المكونات الأدبية العربية في رواية شرف القبيلة (L’honneur de la tribu) رشيد ميمونيArabic Literary Components in the novel « Honnor ‘s tribe » Rashid MimouniLes composantes littéraires arabes dans l’Honneur de la tribu , Rachid Mimouni
Plan du site au format XML


Archive: revues des lettres et sciences sociales


N°01 Avril 2004


N°02 Mai 2005


N°03 Novembre 2005


N°04 Juin 2006


N°05 Juin 2007


N°06 Janvier 2008


N°07 Juin 2008


N°08 Mai 2009


N°09 Octobre 2009


N°10 Décembre 2009


N°11 Juin 2010


N°12 Juillet 2010


N°13 Janvier 2011


N°14 Juin 2011


N°15 Juillet 2012


N°16 Décembre 2012


N°17 Septembre 2013


Revue des Lettres et Sciences Sociales


N°18 Juin 2014


N°19 Décembre 2014


N°20 Juin 2015


N°21 Décembre 2015


N°22 Juin 2016


N° 23 Décembre 2016


N° 24 Juin 2017


N° 25 Décembre 2017


N°26 Vol 15- 2018


N°27 Vol 15- 2018


N°28 Vol 15- 2018


N°01 Vol 16- 2019


N°02 Vol 16- 2019


N°03 Vol 16- 2019


N°04 Vol 16- 2019


N°01 VOL 17-2020


N:02 vol 17-2020


N:03 vol 17-2020


N°01 vol 18-2021


N°02 vol 18-2021


N°01 vol 19-2022


N°02 vol 19-2022


N°01 vol 20-2023


N°02 vol 20-2023


A propos

avancée

Archive PDF

N°02 vol 20-2023

المكونات الأدبية العربية في رواية شرف القبيلة (L’honneur de la tribu) رشيد ميموني
Les composantes littéraires arabes dans l’Honneur de la tribu , Rachid Mimouni
Arabic Literary Components in the novel « Honnor ‘s tribe » Rashid Mimouni
ص ص 103-113
تاريخ الاستلام 2022-03-08 تاريخ القبول 14-05-2023

مريم قواسمية / عبد المجيد حنون
  • resume:Ar
  • resume
  • Abstract
  • Auteurs
  • TEXTE INTEGRAL
  • Bibliographie

يعد رشيد ميموني من أبرز الأدباء الجزائريين باللغة الفرنسية، وتعتبر روايته شرف القبيلة من أشهر رواياته، وعلى الرغم من قدراته اللغوية والأدبية الفرنسية فإن روايته تتضمن مكونات أدبية عربية، تتمثل في تعالقات نصية تدل على ملامح من حضور التراث الأدبي العربي في المتن الروائي الفرنسي اللغة عند ميموني. ويسعى هذا المقال إلى توضيح الملامح التراثية الأدبية العربية وكيف طوعها الروائي في خدمة نصه باللغة الفرنسية

Rachid Mimouni est l’un des écrivains algériens de langue française les plus en vue, et son roman Honneur de la tribu est l’un de ses romans les plus célèbres.La langue de Mimouni dans cet article cherche à clarifier les traits du patrimoine littéraire arabe et comment le narrateur les a adaptés pour servir son texte en langue française

Rachid Mimouni is one of the most prominent Algerian writers in the French language, and his novel Honor of the Tribe is one of his most famous novels. The language of Mimouni. This article seeks to clarify the features of the Arab literary heritage and how the narrator adapted them to serve his text in the French language

Quelques mots à propos de :  مريم قواسمية

[1]Gouasmia Meryemمخبر األدب العام واملقارن جامعة باجي مختار،عنابة، الجزائرcom.gmail@meryemgouasmia.www
[1] المؤلف المراسل

Quelques mots à propos de :  عبد المجيد حنون

Hanoun Abdelmadjid .Prمخبر األدب العام واملقارن جامعة باجي مختار،عنابة، الجزائر com.gmail@AbdelmadjidHanoun

مقدمة

يزخر التراث الأدبي العربي بعديد الأجناس القولية الفصيحة والعامية، كما تعددت فنون القول و تنوعت تنوع الثقافة العربية ومعطيات المجتمع العربي التي أفرزت موروثها الأدبي،  فوجد الأديب العربي في هذه الموروثات والنصوص التراثية العربية القديمة ضالته، التي اهتدى من خلالها إلى خوض مغامرة التكييف والتكيف مع النص القديم وتطويعه وفق ما يقتضيه السياق الجديد .

