إشكالات تحديد الاختصاص القضائي الدولي بخصوص المنازعات الناشئة عن العقود الإلكترونيةProblems of determining international jurisdiction in disputes arising from electronic contractsLes problématiques de détermination de la compétence internationale dans les litiges résultant de contrats électroniques
Plan du site au format XML


Archive: revues des lettres et sciences sociales


N°01 Avril 2004


N°02 Mai 2005


N°03 Novembre 2005


N°04 Juin 2006


N°05 Juin 2007


N°06 Janvier 2008


N°07 Juin 2008


N°08 Mai 2009


N°09 Octobre 2009


N°10 Décembre 2009


N°11 Juin 2010


N°12 Juillet 2010


N°13 Janvier 2011


N°14 Juin 2011


N°15 Juillet 2012


N°16 Décembre 2012


N°17 Septembre 2013


Revue des Lettres et Sciences Sociales


N°18 Juin 2014


N°19 Décembre 2014


N°20 Juin 2015


N°21 Décembre 2015


N°22 Juin 2016


N° 23 Décembre 2016


N° 24 Juin 2017


N° 25 Décembre 2017


N°26 Vol 15- 2018


N°27 Vol 15- 2018


N°28 Vol 15- 2018


N°01 Vol 16- 2019


N°02 Vol 16- 2019


N°03 Vol 16- 2019


N°04 Vol 16- 2019


N°01 VOL 17-2020


N:02 vol 17-2020


N:03 vol 17-2020


N°01 vol 18-2021


N°02 vol 18-2021


N°01 vol 19-2022


N°02 vol 19-2022


N°01 vol 20-2023


N°02 vol 20-2023


N°01 vol 21-2024


A propos

avancée

Archive PDF

N°01 vol 20-2023

إشكالات تحديد الاختصاص القضائي الدولي بخصوص المنازعات الناشئة عن العقود الإلكترونية
Les problématiques de détermination de la compétence internationale dans les litiges résultant de contrats électroniques
Problems of determining international jurisdiction in disputes arising from electronic contracts

تاريخ الاستلام 2019-10-20 تاريخ القبول 12-05-2022

مريم بن خليفة
  • resume:Ar
  • resume
  • Abstract
  • Auteurs
  • TEXTE INTEGRAL
  • Bibliographie

تواجه الأطراف المتعاقدة جملة من التحديات والصعوبات الجوهرية عند إبرامها للعقود الإلكترونية والتي من شأنها عرقلة السرعة التي يتميز بها هذا النوع من المعاملات وكذا تعقيد إجراءاتها؛ وما يهمنا ضمن هذه الدراسة مناقشة بعض التحديات التي تخص الأحكام الإجرائية التي تخضع لها العقود الإلكترونية، فمع خلو هذه الأخيرة من أي بند يتعلق بتحديد الجهة القضائية المختصة للفصل في المنازعات الناشئة عنها وهو ما اصطلح عليه فقهاء القانون الدولي الخاص بضابط الخضوع الاختياري للأطراف المتعاقدة، ترك هذا الاحتمال فرضية مفادها إخضاع هذه العقود إلى الضوابط أو المعايير العامة في الاختصاص القضائي ونخص بالذكر ضابط موطن المدعى عليه وكذا ضابط الجنسية، وهو ما ولد بدوره إشكالية تتعلق بمدى ملاءمة هذه الضوابط التقليدية للعقود الإلكترونية وما تتمتع به من خصوصيات ومرونة وهو ما تحاول هذه الورقة معالجته

Les parties contractantes sont confrontées à de grands défis et difficultés en ce qui concerne les contrats électroniques qui entraveraient le rythme de ces transactions et compliqueraient leurs procédures, contrairement à leur nature.; ce qui compte parmi tous ces défis a toujours concerné les spécialistes du droit international privé, ce qui a également intéressé à la fois la législation comparée et la communauté internationale en ce qui concerne les dispositions de procédure régissant les contrats électroniques, alors que cette dernière ne dispose pas de dispositions qui déterminent l’autorité judiciaire globalement responsable du règlement des différends qui en découlent, comme les spécialistes du droit international l’ont appelé la “soumission volontaire” des parties contractantes., cela a conduit à l’hypothèse que ces contrats devraient être soumis à des contrôles généraux ou des normes dans la juridiction, notamment le domicile du défendeur et la citoyenneté, ce qui a en fait causé une question de l’adéquation de ces contrôles traditionnels des contrats électroniques, d’où ce que le présent document vise à démêler

Contracting parties face great challenges and difficulties concerning electronic contracts that would hinder the pace of such transactions, and complicate their procedures, contrary to their nature; what matters among all these challenges has always concerned the scholars of private international law, this has also interested both the comparative legislation and the international community regarding the procedural provisions governing electronic contracts, while this latter lacks provisions that determine the judicial authority with overall responsibility for the settlement of disputes arising therefrom, as the scholars of international law called it the “voluntary submission” of contracting parties, this led to the hypothesis that these contracts should be subject to general controls or standards in the jurisdiction, notably the domicile of the defendant and the citizenship, which in fact caused an issue of the appropriateness of these traditional controls of electronic contracts, hence this is what this paper aims to unravel

Quelques mots à propos de :  مريم بن خليفة

Dr. Meriem Benkhelifaجامعة محمد لمين دباغين سطيف2، الجزائرmbenkhelifa452@gmail.com

مقدمة

أثبت القانون الدولي الخاص فعاليته في معالجة المسائل والمنازعات التي تثور بشأن المعاملات ذات العنصر الأجنبي، ومن أهم هذه المسائل وأشدها حساسية مسألة تنازع الاختصاص القضائي الدولي، والتي كانت ولا تزال محل جدل فقهي واسع بين جمهور فقهاء القانون الدولي الخاص، حيث لم يقف الأمر عند مجرد المسائل المتعارف عليها أو الإشكالات العادية التي ولدها الاختصاص القضائي الدولي لاسيما ما تعلق منها بالتنازع الإيجابي والسلبي وكذا مسألة ما إذا تعلقت قواعد الاختصاص القضائي بالنظام العام أم لا، بل تعداه الأمر ليشمل حتى التطور الملحوظ الذي عرفته المعاملات التي يتناولها لاسيما في ظل ظهور شبكة الأنترنت وما تبعه من تأثيرات واضحة على مستوى المجالين الاجتماعي والقانوني.

ولا يخفى على أحد أن المعاملات الالكترونية وعلى وجه الخصوص العقود الإلكترونية تعد من أبرز المواضيع الحديثة التي تناولها القانون الدولي الخاص، والتي أثارت جدلا كبيرا بين جمهور الفقهاء نظرا لما ولدته من إشكالات ملموسة تجسدت أساسا في مدى ملاءمة هذه الضوابط التقليدية للعقود الإلكترونية وما تتمتع به من خصوصيات؟ هذه الإشكالية ولدت بدورها مجموعة من الإشكالات الفرعية نلخصها كالتالي: كيف تعاملت التشريعات المقارنة وعلى وجه الخصوص المشرع الجزائري ضمن قانون التجارة الإلكترونية الجديد مع مسألة الاختصاص القضائي لا سيما في ظل الخصوصية التي تتمتع بها العقود الإلكترونية التي تعتبر من العقود ذات الصفة الدولية؟ ثم أنه وبغض النظر عن المكنة الممنوحة للأطراف في اختيار المحكمة المختصة بنظر النزاع، هل تكفي الضوابط العامة التقليدية المعتمد عليها في تحديد الاختصاص القضائي لحل مشكلة تنازع الاختصاص القضائي في مثل هذه المنازعات أم أنها لا تتماشى وخصوصية هذا النوع من العقود؟ ثم ما موقف التشريعات المقارنة والمجتمع الدولي من مسألة تحديد الاختصاص القضائي؟ كل هذه التساؤلات وغيرها سنحاول الإجابة عنها فيما يلي ذكره معتمدين في ذلك على الخطة التالية والمتكونة من ثلاث عناصر :

الأول بعنوان : الإطار المفاهيمي لمصطلح العقد الإلكتروني وعلاقته بالاختصاص القضائي الدولي والذي سندرس فيه نقطتين أساسيتين ؛ الأولى تتعلق بتبسيط المفاهيم المتعلقة بالموضوع، والثانية حاولنا من خلالها التطرق لفكرة الاختصاص القضائي الإلكتروني وما إذا كانت تصلح كبديل لقواعد الاختصاص التقليدية المتعارف عليها أم لا؟.    

أما العنصر الثاني فخصصناه لدراسة مسألة تحديد الاختصاص القضائي في المنازعات الناشئة عن العقود الإلكترونية من وجهة نظر الفقه والقانون ؛ والتي تحدثنا فيها عن ضابط الخضوع الاختياري وكذا الضوابط البديلة التي يمكن أن يلجا إليها الأطراف لتحديد المحكمة المختصة. 

أما العنصر الثالث سنتناول فيه مسألة تحديد الاختصاص القضائي الدولي من وجهة نظر الاتفاقيات الدولية على غرار اتفاقية بروكسل لسنة 1968 واتفاقية لوجانوا لسنة 1988.

وفي ختام هذه الدراسة سنحاول تسليط الضوء على ما ورد في الاتفاقيات الدولية بخصوص هذا الشأن في محاولة لإيجاد حلول للإشكاليات التي يطرحها الاختصاص القضائي بشأن المنازعات الناشئة عن العقود الإلكترونية.

هذا وتظهر أهمية الدراسة في كون البحث في مجال العقود الإلكترونية وكل ما يتعلق بها خاصة من الناحية القانونية أضحى من الأمور الواجبة علينا كقانونيين ذلك أن الدراسات في مثل هذا المجال محدودة بالمقارنة مع مواضيع أخرى، كما أن موضوع الاختصاص القضائي الدولي في مجال العقود الإلكترونية ولد العديد من الإشكالات القانونية لاسيما عند إسقاط الضوابط العامة المتعارف عليها في الاختصاص القضائي على المنازعات الناشئة عن العقود الإلكترونية التي تتمتع بنوع من الخصوصية الأمر الذي أثار مجموعة من الصعوبات الملموسة عند التطبيق.   

    كما تهدف هذه الدراسة إلى :

-تسليط الضوء على العقود الإلكترونية باعتبارها من العقود الدولية التي تخضع لأحكام القانون الدولي الخاص؛ سواء في الشق المتعلق بالقانون الواجب التطبيق أو في شق المحكمة المختصة بالمنازعات الناشئة عنها.

-تقييم ضابط حرية الأشخاص في اختيار المحكمة المختصة بنظر المنازعة وموقف المشرع الجزائري من هذا الضابط.

-تقييم الضوابط البديلة والمعروفة بالضوابط العامة أو التقليدية في الاختصاص القضائي وبحث مدى وملاءمتها في حل مشكلة الاختصاص القضائي بخصوص المنازعات الناشئة عن العقود الإلكترونية.

-محاولة تحليل ما ورد ضمن الاتفاقيات الدولية فيما يخص هذه المسألة.

هذا وقد عالجنا هذا الموضوع باستخدام المنهج الوصفي الذي يظهر واضحا من خلال الإشارة لمختلف المفاهيم المرتبطة بالموضوع، بالإضافة إلى تعداد مختلف الضوابط التي يمكن اللجوء إليها عند تحديد المحكمة المختصة بنظر مثل هذه المنازعات، كما اعتمدنا كذلك على المنهج التحليلي من خلال محاولة تحليلينا لمجموعة من النصوص القانونية المتعلقة بموضوع الدراسة، بالإضافة إلى استعانتنا بأسلوب المقارنة الذي يظهر واضحا من خلال الإشارة لما ورد ضمن التشريعات المقارنة بخصوص هذه المسألة. 

