاحصاء في ما يخص مقياس      التواصل غير اللفظي ومقياس الانتباه

جدول(05): نتائج مجموعة الدراسة في مقياس التواصل

                      غير اللفظي ومقياس الانتباه وفق الأساليب

                      الإحصائية المبينة.

مناقشة النتائج في ضوء فرضية الدراسة

تذكير بالفرضية: يؤثر ضعف الانتباه على مهارات التوصل غير اللفظي لدى الطفل التوحدي.

تشير النتائج المتحصّل عليـها في مقياس تقدير الانتباه والتي بينت حصول أفراد مجموعة الدراسة والمصابين باضطراب التوحد على نسب تؤكد على ضعفها في قدرة الانتباه، وهذا الذي بينته نتائج عدّة دراسات، مثل دراسة كل من بوراك لوي وآخرون، ( Burack Lewy, et.al, 1994) التي أشارت إلى أنّ الأطفال التوحديين لديهم قصور واضح في الانتباه وخاصة الانتباه الانتقائي، فهم لا يستطيعون تركيز انتباههم على شيء محدّد ضمن أشياء متعددة. وفي دراسة لـِ كل من نلسن واسرائيل(Nelson & Israel, 1991) هدفت إلى التعرف على اضطرابات السلوك لدى أطفال التوحد مثل نقص وضعف الانتباه، ونقص التواصل مع الآخرين من خلال مجموعة من الأطفال التوحديين، أظهرت نتائج هذه الدراسة أنّ الطفل التوحدى يعاني من ضعف شديد في الانتباه ونقص في التواصل. (بيومي، 2010).

كما أكدت نتائج دراسة جاريتسون وآخرون (Garretson & al, 1990) حول مدى الانتباه لدى الأطفال التوحديين وذلك بهدف التغلب على صعوبات زيادة الانتباه لديهم، أنّ الأطفال التوحديين لديهم صعوبات في زيادة مدى الانتباه، فهم لا يستطيعون تركيز انتباههم على المثيرات لفترة زمنية كبيرة، والتي تعزى جزئيا إلى تأخر النمو العقلي المعرفي لديهم، كما يعانون من قصور في نقل الانتباه من مثير إلى آخر.

أما بالنسبة لنتائج مقياس التواصل غير اللفظي اتضح أنّ أفراد مجموعة الدراسة يعانون من مشاكل على مستوى التواصل غير اللفظي، وقد أكدت ذلك دراسة كاتيرنا، وألينا. (Kateirna, Alena, 2013). التي اهتمت بدراسة تحليل أشكال ضعف التواصل غير اللفظي لدى الأشخاص المصابين باضطراب التوحد، وتوصلت النتائج إلى أنّ عينة الدراسة تعاني من قصور في التقليد، التتبع، انخفاض في إنتاج وإدراك الإيماءات، وإدراك الوجه، ونقص في التواصل أثناء التعبير الجسدي، وطلب الأشياء، وكذا نقص في الاهتمام بالآخرين.