 والمثير في الأمر أن الأديب عربي اللسان لم يكن الوحيد الذي جاب أروقة التراث، ونفض الغبار عن صفحاته، التي عجت ببديع القول وعجيب الحكي، بل إن الأدباء الفرانكفونيين و على رأسهم الروائيون، كانوا سباقين إلى استدعاء النصوص الأدبية التراثية في أعمالهم الفنية الإبداعية، حيث نجد ثلة من الأدباء الذين اتخذوا من اللغة الفرنسية أداة للتعبير عن واقعهم الراهنّ، فالتزمت بذلك النتاجات الأدبية الفرانكوفونية بهموم المجتمعات العربية على اختلاف أقطارها، وكانت سمة الالتزام في مضامين الأدب الفرانكوفوني هي أولى أولويات الكاتب الفرانكوفوني، لكن ما يمكن أن نتساءل عنه في هذا السياق:

-هل تضمنت النصوص الروائية الفرانكوفونية ملامح أدبية عربية فعلا؟

-لماذا استحضر الروائي الفرانكوفوني الملامح الأدبية و ما أبعاد استدعائها في رواياته؟

-كيف تجلت الملامح الأدبية العربية في الرواية؟ وماذا ترتب عن ذلك الحضور؟

بناء على هذه التساؤلات والإشكاليات المقدمة بخصوص حضور الملامح الأدبية العربية في الرواية الفرانكوفونية، سنحاول من خلال هذا المقال الإجابة عنها وعن بعض الإشكاليات الرديفة لها، متبعين في سبيل ذلك المنهج النقدي المقارن، من خلال التركيز على الملامح والمكونات الأدبية العربيةفي رواية شرف القبيلة  لرشيد ميموني  التي ستكون مرتكز  هذا المقال وجانبه التطبيقي .

رواية شرف القبيلة رشيد ميموني

هي ثالث إصدارات رشيد ميموني الروائية، بعد إصداره رواية النهر المتحول سنة 1982م، ورواية طومبيزا سنة 1984م، وبعدهما صدرت شرف القبيلة 1989م، التي استهلها الروائي بقول بول فاليري Vallery«كل القصص تتعمق في الخرافات»، نلمس من العتبة الأولى أن الروائي سيعيدنا إلى الزمن الأول زمن القبائل والخرافات، وقد يترك عنوان الرواية، وقول بول فاليري في ذات القارئ فضولا  لتصفح الرواية، وإشباع فضوله بالتعرف على أي قبيلة وأي شرف يتحدث ميموني .

ويفتتح الروائي الحكي بمقطع الراوي الشعبي الذي استدعى فيه الذاكرة الشعبية الدينية المختزلة في لاوعي القبيلة قائلا : «لكنني لا أستطيع أن أبدأ هذه القصة إلا بذكر الله العلي القدير خالق كل خلق، المحدث لكل حدث ومالك كل قضاء وقدر، في كتاب العالمين العظيم أحصى كل شيء»   (ميموني، 2003)، كما يحضر اللاوعي القبلي بحكاياته الشعبية، و خرافاته في قول الراوي الشعبي « ... ولما كان الأمر ليس حكاية، فإنه ليس ضروريا انتظار نزول الليل للبدء في الحكيخشية أن يولد أبناؤنا صلعا» (ميموني، 2003)

«cest doncàlui que je demande dagréer mon récit. comme il sagit pas dunconte , il nest pas nécessaire dattendre la nuitpour raconter de crainte que nos enfants ne naissent chauves »)Mimouni, 1990(

افتتح الراوي الشعبي الرواية بهذا القول، مختزلا الذاكرة الجماعية للقبيلة ومحددا مسارات النص منذ البداية، ليكيف القارئ مع جو الرواية التخييلي الذي يغوص في الذاكرة الشعبية وخرافاتها شيئا فشيئا، كما يلخص المقطع في الرواية حكاية من الحكايات الشعبية، التي أفرزتها الجماعة في المجتمع البدائي، تلخص الحكاية تجارب الإنسان البدائي البسيط، الذي يفسر مختلف الظواهر تفسيرا ساذجا، يستند فيه إلى معرفته السطحية البسيطة في تأويل القضايا، وملخصها أن كل من تجرأ على أن يروي حكاية في وضح النهار يغامر بأن يولد أبناؤه صلعا، وما يميز الحكايات الشعبية والخرافية في الموروث الأدبي الشعبي عامة هو « أن الخرافة في حد ذاتها تنطوي على معنى العجيب والمستملح من القصص، و لذلك يمكن أن تحل اصطلاحا محل الحكاية برمتها» (ميموني، 2003)