الإطار المفاهيمي لمصطلح العقد الإلكتروني

     وعلاقته بالاختصاص القضائي الدولي

عرف الفقه الفرنسي العقد الإلكتروني بأنه اتفاق يتلاقى فيه الإيجاب والقبول بشأن الأموال والخدمات عبر شبكة دولية للاتصال عن بعد، وذلك بوسيلة مسموعة ومرتبة تتيح التفاعل بين الموجب والقابل.

كما عرفه الفقه المصري بأنه اتفاق بين شخصين أو أكثر يتلاقى فيه الإيجاب والقبول عبر تقنيات الاتصال عن بعد بهدف إنشاء رابطة قانونية أو تعديلها أو إنهائها.

   ويعرفه غيرهم بأنه اتفاق بين طرفي العقد، من خلال تلاقي الإيجاب والقبول عن طريق استخدام شبكة المعلومات (online) سواء في تلاقي الإرادتين أو في المفاوضات العقدية، أو التوقيع، أو أية جزئية من جزئيات إبرامه سواء أكان هذا التصرف في حضور طرفي العقد، أو في مجلس العقد، أو من خلال التلاقي عبر شاشات الحاسب الآلي، أو أية وسيلة إلكترونية سمعية أو بصرية (ناصيف، 2009).

كما عرفته المادة 2 من القانون الإماراتي رقم 2 لسنة 2002 المتعلق بالمعاملات والتجارة الإلكترونية باعتباره معاملة إلكترونية مؤتمنة بقولها : « المعاملات يتم إبرامها أو تنفيذها بشكل كلي أو جزئي بواسطة وسائل أو سجلات إلكترونية، والتي لا تكون فيها هذه الأعمال أو السجلات خاضعة لأية متابعة أو مراجعة من قبل شخص طبيعي، كما في السياق العادي للإنشاء وتنفيذ العقود والمعاملات..» (قانون المعاملات والتجارة الإلكترونية الإماراتي رقم 2، 2002).

أما بالنسبة للمشرع الجزائري فقد عرف العقد الإلكتروني ضمن نص المادة 6 من القانون 18-05 بقوله: «... العقد الإلكتروني بمفهوم القانون رقم 04-02 المؤرخ في 5 جمادى الأولى عام 1425 الموافق لـ 23 يونيو سنة 2004 الذي يحدد القواعد المطبقة على الممارسات التجارية، ويتم إبرامه عن بعد، دون الحضور الفعلي والمتزامن لأطرافه باللجوء حصريا لتقنية الاتصال الإلكتروني...» (قانون رقم 18-05، 2018).

ومن مختلف التعاريف السابقة للعقد الإلكتروني يتجلى لنا تميزه بجملة من الخصائص أبرزها :

-أنه عقد تفاعلي بالنظر إلى الحضور الافتراضي المعاصر بين المتعاقدين على الرغم من عدم الحضور المادي بسبب بعدهما وانفصالهما عن بعضهما البعض.

-كما أنه عقد ذو طابع تجاري كون أن التجارة الإلكترونية الميدان الأوسع لانتشار العقد الإلكتروني، حيث أضحت عقود بيع الخدمات والسلع تتم عبر شبكة الانترنت.

-غير أن ما يهمنا طي هذا الدراسة هو الخاصية التي مفادها أن العقد الإلكتروني التزام تعاقدي دولي حيث تجري أغلب الالتزامات التعاقدية المبرمة عبر شبكة الأنترنت بين أشخاص ينتمون إلى دول مختلفة (أجانب)، كما قد يكون محل تنفيذ العقد دولة أجنبية لا ينتمي إليها المتعاقدين، وهو ما يعبر عن توفر العنصر الأجنبي في العلاقة محل الدراسة الأمر الذي يطرح بشدة إشكالية تنازع الاختصاص القضائي وتحديد المحكمة المختصة للفصل في النزاع الذي يمكن أن ينشأ عن العقد الإلكتروني (مسعودي، 2013).

وقبل تحليلنا للإشكالات المتعلقة بتحديد المحكمة المختصة ينبغي علينا أولا أن نقف على مفهوم محدد للاختصاص القضائي الدولي؛ حيث يقصد بالاختصاص في الاصطلاح القانوني بأنه السلطة التي خولها القانون لمحكمة ما في الفصل في نزاع ما، وتهدف قواعد الاختصاص إلى تحديد نصيب كل جهة من جهات القضاء ونصيب كل طبقة من طبقات المحاكم داخل الجهة القضائية الواحدة، ونصيب كل محكمة من محاكم الطبقة الواحدة من المنازعات التي يجوز الفصل فيها (الشواربي، 1985).

بينما تعرف قواعد الاختصاص بأنها مجموعة من القواعد القانونية التي تبين كيفية توزيع المنازعات على مختلف الجهات القضائية، فتحدد لكل جهة قضائية نصيبها من المنازعات التي تفصل فيها (زودة، د.س.ن).

أما الاختصاص القضائي الدولي فيراد به بيان الحدود التي تباشر فيها الدولة سلطاتها القضائية بالمقابلة للحدود التي تباشر فيها الدول الأخرى سلطاتها القضائية (عبد الله، 1969).

ولما كانت الدولة تباشر سلطاتها القضائية بواسطة محاكمها، كان معنى الاختصاص القضائي الدولي هو بيان الحدود التي تباشر فيها محاكم دولة معينة وظيفة القضاء بالموازاة مع الحدود التي تباشر فيها محاكم الدولة الأجنبية هذه الوظيفة» (عبد الله، 1969).

كما عرفه جانب من فقه القانون الدولي الخاص بأنه ذلك الاختصاص الذي يخص علاقة قانونية مشوبة بعنصر أجنبي، وذلك إزاء الاختصاص الداخلي الذي يتضمن المنازعات الناشئة عن العلاقات القانونية الوطنية البحتة بجميع عناصرها من أشخاص ومحل وسبب، ويطلق أيضا على الاختصاص القضائي الدولي بالاختصاص العام، لأن هذا الاختصاص ينعقد على وجه العموم، للمحاكم الوطنية لدولة معينة، دون تحديد نوع المحكمة المختصة في نظر النزاع، فإذا ما طرحت على القاضي الوطني منازعة متعلقة بعلاقة دولية خاصة، فإنه ينبغي عليه أن يحدد وكمسألة أولية ما إذا كانت محاكم دولته مختصة بنظر هذه المنازعة بصفة عامة أم لا، فإذا تبين أن المنازعة تدخل في اختصاص محاكم دولته، فإنه يجب عليه الانتقال إلى قواعد الاختصاص القضائي الداخلي المنصوص عليها في قانون المرافعات لتحديد المحكمة المختصة داخل دولة القاضي (علي، 2016).

وتجدر الإشارة إلى أن هناك جانبا من الفقه استخدم مصطلح الاختصاص القضائي الإلكتروني في المنازعات الناشئة عن العلاقات القانونية عبر شبكة الانترنت، حيث دعا البعض إلى ترويض قواعد الاختصاص القضائي الدولي التقليدية وجعلها أكثر استجابة لمتطلبات العقد الإلكتروني ومصالح طرفي النزاع (سلطان، 2009)، إلا أن هذا المصطلح في رأينا يأخذنا إلى ضرورة إعمال فكرة القضاء الإلكتروني أو كما يطلق عليها البعض اصطلاح المحكمة الرقمية وليس فقط تكييف ضوابط الاختصاص القضائي الدولي التقليدية لتتماشى مع خصوصية المعاملة الإلكترونية، هذا من جهة.

ومن جهة أخرى، يضيف أنصار الفكرة السابقة أن الاختصاص القضائي الالكتروني يعطي معنى الاختصاص القضائي الدولي وحده أو الاختصاص القضائي الوطني (الخاص وحده) وإنما ينعقد الاختصاص القضائي الإلكتروني لمحكمة تحسب أن العلاقة القانونية الإلكترونية وطنية محضة، أو قد ينعقد الاختصاص القضائي الإلكتروني لمحكمة تحسب أن العلاقات القانونية الإلكترونية دولية، وهذا القول مأخوذ عليه في نظرنا كون أن ما يميز قواعد الاختصاص القضائي الدولي التقليدية عن قواعد الاختصاص القضائي الدولي في المنازعات الناشئة عن العقود الإلكترونية هو تلك الميزة التي تنفرد بها العقود الإلكترونية عن العقود التقليدية لا غير والدليل على ذلك أن الضوابط التي ينادي بها أنصار هذا المصطلح هي ذاتها الضوابط المتعارف عليها ضمن نظرية الاختصاص القضائي الدولي، ناهيك عن أننا إذا تحدثنا عن الاختصاص القضائي الدولي فنحن بصدد علاقة دولية ومنه منازعة دولية يكون أحد أطرافها أجنبي. 

هذا وقد عرف الفقهاء الاختصاص القضائي الإلكتروني بأنه مجموعة القواعد التي تحدد في مقتضاها ولاية محاكم الدولة بنظر المنازعات الإلكترونية إزاء غيرها من محاكم دول أخرى (سلطان، 2009)، وهذا التعريف لا يختلف عن ما سبقه من تعاريف متعلقة بمصطلح الاختصاص القضائي الدولي إلا ما تعلق منه بطبيعة المنازعة التي يعالجها، بل يعتبر قاصرا كذلك بالمقارنة مع ما قدمه الفقهاء من تعاريف متعلقة بالاختصاص القضائي الدولي والتي ركزت على تحديد نوع المنازعة بدقة وهي المنازعة المشتملة على عنصر أجنبي أي المنازعة ذات الصفة الدولية، بينما اكتفى التعريف سالف الذكر بالإشارة إلى المنازعة الإلكترونية التي يمكن أن تكون وطنية كما يمكن أن تكون دولية.

كما غاب في التعريف سالف الذكر الإشارة إلى الطريقة أو الأسلوب الذي يتم من خلاله تحديد الاختصاص القضائي الدولي.

 

 

مسألة تحديد الاختصاص القضائي في المنازعات

     الناشئة عن العقود الإلكترونية من وجهة نظر

     الفقه والقانون

تناول العديد من الفقهاء وكذا التشريعات المقارنة مسألة الاختصاص القضائي بخصوص العقود المبرمة بالطريق الإلكتروني، واستقرت أغلبها على دراسة احتمالين، الأول يتعلق باتفاق الأطراف على المحكمة المختصة بنظر النزاع وهو ما يعرف بضابط الخضوع الاختياري ؛ والثاني يخص حالة ما إذا سكت أطراف العقد عن الإشارة إلى موضوع الاختصاص القضائي وهو ما سنأتي على تفصيله.  

حرية الأطراف في تعيين المحكمة المختصة

يعد ضابط حرية الأطراف في تعيين المحكمة المختصة -أو كما أطلق عليه البعض ضابط الخضوع الاختياري أو الإرادي لولاية القضاء/ الضابط المستمد من إرادة الخصوم/ شرط الاختصاص القضائي- من الضوابط المتعارف عليها في المعاملات الدولية بين الأطراف والذي يجيز لهم حرية تحديد الجهة القضائية المختصة بنظر النزاع القائم أو المحتمل وقوعه ضمن بنود العقد، وذلك تطبيقا لمبدأ سلطان الإرادة في تعيين المحكمة المختصة بنظر النزاع، ويعتبر هذا الضابط من بين الضوابط المستقر والمتفق عليها في أغلب التشريعات المقارنة[1] بغض النظر عن نوع العلاقة القانونية أو نوع النزاع (خليفي، 2010).