ومن خلال مقارنة نتائج في كلّ من اختبار التواصل غير اللفظي ومقياس تقدير الانتباه نجد أنّ نسب النتائج متباينة في الدرجة الكلية، حيث قدرت نسبة العينة 67.88% بمتوسط حسابي قدره (78.75) في مقياس الانتباه والذي يعبّر عن متوسط ضعف أفراد المجموعة على هذا مقياس، و40.27% بمتوسط حسابي قدره (21.75) والذي يعبر عن متوسط نجاح أفراد المجموعة في اختبار التواصل غير اللفظي، والموضحة في الجدول رقم (04). يتبين لنا صحّة ما ذكرناه سابقا في إشكالية وفرضية هذه الدراسة والتي تقول بأنّ للانتباه أثرا على مهارات التواصل غير اللفظي لدى الطفل التوحدي وهذا الذي أكدته بعض الدراسات مثل دراسة بارا وبوتشيرالي وكول (Bara, B. G., Bucciarelli, M., & Colle, L, 2001)، بأنّ نقص الانتباه يؤثر على الأداء التواصلي للتوحد. وهذا يدعم ما توصّلت إليه دراسة أرنولد وراندي (Arnold & Randye:2000) بأنّ أي انخفاض في سلوك الانتباه يصاحبه انخفاض نسبي في التواصل البصري. وأنّ أي تغير يحدث في أحدهما يتبعه تغير في الآخر(حسام عباس، 2012)، وأن لطبيعة القدرات المعرفية لدى الطفل التوحدي دوراً هاماً في تشكيل طبيعة علاقته بالمجتمع وبطبيعة نموه وعلاقة اتصاله بالعالم الخارجي،(حولة، فاخت، 2017)، حيث أثبتت بعض الدراسات أنّ هناك علاقة تأثير متبادل بين الانتباه والعمليات العقلية (تيجاني، 2014)، والتي من بينها اللغة بشقيها اللفظي وغير اللفظي. ويتعزز هذا أيضاً بالرجوع إلى مجموعة من الدراسات التي تصب في هذا الاتجاه، ومنها نجد:

الدراسة التجريبية لبارون كوهين(Cohen, 1999)، صاحب نظرية العقل حول فهم اللغة عند الأطفال المصابين بالتوحد والتي تؤكد بأنّ فهم الجملة عموما يكون أبطأ عند هذه الفئة مقارنة بالأطفال الأسوياء، كما استنتج بأنّ أطفال التوحد يعانون من صعوبة في تطبيق معرفتهم بالعالم الواقعي لفهم الجمل، أي أنّ هناك فجوة بين فهمهم للجمل وإمكانية تطبيقها في العالم الواقعي «الجانب البرغماتي للغة».

دراسة قامت بها زينب الفضل (2009) توصلت من خلالها إلى وجود علاقة طردية دالة بين الانتباه والتركيز واللغة الاستقبالية والتعبيرية اللفظية وغير اللفظية. ناهيك على أن هناك بعض الدراسات كما قلنا في إشكالية هذه الدراسة، أثبتت أنّ هناك علاقة تأثير متبادل بين الانتباه والعمليات المعرفية.

كما تتوافق نتائج هذه الدراسة مع ما ذهب إليه جوردن(Jordan,1995) في أنّ انتباه طفل التوحد نقطي (جزئي)، الأمر الذي أعجزه عن التواصل مع من حوله، والذي عَمَّق هذا العجز هو ضعف تمييزهم السمعي وإدراكهم السمعي ومنه فشلهم في استخلاص المفاهيم من اللغة المسموعة وغير المسموعة(بن خروف، 2012).

ودراسة «كرابينتر وآخرين»(Carpenter et al, 2002)، حول العلاقات المبادلة بين المهارات المعرفية والاجتماعية عند الأطفال التوحديين، ومن بين نتائج هذه الدراسة أنّ الأطفال التوحديين يعانون من قصور في المهارات المعرفية المتمثلة في تواصل الانتباه، الحولقة، التركيز على موضوع الانتباه.

دراسة هيـز(Hayez,1987)، أشارت نتائج هذه الدراسة إلى أنّ الأطفال التوحديين لا ينتبهون إلى المهام التعليمية، زيادة على أنّ هذا الضعف في الانتباه يكون أكثر في وجود مشتتات. (أسامة، السيد، 2011).

بالإضافة إلى كل هذا فإنّ الانتباه كعملية معرفية تتطور مع نمو الطفل ابتداء من الميلاد، وهي أحد العمليات الأساسية في الاكتساب وفي نمو اللغة لدى الطفل بما فيها التواصل غير اللفظي، على اعتبار أنّ التفاعل قبل اللفظي جزء وشرط أساسي لبلوغ التفكيـر داخل اللفظي. (بن حبيب، 2016). ومن بين التفاعلات قبل اللفظي التي تبلغ الطفل إلى التفاعلات اللفظي نذكر منها: الانتباه المشترك، التمييز بين التقابلات الصوتية للكلام، النظر بانتباه إلى الشخص الذي يتكلم مع الطفل، الإشارة إلى الأشياء، والتعيين على صور الأشياء...(أجد، 2012). وهي من خصائص الانتباه، وبالتالي فإنّ القصور الذي يعانيه الطفل التوحدي في اكتساب هذه التفاعلات يمكن له أن يفسر لنا أيضاً مدى تأثير ضعف الانتباه على التواصل غير اللفظي لدى الطفل المتوحد.