ويقدم هذا المليح من القصص التراثية القديمة، في قالب قصصي جميل وعجيب تشوبه العجائبية والغرائبية، ما يضفي عليه نوعا من السحر، لأنه يقوم على خيال شعري تنتجه الذات القائلة، لتفسر أو تروي أو تخلد أو تسلي، وتستند في ذلك إلى مادة قصصية عجيبة تشترك فيها مع الأسطورة في بعض الوظائف، وخاصة وظيفتها التفسيرية، كما يطلق على الخرافة قصص الليل، لأن فعل الحكي والقص كان الوسيلة الفريدة والرائجة للترفيه والتسلية آنذاك.

استهل الراوي الشعبي الرواية باستدعاء خرافة الحكي، ليحتكم إلى التراث القديم،  ويتجاوز منذ الوهلة الأولى من الحكي كل القيود والحواجز، التي صاغتها الذاكرة الجمعية، التي تقدس الموروث  القديم ، فيسترجع الراوي في بداية الرواية الماضي القديم بقصصه وخرافاته وأساطيره ،ويرتكز على خرافة الحكي نهارا ليبتدئ روايته، التي يحطم من خلالها قيود الحكي القديمة المنصوص عليها، فيتجاوز شروطه التي سطرتها الذاكرة، متحججا بأن ما سيرويه ليس قصة، وينتقل الروائي فيما بعد من النص الشعبي القديم إلى نصه الروائي الجديد، يصف فيه على لسان راويه العليم حال القبيلة بأسلوب ساخر  يتلخص في قوله: «بلد يقع في قعر العالم وهو جد باهت و جد مستتر، إذ لا تشير إليه أية خارطة في العالم، و لدرجة إيغاله في الديمقراطية، فهو لا يحتاج إلى رئيس دولة ... نحن اليوم متروكون لقدرنا على ضفة النهر الجارف، الذين يعتقدون أن جريانه سيوصلهم إلى بر الأمان»

اختار ميموني قبيلةزيتونة إحدى المناطق الجزائرية النائية، لتكون الفضاء الروائي الأول الذي تدور فيه أحداث القصة، وجعل منها مرتكز متنه الروائي، فهي تمثل عمق الجزائر أو واقع الجزائر العميقة -إن صح التعبير- حيث يظهر سارد الأحداث في الرواية قدرة على تجاوز عناء الوصف من خلال تجنب وصف القرية، إلا ما كان بأسلوب مستهزئ ساخر: «جميعهم يتعارفون فيما بينهم، ويتبادلون التحايا صباح مساء، فكان مراهقوهم يكدحون في الحقول، لأن العادة عندنا أن الأب المحترم هو الذي يكف عن العمل بمجرد أن يصبح ابنه الذكر البكر في سن يسمح له بأن يخلفه» (ميموني، 2003)، يظهر الراوي من خلال تصويره الدقيق والساخر قرية الزيتونة وقاطنيها صورة الجزائر التي تعيش ميثاق شرف الوطن، وشرف الشعب بعد الاستقلال، فقد ركز في روايته على عالم قروي قبلي بسيط يظهر عمق الواقع الجزائري « تكشف رواية شرف القبيلة عن موهبة ميموني، ورؤيته النقدية المنبثقة من التاريخ من خلال تفويضه القول لراويه الخاص» (Charles, 1998)، حيث صور القبيلة في أعلى درجات السلم والسلام السياسي والاجتماعي مثالية إلى أبعد الحدود، لولا حضور الأجنبي الذي يعتبره أهل القرية مصدر المعاناة دائما كما يرد في قول الراوي : «وأفدنا من الحادثة أن الشر يأتينا دائما من الأجانب» (ميموني، 2003)