ومضمون هذا الضابط أنه يحق لأطراف العقد أن يتفقوا ضمنه على قبول ولاية قضاء دولة معينة بالرغم من أن محاكم هذه الدولة غير مختصة بنظر النزاع وفقا لأي ضابط من ضوابط الاختصاص التي حددها المشرع (المنزلاوي، 2008 ؛ صادق، 2002).

هذا ويعد الاتفاق على الاختصاص بين طرفي العقد سابقا على قيام النزاع أو لاحقا، أي بعد نشوب النزاع حول موضوع العقد (خليفي، 2010 ) فالاتفاق قد يكون صراحة بموجب عقد مكتوب بين الأطراف (أعراب، 2008) أو في صلب العقد بحد ذاته (خليفي، 2010) كما لو نص الاتفاق المبرم بينهم على اختصاص قضاء دولة معينة بالنظر في المنازعات التي قد تنشأ عن تنفيذ العقد (صادق، 2009) سواء بإدراج بند في العقد يولي الاختصاص لمحاكم دولة معينة، أو بإدراج بند تحكيمي وفي هذه الحالة يخرج النزاع بصفة كلية من ولاية القضاء.

كما يتصور أن يكون خضوع الخصوم لولاية قضاء الدولة ضمنيا، ويحدث ذلك عندما يعين الخصوم موطنا مختارا لهم في دولة معينة[2]، أو حين يترافع الخصم في الدعوى المرفوعة ضده دون أن يدفع بعدم اختصاص المحكمة، فالتجاء المدعي إلى محاكم دولة غير مختصة بنظر النزاع في هذه الحالة يفيد خضوعه الاختياري لقضائها وسكوت المدعى عليه عن الدفع بعدم الاختصاص دلالة على قبوله الضمني لولاية محاكم هذه الدولة (صادق، 2009).

وبالرجوع إلى التشريع الجزائري نجد أن المشرع الجزائري قد أشار إلى ضابط الخضوع الاختياري وذلك ضمن نص المادة 13 الفقرة 10 من القانون 18-05 المتعلق بالتجارة الإلكترونية بقوله: «يجب أن يتضمن العقد الإلكتروني على الخصوص المعلومات الآتية : ...

- الجهة القضائية المختصة في حالة النزاع، طبقا لأحكام المادة 2 أعلاه...» (قانون 18-05، 2018).

ومن هذا المنطلق يتضح لنا أن المشرع الجزائري فصل في مشكلة المحكمة المختصة بالفصل في النزاع وذلك بإلزامه لأطراف العقد على تحديد الجهة القضائية المختصة في حالة النزاع وذلك في إطار نص المادة 2 من القانون نفسه التي تقضي بأنه : «يطبق القانون الجزائري في مجال المعاملات التجارية الإلكترونية في حالة ما إذا كان أحد أطراف العقد الإلكتروني :

متمتعا بالجنسية الجزائرية، أو

مقيما إقامة شرعية في الجزائر، أو

شخصا معنويا خاضعا للقانون الجزائري،

أو كان العقد محل إبرام أو تنفيذ في الجزائر.» وهو ما سنأتي على تفصيله لاحقا.

الأساس القانوني لضابط الخضوع الاختياري

يرجع الأساس القانوني لحرية الأطراف في تحديد الجهة القضائية المختصة إلى القواعد العامة في الاختصاص الداخلي المنتهجة منذ القدم، ويبدوا أن أول من قال بهذا المبدأ الفيلسوف الإغريقي «أفلاطون» حينما قرر أن أكثر المحاكم اختصاصا بنظر الدعوى هي المحكمة التي ارتضى الخصوم الخضوع لحكمها، وقد أصبحت هذه القاعدة أساسا تقليديا من الأسس التي يقوم عليها الاختصاص الإقليمي في القانون الداخلي، حيث يصح للخصوم كقاعدة عامة الاتفاق صراحة على اختصاص محكمة معينة بنظر النزاع القائم بينهم (صادق، 2009).

هذا ويقوم مبدأ الخضوع الاختياري في نطاق الاختصاص الداخلي على أساس أن قواعد الاختصاص الإقليمي لا تتعلق كقاعدة عامة بالنظام العام، ومن ثم يجوز للخصوم الخروج عنها (صادق، 2009)، وبالرجوع إلى قانون الإجراءات المدنية والإدارية نجده يجيز للخصوم الحضور دائما باختيارهما أمام القاضي حتى ولو لم يكن مختصا محليا بنظر الدعوى، مما يفيد أن قواعد الاختصاص الإقليمي ليست من النظام العام لأنه يمكن الاتفاق على مخالفتها، ولما كانت قواعد الاختصاص القضائي الدولي في الجزائر هي امتداد لقواعد الاختصاص الإقليمي الداخلي، فهي ليست من النظام العام، وبالتالي يمكن الاتفاق على مخالفتها فيصبح الاتفاق على سلب الاختصاص من القضاء الجزائري رغم اختصاصه، أو على جلب الاختصاص له رغم عدم اختصاصه.

وهذا الموقف هو الذي كان سائدا في فرنسا قبل تعديل سنة 1972 لقانون الإجراءات المدنية الفرنسي لوجود الانسجام بينه وبين قواعد الاختصاص القضائي المحلي الداخلي (أعراب، 2008). 

شروط إعمال ضابط الخضوع الاختياري

من خلال دراسة ما تعلق بضابط الخضوع الاختياري لاحظنا وجود جدل كبير في الفقه المقارن حول شروط إعماله، إلا أن الخلاف بلغ ذروته في معرض الإجابة عن مسألتين: أولهما: مدى ضرورة قيام الصلة الجدية بين النزاع وبين المحاكم الناظرة فيه استنادا لضابط الخضوع الاختياري، أما الثانية فكانت مسألة الأثر السالب للاختصاص والذي يسلب الاختصاص من المحاكم المختصة أصلا بنظر المنازعة ويخول الاختصاص لمحاكم دولة أخرى تستمد هذا الاختصاص من إرادة الأطراف التي منحتها هذا الاختصاص، وذلك مقارنة مع مسألتي الخضوع المعتد به ونطاق ذلك الخضوع، الأمر الذي يوجب علينا ضرورة الوقوف عند كل من هذه المسائل (ديب وفلحوط، 2010).

ضرورة اتصاف النزاع محل الاتفاق المانح للاختصاص

                      بالصفة الدولية

يعد هذا الشرط من بين أكثر الشروط التي أثارت الجدل بين فقهاء القانون الدولي الخاص، ويذهب غالبية الفقه إلى ضرورة أن يكون الاتفاق المانح للاختصاص وارد بصدد نزاع متضمنا عنصرا أجنبيا أو بمعنى آخر متصلا بمنازعة تتصف بالصفة الدولية (صادق والحداد، 2015)، وهذه الصفة تظهر من خلال صفة العقد الإلكتروني بحد ذاته الذي يعد كما سبق وذكرنا عقدا دوليا بمفهوم القانون الدولي الخاص من منطلق كونه يتضمن عنصرا أجنبيا مؤثرا سواء تعلق هذ العنصر بأطراف العقد أو بمحل إبرامه أو بمكان تنفيذه أو بموضوعه، وترجع للقاضي مسألة تقرير دولية العقد حسب ظروف كل قضية على حدة مراعيا في ذلك موضوع العقد والهدف منه (مسعودي،2013)[3].

 

توفر الرابطة الجدية بين النزاع والمحكمة المختصة

لكي يكون اتفاق الخصوم على اختيار محكمة مختصة منتجا لأثره يتعين أن تكون هناك رابطة جدية بين النزاع المطروح والمحكمة التي تم اختيارها للنظر في النزاع، فإذا تبين للمحكمة أن النزاع منعدم الصلة بالمحكمة المعروض عليها النزاع، فليس لها أن تنظر لمثل هذا الشرط المانح للاختصاص، وأن تحكم من تلقاء نفسها بعدم الاختصاص (رضا وأبو كطيفة، 2015).

وهذه العلاقة الجدية قد تستمد من عناصر شخصية كجنسية الأطراف أو موطنهم، كما قد تستمد من عناصر موضوعية مرتبطة بالعلاقة القانونية محل النزاع كأن يتصل أحد عناصر تلك العلاقة (محل تنفيذ العقد مثلا) بالدولة التي تتبعها المحكمة المختارة (صادق والحداد، 2015 )، ويبقى لزوما على عاتق الأطراف البحث عن الرابطة مهما كان نوعها –رغم أن ذلك ليس من السهولة لعدم وضع معيار منضبط يتحدد على ضوئه مضمون هذه الرابطة- وهي الحالات التي أقرها الاختصاص الدولي، وأخذت بها مختلف القوانين والتشريعات الداخلية للدول والتي سبق الإشارة إليها (خليفي، 2010).

وقد انقسم الفقه إلى قسمين بصدد هذا الشرط إلى جانبين ذهب أحدهما إلى ضرورة اشتراط توافر هذه الرابطة الجدية بين المحكمة المختارة والنزاع المطروح أمامها معللا وجهة نظره بأنه :

يتعين أن يكون هذا الضابط قائما على أسس ثابتة حتى لا ينتهي الأمر بانصياع القضاء إلى أهواء الخصوم على نحو يخل بحق الدولة الأصيل في تنظيم اختصاص محاكمها بما يتفق ومبدأ سيادتها على إقليمها.

احترام مبدأ قوة النفاذ فاختصاص محاكم الدولة بنظر النزاع منبت الصلة بها لانعدام وجود أي رابطة مادية بين النزاع وإقليم الدولة سوف يؤدي إلى صدور أحكام غير قابلة للتنفيذ.

أن انعدام الرابطة الجدية بين النزاع والمحكمة المختارة المعهود إليها بالاختصاص يعني أن هذه المحكمة غير صالحة أو غير ملائمة للفصل في النزاع مما يستتبع أن تتخلى عن نظره...

بينما ذهب جانب آخر من الفقه إلى اقتراح فكرة المصلحة المشروعة بدلا من فكرة الرابطة الجدية للأسباب التالية:

صعوبة وضع معيار منضبط يتم على ضوئه تحديد مضمون الرابطة الجدية أو الصلة المعقولة بين النزاع والمحكمة المختارة. 

لا يستوجب شرط التحكيم الذي يعطي سلطة الفصل في النزاع للمحكم الأجنبي أن تكون هناك رابطة جدية بين هذا المحكم والنزاع المطروح أمامه، كما لا يستوجب أن تكون هناك علاقة بين النزاع والدولة التي سيجري التحكيم فيها (صادق والحداد، 2015).

أما عن الغاية من وراء اشتراط الجدية والارتباط فهي كفالة القوة والفعالية للأحكام الصادرة عن المحكمة التي تستوجب هذا الشرط، فالحكم الصادر يحمل صفة الارتباط بين النزاع والإقليم المختص للنظر فيه، عكس الحكم الذي يصدر عن القضاء دون أن يكون ثمة ارتباط والذي سوف يأتي مجردا من القوة والفعالية، مما يثير إشكالية تنفيذه في الخارج لكونه صادرا من قضاء غير مختص (خليفي، 2010).

