السّرد والتّاريخ، تواطؤ الحقيقة والمتخيّل في الرّواية التاريخيّةNarration and history, the complicity of truth and imagined in historical novel
Plan du site au format XML


Archive: revues des lettres et sciences sociales


N°01 Avril 2004


N°02 Mai 2005


N°03 Novembre 2005


N°04 Juin 2006


N°05 Juin 2007


N°06 Janvier 2008


N°07 Juin 2008


N°08 Mai 2009


N°09 Octobre 2009


N°10 Décembre 2009


N°11 Juin 2010


N°12 Juillet 2010


N°13 Janvier 2011


N°14 Juin 2011


N°15 Juillet 2012


N°16 Décembre 2012


N°17 Septembre 2013


Revue des Lettres et Sciences Sociales


N°18 Juin 2014


N°19 Décembre 2014


N°20 Juin 2015


N°21 Décembre 2015


N°22 Juin 2016


N° 23 Décembre 2016


N° 24 Juin 2017


N° 25 Décembre 2017


N°26 Vol 15- 2018


N°27 Vol 15- 2018


N°28 Vol 15- 2018


N°01 Vol 16- 2019


N°02 Vol 16- 2019


N°03 Vol 16- 2019


N°04 Vol 16- 2019


N°01 VOL 17-2020


N:02 vol 17-2020


N:03 vol 17-2020


N°01 vol 18-2021


N°02 vol 18-2021


N°01 vol 19-2022


N°02 vol 19-2022


N°01 vol 20-2023


N°02 vol 20-2023


N°01 vol 21-2024


A propos

avancée

Archive PDF

N°01 vol 20-2023

السّرد والتّاريخ، تواطؤ الحقيقة والمتخيّل في الرّواية التاريخيّة

Narration and history, the complicity of truth and imagined in historical novel
ص ص 238-248
تاريخ الاستلام 2022-09-16 تاريخ القبول 14-03-2023

سفيان زدادقة / عائشة بن خليفة
  • resume:Ar
  • resume
  • Abstract
  • Auteurs
  • TEXTE INTEGRAL
  • Bibliographie

أيحدث أن يكون بين حقول المعرفة المختلقة تقارب أو تجاور، أو حتّى تقاطع أو تداخل في بعض العناصر قليلها أو كثيرها. لكن ما بين الأدب والتّاريخ أكثر من مجرّد ترابط عاديّ، إنّه التحام وانفصال في آنٍ، وشكل من الحبكة الدراميّة يتناوب فيها التّاريخ والرواية على لعب دور البطولة بامتياز. ومن عمق هذا المدّ والجزر ما بين متعة التّخييل الروائيّ بما يتيحه من سبل للإفلات من ربقة الواقع ومحدّداته وقواعده المنطقيّة، وصرامة الحقيقة التاريخيّة بما تفرضه من إلزامات وتوجيهات وضوابط، كانت الرواية التاريخيّة شاهدا على ذلك التّلاحم وتلك المفارقات التي اتّخذت عدّة مستويات؛ انطلاقا من القصديّة كموجّه ومحرّك في إنتاج الدّلالة، مرورا بالتّلقي كفعاليّة للتأويل، ووصولا إلى المرجع بما هو المرتكز الذي تستند عليه الحقيقة والتخييل في النص. فما علاقة الحقيقة بالتّخييل في النصّ الروائيّ؟ وكيف نشأت الرّواية التاريخيّة وسط هذا الجوّ الإشكاليّ؟ وكيف تتجاور الحقيقة والتّخييل على مستوى المتن السّرديّ للرواية التاريخيّة؟

أسئلة وأخرى تحاول هذه القراءة الوصفيّة التّأويليّة ملاحقة بعض تفاصيلها، وسبر أغوارها بحثا عن مواطن التّوافق/ التّضارب بين الحقيقيّ والمتخيّل من خلال الرّواية التّاريخيّة

Il arrive qu’entre les différents champs de connaissance il y ait une convergence ou une juxtaposition, ou même une intersection ou un chevauchement dans quelques ou plusieurs éléments. Cependant, entre littérature et histoire, il y a plus qu’une simple interrelation, il s’agit à la fois d’une cohésion et une division en même temps, et une forme d’intrigue dans laquelle l’histoire et le roman alternent pour jouer un rôle de premier plan par excellence. De la profondeur de ce reflux, entre le plaisir de l’imagination narrative avec les moyens qu’il offre comme moyens pour échapper à la réalité, à ses déterminants et à ses règles logiques ainsi que la rigueur de la vérité historique avec toutes les obligations, directives et les restrictions qu’elle impose, le roman historique témoignait de cette cohésion et de ces paradoxes qui comprenaient plusieurs niveaux. A partir de l’intentionnalité comme guide et moteur dans la production de la signification, en passant par la réception comme efficacité de l’interprétation, pour enfin parvenir à la référence de ce qui est la base de la vérité et de l’imagination dans le texte. Quel est alors le rapport entre la vérité et la fiction? et comment le récit historique a-t-il surgi dans cette atmosphère problématique ? Comment la vérité et l’imagination sont-elles adjacentes au niveau narratif du roman historique ? Cette lecture descriptive interprétative tentera d’aller chercher certains détails de ces questions et d’autres encore, ainsi que de sonder leurs points de convergence/divergence entre le réel et l’imaginaire à travers le roman historique

It happens that between the different fields of knowledge there is a convergence or a juxtaposition, or even an intersection or overlap in a few or many elements. However, between literature and history there is more than just ordinary interrelationship, it is both cohesion and split at the same time, and a form of plot in which history and the novel alternate to play a starring role with distinction. From the depth of this ebb and flow, between the narrator’s pleasure of imagination with the means it offers as means to escape reality, its determinants and its logical rules as well as the rigour of historical truth, with all the obligations, directives and restrictions it imposes. The historical novel testified to that cohesion and those paradoxes that took many levels. From intentionality as a guide and motor in the production of meaning, through reception as the efficiency of interpretation, to finally reach the reference of what is the basis of truth and imagination in the text. What then is the relationship between truth and fiction? And how did the historical narrative arise in this problematic atmosphere? How does truth and imagination are adjacent at the narrative level of the historical novel? This interpretative descriptive reading will attempt to go after some details of these questions and others, as well as probe their convergence/divergence’s points between real and imagined through historical novel

Quelques mots à propos de :  سفيان زدادقة

Pr. Sofiane Zedadka     جامعة  محمد لمين دباغين سطيف2، الجزائر sofizeda@yahoo.fr

Quelques mots à propos de :  عائشة بن خليفة

[1]  Aicha Benkhelifa     جامعة محمد لمين دباغين سطيف2، الجزائرaicha.bk30@gmail.com
[1]المؤلف المراسل  

مقدمة

لطالما كان السرد جزءًا من الوجود الإنسانيّ وكينونته كذات متكلّمة، فما وُجد الإنسان إلّا وهو يحكي رسما أو لغة؛ حيث «يتغلغل السرد في الدماغ البشريّ عميقا بشكل أنطلوجي وأنثروبولوجي. والسرد يروي عطش الخيال، الذي هو الملكة الأعمق للروح بعبارة كانط الشهيرة.» (مهنانة، 2021) فبواسطته تتحرّر الذّات من مكرهات الواقع، لتعيش فيه عالمها الممكن بالتوازي مع ما هو كائن.  وبالتالي، يشكّل السرد جانبا مهمّا من حضور الإنسان وفعله التواصليّ، بل إنّنا قد لا نجانب الحقيقة إذا قلنا إنّه مرآة الذّات عن ذاتها وتاريخها؛ فـ «ما من أمّة إلّا وفي تاريخها نماذج قصصية تروي أمجادها وتحدّث عن بطولاتها، في وقت لم يكن التّمييز جاريا بين أنواع الفنون الأدبية، وعلى هذا فإنّ القصّة وجدت حيث وجد شعب يمارس الحياة، لأنّ القصص ظاهرة إنسانية تضرب جذورها في التّاريخ للتواجد مع علاقة الإنسان بالحياة منذ بدء تلك العلاقة.» (المعوش، 1999) المتشابكة والإشكاليّة معاً.