خاتمة

حاولنا من خلال هذه الدراسة أن نكشف عن أثر ضعف الانتباه على مهارات التوصل غير اللفظي لدى أطفال فئة التوحد، وبالنظر إلى النتائج التي تمَّ التوصل إليها في هذه الدراسة، والتي أكدت بأنّ لضعف الانتباه أثرا على مهارات التوصل غير اللفظي لدى أطفال فئة التوحد، وهذا الذي أشرنا إليه في إشكالية الدراسة وفي تحليل النتائج وهو أنّ اضطراب القدرات المعرفية لدى الطفل التوحدي يمثل أحد العوائق التي تحول دون اكتسابه الجيد للغة والتواصل بصفة عامة اللفظي وغير اللفظي منه، وهذا الذي يتطلب من المهتمين باضطراب التوحد العمل على تركيز الجهد على القدرات المعرفية لدى التوحد والتي من بينها الانتباه كأحد هذه العمليات المعرفية، من خلال بناء برامج علاجية لتحسين الانتباه ومن ورائها عملية الاتصال لدى الطفل التوحدي، وهذا الذي أكدته بعض الدراسات  مثل دراسة لين (Lynn, 1996) التي هدفت إلى تقييم وعلاج اضطراب التوحد من خلال الاتجاه الطبيعي المتمثل في الانتباه. وقد أظهرت نتائج الدراسة أنّ هناك تحسّنا لدى الطفلين المصابين باضطراب التوحد في سلوكات الانتباه المتمثل في الحولقة والنظر إلى الآخرين وانتقاء المثيرات الهامة والتركيز عليها، كما ازدادت مستويات التفاعلات الاجتماعية أثناء الأنشطة والألعاب، فأصبحا أكثر استخداما للغة. (مشيرة فتحي، 2014).

المراجع

أجد، محمد عربي، 2012، علاقة الحلقة الفونولوجية باستراتيجيات الفهم الشفهي عند الأطفال المتأخرين لغوياً، (مذكرة ماستر غير منشورة)، كلية العلوم الاجتماعية والإنسانية، جامعة الجزائر 2، الجزائر.

أسامة فاروق مصطفى، السيد كامل الشربيني، 2011، سمات التوحد، دار المسيرة، عمان، الأردن.

الإمام محمد صالح؛ الجوالده فؤاد عيد،2010، التوحد ونظرية العقل، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، الأردن.

بن حبيب عبد المجيد،2015، «لماذا التفاعل قبل اللفظي لبلوغ التفكير داخل اللفظي-نماذج لتوجيهات مفيدة في العمل الأرطوفوني» مداخلة ألقيت في يوم دراسي بعنوان الممارسة الأرطوفونية: واقع وآفاق من تنظيم مخبر تطبيقات علوم النفس وعلوم التربية من أجل التنمية في الجزائر، جامعة وهران كلية العلوم الاجتماعية قسم علم النفس والارطوفونيا، بتاريخ 10جوان 2016.

بن خروف أمينة،2012، «دور اللعب في تنمية التواصل غير اللفظي عند الأطفال المصابين بالتوحد»، (رسالة ماجستير غير منشورة)، كلية العلوم الاجتماعية والإنسانية، جامعة الجزائر 2، الجزائر.

بن صديق لينا عمر،2007، فعالية برنامج مقترح لتنمية مهارات التواصل غير اللفظي لدى أطفال التوحد وأثر ذلك على سلوكهم الاجتماعي. مجلة الطفولة العربية.9(39).8-39.