هذا وذهبت أحكام القضاء الفرنسي إلى ضرورة اشتراط توافر الرابطة الجدية بين المحكمة الفرنسية المختصة بنظر النزاع بناء على ضابط الخضوع الاختياري وبين النزاع المطروح أمامها، وأيضا ذهبت بعض الأحكام الهولندية إلى ضرورة اشتراط نفس الشرط، وكذلك العديد من الأحكام الإنجليزية قد نهجت نفس النهج وذلك تطبيقا لنظرية القاضي الملائم (صادق والحداد، 2015).

لضوابط التقليدية في تحديد الاختصاص القضائي                   بخصوص المنازعات الناشئة عن العقود الإلكترونية

من المتفق عليه كما سبق وذكرنا أن عقود التجارة الإلكترونية يغلب عليها الطابع الدولي، ويرجع ذلك إلى أنها عقود تتلاقى فيها عروض السلع والخدمات عن طريق شبكة الإنترنت، وذلك من قبل أشخاص متواجدين في دولة أو دول متعددة وحيث يتم التفاعل بينهم من أجل إشباع حاجاتهم المتبادلة.

   ومن حيث المبدأ فإن الاتجاهات التقليدية في تحديد الاختصاص القضائي الدولي تقوم -أساسا- على ضوابط شخصية في صورة ضابط جنسية المدعى عليه الذي يعطي الاختصاص لمحكمة الدولة التي يتمتع هذا الأخير بجنسيتها، أو ضابط الموطن أو محل الإقامة باعتبارها ضوابط شخصية كذلك ذات طابع مكاني، كما أنها تعد في نظر البعض من عناصر الشخصية القانونية (بالأخص ضابط الموطن) (بلاق، 2016).

وبناء على ما سبق؛ وفي سياق جزئية الضوابط التقليدية أو العامة للاختصاص القضائي الدولي وبناء على ما ورد ضمن مختلف التشريعات المقارنة؛ يمكننا القول أن أهم ضابطين للاختصاص القضائي الدولي هما ضابط الجنسية وضابط موطن المدعى عليه اللذان نص عليهما المشرع الجزائري ضمن المادتين 41 و 42 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية[4].

بالنسبة للضابط الأول؛ وهو ضابط الجنسية يعد هذا المعيار من أقدم المعايير التي ينبني عليها الاختصاص القضائي الدولي في غالبية الدول (القصبي، 2008)، فالجنسية تعتبر ضابط اختصاص القضاء الوطني كونها تربط أشخاص النزاع بدولة القاضي المختص، وتلعب الجنسية دورا مهما في القانون الدولي الخاص فهي تمنح الطابع الدولي لقواعد الاختصاص القضائي على خلاف الموطن باعتبار أنها رابطة سياسية وقانونية تختلف عن الموطن الذي يعتبر مجرد رابطة قانونية (سمية، 2015).

ووفقا لهذا الضابط ينعقد الاختصاص القضائي الدولي لمحاكم الدولة التي ينتمي إليها المدعى عليه بجنسيته (الحداد، 2007 ؛ ناصيف، 2012)، وأساس ذلك أن جنسية المدعي وحدها لا تكفي كضابط للاختصاص (صادق، 2009).

ويعتبر البعض أن هذا الضابط هو ضابط شخصي وغير اقليمي مبني على صفة الشخص ودون الاعتداد بالإقليم[5] وقانوني لأنه مبني على فكرة قانونية، وعام لأنه لا يقتصر على طائفة معينة من المنازعات دون غيرها (العيسى، 2009)، يتعين توافره وقت رفع الدعوى، وليس للمدعى عليه أن يدفع بعدم اختصاص محاكم الدولة بنظر الدعوى إلا في حالة الدعاوى العقارية المتعلقة بعقار واقع في الخارج.

إن الأخذ بالجنسية كضابط للاختصاص القضائي الدولي يستدعي تبيان شروط هذا الاختصاص سواء بالنظر إلى الأشخاص، أو بالنظر إلى المنازعة ذاتها.

شروط هذا الاختصاص بالنظر إلى الأشخاص

يكفي توافر جنسية دولة المحكمة عند المدعى عليه ولا يلزم بجانب هذا أن يكون متوطنا أو مقيما أو موجودا في دولة المحكمة.

ويصح أن يكون المدعى عليه شخصا طبيعيا كما يصح أن يكون شخصا اعتباريا، كذلك لا يلزم توافر أي شرط في المدعي، فيصح أن يكون وطنيا كما يصح أن يكون أجنبيا متوطنا أو قيما أو موجودا في دولة المحكمة أو في الخارج. 

شروط الاختصاص بالنظر إلى المنازعة ذاتها

يستثني هذا الاختصاص الدعاوى العقارية المتعلقة بعقار واقع في الخارج دون غيرها من الدعاوى الأخرى (عبد الله،1969).

ومن أمثلة التشريعات التي أخذت بمعيار جنسية المدعى عليه كضابط لانعقاد اختصاص محاكمها (الحداد،2007) التشريع المصري في المادة 28 من قانون المرافعات المصري[6]، وكذلك التشريع العراقي في المادة 14 من القانون المدني العراقي[7] وكذا التشريع الفرنسي (ممدوح، 2005) في نص المادة 14 من القانون المدني الفرنسي[8] التي تضمنت فقرتين لمبدأ واحد وهو ضرورة أن يمثل كل الأجنبي أمام القضاء الفرنسي متى تعلق الأمر بتنفيذ التزامات ترتبت على عاتقه لصالح دائن فرنسي، هذا المبدأ يكمله نص المادة 15 من القانون المدني الفرنسي (Gutmann, 2007). 

كما أن المشرع الجزائري تبنى ضابط الجنسية من خلال نص المادة 42 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية، حيث جعل الاختصاص القضائي الدولي للمحاكم الجزائرية بناء على هذا الضابط اختصاصا اختياريا جوازيا.  

وبالنظر إلى أحكام ضابط الجنسية التي سبق الإشارة إليها فإن أهم ما يمكن أن نلمسه من ملاحظات في هذا الصدد هو أن المدعي سيواجه العديد من الصعوبات عند رفع دعواه، يأتي في مقدمتها صعوبة التحقق من شخصية المدعى عليه وجنسيته وصعوبة تحديدها سواء تعلق الأمر بالأشخاص الطبيعية أو المعنوية أو الموقع الإلكتروني بحد ذاته، كما أنه من الصعب كذلك مراقبة العناوين الإلكترونية التي يستخدمها المتعاقدون للتحقق من هوية الشخص الآخر (الطرف الثاني في العقد)، فالتجار غير مسموح لهم بتخزين عناوين العملاء على قاعدة البيانات الخاصة بهم للتحقق من هويتهم، وهو ما أشار إليه المشرع الجزائري ضمن نص المادة 26 من القانون 18-05 المتعلق بالتجارة الإلكترونية[9].

وكتقييم لضابط الجنسية في تحديد الاختصاص القضائي الدولي دعا الأستاذ J.P. Ballow إلى عدم تطبيق المفاهيم الموجودة في العالم الحقيقي على العالم الافتراضي، لأنها مفاهيم مادية لا تتماشى والعالم الافتراضي الإلكتروني، بالنظر إلى الخصوصية التي تميز التعاقد عبر شبكة الانترنت وطريقة استخدامها، وهو ما يفيد بتراجع ضابط الجنسية في هذا المجال.

    كما أكد هذا التوجه وأيده جانب من الفقه الفرنسي حينما أعلن عدم ملائمة ضابط جنسية المدعى عليه لمعطيات العالم الافتراضي وذلك للأسباب التي سبق وأن اشرنا إليها (بلاق، 2017).

فضلا عن أن أغلب التشريعات لم تتناول مسألة تحديد جنسية المواقع الإلكترونية، ولم تحاول وضع أي نص يلزم المواقع ببيان جنسيتها فمثلا جاء التوجيه الأوروبي رقم 44 لسنة 2001 خاليا من الإشارة إلى ضابط جنسية المدعى عليه على الرغم من أن واضعي هذا التشريع كان في اعتبارهم معطيات التجارة الإلكترونية، بل نجد أن اتفاقية الأمم المتحدة المتعلقة باستخدام الخطابات الإلكترونية في العقود الدولية لعام 2005 قد نصت صراحة على استبعاد جنسية أطراف الخطابات الإلكترونية عند تطبيق أحكامها (سلطان، 2009 ؛ رضا وأبو كطيفة، 2015).

أما الضابط الثاني وهو ضابط موطن المدعى عليه ؛ ومفاده أن الاختصاص القضائي لمحاكم دولة ما ينعقد على أساس توطن المدعى عليه بها، ومثاله ما أخذ به القضاء الفرنسي من تقرير اختصاصه بالدعاوى فيما بين الأجانب متى كان للمدعى عليه موطن (ولو فعلا) في فرنسا، أو متى كان مقيما في فرنسا، ولم يكن له موطن خارج فرنسا، ومثاله أيضا ما هو مقرر في القانون الإنجليزي من كون القاعدة العامة في الاختصاص القضائي هي اختصاص محكمة موطن المدعى عليه، ومثاله كذلك عقد الاختصاص لمحاكم الجمهورية بالدعاوى التي ترفع على الأجنبي الذي له موطن أو محل إقامة في الجمهورية أو موطن مختار بها وهو ما سنأتي على تفصيله فيما يلي (عبد الله، 1969). 

وعليه ينعقد الاختصاص بناء على هذا الضابط لمحاكم الدولة بخصوص الدعاوى التي ترفع على الأجنبي المدعى عليه الذي يوجد بها موطنه أو محل إقامته، وهو ضابط شخصي أو إقليمي لأنه مبني على أساس الصلة التي تجمع الشخص بإقليم الدولة، ومن ثم فهو يصل المنازعة بسيادة الدولة وبالتالي يصلها بولاية القضاء فيها (سمية، 2015 ؛ عبد الله، 1969)، وهو ضابط قانوني لأنه مبني على اعتبارات قانونية وهو ضابط عام لأنه لا يقتصر على طائفة معينة من المنازعات (سمية، 2015)، وهذا الضابط من أكثر الضوابط شيوعا في التشريعات الوضعية، كما أن المشرع الجزائري تبناه ضمن نص المادة 41 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية.

والعلة من وراء تقرير هذا الضابط في مجال الاختصاص القضائي الدولي لا تختلف عن مثيلاتها في مجال الاختصاص الداخلي (المحلي) للمحاكم الوطنية.

فالأصل في كلا الاختصاصين هو براءة الذمة كما سبق وذكرنا، وعلى من يدعي عكس ذلك إثباته، ويكون ذلك باللجوء إلى محكمة موطن المدعى عليه وهو الشيء الذي فصلناه سابقا عند الحديث عن مضمون هذا الضابط.

وفي حقيقة الأمر فإن ضابط موطن المدعى عليه كأساس لاختصاص المحاكم الوطنية في المنازعات ذات العنصر الأجنبي له أهمية خاصة من حيث أن الدولة التي تقوم بإصدار الحكم في مواجهة المدعى عليه ستكون هي أقدر الدول على إلزامه به، نظرا لتوفر الرباط الجدي بين تلك الدولة والمدعى عليه، والمتمثل في توطنه على أرضها، هذا الرباط الجدي قد يتخلف في حالة الاعتماد الكلي على ضابط جنسية المدعى عليه (الحداد، 2007).