هذا التّرابط الوثيق بين السّرد القصصيّ وطبيعة الوجود الإنسانيّ جعل تجلّيات هذا المسرود تتنوّع، سواء في صورتها الفنيّة الأدبية أو في صورة رمزية من خلال أشكال وطرائق تعبيريّة متنوعة تنوّع طرائق التّواصل وتباينها. وعلى هذا «فالمسرود حاضر في الأسطورة، وفي الخرافة، وفي الحكاية الرّمزية، وفي الحكاية، وفي القصّة القصيرة، والملحمة والقصة، والمسرحية والمأساة، والدراما والملهاة، واللوحة المرسومة [...] والزجاج المرسوم، والسينما والترويجات الهزلية comics، والحوادث والمحادثة. وكذلك فإنّ المسرود موجود، بكافة أشكاله، وفي جميع الأزمنة والأماكن والمجتمعات، بل إنّ المسرود بدأ مع فجر البشريّة نفسه. لا يوجد ولم يوجد في أيّ مكان في العالم شعب بلا مسرود [...] إنّ وجوده كوجود الحياة.» (بارت، 2010) التي اتخذت منه سبيل بيانها وإفصاحها عن مكنوناتها وأسرارها، وكانت الذّات فيه البطل الأبرز مقصدا وغاية، صراحة وتضمينا، قراءة وتأويلا.

والإنسان إذ يحكي عن وجوده، فإنّ هذا الحكي – لامحالة- مرتبط بالزمن؛ «والسردية بما هي بنية زمنيّة تنفتح على الماضي لتبرز به المآل الحالي للوجود الإنساني، كما تنفتح على لحظة الحاضر لنضفي على المعاناة والنقص والشر الموجودين فيه، مسحة جماليّة، تخدّر المتقمّص لتلك السرديّة، وتحثّه على انتظار المستقبل الذي لن يكون إلّا وعدا بالخلاص.» (مهنانة، 2021) فالمسرود يحكي الذات والوجود في الماضي اعتبارا، وفي الحاضر تمثيلا وتنفيسا، وفي المستقبل استشرافا وتطلّعا، ليغدو الوجود الإنسانيّ سردا هو نفسه وجود الحياة، من وحيها تتتابع تفاصيل حكاية كبرى تبدأ بميلاده وتنتهي بوفاته لتبدأ أخرى وأخرى ...

ولعلّ في هذا التوافق الوثيق بين المسرود القصصي والوجود الإنساني ما يحضّ على تساؤلات إشكالية جمّة، فما مدى ارتباط هذا السرد القصصي بواقع الإنسان/ الراوي؟ ما هي مساحة التّخييل الإبداعي الدّاعي إلى الابتكار والمنشيء للمفارقات والاختلافات النصية في هذا السرد؟ كيف يتمّ ذلك التوافق/ التواطؤ العجيب بين الحقيقة والخيال في النص السردي؟ أسئلة سيحاول هذا العمل الحفر في أرضيتها من خلال تسليط الضوء على الرّواية التاريخيّة خاصّة، بوصفها فضاء خصبا تلاقحت فيه الحقيقة بالخيال لتنتج نصا فيه من كليهما، هو منهما وغيرهما في آن.

ويبدو من المفيد في البداية التفصيل في ماهية الرواية التاريخية وبعض الجوانب من مخاضات نشأتها لبناء فهم أوضح حول خصوصيتها كتشكيل أدبي فنيّ له ما يميّزه.

الرّواية التاريخيّة، مخاض النّشأة والتّشكّل

إذا كانت الرّواية بشكل عام عالما نصيّا « يعالج فيها الكاتب موضوعا كاملا أو أكثر زاخرا بحياة تامة واحدة أو أكثر.» (المعوش، 1999) تتشابك فيها خيوط اللّعبة الفنيّة والحبكة الدراميّة لتخرج نصّاً ثريّاً بالأحداث والمتغيرات، إن على مستوى الشخصيات، أو الأحداث أو الزمان أو المكان، كلّها أو بعضها. فإنّ الرّواية التاريخيّة منها هي «عمل فنيّ يتّخذ من التّاريخ مادّة له، ويوظّف الفنّ الرّوائي: الزمان، والمكان، والخيال الفنيّ في خدمة الحدث التاريخيّ، والشّخصيات التاريخية والمكان الذي دارت فيه الأحداث المدوّنة والمنقولة على شفاه الرّواة والمؤرخين، تضمّ في داخلها عدداً من الشّخصيات المختلفة من صنع الرّوائيّ، قد لا تكون موجودةً أصلاً في النصّ التّاريخيّ.» (القحطاني، 1433 هـ) فالرّواية التاريخيّة إذا قراءة جديدة للتّاريخ، يلعب فيها الخيال دوره، بما تقتضيه القواعد الفنية للعمل الروائي، في ملء الفراغات ما بين سطور التّاريخ، أو إلقاء ضوءٍ على زوايا معتمةٍ فيه، ليتشكّل من مزيج المرويّ التّاريخي والتّخييل الفنّي نصّ مبدع يقدّم رؤيته الخاصّة للتاريخ، رؤية تعلن انعتاقها من سياج المرويّ التاريخي لتتحرر في فضاء الخيال، وهو بالذات ما يمنحها التميّز، فهي «رواية لا يراد بها أداء وظيفة التاريخ، إنّما استثمار المناخ التاريخي، وتوظيفه كخلفية للوقائع، كما كان فرح أنطون قد حدّد هذه الوظيفة في وقت مبكّر حينما قال:»إنّ الروايات التاريخيّة لا يقصد بها سرد وقائع التاريخ وأرقامه، فإنّ طالب هذه الوقائع والأرقام يلتمسها في كتب التّاريخ حيث تكون قريبة المنال، ليجرّدها عمّا ليس منها، لا في الرّوايات المطوّلة التي تشتبك وقائعها الخيالية بها، ولا يصبر طالب التاريخ على مطالعتها، إنّما المقصود من الروايات الخيالية ... تكميل التّاريخ في جوانبه الناقصة.» (إبراهيم، 2008) تقول ما لم يقله التّاريخ، أو لم يتصوّر أن يقوله قطّ؛ لأنّ التّاريخ يتحرّى الحقيقة ما أمكن، ويحاول جهده حتّى لا يحيد عنها. في حين تنتصر الرّواية للفنّ عمادها وجوهر اشتغالها، وتعتمد على التّاريخ في ذلك مادّة لها، والتي قد تكون باعثا على العودة إلى النص التاريخي في صورته المدرسيّة.

لكن قد يقول القائل: أليس في عمل الرّوائيّ تزييفا للتاريخ وتطاولا على أحداثه، بما أنّ المادّة في الرّواية التّاريخية ترتكز على أساس دعائم وقائع التّاريخ وحقائقه. ويمكن القول في هذا السّياق: إنّ الرّواية التاريخيّة هي شكل من القراءة النّاقدة للتّاريخ، فيها من ذاتيّة القارئ مثلما فيها من موضوعيّته، وفيها من التّخييل مثلما فيها جوانب من (حقائقه).