بيومي لمياء عبد الحميد، 2008)، فاعلية برنامج تدريبي لتنمية بعض مهارات العناية بالذات لدى الأطفال التوحديين، (أطروحة دكتوراه الفلسفة غير منشورة)، قسم علم النفس التربوي، جامعة قناة السويس، مصر.

تيجاني كوثر، 2014، علاقة ضعف الانتباه البصري بالذاكرة العاملة لدى الأطفال ذوي نقص الانتباه وفرط النشاط، (رسالة ماجستير غير منشورة)، كلية العلوم الاجتماعية والإنسانية، جامعة قاصدي مرباح-ورقلة-، الجزائر.

حسام عباس خليل، 2012)، فاعلية برنامج لتنمية مهارات التواصل غير اللفظي والسلوك الاجتماعي لدى الأطفال التوحديين محدودي اللغة. مجلة العلوم التربوية.1(1).3-54.

حمداوي جميل، 2015، التوصل الإنساني والسيميائي والتربوي، ط1، شبكة الالوكة، www.alukah.net.          

حولة محمد، فاخت معروف، 2017، توظيف المقاربة المعرفية في سيرورات التكفل الأرطوفوني بالطفال المتوحد: الذاكرة النشطة نموذجاً. مجلة العلوم الإنسانية والاجتماعية .31 .127-135.

 شاكر مجيد سوسن، 2010، التوحد أسبابه، خصائصه، تشخيصه، علاجه، ط2، ديبونو للطباعة والنشر والتوزيع، عمان، الأردن.

شيخي مبروك، قانة الحسين، 2016، أثر الانتباه على استراتيجيات الفهم الشفهي لدى الطقل المتوحد، (مذكر ماستر غير منشورة)، كلية العلوم الاجتماعية، جامعة عبد الحميد بن باديس مستغانم، الجزائر.

العبادي رائد خليل،2006، التوحد، ط1، مكتبة المجتمع العربي للنشر والتوزيع، عمان، الأردن.

عبد الحافظ، ثناء هبد الودود، 2016، السيطرة الانتباهية والذاكرة العاملة والسرعة الإدراكية، ط1، دار من المحيط إلى الخليج للنشر والتوزيع، عمان، الأردن.

العتوم عدنان يوسف،2012، علم النفس المعرفي النظرية والتطبيق، ط3، دار المسيرة للنشر والتوزيع، عمان، الأردن.

علوي مولاي إسماعيل، ب ت، الوعي اللغوي واستراتيجيات أدراك الجملة عند الطفل مجلة الطفولة العربية، العدد الأربعون، الجمعية الكويتية لتقدم الطفولة العربية.

كاظم داخل مهدي، 2017، التوحد. مفهومه، أسبابه أعراضه، وعلاجه. مركز أبحاث الطفولة والأمومة، المجلد الحادي عشر.59-80.

اللالا زياد كمال؛ الزبيري شريفة عبد الله؛ اللالا صائب كمال؛ فوزية عبد الله الجلامدة؛ مأمون محمود جميل حسونة؛ وائل محمد الشرمان؛ وائل أمين العلي؛ يحيى أحمد القبالي؛ يوسف محمد العايد، 2011، أساسيات التربية الخاصة، دار المسيرة، الأردن.

 لورا شريبمان، 2010، التوحد بين العلم والخيال ترجمة، عياد، فاطمة، عالم المعرفة، الكويت.

مشيرة فتحي محمد سلامة، 2014، الانتباه المهارات الاجتماعية لدى المهارات الاجتماعية لدى الأطفال الذاتويين. ط1. مؤسسة طيبة للنشر والتوزيع. القاهرة.

Bara, B. G., Bucciarelli, M., & Colle, L, 2001, «Communicative abilities in autism: evidence for attentional deficits». Brain and Language, 77(2), 216–240.