ولابد من الإشارة إلى أن الأخذ بضابط موطن المدعى عليه في المنازعات العادية يطرح جملة من الصعوبات أهمها ما يتعلق بإمكانية تعدد الموطن للشخص الواحد، وهذا التعدد مقبول من وجهة نظر قانونية، أما عمليا فيفترض هنا اختيار المدعي للمحكمة التي يراها أنسب لمصلحته، وتظل العبرة بموطن المدعى عليه وقت إقامة الدعوى ضده فإن غير موطنه بعد رفعها تظل المحكمة المرفوع أمامها الدعوى مختصة بنظرها (ديب وفلحوط، 2010).

كما أن الأخذ بضابط موطن المدعى عليه يطرح صعوبات أكثر على صعيد المعاملات الإلكترونية، حيث واجه هذا الضابط العديد من الانتقادات سنحاول الإشارة إلى أبرزها فيما يلي :

اعتبر أغلب الفقه أن التعاقد عبر شبكة الأنترنت لا ينسجم بالكامل مع الضوابط ذات الطابع الإقليمي، وذلك لأن تحديد موطن الأطراف بوضوح في هذا النوع من العقود يتم بصعوبة كبيرة، على اعتبار أنه لا يوجد التزام على عاتق الأطراف بكتابة بياناتهم أو محل إقامتهم خاصة في العقود التي تبرم وتنفذ داخل الشبكة.

ضف إلى ذلك العناوين الإلكترونية لا تحمل أي إشارة أو مؤشر صحيح يدل على الموطن أو محل الإقامة، فالعنوان الإلكتروني الذي يتم التعامل من خلاله غير مرتبط في غالب الأحيان ببلد معين، وكمثال عن ذلك العناوين المشار إليها في المقطع الأخير منها بـ (Com.)  أو (Org.)، وبالتالي فلا يشكل مثل هذا العنوان محل إقامة أو موطن ثابت بالمعنى المراد في الاتفاقيات الدولية.

هذا وقد ذهب جانب من الفقه إلى عدم تطبيق المفاهيم المحددة للاختصاص القضائي في العالم المادي على العالم الافتراضي، والاعتماد على فكرة الموطن الافتراضي كحل بديل بالرغم من أن هذه الأخيرة بدورها لا تخلو من الصعوبات في حال تطبيقها وهو ما تفطن إليه التوجه الأوروبي الصادر عام 2000 بشأن التجارة الإلكترونية، والذي أقر أن وجود مسألة تقنية وتكنولوجية لتوريد المعلومات لا يمثل منشأة للمؤدي، وذلك يكفي لرفض فكرة الموطن الافتراضي (بلاق، 2017). 

مسألة تحديد الاختصاص القضائي الدولي من

     وجهة نظر الاتفاقيات الدولية

تناولت العديد من الاتفاقيات الدولية مسألة تحديد المحكمة المختصة بالفصل في المنازعات الناشئة عن العقود الدولية، على غرار اتفاقية بروكسل بشأن الاختصاص القضائي وتنفيذ الأحكام الأجنبية في المواد المدنية والتجارية بين دول الاتحاد الأوروبي لعام 1968، واتفاقية لوجانوا لعام 1988[10]، وكذا مشروع اتفاقية لاهاي المتعلق بالاختصاص والأحكام الأجنبية في المواد المدنية والتجارية الصادر عن اللجنة الخاصة في 30 أكتوبر 1999[11] وهو ما سنشير إليه فيما يلي.

ضابط الخضوع الاختياري

أخذت كل من اتفاقية بروكسل بشأن الاختصاص القضائي وتنفيذ الأحكام الأجنبية في المواد المدنية والتجارية بين دول الاتحاد الأوروبي لعام 1968 السالف ذكرها بهذا المبدأ، وكذلك فعلت اتفاقية لوجانوا لعام 1988 السابق ذكرها التي تبنت إمكانية الأطراف على تحديد المحكمة المختصة، كما تم تبني المبدأ السابق الذكر ضمن مشروع اتفاقية لاهاي المتعلق بالاختصاص والأحكام الأجنبية في المواد المدنية والتجارية الصادر عن اللجنة الخاصة في 30 أكتوبر 1999السالف ذكره، كما أكدت هذا المبدأ المادة 23 من لائحة الاتحاد الأوروبي رقم 144/2001 الصادرة عن المجلس في 22/9/2000 المتعلقة بالاختصاص القضائي والاعتراف بالأحكام وتنفيذها في المسائل المدنية والتجارية[12]، والتي دخلت حيز النفاذ في 1 مارس 2002 بالنسبة لجميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي (باستثناء الدنمارك التي قررت عدم الانضمام لها)، والتي كان من أبرز أهدافها التجارة الإلكترونية (Verbiest, 2002).

كما أنه وفي سياق شكل الاتفاق المحدد للاختصاص الذي اشترطته التشريعات المقارنة والذي سبق وأشرنا إليه عند الحديث عن ضابط الخضوع الاختياري، ذهبت اتفاقية بروكسل بشأن الاختصاص القضائي وتنفيذ الأحكام الأجنبية في المواد المدنية والتجارية السالف ذكرها ضمن نص المادة 17 إلى ضرورة النص على شرط اختيار القاضي للفصل في النزاع سواء كان ذلك كتابة أو لفظا مع تأكيد كتابي، أو سواء في شكل يتوافق مع ما تعارف عليه الأطراف فيما بينهم، أما ما تعلق بالتجارة الدولية فيتم الاتفاق على شرط الاختصاص القضائي بالشكل الذي يتوافق مع ما تعارف عليه الأطراف أو كان من المفترض بهم معرفة هذا الشكل بحكم انتشاره على نطاق واسع[13]، كما قام مجلس الاتحاد الأوروبي من جهته بإدخال تعديل على المادة 17 من معاهدة بروكسل لتتلاءم مع طبيعة العقد الإلكتروني، فاعتبر في حكم الكتابة كل ما يتداول بالطريقة الإلكترونية ويمكن الاحتفاظ به بصورة دائمة، وتطبيقا لذلك يمكن اعتبار شروط اختيار الاختصاص القضائي صحيحا إذا جرى تأكيده بموجب رسالة إلكترونية شرط أن تحفظ هذه الرسالة في ذاكرة جهاز المتعاقد على نحو يسمح بالاطلاع عليها فيما بعد، ويبقى أن طبع الرسالة على سند ورقي والاحتفاظ بها لا يعتبر سندا كافيا (خليفي، 2010).

كما أكد مشروع اتفاقية لاهاي بشأن الاختصاص والأحكام الأجنبية في المواد المدنية والتجارية ما سبق ذكره وذلك ضمن نص المادة 4 التي قضت بأنه في حالة ما إذا اتفق الطرفان على تعيين محكمة أو محاكم دولة متعاقدة للنظر في النزاعات الناشئة أو التي نشأت في حالة وجود علاقة قانونية معينة، فإنه يكون لتلك المحكمة أو المحاكم ولاية قضائية حصرية للنظر في هذه المنازعات ما لم تكن الأطراف قد قررت خلاف ذلك.

فإذا عينت اتفاقية ما محكمة أو محاكم دولة غير متعاقدة على وجه الخصوص، فإن الاختصاص يؤول على هذه المحاكم المعينة مالم تعلن المحكمة أو المحاكم المعينة أنها غير كفؤة لنظر المنازعة.

كما قضت بأن الاتفاق المشار إليه في الفقرة 1 يكون ساري المفعول في الشكل الذي تم إبرامه أو تأكيده به متى تم:

-كتابة.

-بأي وسيلة اتصال أخرى تمكن من وصول المعلومات مع إمكانية الرجوع إليها لاحقا؛

-وفقا لما تعارف عليه الأطراف؛

-وفقا لعرف يفترض بالطرفين أو يتوقع منهما أنهما على علم به...»[14].

وقد أقر تقرير الأعمال الصادر في أوتاوا بتاريخ 28 إلى 1 مارس 2000 بشأن التجارة الإلكترونية والاختصاص القضائي الدولي في تعليق على نص المادة 4 من اتفاقية لاهاي السالف الذكر بأنه من غير المفيد مناقشة ما ورد في نص هذه المادة لكونه يتوافق جدا وأغراض التجارة الإلكترونية، وهذا يعني أن ذلك ينطبق على أي بند أدرج ضمن عقد مبرم في شكل إلكتروني[15].

وتجب الإشارة إلى أنه في حالة ما إذا نص العقد على مثل هذا البند وتم الاتفاق على محكمة لا ينتمي إليها الأطراف المتعاقدين بأي شكل من الأشكال فإنه لا يجوز للمحكمة التي ينتمي إليها الأطراف سواء بجنسيتهم أو بحكم موطنهم أن تنظر في المنازعة الناشئة بين الأطراف إلا إذا رفضت المحكمة المعينة في الاتفاق نظر المنازعة. وهو ما ذهبت إليه الفقرة 2 من المادة 17 من اتفاقية بروكسل (صادق والحداد، 2015 ).

الضوابط التقليدية للاختصاص القضائي الدولي

ما يجب الإشارة إليه بعد عرضنا لمجمل الصعوبات التي واجهتها الضوابط التقليدية للاختصاص القضائي الدولي كما ذكرنا سابقا، هو أن هذه الأخيرة لا تلائم المعاملات الإلكترونية وما ينشأ عنها من منازعات، وهو ما يجعلنا نتساءل عن ماهية الضوابط التي يمكن أن تناسب هذا النوع من المنازعات.  

وفي سياق تحليلنا لما ورد ضمن نصوص كل من اتفاقية بروكسل المتعلقة بالاختصاص القضائي وتنفيذ الأحكام الأجنبية في المواد المدنية والتجارية، وكذلك مشروع اتفاقية لاهاي المتعلق بالاختصاص والأحكام الأجنبية في المواد المدنية والتجارية السالفي الذكر نلاحظ أن كلاهما قد أشارا إلى الاختصاص القضائي في المنازعات المتعلقة بالعقود العادية، حيث نصت المادة 2 من اتفاقية بروكسل بأن المعيار العام للاختصاص القضائي هو مكان إقامة المدعى عليه[16]، أما بالنسبة لمشروع اتفاقية لاهاي؛ فإن الخبراء الذين قاموا بإعداد تقرير الأعمال الصادر في أوتاوا بتاريخ 28 إلى 1 مارس 2000 بشأن التجارة الإلكترونية والاختصاص القضائي الدولي وفي تعليق لهم على نص المادة 6 من اتفاقية لاهاي والمتعلقة بالعقود المبرمة بين المهنيين، والتي قضت في مضمونها بأنه: يجوز للمدعي أن يرفع دعواه أمام محاكم الدولة المبينة أدناه متى تعلق الأمر بـ :

-توريد الممتلكات الشخصية الملموسة، وذلك بالمحكمة التي تم في دائرة اختصاصها توريد البضائع كليا أو جزئيا؛

-بخصوص تقديم الخدمات، وذلك أمام المحكمة التي يقع في دائرة اختصاصها تقديم الخدمة كليا أو جزئيا؛

-فيما يتعلق بالعقود المتعلقة بتوريد السلع والخدمات، وذلك في المحكمة محل الوفاء بالالتزام الرئيسي كليا أو جزئيا[17].