وإذا كانت الرّواية ككل سرداً لتجليّات الوجود الإنساني بكلّ متناقضاته ومتوافقاته، فكيف شقّت الرّواية التاريخية - كفنّ له خصوصيّته الفنيّة- طريقها إلى الظّهور في عالم الرّواية الفسيح؟

الرّواية التاريخيّة عند الغرب

حينما نتطلّع إلى معرفة بدايات ظهور هذا الفنّ الأدبي الذي رسم خطوط تفرّده عن مختلف أشكال الأعمال الروائيّة، فإنّ حديث النّشأة يعود بنا « إلى الكاتب الاسكتلندي (ولتر سكوت (1771- 1832) Walter Scott في بداية القرن التاسع عشر بروايته ويفرلي waverly عام 1814، وأفانهو Ivanhoe عام 1819)، حيث فتح الباب للكتّاب الأوربيين لكتابة تاريخ بلدانهم، وكتب ألكسندر دوماس الأب (1802- 1870) تاريخ فرنسا، وكتب تولستوي (1828- 1910) تاريخ روسيا، واستمرّت هذه المدرسة في أمريكا والشّرق الأقصى إلى حين قريب، تنقل التاريخ من سرد مملّ إلى أساليب أدبيّة راقية، يجد فيها المتلقي المتعة والفائدة في آن واحد.» (القحطاني، 1433 هـ) الشيء الذي شجّع على انتشار الرّوايات التاريخيّة، بتوسّع دائرة المقبلين على قراءتها.

على أنّ هذا التّحديد لأعمال ولتر سكوت كانطلاقة فعليّة للرّواية التاريخية لا ينفي بالمرّة وجود محاولات وإرهاصات سابقة لتبلور هذا اللون الأدبي، وهذا ما أكّده جورج لوكاتش Georg Lukács (1885، 1971) حين رأى أنّه من الطبيعيّ « أن يمكن العثور على روايات ذات موضوعات تاريخية في القرنين السابع عشر والثامن عشر أيضا، ويستطيع المرء إذا ما أحسّ ميلا في نفسه إلى ذلك أن يعتبر الأعمال القروسطية المعدّة من التاريخ الكلاسيكيّ أو الأساطير أسلافا أو مجتمعات للرّواية التاريخية، وهي في الحقيقة تعود إلى ماضٍ أبعد حتّى تبلغ الصّين أو الهند. إلّا أنّ المرء لن يعثر على أيّ شيء يلقي ضوءً حقيقيّا على ظاهرة الرّواية [...] وما يفتقد في ما يسمّى بالرواية التاريخيّة قبل السّير (والتر سكوت) هو بالضبط ما هو تاريخيّ على وجه التّخصيص، أي اشتقاق الشّخصيّة الفرديّة للشّخوص من خصوصيّة عصورهم التاريخيّة.» (لوكاتش، 1986) يظهر ممّا سبق أنّ الأعمال التي سبقت والتر سكوت الروائيّة وإن اشتملت في طيّاتها على نزعة تاريخيّة، إلّا أنّها لا يمكن أن تقدّم صورة واضحة ودقيقة عن الرّواية التاريخيّة كلون أدبي له خصوصيّاته الفنيّة والتقنيّة.

لقد أرسى والتر سكوت من خلال أعماله لتقاليد فنيّة في كتابة الرّواية التاريخيّة، ما لبثت تترسّخ معالمها عند من جاءوا بعده؛ حيث: «صوّر سكوت التاريخ، وجسّده بطريقة فنيّة أشدّ تأثيرا من كتب التاريخ الجافّة، حتى ساد اعتقاد النقّاد والباحثين أنّ روايات سكوت أقرب إلى الحقيقة التاريخيّة من كتب التّاريخ، وقد أثّر على مؤرّخي تلك الفترة تأثيرا بالغا؛ حيث حذوا حذوه، وطفقوا يصوّرون أحداث التاريخ ويعيدون بناءها بقليل من الخيال غير الجامح، منهم تيري وسيسموندي وبرسكوت[1].» (بالنور، 2014) الذين عملوا على تدوين مؤلفات تاريخيّة في مواضيع متنوّعة تتجاور فيها الحقائق جنبا إلى جنب وشيء من الخيال، في محاولة لجعل النصّ التاريخيّ متاحا للقراءة على صعيد واسع.

لكن إلى أيّ مدى يمكن التحكّم في عنصر الخيال ضمن نطاق النصّ التاريخيّ؟ وما مدى مصداقيّة النصّ التاريخي في حضور الخيال؟ أسئلة فتحت أبواب النّقد على مصراعيها، فكانت مقدّمة لتحوّلات مهمّة في إواليات الكتابة التاريخيّة عموما، والرواية التاريخيّة بوجه خاص.» ومن أهمّ التغييرات التي مسّت الرّواية التاريخيّة وتقاليدها ما نادى به ألفريد ديفني[2] في فرنسا سنة 1825، بروايته «5 مارس»، فهو يجعل من الشخصيات التاريخيّة في المحلّ الأوّل، في حين جعلها والتر سكوت في المقام الثاني والشخصيات الخياليّة في المقام الأوّل [...] وأضاف بلزاك[3] للرواية التاريخيّة ما يسمى وصف تاريخ العادات؛ حيث أصبح التاريخ هو المجتمع.» (بالنور، 2014) فمن خلال إعادة الاعتبار للشخصيات التاريخيّة، ووصف الجوّ العام للعصر، أمكن إنشاء رواية تاريخيّة تحاول أن تقارب الحقيقة قدر المستطاع بطريقتها الفنيّة الخاصّة. 

ومع توسّع المدّ العلميّ الذي ما لبث يكتسح كلّ المجالات، لم تكن الرّواية (التاريخيّة منها على وجه الخصوص) في منأى عن هذه التحوّلات العميقة في العقلية الغربيّة؛ فكانت «سلامبو فلوبير[4] هي العمل النموذجيّ أو التّمثيل الكبير لهذه المرحلة من التّطوّر في الرواية التاريخيّة. وهي تجمع كلّ صفات أسلوب فلوبير الفنيّة العالية/ ومن الناحية الأسلوبيّة، فهي نموذج أهداف فلوبير الفنيّة [...] لقد صاغ فلوبير أهدافه صياغة مبرمجة. فهو يقول إنّه أراد أن يطبّق نهج وطريقة الرواية الحديثة على العصور القديمة.» (لوكاتش، 1986) وقد تجلّى هذا المنحى العلميّ الصّارم من خلال العمل على تجميع وحشد أكبر قدر ممكن من المعلومات التاريخيّة والإثباتات، لبناء رواية تاريخيّة أقرب ما تكون صورة لواقع الزّمن الماضي؛ «وهذا يفسّر صراع فلوبير اليائس لإثارة صورة حيّة عن قرطاجة القديمة عن طريق الدراسة الدقيقة والإنتاج الدّقيق للتفاصيل الآثارية.» (لوكاتش، 1986) على النحو الذي يجعلها توضّح بجلاء معالم المكان والزّمان والأشخاص.   

وفي وقت انبرى فيه كتّاب التّاريخ لتسجيل مآثر بلدانهم وإحياء أمجادها وبطولاتها وماضيها التّليد، تزامنا مع الانتصارات التي كانت تحقّقها على الأرض والتي تجلّت في حركيّة داخليّة أحدثت تغييرات مهمّة في نُظم الحكم، وحركيّة خارجيّة أذكت طموحاتها التوسعيّة الاستعماريّة خارج نطاق القارّة الأوربيّة، تزايد اهتمام الرّوائيّين الأوربيّين بالرّواية التاريخيّة؛ فأخذوا «يتّجهون إلى هذا النّوع الرّوائيّ المهمّ، لما فيه من إحساس بالرّوح القوميّة الأوروبيّة، وليبعثوا في الذّاكرة الشّعبيّة المعاصرة تلك الظّلال العظيمة والتّذكير باللّحظات المجيدة في تاريخ أممها. فظهر فيكتور هيغو برواية أحدب نوتردام في 1831، وفي روسيا تولستوي برواية الحرب والسّلام[5] [...]» (بالنور، 2014) وغيرهم من الروائيّين الذين ما انفكّوا يبثّون روح الحماسة الوطنيّة في أعمالهم، ممّا يعمّق من مشاعر التّعلّق بالوطن والاعتزاز به والانتصار له.