انتقى ميموني نماذجه وشخصياته في الرواية من عمق الواقع الجزائري، ميزتها البساطة والبدائية، فبطل الرواية هو الشاب عمر المبروكالذي ظل يكن الحقد الدفين في قلبه إلى أن شب، فقد تربى يتيما مكفولا من طرف صاحب العصارة عيسى الأقجع، ليكبر الصبي وأخته وريدة بعدما شاهدا ما شاهداه من مقتل والديهما،واحتقارهما من قبل سكان القرية واستغلال أموالهما، شب الطفلان بين أهل القرية وأصبح عمر المبروك متمردا، يتجاوز كل القوانين المسطرة عليهم، ينتهك حرماتهم ويتلف محاصيلهم، و يزني بعذراواتهم .

فشرف القبيلة المزعوم لم يكن الأجنبي من عاث فيه فسادا، كما جاء في السرد الأول في الرواية، قبل أن يكسر الراوي السرد على خلفية الأحداث، التي كانت بعدما أخذت وريدة للتحقيق معها في مركز الشرطة، وأن يكون الملازم الأول قد نال من شرف القبيلة بعدما نال من شرف الفتاة وريدة شقيقة عمر المبروك، ليسرد الراوي سردا معاكسا للسرد الأول، و هو أن وريدة كانت ضحية لشهوانية أخيها عمر، بعدما حدث ليلة أحضرته من منزل المعمر مارصيال، كان ذلك اليوم الذي انتهك فيه شرف القبيلة بانتهاكه شرف وريدة على حد سواء، انقلب السرد وأصبح عمر المبروك رمز الظلم والفساد في الرواية، بعدما كان بطلا جاء لينتقم، وأجاد الانتقام، فأصبح الجلاد  ضحية (الملازم الفرنسي) والضحية جلادا (عمر)فتحضر الذاكرة بدورها الريادي في الرواية أيضا في : موقف عودة عمر المبروك إلى القبيلة منتشيا بملامح الحقد والسخط على أهل القرية، ويصب جام غضبه عليهم، مستقرئا آلام السنين، ومعاناته وأخته وريدة كما جاء على لسان الراوي :«عندما واجهنا عمر المبروك، بعد أن نزع نظارته ليمسح وجهه، تعرفنا حينها على النظرة الحاقدة المنبعثة من الطفل، الذي كان يركزنا من خلال فجوات جذوع الكرمات الثلاث المتعبة»(ميموني، 2003)

ويعود خطاب الذاكرة الذي يلخص سنين الهروب والترصد والإصرار على العودة الذي تمثلته شخصية البطل عمر المبروك، الذي لم تمح دموع فرحة الاستقلال ما طبعته ذاكرة طفل في قلب بطل «وصفه ميموني بأنه نتاج مجتمع مريض، فهو وجه السلطة المستعار والاستبدادية الدكتاتورية مقابل الديمقراطية المنتظرة...التي تنحصر بقوة في الحنين إلى الماضي، الذي قاد المجتمع بتقاليده البالية إلى الجمود و السلبية» (Rachid, 2010)، ويقدم الروائي على لسان راويه  مجموعة من الرؤى السياسية، انتقدت سياسات الإعمار المطبقة بعد الاستقلال، يرمز الروائي من خلالها إلى أن من جاهد في سبيل استقلال الجزائر، لا يصلح بالضرورة أن يكون مسؤولا عليها، وهذا ما تمثلته شخصية عمر المبروك في الرواية، الذي شارك في الثورة و بات سياسيا ظالما .

المكونات الأدبية العربية في رواية شرف القبيلة لرشيد ميموني

لطالما تجندت العناصر الروائية في سبيل الدفاع عن مختلف القيم المحلية، التي تجلت في طبيعة أفكار الشعوب وخطاباتهم ونصوصهم، التي يصدرونها ويتناولونهاوقيمهم وسلوكياتهم التي يمارسونها، انطلاقا من الشعور بالانتماء إلى قومية دون أخرى، فمثلت هذه العناصر المكونات الأساسية لقوام الهوية التي تجلت ملامحها المتنوعة في المتن الروائي شرف القبيلة، فنتلمسها من عتبة النص الأولى إلى آخر أنفاسه.