Kateirna VitaskováAlena ihová, 2013, «Analysis of Impaired Nonverbal Communication in People with Autism Spectrum Disorders«.Social Welfare Interdisciplinary Approach.3 (2). P87-97

 

الملحق

 قائمة تقدير مهارات التواصل غير اللفظي لأطفال التوحد لدى الفئة العمرية من (04 إلى06) سنوات:  لينا صديق عمر     

 

اسم الطفل: ..............................................................................          

الجنس           : .....................................

السن               : ....................................

تاريخ التقييم: ............../................./..........................      

 

-طريقة الإجابة والتقييم: تكون الإجابة بوضع العلامة (X) في الخانة التي تناسب مع تصرف أو سلوك الطفل.

 

الرقم

العبارات

أغلب الأحيان

بعض الأحيان

نادراً

أبداً

01

يستجيب عندما يناديه الآخرون(كأن يلتفت إلى مصدر الصوت)

 

 

 

 

02

يفهم الرسائل غير اللفظية من الآخرين(كهز الرأس إلى اليمين واليسار بمعنى لا)

 

 

 

 

03

يبتسم في المواقف التي تتطلب الابتسام(كأن يبتسم عند مداعبته)

 

 

 

 

04

يبحث عن مصدر الأصوات التي يسمعها(كأن يبحث عن مكان لعبة موسيقية عند سماع الموسيقى)

 

 

 

 

05

يحي الأفراد المألوفين له كأصدقائه ووالديه(كأن يرفع يديه ويحركها إذا ودعهم)

 

 

 

 

06

يستخدم تعبيرات الوجه ليوصل رسائل معينة(كأن يعقد حاجبيه للتعبير عن الحزن)

 

 

 

 

07

يستخدم الحركات الجسمية ليوصل رسائل معينة(كهز الرأس عند رفضه القيام بعمل ما)

 

 

 

 

08

يشير إلى الأشياء المألوفة عند سماع أسمائها (كأن يشير إلى السيارة عند السؤال عنها)

 

 

 

 

09

يشير إلى الأشياء التي يرغب في الحصول عليها(كأن يشير إلى صورة كوب الماء ليشرب)

 

 

 

 

10

يفتقد إلى التواصل البصري(كأن لا ينظر إلى الآخرين أثناء حديثهم معه)

 

 

 

 

11

لا ينتبه للمثيرات الموجودة أمامه(كأن لا ينظر إلى الألعاب التي يلعب بها)

 

 

 

 

12

يعبر عن تذمره وحزنه بطريقة غير ملائمة(كأن يكسر أدواته)

 

 

 

 

13

يعجز عن تقليد أفعال الآخرين(كأن يضع يده على عينه أو يرفعها إلى الأعلى ويخفضها إلى الأسفل كما يفعل النموذج أمامه)

 

 

 

 

14

يصعب عليه فهم التعليمة وتنفيذها(كأن يمتنع عن ضرب زميله إذا طلب منه ذلك)

 

 

 

 

15

يستمر في أداء سلوكات نمطية لفترة طويلة(كأن يستمر في تدوير الحلقات بنفس الطريقة أو الاتجاه)

 

 

 

 

16

يمسك بيد الآخرينَ للحصول على ما يريد(كأن يمسك يدهم ليفتح الباب)

 

 

 

 

17

يصعب عليه تمييز تعبيرات الوجه المختلفة ومعانيها(كأن يميز بين الحزن والفرح)

 

 

 

 

18

يصعب عليه فهم نغمات الصوت المصاحبة لتعبيرات الوجه(كالصوت الغاضب عند توبيخه)

 

 

 

 

 


 

 

@pour_citer_ce_document

مبروك شيخي / محمد الطاهر بوطغان, «أثر الانتباه على مهارات التواصل غير اللفظي لدى الطفل التوحدي»

[En ligne] ,[#G_TITLE:#langue] ,[#G_TITLE:#langue]
Papier : ص ص 249-260,
Date Publication Sur Papier : 2022-12-07,
Date Pulication Electronique : 2022-12-07,
mis a jour le : 07/12/2022,
URL : https://revues.univ-setif2.dz:443/revue/index.php?id=9130.