لكنّ كلّ تلك المحاولات لتشييد صرح واقعيّة صارخة، تعتقد بقدرتها على إعادة تشكيل معالم الوقائع التاريخيّة مثلما كانت على الحقيقة/ الأصل ما انفكّت تتلاشى، بفعل تراجع يقين الإنسان بإمكان القبض على الحقيقة؛ فبدا «أنّ الانحلال ينطلق بأسلوب ذي شقّين ومتناقض في الظّاهر. فمن جهة، يوجد تشكّك متزايد أبدا في إمكان معرفة الواقع الاجتماعيّ ومن ثمّ التّاريخ أيضا. وهذا التّحوّل يتحوّل بالضرورة إلى تصوّف [...] وتبلغ هذه الاتّجاهات ذروتها في التّزييف والأسطرة الفاشيّة البربريّة للتّأريخ. ومن جهة أخرى، فإنّ طرح التّاريخ مهمّة تتمثّل فيها الحدود القصوى من الدّقة فيما يتعلّق بالحقائق المنفردة والمعزولة، المنزوعة من سياقها الملائم.» (لوكاتش، 1986) هذا التّناقض الظّاهر قوّض اليقين، وزرع بذور الشّك التي بدأت تجتاح الأعمال الرّوائيّة.

ولعلّ من أوائل الأعمال التي عبّرت عن هذه النّظرة المتشكّكة المرتابة حيال الحقيقة التّاريخيّة؛ كتابات فيكتور هيجو المتأخّرة، «الذي ربّما كانت روايته «1793» أوّل عمل تاريخيّ مهمّ يحاول تفسير تاريخ الماضي بروح الإنسانيّة المحتجّة الجديد [...] وليس معنى هذا أنّ هوغو كان قد قطع صلته بجميع تقاليده الرومانتيكيّة السّابقة. ففي معنى من المعاني، إنّ رواية «1793» هي آخر صدى للرواية التاريخيّة الرومانتيكيّة.» (لوكاتش، 1986) لكنّه صدى تفوح منه رائحة تغيير جذريّ، ما لبثت عدواه تنتقل سريعا، لتتجلّى هذه النّظرة المعارضة للواقع التاريخي الصرف في أعمال: أناتول فرانس، أو هنريخ مان، أو ليون فويشتفانغر[6] ...  حسب ما أورده جورج لوكاتش.

العرب والرّواية التاريخيّة   

أمّا في الجانب العربيّ، فقد شهد القرن التّاسع عشر ميلاد الرّواية التّاريخيّة، في خضمّ حركيّة ثقافيّة عارمة، أجّجتها عمليّات التّعريب والبعثات العلميّة والطباعة و... التي رافقت ذلك السّعي الحثيث نحو اللّحاق بركب الحضارة العالميّة؛ فقد» أشاع التّعريب مناخا سرديّا مناسبا في الأدب العربيّ الحديث، وذلك عندما جرى اقتباس الكثير من النصوص الروائيّة والمسرحيّة ونقلها إلى العربيّة.» (إبراهيم، 2008) ممّا أثرى المكتبة العربيّة بجديد المؤلّفات وضخّ بالتالي دماء وروحا مغايرة لما ظلّ سائدا لقرون عبر فنّ المقامات وما شابهه.

وفي فسحة هذا الجو الذي يفيض تجديدا وتنوّعا وإبداعا، شقّ الرّوائيّون العرب طريقهم في سرد الرّواية التّاريخيّة؛ حيث أخذت ابتداء من سليم البستاني (1848، 1884) « تخطو خطواتها الفنيّة الأولى.. وقد كتب البستاني عدّة روايات تاريخيّة أبرزها «زنوبيا» و»بدور» (1872) [...] وقد اتّكأ في معظم آثاره.. وبخاصّة التاريخيّة، على المفاهيم الغربيّة.» (المعوش، 1999) التي كان تأثيرها سائدا في عصره.

ونسجا على منوال هذا الفنّ الروائي المستحدث، توالت الأعمال في هذا المجال، لتتكرّس فنّا أدبيّا له خصوصيّاته مع جرجي زيدان (1861، 1914) الذي»يعدّ مرسي هذا الفنّ في النّهضة .. وقد حاول التّوفيق بين متطلّبات البيئة وبين تأثّره بالشكل الروائيّ الغربيّ [...] وكان معلّما للتاريخ، ومعظم رواياته مستمدّة من التاريخ الإسلاميّ والعربيّ [...] إذ يجعل زيدان من الفنّ خادما للتاريخ.» (المعوش، 1999) حيث يطوّع فنيّات الرّواية الأدبيّة لتقديم المادّة التّاريخيّة بالشّكل الذي يستدعي اهتمام القرّاء ويدعوهم لمطالعتها.

فكانت الغاية الأولى لكتابة الرواية التاريخيّة عند زيدان هي التّعليم؛ «فالروايات كانت سجلّات تاريخيّة تتحرّى الدّقة في نقل المعلومات بتفاصيلها، ولا تفرقها عن كتب التراث التاريخي سوى قصة عاطفيّة خياليّة، يربط بها المؤلّف الأحداث في الرواية [...] وهكذا بدت هذه الرّوايات وكأنّها تاريخ قصصيّ، وليست روايات قصصيّة.» (زيدان، 1988) بحيث غلب التّاريخ والرغبة في تعليمه فغطّى على الجوانب الفنيّة التي يفترض أن تميّز العمل الروائي.

وعلى غرار زيدان، توالت الكتابات في الرّواية التاريخيّة، تزامنا مع تصاعد المدّ القوميّ والحركات التّحرّريّة في أرجاء البلاد العربيّة؛ لتكون تمثيلا للحاضر في صورة الماضي. ولهذا تميّزت روايات هذه المرحلة بـ : «حماسها القوميّ واعتزازها بأبطال العرب لتقف في وجه الغرب الاستعماريّ وتثبت جدارة العرب وتفتّحهم ورقيّهم ...» (المعوش، 1999) في محاولة لبعث روح الماضي الزّاهر – حسب منظورهم- في الحاضر. وقد عبّر عن هذه المرحلة العديد من الأعمال الروائيّة؛ «فنجد محمد فريد أبو حديد يكتب رواياته التّاريخيّة مستعينا بتاريخ العرب قبل الإسلام، وأنتج منها: أبو الفوارس عنترة، والمهلهل سيّد ربيعة، والملك الضليل [...] أمّا علي أحمد باكثير فقد كتب رواياته التاريخيّة مستمدّا أصولها من التّاريخ الإسلاميّ. فنجد له روايات مثل: وا إسلاماه، وسلامة القس، والثّائر الأحمر [...] وتعتبر روايات باكثير التاريخيّة أكثر نضوجا من الروايات التي سبقتها، فهي تتجه نحو القوّة في بناء الرّواية، والاهتمام برسم الشخصيّات وتطوّرها.» (زيدان، 1988) في جوانبها المختلفة.

لتأخذ الرّواية العربيّة بعدا أكثر فنيّة مع أعمال نجيب محفوظ التاريخيّة، والتي انتقلت بهذا اللّون الأدبيّ من تعليم التّاريخ إلى تطويع التّاريخ لخدمة الفنّ؛ حيث «لم يأخذ نجيب محفوظ من التّاريخ الفرعوني إلّا ما هو أساسيّ، فهو لم يتقيّد بالوقائع التاريخيّة، وإن حافظ على الشخصيّات المتصلة بها. وكان في معالجته الروائيّة أقرب إلى العمل الحقيقيّ للروائيّ، وهو الاستلهام لا إعادة الصياغة. بل كان يؤسّس استلهامه لذلك التّاريخ على رؤية فكريّة معيّنة، تحدّدت في رواياته الثّلاث الأولى[7] وحين يكتب نجيب محفوظ عن التاريخ، فهو إنّما يفعل ذلك وعينه على الحاضر [...] وهو أيضا يلجأ إلى التّاريخ باعتباره تجربة مكتملة منتهية يسهل تقويمها واستخلاص العبرة منها والانتفاع بها في الحكم على الحاضر وتوجيهه هذه الوجهة أو تلك.» (عبد القادر، 2011) كلّ ذلك في إطار القالب الفنيّ للرّواية.