وبالرجوع إلى مشروع اتفاقية لاهاي المتعلقة بالاختصاص القضائي والأحكام الأجنبية في المسائل المدنية والتجارية السابق ذكره نجد أنه فرق بين العقود المبرمة بين المهنيين، وبين العقود المبرمة بين المستهلكين، كما أن تقرير الأعمال الصادر في أوتاوا بتاريخ 28 إلى 1 مارس 2000 بشأن التجارة الإلكترونية والاختصاص القضائي الدولي السالف الذكر ناقش ثلاث (3) مواضيع أساسية طرحها نص المادة 6 ؛ الأول يتعلق بالتمييز بين العقود المبرمة إلكترونيا إلا أن تنفيذها لا يكون كذلك وكذا العقود المبرمة إلكترونيا والمنفذة بالطريقة نفسها، والثاني يتعلق بتحديد أطراف العقد وموقعهم، أما الثالث فيتعلق بالتمييز التقليدي بين المنتجات والخدمات. 

وقد خلص هذا التقرير فيما يخص النوع الأول من العقود وهو العقود المبرمة إلكترونيا والتي لا يكون تنفيذها كذلك بأن صياغة المادة 6 تنطبق على هذا النوع من العقود ولا تطرح أي إشكال من حيث التطبيق، بينما النوع الثاني من العقود وهو العقود المبرمة إلكترونيا والتي يكون تنفيذها بالشكل الإلكتروني فقد أشار التقرير إلى أن التمييز التقليدي بين المنتجات والخدمات لا يتوافق مع المعاملات الإلكترونية وهو أحد الأسباب التي تجعل من نص المادة 6 السالفة الذكر غير مناسب لهذا النوع من المعاملات وقد برر الخبراء ذلك من منطلق كون أن موضوع العقد سواء كان خدمة أو منتجا لا يهم بقدر ما يهم أن العقد بحد ذاته سيتم تنفيذه عبر الأنترنت.    

كما أشار التقرير السابق ذكره في ختامه إلى إمكانية تسوية المنازعات الناشئة عن العقود الإلكترونية لاسيما تلك التي بين المستهلكين والمهنيين عن طريق الطرق البديلة لتسوية المنازعات.

خاتمة   

في ختام دراستنا لموضوع إشكالات تحديد الاختصاص القضائي الدولي بخصوص المنازعات الناشئة عن العقود الإلكترونية خلصنا إلى أن أهم ضابط انتهجته التشريعات المقارنة لتحديد الاختصاص القضائي في المنازعات المتعلقة بالعقود الإلكترونية هو ضابط الخضوع الاختياري أو ضابط إرادة الخصوم وهو ما انتهجه المشرع الجزائري ضمن قانون التجارة الإلكترونية الجديد 18-05 عند نصه على ضرورة تحديد الجهة القضائية المختصة وذلك ضمن العقد الإلكتروني، الأمر الذي أكد لنا أن العقود الإلكترونية وما ينشأ عنها من منازعات لم تحظ باهتمام من قبل المشرع الجزائري، فصدور القانون 18-05 المتضمن قانون التجارة الإلكترونية الجزائري لم يسهم كما كان متوقعا في حل المشكلات المتعلقة بالاختصاص القضائي الدولي وكذا القانون الواجب التطبيق على مثل هذا النوع من المنازعات، بل على العكس من ذلك، فقد زاد هذا القانون من حدة التحديات المثارة على مستوى المنازعات الناشئة عن التجارة الالكترونية ككل.

إننا وفي إطار التعقيب على ما ورد في القانون 18-05، لا يمكننا أن ننفي مدى تلائم هذا الاتجاه مع ضابط الخضوع الاختياري الذي سبق وتحدثنا عنه، والذي يعزز الدور الكبير الذي تلعبه إرادة الأطراف في هذا الشأن، إلا أن تقييد إرادة الأطراف ببند يتضمن ضرورة تعيين جهة قضائية مختصة بنظر المنازعات الناشئة عن عقود التجارة الإلكترونية، وبالمقابل ترك الحرية لهم في اختيار أي جهة قضائية مختصة وإن كان أمرا مستحسنا، إلا أنه لن يغير من حقيقة القصور الذي يعانيه قانون التجارة الإلكترونية على النحو الذي ذكرناه سابقا، ففي كل الحالات وسواء ألزم الأطراف بتعيين جهة قضائية مختصة أم لم يلزموا بذلك، فإن مسار الأمر سيخلص إلى اختيار الأطراف بمحض إرادتهم لجهة قضائية مختصة عند نشوب نزاع بينهم، فما جدوى إلزام الأطراف ببند كهذا ما دام جوهر القضية لم يعالج على مستوى قانون التجارة الإلكترونية؟

فعوض تقييد حرية الأطراف في هذا الشأن، كان من الأجدر على المشرع الجزائري تخصيص فصلين ضمن هذا القانون يتعلقان بالاختصاص القضائي الدولي والقانون الواجب التطبيق، كأهم مسألتين تطرحان بصدد عقود التجارة الإلكترونية والتي أضحت عقودا دولية.

ومادامت العلاقات الدولية الخاصة في شكلها العادي تطرح مشكلات جمة على صعيد الاختصاص القضائي الدولي، فما بالنا بموضوع التجارة الإلكترونية والذي منذ ظهوره على الساحة طرح ولا زال يطرح العديد من الإشكالات القانونية، فرغم أن المشرع الجزائري فصل في مشكلة تنازع الاختصاص القضائي إلا أنه بالمقابل أثار إشكالا آخر يتعلق بمدى رغبة الأطراف في اللجوء إلى القضاء وليس إلى جهات التحكيم مثلا؟.

إن أهم ما يميز العقود الإلكترونية سيما التجارية منها هو طبيعتها الإرادية وقيامها على مبدأ سلطان الإرادة، الذي تقلص دوره في هذا النوع من العقود بتقييد المشرع الجزائري لحرية الأطراف عن طريق إلزامهم بتعيين جهة قضائية مختصة بنظر منازعاتهم، دون أن يترك لهم حرية الاختيار بين الطريق القضائي والطرق البديلة لحل المنازعات، وهو ما يتناقض مع طبيعة هذا النوع من العقود من جهة، ومع ما ورد ضمن قانون الإجراءات المدنية والإدارية الجزائري من أحكام منظمة للطرق البديلة لحل المنازعات من جهة أخرى.

كما نشير إلى أنه في ظل الإشكالات والصعوبات التي ولدها تكييف الضوابط السابقة مع خصوصية العقود الإلكترونية اقترح العديد من الفقهاء بديلا للاختصاص القضائي وهو السعي لحل المنازعات الناشئة عن العقود الإلكترونية باللجوء للطرق البديلة لتسوية المنازعات -ونخص بالذكر التحكيم الإلكتروني- لكونها أكثر ملائمة للمعاملات الإلكترونية، وهو الأمر الذي لا يعد غريبا عنا لكونه الحل الأمثل في حالة فشل الطريق القضائي أو مواجهة الأطراف لمشاكل عند تطبيقه.



[1]  وهو ما نص عليه المشرع المصري ضمن المادة 32 من قانون المرافعات على أنه: «تختص محاكم الجمهورية بالفصل في الدعاوى ولو لم تكن داخلة في اختصاصها طبقا للمواد السابقة إذا قبل الخصم ولايتها صراحة أو ضمنا».

- أنظر : صادق، هشام والحداد، حفيظة (2015). الموجز في القانون الدولي الخاص (تنازع القوانين- تنازع الاختصاص القضائي)، د. ط، الإسكندرية : دار المطبوعات الجامعية، ص 392.

    كما تقضي المادة 27 في فقرتها الثانية من قانون أصول المحاكمات المدنية الأردني بأنه: «تختص المحاكم الأردنية بالفصل في الدعوى ولو لم تكن داخلة في اختصاصها إذا قبل الخصم ولايتها صراحة أو ضمنا».

- أنظر: المصري، محمد وليد (2011). الوجيز في شرح القانون الدولي الخاص (دراسة مقارنة للتشريعات العربية والقانون الفرنسي)، ط 2، عمان : دار الثقافة للنشر والتوزيع، ص 312.

وكذلك تقضي المادة 8 من قانون أصول المحاكمات المدنية السوري بأنه: «يجوز للمحكمة السورية أن تحكم في الدعوى ولو لم تكن داخلة في اختصاصها دوليا طبقا للمواد السابقة (أي من المادة 3 إلى المادة 7)، إذا قبل المدعى عليه السير فيها صراحة أو ضمنا».

- أنظر : ديب، فؤاد وفلحوط وفاء (2010). الاختصاص القضائي الدولي، د. ط، منشورات جامعة دمشق، سوريا، 2010- 2011، ص 73.

وكذلك قضى القانون الكويتي في نص المادة 19 من القانون الكويتي، على أنه: «يجوز للمحاكم الكويتية أن تقضي في الدعوى ولو لم تكن داخلة في اختصاصها طبقا للأحكام المقررة في الفصلين السابقين، إذا قبل المدعى عليه السير فيها».

أما القانون التونسي فقد قضت المادة 2 منه على أن اختصاص المحاكم التونسية ينعقد: «إذا رضى (الأجنبي غير المقيم أو المتوطن) بالتقاضي لديها، مالم تكن الدعوى متعلقة بعقار خارج التراب».

بينما القانون البحريني تضمن النص على الخضوع الاختياري ضمن نص المادة 17 من القانون البحريني بقولها: «تختص محاكم البحرين بالفصل في الدعوى ولو لم تكن داخلة في اختصاصها طبقا للمواد السابقة إذا قبل الخصم ولايتها صراحة أو ضمنا»، أما القانون السوداني فقد نص ضمن المادة 13 منه على أنه: «ينعقد الاختصاص لمحاكم السودان ولو لم يكن موضوع الدعوى داخلا في اختصاصها إذا قبل المدعي ذلك صراحة أو ضمنا ولا تقضي المحكمة بعدم الاختصاص من تلقاء نفسها.

    - أنظر : هشام، خالد (2012). القانون القضائي الخاص الدولي (دراسة مقارنة)، ط 1، الإسكندرية : دار الفكر الجامعي، ص 78 و 79.

[2] - الموطن المختار : هو موطن خاص يتخذ بالاختيار لتنفيذ عمل قانوني معين، حيث يعتبر هذا المكان موطنا مختارا لكل ما يتعلق بهذا العمل.

- أنظر: الكردي، جمال محمود (2005). مدى ملاءمة قواعد الاختصاص القضائي الدولي التقليدية لمنازعات الحياة العصرية (دراسة تطبيقية على بعض صور العقود التي أفرزها التطور الحديث العقود عبر الانترنت «نموذج عقود الاستهلاك» وعقود السياحة الدولية «نموذج عقود التايم شير»)، ط 1، الإسكندرية : دار الجامعة الجديدة، ص 61.

   وقد تضمنت المادة 39 من القانون المدني الجزائري النص على الموطن المختار بقولها: «»يجوز اختيار موطن خاص لتنفيذ تصرف قانوني معين.

يجب إثبات اختيار الموطن كتابة.

الموطن المختار لتنفيذ تصرف قانوني يعد موطنا بالنسبة إلى كل ما يتعلق بهذا التصرف، بما في ذلك إجراءات التنفيذ الجبري، ما لم يشترط صراحة هذا الموطن على تصرفات معينة».

   فالأصل أن يختار الشخص موطنا بإرادته لتنفيذ عمل قانون معين، كأن يختار شخص مكتب أحد المحامين ليعلن فيه كل ما يتعلق بما يثار من منازعات حول تنفيذ عقد أبرمه مع آخر، واتخاذ موطن مختار قد يقع بناء على إرادة الشخص الحرة، ويجب إثبات وجود الاتفاق على الموطن المختار كتابة، وهذا ما نصت عليه المادة 39 الفقرة 2 السالفة الذكر.