وسم الروائي ميموني روايته بـ :شرف القبيلة التي استدعى من خلالها موضوع الشرف بحمولاته الثقافية الحريمية العربية، وجعل منه نواة العمل الروائي، فلطالما اقترن  الشرف بالمرأة  في المجتمعات العربية، وأتبعه الكاتب بلفظة القبيلة  ذات البعد العربي الشرقي الأول بمفهومها الأنتروبولوجي المتمثل في أنها «مجموعة من الناس تنتسب إلى أب أو جد واحد، والعصبية القبلية هي التحيز إلى قبيلة» (موسى، 2000) .

وقد عرف العرب النظام السياسي القبلي منذ القدم «فكل قبيلة تؤمن بنسبها وتعتز به و بأنها تعود إلى أصل واحد، فهي من دم واحد ولحم واحد، ومن أجل ذلك عبروا عن القرابة باللحمة، و كما عبروا عن عشائرهم وفروعهم بالبطن والفخذ»(ضيف، 1974)، واقترن النظام القبلي بالبيئة العربية القديمة منذ الجاهلية إلى اليوم، وقد ابتغى الروائي بارتداده النظام السياسي القبلي العربي استدعاء رؤيته الشرقية بعوالمها المتنوعة فكثيرة هي الكتابات الروائية والقصصية، التي ارتدت الذاكرة العربية الشرقية باستدعاء لفظة القبيلة بأبعادهاالسياسيةوالأنتروبولوجية في نصوصها الروائية، التي يقدم الروائيون من خلالها صورة عن الحياة العربية القديمة، ويبسطون بواسطتها نفوذ التراث العربي، ويحيونه بترسيخ سياساته المختلفة.

كما توحي لفظة القبيلة بملامح الرواية الشرقية العربية، بكل ما تحمله اللفظة من زخم ثقافي أنتروبولوجي، تفاعل من خلاله العنوان مع مبادئ وقيم وموضوعات المجتمع العربي الأول، الذي لطالما دافع عن مبدأ الشرف رمزا للرجولة والذكورة فيه، فينجلي للقارئ منذ الوهلة الأولى وهو يتصفح الرواية تأثر المؤلف الشديد بالبيئة العربية القديمة، وهو يتبنى المعطيات الاجتماعية الشرقية  القديمة، ومرد ذلك الروح العربية الشرقية التي تشبع ميموني من تراثها وثقافتها، على اعتبار أنه عاش معظم محطات حياته في الجزائر، وعايش أهم تحولاتها التاريخية، فلا يكاد النص يخلو من السوابق الأدبية التراثية العربية التي يمكن رصدها في مجموعة من النص منها:

النص الاستهلالي

ابتدأ ميموني نصه الروائي قبل الإفاضة في سرد الأحداث ووصفها بمقطع استهلالي جاء على لسان الراوي يقول فيه:«لا أستطيع أن أبدأ هذه القصة إلا بذكر الله العلي القدير خالق كل خلق، المحدث لكل حدث، ومالك كل قضاء وقدر  في كتاب للعالمين عظيم، أحصى كل شيء»(ميموني، 2003)

«Mais je ne peux pas commencer cettehistoire que par lévocation du nom du Très-HautlOmniscient, le créateur , de toute créature , lOrdonnateur detous les destins . Dans le grand livre du monde , ila tout consigné» )Mimouni, 1990(

استهلت الرواية بخطاب الراوي الشعبي وتعظيم الله وتمجيد قدرته، حيث ربط فعل الحكي الإبداعي بالذاكرة الشعبية، التي استدعاها من خلال استهلال الحكي بنص استهلالي، ارتأى أن الحكي لا يبتدئ إلا من خلاله، ويتلخص ذلك في ذكر الله العلي القدير خالق كل خلق، وقد مثل النص الاستهلالي في لفظه اقتباسا قرآنيا إسلاميا، التزم نظام السرد العربي الأصيل، الذي يقوم على ذكر االله عز وجل وتعظيمه قبل البدء في الحكي استنادا إلى أقوال العرب القدامى بأن إحسان البدايات هو إحسان للتوابع والخواتيم.