وإذا كانت التّجارب الرّوائيّة في هذه المرحلة قد استخدمت التّاريخ قناعا لأفكار مبطّنة، فقد شقّت الرّواية التاريخيّة في المرحلة المعاصرة طريقا نحو بعد أكثر تعقيدا؛ يتماهى فيه التّاريخ مع الفنّ بحيث يصعب الفصل بينهما، وهو ما تجسّده مثلا رواية: كتاب الأمير مسالك أبواب الحديد لواسيني الأعرج. ومع أنّ حضور التّاريخ في كتابات هذا الأخير لا يخفى، فـ «ليست هذه أوّل مرّة يعتمد فيها واسيني الأعرج على تاريخ الجزائر، بل جلّ رواياته تدور حول الجزائر الحديثة والمعاصرة، واستمدّ نسغها وإطارها وواقعها من ذلك أيضا. ولكنّ الذي يميّز هذا العمل الروائيّ هو الحضور القويّ للمادّة التاريخيّة، المتمثّلة في الوثائق والكتابات والمراسلات والمصادر المشهود لها في كتابات تاريخ الجزائر في تلك الفترة [...] وتتمثّل كذلك في قوّة لغته السرديّة التي كانت تخرج من صلب الوقائع التاريخيّة وترائب السرد التاريخي، أي من الحقائق التاريخيّة الموثّقة، ومن عمليّة الكتابة التي تحاول رفع الوثائق إلى مستوى التخييل السردي، حتّى يكاد يصبح السرد التاريخيّ شفافا ترى من ثقوبه الوقائع التاريخيّة، ويشرئبّ منه السرد التاريخيّ.» (مفنونيف، 2018) في نوع من التواشج الوثيق واللحمة التي تنصهر فيها عوالم النصوص وآفاق السرد في بوتقة الحكاية.

وفي هذه الحكاية تُستحضر الذّاكرة/ التّاريخ لتعيد ترتيبها في مساحات النص وعبر فضاء التخييل، فـ «الأدب باعتباره من أكثر الخطابات فاعليّة في توثيق الذاكرة وتمثيلها [...] فإنّه لا يتيح فقط للذاكرات فضاء أوسع للتواصل والتفاعل والانتقال بين الأفراد والجماعات، بل يساعد أيضا على ترهين الفهم للماضي كما نجده عند عبد الوهاب المسيري في روايته «الديوان الإسبرطي». (إدريس، 2022) فهذه الرواية وسابقتها كان للتاريخ فيها حضوره المختلف، وهذا الحضور المكثّف للتاريخ/ الذاكرة ضمن فضاء الرّواية هو ما يمكن تسميته احتفاء بالتّاريخ في السّرد.

من كلّ ما سبق، فإنّ النّظر إلى هذا الاختلاف في استثمار المادّة التاريخيّة في الأعمال الرّوائيّة؛ بين التّشويق للعودة إلى قراءة التاريخ، أو التّحفيز على النّهوض بالحاضر اقتداء بمآثر الماضي، أو تخليد الأمجاد والتّذكير بعراقة الأمّة وماضيها الغابر ... يثير تساؤلات جمّة حول علاقة التاريخ بالرّواية أو بصيغة أخرى علاقة الحقيقة بالتّخييل في الرواية.

التّواصل الجدليّ بين الرواية والتّاريخ    

ترتبط الرّواية والتّاريخ عبر علاقة يطبعها الإشكال، ويسمها الأخذ والرّد حول مختلف جوانبها المتداخلة، لكنّها «وطيدة، وأكثر من جدليّة، فهما ينتميان لمنظومة حكائيّة واحدة يستحيل فصلهما. لا تاريخ بلا فعاليّة سرديّة روائيّة، ولا رواية بلا فضاء تاريخيّ، يغذيّ أحدهما الآخر على نحو أكيد وأصيل وفعّال ومنتج.» (عبيد، 2020) لنصوص في التّاريخ والرّواية والنّقد تثري هذه الرّابطة بتنوّع الآراء ووجهات النّظر.

على أنّ الرّواية بما تحمله من تصوير لمشاهد الحياة والأماكن ومظاهر النّاس وتعاملاتهم وتحوّلاتها المختلفة عبر الحقب الزّمنيّة لا يمكنها -بأيّ حال من الأحوال- أن تكون بعيدة عن التّاريخ الذي يشاركها عناصرها الأساسيّة، من أحداث، وشخصيّات، وإطار زمانيّ ومكانيّ ... كما أنّ التاريخ لا ينفصل هو الآخر  عن عنصر التخييل الروائيّ؛ «وهذا لا يعود إلى كون الماضي شيئا لا واقعيّا؛ بل لأنّ الواقع الماضي غير قابل للتأكّد، وبما أنّه لم يعد موجودا، فإنّ خطاب التّاريخ لا يستهدفه إلّا على نحو غير مباشر، أي رمزي وهنا تفرض القرابة بين السرد والتّاريخ نفسها.» (بريمي، 2014) باعتبار كلّ منهما يمتح من معين اللّغة لرسم معالم وجوده. ولهذا يحسن بنا التّفريق بين التّاريخ في الرّواية، باعتباره عنصرا من عناصرها، حاضر في مختلف أنواعها كتقنيّة من تقنيات السّرد. وبين الرّواية التّاريخيّة التي تعلن صراحة عن توجّهها التّاريخي من خلال اختيار واقعة أو شخصيّة تاريخيّة واستثمارها في بناء سرد روائيّ تخييليّ.

لكن ما الذي يصنع ميزة الرّواية عن التّاريخ رغم التّجاذب الشّديد الذي يطبعهما؟ فكلاهما – في النّهاية- يسرد واقعا ما، في محاولة للتّشبّث بالزّمن الماضي قدما دونما توقّف. التّاريخ يعاود نسج تفاصيل الحدث قراءة وتأويلا، بالشّكل الذي يجعلها أقرب للواقع منطقيّا. مثلما الرّواية تحاول من جانبها قراءة الواقع والتّاريخ برؤية فنيّة جماليّة. إذ» ليست مهمّة العمل الفنيّ عرض واقع معطى أو التّعبير عن أفكار مسبقة، وإنّما إعادة خلق الواقع بنقله من صعيد الواقع ووضعه على صعيد الخيال والتعبير والأسلوب. ذلك بأنّ دلالة العمل الفنيّ لا تتأسّس إلّا في الأبنية الملتفّة والمعقّدة والأفعوانيّة المسبوكة من نسج الاسترجاعات والتّعارضات وتحريفات الواقع.» (جينيت، 2003) فيتبدّى هذا الأخير بلبوس فنّ التّخييل الذي يبيح للروائيّ ما يحضر على المؤرّخ؛ من قبيل إدراج شخصيّات جديدة أو التّصرّف في الأحداث بما تمليه الضرورات الفنيّة ... إلى غير ذلك من اللّمسات التي يضفيها المبدع على عمله، تبعا لإستراتيجيته القرائيّة لمجريات الأحداث ومخرجاتها.

ولعلّ البحث في مواضع التّمايز بين الرّواية والتّاريخ، يحيلنا مباشرة إلى تعيين ثلاث مستويات أساسيّة للقراءة:

مستوى القصديّة

إنّ التّقاطع القائم بين الرّواية والتّاريخ، بما أنّهما يمتحان من معين السّرد في قراءة الأحداث، وتقديم تصوّر ما للمادّة التي يعالجها وللواقع بطريقة ما، لا يفضي بالضرورة إلى توافق يلغي الحدود الفاصلة بينهما؛ ذلك أنّ القصديّة النّصيّة تلعب دورها الهّام في توجيه شكل القراءة الروائيّة أو التّاريخيّة. فإذا زعمت الرّواية استلهام التّاريخ، والنّهل من وقائعه، «لا يستطيع سوى التّاريخ وحده ادّعاء وجود إحالة مسطورة في الواقع التّجريبيّ، ما دامت القصديّة التّاريخيّة تستهدف وقائع حصلت فعلا. وحتّى لو لم يعد الماضي يوجد [...] فإنّه يظلّ قد حدث سابقا. وبرغم ذلك تحكم واقعة الماضي، مهما كانت غائبة عن الإدراك الحاضر، القصديّة التّاريخيّة، مانحة إيّاها مسحة واقعيّة لن يقوى الأدب على أن يكون مكافئا لها، حتّى وإن ادّعى الواقعيّة.» (ريكور، 2006) في التصوير والتّمثيل.