   وقد يجعل القانون الموطن المختار أمرا وجوبيا، فيتعين على الشخص أن يقوم بتحديده في جهة معينة، كما كان يقضي ذلك قانون الإجراءات المدنية السابق في المادة 15 الفقرة 03 وكان القانون يلزم المدعي –إذا كان موطنه يقع خارج دائرة اختصاص المجلس التي تتبع له المحكمة المرفوعة أمامها الدعوى- أن يختار موطنا داخل دائرة ذلك المجلس وذلك تيسيرا على المخاطِب.

    غير أن القانون الجديد ألغى هذا الالتزام الواقع على عاتق المخاطِب، ونص في المادة 21 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية بأن ألزم الخصوم بإيداع الأوراق والسندات والوثائق بأمانة ضبط الجهة القضائية، وتبعا لذلك أصبح من حق الخصم أن يبلغ خصمه بجميع الأوراق القضائية بأمانة ضبط المحكمة المرفوعة أمامها الدعوى.

    - أنظر : زودة، عمر. (د.س.ن). الإجراءات المدنية والإدارية في ضوء أراء الفقهاء وأحكام القضاء، الجزائر : ENCYCLOPEDIA.، ص 435.      

     وبناء على ما سبق ذكره تختص محكمة الموطن المختار بالدعاوى التي ترفع على الشخص وتكون متصلة بهذا العمل دون غيره.

    - أنظر : الكردي، جمال محمود (2005). مدى ملاءمة قواعد الاختصاص القضائي الدولي التقليدية لمنازعات الحياة العصرية (دراسة تطبيقية على بعض صور العقود التي أفرزها التطور الحديث العقود عبر الانترنت «نموذج عقود الاستهلاك» وعقود السياحة الدولية «نموذج عقود التايم شير»)، ط 1، الإسكندرية : دار الجامعة الجديدة.، ص 61.

    ومنه يثبت الاختصاص للمحاكم الوطنية بناء على وجود موطن مختار للأجنبي المدعى عليه في الجزائر رغم كون موطنه الأصلي أو محل اقامته في الخارج.

    لابد للقول بمثل هذه الحالة الكتابة كشرط لإثبات وجود الموطن المختار أيا كانت قيمة العمل القانوني الذي تم اختيار هذا الموطن لتنفيذه فيه.

    كما أنه لا يتأتى العدول عن الموطن المختار أو تغييره قبل تمام تنفيذ العمل القانوني المتعلق به إلا بذات طريقة تقريره، فإذا كان اختياره تم بمقتضى العقد وجب تراضي الطرفين على تغييره ومع ذلك يمكن تغييره بالإرادة المنفردة من جانب أحد المتعاقدين إذا كان مقررا لصالحه وحده أو لم يكن من شأن هذا التغيير الإضرار بالطرف الآخر طالما يتم إعلانه به.

   - أنظر : المنزلاوي، صالح جاد (2008). الاختصاص القضائي بالمنازعات الخاصة الدولية والاعتراف والتنفيذ الدولي للأحكام الأجنبية، د. ط، د. د. ن، د. م. ن، ص 78 و79.

[3] على الرغم مما يتصف به هذا الشرط من وضوح ومنطقية نظرا لأنه من الأمور ظاهرة التناقض أن يسمح لإرادة الأطراف بأن تعطى الاختصاص لمحاكم دولة أجنبية بصدد العلاقات الوطنية البحتة، فإن جانب من الفقه الفرنسي ذهب إلى اعتبار أن الصفة الدولية تتجسد في اشتمال النزاع محل الاتفاق لطرف أجنبي لا غير، إلا أننا سبق وأشرنا أن الصفة الدولية لعقد معين تتحدد انطلاقا من أطرافه، محله، مكان تنفيذه وموضوعه وهو ما أقرته محكمة النقض الفرنسية لتفصل في نطاق تطبيق المادة 48 من قانون المرافعات المدنية والتجارية وذلك في حكمها الصادر في 17 ديسمبر 1985، فقضت في حكمها المتقدم بمشروعية الشرط المعدل للاختصاص القضائي الدولي كأصل عام طالما كان الشرط منصبا على نزاع دولي ولم يؤدي إلى انتهاك الاختصاص الإقليمي الآمر للقضاء الفرنسي وأضافت المحكمة أن المادة 48 يجب أن تفسر بطريقة من مقتضاها أن يستبعد من نطاق الحظر الذي نصت عليه الاتفاقات التي لا تعدل الاختصاص الإقليمي الداخلي إلا نتيجة للتغير في الاختصاص القضائي.

    - لمزيد من التفصيل أنظر : صادق، هشام والحداد، حفيظة (2015). الموجز في القانون الدولي الخاص (تنازع القوانين- تنازع الاختصاص القضائي)، د. ط، الإسكندرية : دار المطبوعات الجامعية.، ص 396 و397.

[4]  تقضي المادة 41 بأنه: «يجوز أن يكلف بالحضور كل أجنبي، حتى ولو لم يكن مقيما في الجزائر، أمام الجهات القضائية الجزائرية، لتنفيذ الالتزامات التي تعاقد عليها في الجزائر مع جزائري.

كما يجوز أيضا تكليفه بالحضور أمام الجهات القضائية الجزائرية بشأن التزامات تعاقد عليها في بلد أجنبي مع جزائريين».

    أما المادة 42 فتقضي بأنه: «يجوز أن يكلف بالحضور كل جزائري أمام الجهات القضائية الجزائرية بشأن التزامات تعاقد عليها في بلد أجنبي حتى ولو كان مع أجنبي».

[5]  يعتبر هذا الرأي في نظرنا غير سليم لكون الجنسية دليل على ارتباط شخص معين بإقليم دولة معينة.

 

[6] تنص المادة 28 من قانون المرافعات المصري على: «تختص محاكم الجمهورية بنظر الدعاوى التي ترفع على المصري ولو لم يكن له موطن أو محل اقامة في الجمهورية وذلك فيما عدا الدعاوى العقارية المتعلقة بعقار واقع بالخارج».

- أنظر: قانون رقم (13) لسنة 1986 المتضمن قانون المرافعات المدنية والتجارية المصري المعدل.

[7]  تنص المادة 14 من القانون المدني العراقي بأنه: «يقاضى العراقي أمام محاكم العراق عما ترتب في ذمته من التزامات حتى ما نشأ منها في الخارج».

- أنظر: القانون المدني العراقي، رقم 40 لسنة 1951.

[8] - Article 14: ‘’létranger, même non résidant en France, pourra être cité devant les tribunaux français, pour lexécution des obligations par lui contracté en France avec un français; il pourra être traduit devant les tribunaux de France, pour les obligations par lui contractées en pays étranger envers des français’’. 

- Loi n° 94-653 du 29 juillet 1994- art. 1 JORF 30 juillet 1994- NOR : JUSX940002 4L, Code civil français avec la dernière modification : 01/10/2017, Edition : 28/10/2017, doit. Org, institut français d’information juridique.

تقابلها ترجمة نص المادة 14 من القانون المدني الفرنسي باللغة العربية على النحو التالي : «يجوز للأجنبي، حتى ولو كان غير مقيم في فرنسا أن يكلف بالحضور أمام المحاكم الفرنسية من أجل تنفيذ التزامات تعاقد عليها في فرنسا تجاه فرنسي، كما يمكن أن يمثل أمام المحاكم الفرنسية من أجل التزامات تعاقد عليها في بلد أجنبي مع فرنسيين».

- أنظر : ماير،بيار وهوزيه، فانسان (2008). القانون الدولي الخاص (ترجمة علي محمود مقلد)، ط1،لبنان : المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، ص 271. / أنظر كذلك: كمال سمية، المرجع السابق، ص 64- 65.

[9] تقضي المادة 26 بأنه: «ينبغي للمورد الإلكتروني الذي يقوم بجمع المعطيات ذات الطابع الشخصي ويشكل ملفات الزبائن والزبائن المحتملين، ألا يجمع إلا البيانات الضرورية لإبرام المعاملات التجارية، كما يجب عليه :

- الحصول على موافقة المستهلكين الإلكترونيين قبل جمع البيانات،

- ضمان أمن نظم المعلومات وسرية البيانات،

- الالتزام بالأحكام القانونية والتنظيمية المعمول بها في هذا المجال.

    يتم تحديد كيفيات تخزين المعطيات ذات الطابع الشخصي وتأمينها وفقا للتشريع والتنظيم المعمول بهما».

[10] - Convention concernant la compétence judiciaire et lexécution des décisions en matière civile et commerciale Conclue à Lugano le 16 septembre 1988 Approuvée par lAssemblée fédérale le 14 décembre 19901 Instrument de ratification déposé par La Suisse le 18 octobre 1991 Entrée en vigueur pour la Suisse le 1er janvier 1992 (Etat le 1er janvier 2007).

 

[11] - Avant- projet de convention sur la compétence et les jugements étrangers en matière civile et commerciale, version modifiée, adopté par la commission spéciale et rapport de Peter NYGH et Fausto POOCAR, conférence de la Haye de droit international privé, exécution des jugements, document préliminaire No 11 daout 2000 à lintention de la Dix- neuvième session de juin 2001.

 

[12]- La convention de Bruxelles du 1968, Tel quil a été modifié au rythme des adhésions de nouveaux états à la communauté européenne puis transformé en règlement communautaire, le règlement n° 44/2001 du 22 décembre 2000, dit règlement Bruxelles 1 (sous-section 1). Le règlement Bruxelles 1 a été rendu applicable au Danemark par un accord conclu entre Danemark et la communauté.

Dans un même esprit de la simplification, la convention de Lugano du 16 septembre 2008, applicable dans les relations entre les états membres et les trois pays restants dans L»AELE (l’Islande, la Norvège et la suisse), a été révisée sur le modèle du règlement Bruxelles 1 (convention Lugano bis).

D’autre modifications sont attendus à la faveur de la révision programmée du règlement bruxelles1.

   Voir : Marie-Laure, NIBOYET Géraud de Geouffre de la pradelle (2009). Droit international privé, 2e éd., Paris : L.G.D.J, Lextenso éditions.

[13] - Article 17: ‘’ Si les parties, dont lune au moins a son domicile sur le territoire dun État contractant, sont convenues dun tribunal ou de tribunaux dun État contractant pour connaître des différends nés ou à naître à loccasion dun rapport de droit déterminé, ce tribunal ou les tribunaux de cet État sont seuls compétents. Cette convention attributive de juridiction est conclue: a) par écrit ou verbalement avec confirmation écrite, soit b) sous une forme qui soit conforme aux habitudes que les parties ont établies entre elles, soit c) dans le commerce international, sous une forme qui soit conforme à un usage dont les parties avaient connaissance ou étaient censées avoir connaissance et qui est largement connu et régulièrement observé dans ce type de commerce par les parties à des contrats du même type dans la branche commerciale considérée.