لكن هل يعني ذلك أنّ التّاريخ بإمكانه استعادة الوقائع الماضية بالشّكل الذي كانت عليه في الأصل؟ وهل يملك أن يسترجع ذلك الأصل الغائر في الزّمن بكلّ تفاصيله؟

إنّ الواقعة الحدثيّة شديدة التنوّع بطبيعتها، ومثقلة بالتّفاصيل التي يعجز أيّ ادّعاء مهما بلغ من الدقّة والمصداقيّة الإحاطة بها، والإلمام بجزئيّاتها المستعصية على الحصر. فـ» لا معنى للقول بأنّ المؤرّخ يطمح إلى استعادة الأشياء كما وقعت، إنّ هدفه ليس أبدا أن يجعلنا نعيش من جديد الحدث السّابق، وإنّما أن يعيد تركيب هذا الحدث ويعيد إنشاءه من خلال نظام رجعيّ – فالموضوعيّة التّاريخيّة تكمن بالضّبط في نبذ ادّعاء مطابقة الماضي الأصليّ، إذ عمل المؤرّخ هو بناء نسق الواقع انطلاقا من فضاء المعقوليّة التّاريخيّة.» (ولد أباه، 1994) القابلة للتّصديق.

لكنّ تحصّن التّاريخ بهذه المرجعيّة التي ترتبط أواصرها بوقائع الماضي لا ينفي عن الرّواية - في المقابل- جانبها المعرفيّ الذي يتدثّر بلبوس الخيال»لذلك فإنّ الرّواية – حتّى وإن قصدت إلى تحقيق متعة خالصة- فإنّها لا تنفصل عن المعرفة: معرفة ذات خصوصيّة تسلك المنعرجات وتمزج العقلي بالأسطوري والمرئي بالمسموع والتجريبي بالمقروء... حتّى الحكاية أو  العناصر القصصيّة التي تتكئ عليها، تنقل إلينا موقفا وفهما معيّنا لتاريخ الرّواية.» (برادة، 1996)  كما تنقل لنا مجموعة من التجارب والخبرات إن في شكل معلن أو مضمر.

فكلّ من الرواية والتّاريخ يرتكز على قصديّة تنبني من جهة على ركيزة الانتماء إلى جنس الرواية أو التّاريخ، بكلّ ما يحمله هذا الانتماء من ثقل التّعريف وخصوصيّة التّصنيف، وعلى ما يحمله النّص من معرفة، ومرجعيّة هذه المعرفة وغاياتها. ولكنّها تستند أيضا إلى ما يضفي على هذا الانتماء وهذه المعرفة أيّا كان نوعها أو قيمتها شرعيّة الحكم؛وهذا ينقلنا رأسا إلى الشقّ الثاني من وجوه المفارقة بين التاريخ والرواية.

مستوى التّلقّي

إذا كانت القصديّة منطلق النّص في تشكيل بنيته المفهوميّة ورؤيته التّصوّريّة التي تتحكّم في توجيه مساره نحو الواقع التّأريخيّ أو التّخييل الرّوائيّ، فإنّ الاستجابة القرائيّة من شأنها تثبيت قدم النص في أحد الجانبين من خلال فعاليّة التّصديق، فللقارئ دوره المؤثّر في سيرورة المعنى النصيّ من خلال «أفق التّوقّع»، الذي «تحدّده ثقافة القارئ وتعليمه وقراءاته السّابقة أو تربيته الأدبيّة والفنيّة، لهذا أكّد ريتشاردز[8][9]* [...] وعيه بأنّ عمليّة القراءة مركّبة وأنّ «السياق» يلعب دورا مهمّا في قراءة النصّ وتفسيره. والسياق عند ريتشاردز يعني كلّ ما يجيء به القارئ إلى النصّ ويحدّد استراتيجيّات القراءة مقدّما قبل تعامله مع النصّ،أي تعليم النصّ. هذه الإستراتيجيّات هي التي تمكّن القارئ من التّعامل مع غير المعروف (النص الجديد) عن طريق المعروف.» (حمودة، 8199) الأمر الذي يتيح له تكوين رؤيته حول هذا النص.

غير أنّ هذه القراءة ليست تطويعا للنصّ حسب أهواء القارئ، ولا هي فرض لمعانٍ ما بصفة إكراهيّة، إنّما هي محاولة لفهم النصّ في إطار أفقه التّاريخيّ؛ وفي هذا السياق يقول هانز جورج غادامير Hans Georg Gadamer (1900، 2002): «في مجال هذا الفهم التّاريخيّ أيضا نتحدّث عن الآفاق، خاصّة عند الإشارة إلى مطالبة الوعي التاريخيّ برؤية الماضي في ضوئه هو، وليس في ضوء معاييرنا وأهوائنا المعاصرة، بل في داخل أفقه التاريخيّ، إنّ مهمّة الفهم التاريخيّ تعني أيضا تكوين أفق تاريخيّ ملائم، حتّى يمكن النظر إلى ما نحاول فهمه في أبعاده الحقيقية. وإذا فشلنا في الانتقال إلى الأفق التّاريخيّ الذي يتحدّث منه النص التراثيّ، فسوف نخطئ في فهم أهميّة ما يجب على النص أن يقوله ... يجب أن نضع أنفسنا في الموقف الآخر حتّى نفهمه.» (حمودة، 1998) فلا يجب على القارئ أن ينغلق على ذاته ضمن دائرة قناعاته الخاصّة،إنّما ينفتح على مسارات النص التاريخيّة؛ من خلال مقاربته في إطار سياقه ومرجعيّاته التي أنتجته، بدل تغريبه، وهو ما يتيح للقارئ بناء فهم أوضح لطبيعة النص.

وإقبال القارئ على النص، مع مراعاة حيثيات القراءة، لا يستبعد اختلاف الحكم على النص بناء على توجّهه المعلن. وهنا بالذّات مكمن المفارقة بين الرواية والتّاريخ. حيث «يختلف النّصان الأدبي والتّاريخيّ في طبيعة العقد القائم بين المؤلّف والقارئ. ففي العمل الأدبي يقبل القارئ مسبقا تصرّف المؤلّف في تشكيل الواقع المتخيّل، في حين يتوقّع القارئ من المؤرّخ سرد أحداث تمّت بالفعل في الماضي.» (ولد أباه، 2014) فمن خلفيّة هذا العقد القرائيّ يقيم المتلقي المفارقة بين الرّواية بما هي تخييل يضاهي الحقيقة ويفارقها، والتاريخ بوصفه قراءة تتصوّر الماضي مثلما يمكن أن يكون.

على أنّ هذه المفارقة تتمّ على مستوى يستحضر القصديّة، ويحفز الاستجابة القرائيّة، وهنا تلقي مسألة المرجع بظلالها، وتفرض حضورها الطّاغي، بوصفها حلقة وصل تلتقي عندها الرّواية بالتّاريخ وتفترقان في آن.

مستوى المرجع

تنبني قضيّة المرجع في الأساس على علاقة اللّغة بما هي دالّ صوتيّ ومدلول ذهنيّ مع ما تحيل عليه/ المرجع، وبذلك تشكّل اللّغة محطّ العقد والحلّ؛ ذلك أنّ لها «القدرة على إنتاج بنيات لغويّة من نوع معيّن؛ بنيات مولَّدة، يتحكّم في إنتاجها ما هو تصوّريّ، بناؤها يكون على مستوى التّمثيل الذّهنيّ، وليس على مستوى ما يربط بين المرجع في العالم الواقعي الحقيقيّ غير اللّغوي. فالعالم الحقيقيّ لا يؤثّر في اللّغة إلّا بصورة غير مباشرة؛ لأنّ دوره ينحصر في كونه يساعد ويعمل على تحفيز السيرورات التنظيميّة الإدراكيّة التي تنتج العالم في الذّهن.» (عوشاش، ب س) ومن ثمّ فهي تستغلّ هذه الطّاقات على التّنظيم والتّنسيق والبناء والتّصوّر في إنشاء عالمها الخاصّ، في مقابل عالم الواقع.

والرّواية بما تحوزه من إمكانّات تعبيريّة وتخييليّة، استغلّت ببراعة المساحات الرّحبة التي تمنحها اللّغة، لتنشئ عالمها الموازي، فالّرواية عالم فريد هو ليس بالضّرورة الواقع ولا الحقيقة، مع أنّه قد يبدو منهما، لكنّه مع ذلك يفارقهما، عالم يقوم على ابتكار مختلف عناصره وجزئيّاته، والتّأليف بينها وترتيبها وفق ما تقتضيه مجريات الأحداث وضرورات العمل الفنيّ.

في حين يحاول المؤرّخ جمع عناصر الواقعة الماضية؛ بما يتوفر لديه من مخطوطات وسجلّات وآثار ... ويعمل على التّأليف بينها، وتأويل ظواهرها –إن اقتضى الأمر- ليقدّم تصوّرا ما أو قراءة لهذا الماضي، على أنّ هذا التّصوّر أو هذه القراءة لا يُفترض أن تكون مطابقة تماما للأصل، إنّما تبقى دائما في دائرة الاحتمال/ في موقع الما- بين/ أو رؤية لما يمكن أن يكون ماضيا.

فالرواية تأخذ من عناصر الواقع لتنشئ عالمها المتخيّل المختلف، والتّاريخ يأخذ من التّخييل ليعيد تركيب وإنشاء الواقعة الماضية على الوجه الذي يقبله المنطق العقليّ؛ «والنّتيجة، أنّ التّخييل يستعير من التّاريخ، والتّاريخ يستعير من التّخييل. ثمّة إذن، مرجعيّة متقاطعة، بين التخييل والتّاريخ، عبرها تكسب الخاصية السرديّة للفعل الإنساني زمنيّته كمبدأ منظم لتجارب الواقع وعوالم السّرد.» (مفنونيف، 2018) فكلّ منهما يأخذ من الآخر، بيد أنّ أيّا منهما لا يطابق الآخر

ولكن أين مكمن الرّواية التّاريخيّة من كلّ هذه السّجالات؟

الرواية التّاريخيّة في قلب المتناقضات

وفي منطقة الما- بين/ بين الواقعيّ والتّخييليّ، بين الحقيقة والوهم، تتموضع الرّواية التّاريخيّة التي تنهل من هذه المفارقات، وتلعب على وتر المتناقضات/ المتآلفات بين الرّواية والتّاريخ،وتتحرّر من إكراهات التّاريخ (باضطراره إلى التدليل بالحجة والبرهان للإقناع بصدق أخباره)، وإلزامات الرّواية بالتشكّل ضمن فضاء التخييل، لتعلن عن غيريّتها التي تؤلّف بين التاريخ والرّواية وتخالفهما في الآن ذاته، تجمع بينهما لتصنع وجودها الخاص والمتفرّد، حيث تتواطؤ الأضداد» بين الرواية والتّاريخ في نصّ واحد، يعمل فيه الفضاء السّردي التخييليّ الكائن في مصطلح الرواية مع الفضاء المرجعيّ الواقعي الكائن في مصطلح التاريخ على منضدة محكيّ واحد.» (عبيد، 2020) حيث يتآلف ذلك التّنوّع في تناغم على مساحات النص، لتصنع الجميل والمختلف، هذا الجميل الذي لطالما ترافق على أرضه الآني والتّاريخي/ الواقعيّ والتّخييليّ، فـ» ما دام الوعي الجماليّ يزعم أنّه يشمل كلّ شيء ذا قيمة فنيّة، فإنّ له سمة التّزامن. ولذلك فإنّ شكل التّفكير الذي يتحرّك فيه، كشيء جماليّ، ليس شكلا حاضرا فقط، لأنّ الوعي الجماليّ بقدر ما يجعل كلّ شيء يقيّمه شيئا متزامنا، فإنّه يشكّل نفسه كشيء تاريخيّ في الوقت نفسه.» (غادامير، 2007) فالعمل الإبداعيّ يصنع مفارقته الجماليّة في الوعي، فلا يرهنها في اللحظة الحاضرة وإنّما يتجاوزها نحو صيرورتها التاريخيّة. 

خاتمـة

من خلال ما سبق، يتجلّى نقاش الرواية والتّاريخ بين الحقيقة والتّخييل سجالا متعدّد الأبعاد متشعّب المباحث، فبقدر ما توحي الرّواية بارتباطها بالواقع وشايةً، فهي تفارقه في الآن ذاته. كذلك بقدر ما يدّعي التّاريخ مقاربة الماضي فهو يجانبه أيضا. فكلّ من الرّواية والتّاريخ يأخذ من معين الواقع، لكن ليس لاجتراره، وإنّما لإعادة تشكيله بصورة تتباين مقصدا وغايةً؛ فما بين الإمتاع والإخبار/ الإبداع والتّركيب تتراوح العلاقة بين الرّواية والتّاريخ.

 ويحتدم الجدال في الرواية التاريخيّة، التي ظهرت ونشأت وتطوّرت عبر مسارات وعوامل ساهمت في رسم معالمها كنصّ روائيّ له ما يميّزه. هذا النصّ الذي يمكن القول إنّ ميلاده جاء على يد والتر سكوت؛ الذي أسّس تقاليد هذا الفنّ الروائيّ في الثقافة الغربيّة. غير أنّ هذه التّقاليد ما انفكّت تخضع للنّقد والمراجعة لتنتقل الرواية التّاريخيّة من جموح الخيال التاريخيّ إلى عقلنة هذا الخيال الفنيّ ضمن إطار التّاريخ. في المقابل كان التّقليد المساحة التي ظهرت فيها الرواية التاريخيّة في الثقافة العربيّة. لكن يبدو أنّ الرّوح القوميّة كانت باعثا مهمّا لتوسّع الكتابة في هذا النّوع الرّوائيّ، بما يوحيه استحضار الماضي من تشبّث بأهداب الهويّة أيّا كانت ثقافة الانتماء.

وما لبثت الرواية التّاريخيّة تفرض وجودها وتتوسّط ذلك المعترك الصّعب كنوع أدبيّ فيه من تخييل الرّواية بقدر ما فيه من تصوّر حقيقة التاريخ، لكنّها ليست رواية تخييليّة خالصة، مثلما أنّها ليست تاريخا حقيقيّا ثابتا، إنّها كلاهما وغيرهما في الوقت ذاته، فالرّواية التاريخيّة تبتكر تميّزها من خلال إجادة لعبة المتناقضات؛ إن على مستوى القصديّة؛ من خلال إعلان توجّهها التّاريخيّ صراحةً، ثمّ كسر توقّعات القارئ عبر توليفة من الرّموز اللغويّة والاستراتيجيّات الفنيّة التي تبيحها الرّواية، لتخلق من كلّ هذا عالما سرديّا يؤسّس  للجميل المدهش، وإن على مستوى التّلقي؛ الذي يتأسّس الحكم فيه على فاعليّة النّص التّأثيريّة وعلى مرجعيّات وخلفيّات المتلقّي القرائيّة، وإن على مستوى المرجع؛ حيث تستغلّ الرّواية التّاريخيّة إمكانات اللّغة وممكناتها بالشّكل الذي يتيح لها نسج خيوط لعبتها الدّراميّة، وبناء وتشكيل توليفة متناغمة لواقع هو الممكن بامتياز، هو المشابه/ المفارق المختلف.