Lorsqu’une telle convention est conclue par des parties dont aucune n’a son domicile sur le territoire d’un État contractant, les tribunaux des autres États contractants ne peuvent connaître du différend tant que le tribunal ou les tribunaux désignés n’ont pas décliné leur compétence. Le tribunal ou les tribunaux d’un État contractant auxquels l’acte constitutif d’un trust attribue compétence sont exclusivement compétents pour connaître d’une action contre un fondateur, un trustee ou un bénéficiaire d’un trust, s’il s’agit de relations entre ces personnes ou de leurs droits ou obligations dans le cadre du trust. Les conventions attributives de juridiction ainsi que les stipulations similaires d’actes constitutifs de trust sont sans effet si elles sont contraires aux dispositions des articles 12 et 15 ou si les tribunaux à la compétence desquels elles dérogent sont exclusivement compétents en vertu de l’article 16. Si une convention attributive de juridiction n’a été stipulée qu’en faveur de l’une des parties, celle-ci conserve le droit de saisir tout autre tribunal compétent en vertu de la présente convention. En matière de contrats individuels de travail, la convention attributive de juridiction ne produit ses effets que si elle est postérieure à la naissance du différend ou si le travailleur l’invoque pour saisir d’autres tribunaux que celui du domicile du défendeur ou celui indiqué à l’article 5 point 1.’’

- convention de Bruxelles de 1968 sur la competence judiciaire et l’exécution des decisions en matière civile  et commercial, op.cit.

[14]- Article 4 Election de for: ‘’Si les parties sont convenues dun tribunal ou des tribunaux dun Etat contractant pour connaître des différends nés ou à naître à loccasion dun rapport de droit déterminé, ce tribunal ou ces tribunaux sont seuls compétents à moins que les parties nen aient décidé autrement. Si une convention désigne à titre exclusif un tribunal ou des tribunaux dun Etat non contractant, les tribunaux des Etats contractants se déclarent incompétents ou sursoient à statuer, sauf si le tribunal ou les tribunaux choisis se sont eux-mêmes déclarés incompétents.

Une telle convention au sens du paragraphe premier est valable en la forme si elle a été conclue ou confirmée :

a) par écrit ;

b) par tout autre moyen de communication qui rende l’information accessible pour être consultée ultérieurement ;

c) conformément à un usage régulièrement suivi par les parties ;

d) conformément à un usage dont les parties avaient ou étaient censées avoir connaissance et régulièrement observé par les parties à des contrats de même nature dans la branche commerciale en cause.

3. Les conventions attributives de juridiction ainsi que les stipulations similaires d’actes constitutifs de trust sont sans effet si elles sont contraires aux dispositions des articles 7, 8 et 12.››

[15] - بناء على دعوة من حكومة كندا ووفقا للقرار الذي اتخذته اللجنة الخاصة التي ساهمت في إعداد مشروع اتفاقية لاهاي المتعلقة بالاختصاص القضائي والأحكام الأجنبية بتاريخ 30 أكتوبر 1999، نظم مؤتمر لاهاي للقانون الدولي الخاص في أوتاوا اجتماعا يضم خبراء من أجل بحث القضايا التي تثيرها التجارة الإلكترونية فيما يتعلق بالاختصاص الدولي للمحاكم، وذلك في الفترة الممتدة من 28 فبراير إلى 1 مارس 2000، وقد ترأس هذا الاجتماع جاك غوتييه (Jacques Gauthier) المستشار القانوني في حكومة كندا.

    وفي سياق اجتماع آخر عقد بعد اجتماع الذي نظمته اللجنة الخاصة بمؤتمر لاهاي للقانون الدولي الخاص بالتعاون مع جامعة جنيف، وضع الخبراء مذكرة تلخص الاستنتاجات الرئيسية التي توصلت إليها لجان العمل المختلفة في هذا الاجتماع.

    كما استمع الخبراء إلى عدة تدخلات بشأن تطبيق خطة عمل مؤتمر لاهاي المتعلقة بمشروع اتفاقية الاختصاص القضائي وتنفيذ الأحكام الأجنبية في المسائل المدنية والتجارية، بالإضافة إلى عرض مختلف التطورات الجديدة في مجال التجارة الإلكترونية وكذلك التطورات الأخيرة في بعض الدول الأعضاء في مؤتمر لاهاي.

- أنظر في هذا الصدد :

- Catherine JESSEDJIAN avec l’aide de l’équipe de droit international privé du ministre de la justice du canada (2000). Commerce électronique et compétence juridictionnelle internationale, Ottawa, 28 février au 1er mars 2000, rapport des travaux, conférence de la Haye de droit international privé, exécution des jugement, doc. Prél No 12, Aout / August 2000, p 4. 

 

[16] - Article2: ‘’Sous réserve des dispositions de la présente convention, les personnes domiciliées sur le territoire dun État contractant sont attraites, quelle que soit leur nationalité, devant les juridictions de cet État.

Les personnes qui ne possèdent pas la nationalité de l’État dans lequel elles sont domiciliées y sont soumises aux règles de compétence applicables aux nationaux.’’

[17] - Article 6 du projet de convention sur la compétence et les jugements étrangers en matière civile et commerciale, Contrats:

‘’Le demandeur peut introduire une action contractuelle devant les tribunaux de lEtat dans lequel :

a) en matière de fourniture dobjets mobiliers corporels, ceux-ci ont été fournis en tout ou en partie ; 

b) en matière de prestation de services, les services ont été rendus en tout ou en partie ;

c) en matière de contrats portant à la fois sur une fourniture dobjets mobiliers corporels et une prestation de services, lobligation principale a été exécutée en tout ou en partie.’’.

 

 

المراجع 

أعراب، بلقاسم (2008). القانون الدولي الخاص الجزائري (تنازع الاختصاص القضائي الدولي- الجنسية)، الجزء الثاني، ط5، الجزائر : دار هومة.

الشواربي، عبد الحميد (1985). قواعد الاختصاص القضائي في ضوء القضاء والفقه، الإسكندرية : منشأة المعارف.

الكردي، جمال محمود (2005). مدى ملاءمة قواعد الاختصاص القضائي الدولي التقليدية لمنازعات الحياة العصرية (دراسة تطبيقية على بعض صور العقود التي أفرزها التطور الحديث العقود عبر الانترنت «نموذج عقود الاستهلاك» وعقود السياحة الدولية «نموذج عقود التايم شير»)، ط 1، الإسكندرية : دار الجامعة الجديدة.

المصري، محمد وليد (2011). الوجيز في شرح القانون الدولي الخاص (دراسة مقارنة للتشريعات العربية والقانون الفرنسي)، ط2، عمان : دار الثقافة للنشر والتوزيع.

المنزلاوي، صالح جاد (2008). الاختصاص القضائي بالمنازعات الخاصة الدولية والاعتراف والتنفيذ الدولي للأحكام الأجنبية، د. ط، د. د. ن، د. م. ن.

ديب، فؤاد وفلحوط وفاء (2010). الاختصاص القضائي الدولي، د. ط، منشورات جامعة دمشق، سوريا، 2010- 2011.

زودة، عمر. (د.س.ن). الإجراءات المدنية والإدارية في ضوء أراء الفقهاء وأحكام القضاء، الجزائر : ENCYCLOPEDIA.

صادق، هشام (2009). تنازع القوانين وتنازع الاختصاص القضائي الدولي، د. ط، الإسكندرية : دار المطبوعات الجامعية.

الحداد، حفيظة السيد (2007). النظرية العامة في القانون القضائي الخاص الدولي، د. ط، بيروت ؛ منشورات الحلبي الحقوقية.

صادق، هشام والحداد، حفيظة (2015). الموجز في القانون الدولي الخاص (تنازع القوانين- تنازع الاختصاص القضائي)، د. ط، الإسكندرية : دار المطبوعات الجامعية.

عبد الله، عز الدين (1969). القانون الدولي الخاص، الجزء الثاني (في تنازع القوانين وتنازع الاختصاص القضائي الدوليين)، ط6، القاهرة : دار النهضة العربية.

علي، يونس صلاح الدين (2016). القانون الدولي الخاص (دراسة تحليلية في تنازع القوانين وتنازع الاختصاص القضائي الدولي وتنفيذ الأحكام الأجنبية)،بيروت : منشورات زين الحقوقية.

ماير، بيار وهوزيه، فانسان (2008). القانون الدولي الخاص (ترجمة علي محمود مقلد)، ط1،لبنان : المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع.

ممدوح، عبد الكريم (2005). القانون الدولي الخاص تنازع القوانين (الاختصاص القضائي الدولي، تنفيذ الأحكام الأجنبية)، ط1، الإصدار الثاني، عمان : دار الثقافة للنشر والتوزيع.

ناصيف، إلياس (2009). العقود الدولية (العقد الإلكتروني في القانون المقارن)، بيروت : منشورات الحلبي الحقوقية.

هشام، خالد (2012). القانون القضائي الخاص الدولي (دراسة مقارنة)، ط 1، الإسكندرية : دار الفكر الجامعي.

Marie-Laure, NIBOYET Géraud de Geouffre de la pradelle (2009). Droit international privé, 2e éd., Paris : L.G.D.J, Lextenso éditions.

Daniel, GUTMANN (2007). Droit international privé, 5e ed., Paris : Dalloz. 

العيسى، طلال ياسين (2009). دراسة قانونية في علاقة الاختصاص القضائي الدولي بقواعد النظام العام، مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية، 25(1)، 305-337.

بلاق، محمد (2016). ضوابط تحديد الاختصاص القضائي الدولي في منازعات العقود الإلكترونية بين الاتجاهين التقليدي والحديث، مجلة البحوث في الحقوق والعلوم السياسية، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة ابن خلدون تيارت، 4(2)،14-24.

سلطان، نافع بحر (2009). الاختصاص القضائي الإلكتروني للمحاكم العراقية، مجلة جامعة تكريت للعلوم القانونية والسياسية،2(1)، 200-235.

عبد الرسول عبد الرضا وعلي عبد الستار أبو كطيفة (2015). الضوابط العامة للاختصاص القضائي الدولي في منازعات التجارة الإلكترونية (دراسة مقارنة)، مجلة العلوم الإنسانية، كلية التربية للعلوم الإنسانية، 22(4)،1576-1622.

مسعودي، يوسف (2013). العقد الإلكتروني في العلاقات الدولية الخاصة، مجلة دفاتر السياسية والقانون، 5(9)،77-86.

سمية، كمال (2015). تطبيق قانون القاضي على المنازعات الدولية الخاصة [أطروحة دكتوراه في القانون الخاص]، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة أبو بكر بلقايد، تلمسان.

خليفي، سمير (2010). حل النزاعات في عقود التجارة الإلكترونية [رسالة ماجستير في القانون الدولي]، كلية الحقوق، جامعة مولود معمري، تيزي وزو.

القصبي، عصام الدين (2008). القانون الدولي الخاص، د. ط، د. د. ن، جامعة المنصورة، د. م. ن، 2008- 2009.

Catherine JESSEDJIAN avec laide de léquipe de droit international privé du ministre de la justice du canada (2000). Commerce électronique et compétence juridictionnelle internationale, Ottawa, 28 février au 1er mars 2000, rapport des travaux, conférence de la Haye de droit international privé, exécution des jugement, doc. Prél No 12, Aout / August 2000. 

Thibault VERBIEST (2002). Commerce électronique : loi applicable et juridiction compétente (une synthèse) , https://www.droit-technologie.org, Consulté le : 03/09/2019, à 13h42. 

@pour_citer_ce_document

مريم بن خليفة, «Les problématiques de détermination de la compétence internationale dans les litiges résultant de contrats électroniques»

[En ligne] ,[#G_TITLE:#langue] ,[#G_TITLE:#langue]
Papier : ,
Date Publication Sur Papier : 2023-06-26,
Date Pulication Electronique : 2023-06-26,
mis a jour le : 26/06/2023,
URL : https://revues.univ-setif2.dz:443/revue/index.php?id=9481.