[1] أوغستين تيري Augustin Thierry (1795، 1856): مؤرّخ فرنسيّ، من أهمّ أعماله: Lhistoire de conquête de lAngleterre par les Normands, 1825.

جان دو سيسموندي Jean de Sismondi (1773، 1842): مؤرّخ سويسري، من أهمّ مؤلّفاته: History of the Italian Republics in the middle Ages.

ويليام إتش بريسكوت William H. Prescott (1796، 1859): قانوني ومؤرّخ وكاتب أمريكيّ، من مؤلّفاته: History of the conquest of Peru, Conquest of Mexico …

[2]  ألفريد دي فيني Alfred de Vigny (1797، 1863): كاتب وروائي وكاتب مسرحي وشاعر فرنسي، من مؤلّفاته: إلوا، أو أخت الملائكة 1824، قصائد قديمة وحديثة 1826، القدر 1864، ...

 

[3] أونوريه دي بلزاك Honoré de Balzac (1799، 1850): كاتب وروائي فرنسي، من مؤبّفاته: أوجيني جرانديه 1833، الأب غوريو 1835، بيت العمّة 1846...

 

[4] جوستاف فلوبير( Gustave Flaubert (1821، 1880: روائي فرنسي، من أهم أعماله: التربية العاطفيّة، ثم رواية «مدام بوفاري» 1857، ثمّ رواية «سلامبو» 1862؛ وهي رواية تاريخيّة تدور أحداثها في قرطاج في القرن الثالث قبل الميلاد، مباشرة وأثناء تمرّد المرتزقة الذي نشب بعد الحرب البونيقية الأولى.

 

[5] فكتور هوغو Victor Marie Hugo)1802، 1885): أديب وشاعر وروائيّ فرنسيّ. ليو تولستوي( Léon tolstoï  (1828، 1910: روائي ومصلح اجتماعي ومفكّر روسي.

 

[6] أناتول فرانس (Anatole France (1844، 1924: روائيّ وناقد فرنسي، من أعماله: جوكاست والهرم الهزيل، الزنبقة الحمراء، تاييس، ...

هنريخ مان Heinrich Mann (1871، 1950): روائيّ ألماني، من أهم أعماله: الفقراء Die Armen ، الموضوع Der Untertan ، الرأس Der Kopf .

ليون فويشتفانغر Lion Feuchtwanger (1884، 1958): أديب ألمانيّ، من أعماله: الجميلة يود، ثلاثية غرفة الانتظار، ثلاثيّة يوزيفوس، نيرون المزيّف ...

[7] الثلاثية التاريخيّة: هي باكورة أعمال نجيب محفوظ الرّوائيّة، كانت أولاها: عبث الأقدار 1939، تلتها رواية: رادوبيس 1943، ثمّ رواية: كفاح طيبة 1944.

 

[8]  إيفور أرمسترونغ ريتشاردز( Ivor Armstrong Richards (1893، 1979: ناقد أدبي وبلاغيّ، من أهمّ مؤلّفاته: معنى المعنى، مبادئ النقد الأدبي، فلسفة البلاغة ...

 

 

المراجع

إسماعيل مهنانة. (2021). في نقد العقل السّردي. الجزائر ، بيروت: منشورات الاختلاف، منشورات ضفاف، ط1.

السيد ولد أباه. (2014). التاريخ والحقيقة لدى بول ريكور. مجلّة يتفكّرون ،مؤسسة مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث، الرباط، العدد3.

السيد ولد أباه. (1994). التاريخ والحقيقة لدى ميشال فوكو. بيروت: دار المنتخب العربي، ط1.

بول ريكور. (2006). الّزمان والسّرد الحبكة والّسرد التاريخي،ترجمة: سعيد الغانمي وفلاح رحيم، مراجعة: جورج زيناتي. بيروت: دار الكتاب الجديد المتحدة، ط1.

جورج لوكاتش. (1986). الّرواية التاريخّية، ترجمة: صالح جواد الكاظم. بغداد: دار الشؤون الثقافية العامة، ط2.

جيرار جينيت. (2003). خطاب الحكاية بحث في المنهج، ترجمة: محمد المعتصم و عبد الجليل الأزدي وعمر الحلي. الجزائر: منشورات الاختلاف،ط3.

حميد عبد القادر. (19 ديسمبر, 2011). الّرواية التاريخيّة عند نجيب محفوظ .. عودة الّروح لمصر التي عمرها سبعة آلاف عام. تم الاسترداد من الجزائر نيوز: www.Djazairess.com/Djazairnews

خليفة عوشاش. (بلا تاريخ). المرجع والإحالة في النص الروائيّ. الممارسات اللغوية، جامعة مولود معمري تيزي وزو.

رولان بارت. (2010). شعرّية المسرود، ترجمة: عدنان محمود محمد. دمشق: الهيئة العامّة السوريّة للكتاب .

سالم المعوش. (1999). الأدب العربّي الحديث نماذج ونصوص. بيروت : دار المواسم،ط1.

سامية إدريس. (جانفي, 2022). التّخييل التاريخيّ واستدعاء الذاكرة في رواية «الديوان الإسبرطي» لعبد الوهاب عيساوي. مجلة الخطاب جامعة مولود معمري تيزي وزو ، العدد 1

سلطان بن سعد القحطاني. (1433 هـ). العلاقة الجدلية بين الرواية والتاريخ . أبحاث ملتقى الباحة الأدبي الخامس: الّرواية العربية الذاكرة والتاريخ ، ط1.

سليمة بالنّور. (25 شباط/ فبراير, 2014). مجلة عود الند. تم الاسترداد من www.oudnad.net

سميرة حسن محمد زيدان. (1988). الّرواية التاريخية عند السير والتر سكوت وجرجي زيدان دراسة مقارنة. رسالة مقدمة لنيل درجة الدكتوراه جامعة أم القرى.

شعيب مفنونيف. (ديسمبر, 2018). بين الحدث التاريخي والسّرد الروائي أيّ تقاطعات وأيّ علاقة؟؟ كان التاريخية ، العدد 42.

عبد العزيز حمّودة. (1998). المرايا المحدّبة من البنيويّة إلى التّفكيك. الكويت: المجلس الوطني للثقافة والفنون.

عبد الله إبراهيم. (2008). موسوعة السرد العربي 1. بيروت، عمان: المؤسسة العربية للدراسات والنشر، دار الفارس.

عبد الله بريمي. (2014). فلسفة السّرد بين الأدب والتاريخ هرمنوسيا الزّمن والمحكيّ عند بول ريكور. تأليف اليامين بن تومي، فلسفة السرد المنطلقات والمشاريع. الرباط، الجزائر، بيروت: دار الأمان، منشورات الاختلاف، منشورات ضفاف، ط1.

محمد برادة. (1996). أسئلة الرواية وأسئلة النقد. الدار البيضاء: شركة الرابطة، ط1.

محمد صابر عبيد. (يناير/ كانون الثاني, 2020). وجهان ووجهتان. مجلّة الجديد ، لندن، العدد 60

هانز جورج غادامير. (2007). الحقيقة والمنهج الخطوط الأساسية لتأويلية فلسفية، ترجمة: حسن ناظم، وعلي حاكم صالح، مراجعة: جورج كتورة. طرابلس: دار أويا

@pour_citer_ce_document

سفيان زدادقة / عائشة بن خليفة, «السّرد والتّاريخ، تواطؤ الحقيقة والمتخيّل في الرّواية التاريخيّة»

[En ligne] ,[#G_TITLE:#langue] ,[#G_TITLE:#langue]
Papier : ص ص 238-248,
Date Publication Sur Papier : 2023-06-26,
Date Pulication Electronique : 2023-06-26,
mis a jour le : 26/06/2023,
URL : https://revues.univ-setif2.dz:443/revue/index.php?id=9456.