وقد مثل الاستهلال في الأدب العربي القديم خاصية كتابية مميزة لا يمكن الحياد عنها،  توجه أنظار القارئ منذ البداية إلى نظام السرد العربي القديم وعجائبيته، التي لا تتأتى إلا باستدعاء بعض الأدعية والابتهالات والبسملة وغيرها من الأنماط الاستهلالية، التي مثلت بقايا اعتقادات قديمة وخلاصة حكمة الأوائل، كما ظلت تسيطر على العقل طويلا، أكد من خلالها الكاتب صلاحية النصوص التراثية العربية، وسمات السرد القديم المتجددة شكلا ومضمونا بتجدد الوعي بها وبأبعادها، يتم بواسطتها الكشف عن جذور القص في التراث، واستخراج كنوزه واستحداثها.

وقد تنوعت الاستهلالات في التراث  العربي القديم، وتعددت حسب نوع الحكاية وسياقاتها، فنجد استهلالا خارج الرواية واستهلالا داخل الرواية، أما الأول  فتمثله عبارات الراوي الخارجة عن موضوع النص الحكائي، باستعمال مجموعة من العبارات والكلمات مثل : قالوا، زعموا، ذكروا ... وفي الحكايات العجيبة تتنوع الاستهلالات خارج الرواية، باستهلال ثابت كالبسملة والحمدلة والثناء على الله بصفاته الثلاث : العلم والعزة والرحمة، وهو استهلال متغير ينحرف فيه الراوي عن الاستهلال الثابت  إما بغياب البسملة أو غياب الثناء على الله، أو استخدام الراوي صيغة الدعاء، واستخدام عبارة حدثنا ... أما الاستهلال داخل الرواية فهو :» أن تبدأ الحكاية عادة بنوع من الاستهلال فتذكر فيه أفراد الأسرة، أو تقدم البطل  ... (النصير، 1998)

وقد مثلت صيغة الاستهلال في السرد العربي القديم لبنة أساسية، لا يمكن أن يقوم الحكي إلا بإرسائها «ورغم أن الاستهلال ليس وظيفة، إلا أنه عنصر مورفولوجي هام ...يفتتح به الراوي خبيئة الحكاية لتنمو وتزدهر» (الشاهد، 2012) صاغ ميموني نصه الاستهلالي خارج الرواية  تماشيا وخصوصية المادة الروائية المقدمة في متنه، فهذا النوع من الاستهلال يوافق عجيب الحكي وغريبه باعتباره غير ثابت، ينحرف فيه الراوي -الذي يمثل الصوت غير المسموع -   ليقوم بتفصيل مادة الرواية عن الثابت من القول، وأقحم الدعاء بصيغة قرآنية استمدها الروائي من النص الديني، والتزم بواسطتها نظام السرد العربي الخالص، بالرغم من نقلها إلى النظام اللغوي الفرنسي المختلف تماما عن النظام اللغوي العربي القديم.

لم يحد ميموني منذ بداية الرواية عن أنظمة السرد التراثية في الأدب العربي القديم، فبعد أن استدعى موضوع القبيلة والشرف والحريم في عنوانه، هاهو ذا يضعنا في إطار التراث السردي العربي القديم، حين استهل متنه الروائي بصيغة من الصيغ السردية العربية القديمة، تعالق فيها النص الروائي فنيا مع الذاكرة الأدبية الشعبية العربية بخطاباتها، التي دمج من خلالها النص التراثي الغائب في ثنايا النص الروائي الحاضر، وأفصحت بذلك الرواية عن تعالقات نصية كثيرة ومتنوعة،  ابتدأها الروائي بوضع النص في إطاره العربي  الشرقي، فكانت هذه العلامات الناطقة المبثوثة في ثنايا العنوان وكذا تقنية الاستهلال بمثابة مرجعيات وخلفيات انفتحت عليها الرواية «لتتكون عوالم النص الروائي التخييلي في ظلها، التي تتحول مع مرور الزمن والأجيال من نص يخضع لقوانين نوع أدبي محدد إلى نص ثقافي شامل تتولد عنه النصوص في مختلف الأنواع الأدبية الفنية، وفي مختلف العصور والأمكنة» (يقطين، 1992)

ولم يكن النص الاستهلالي وتقنية الحكي على نهج الأوائل السمة الوحيدة التعالقية التي التزمها ميموني في متنه، لكنه عمد إلى ترسيخ فعل الحكي -قدر المستطاع في التراث الأدبي العربي- حيث نجد النص الروائي قد تعالق فنيا وإبداعيا مع نصوص تراثية أخرى تنوعت تنوع السياق الروائي نذكر منها:

النص الخرافي

أبدع ميموني في فتح بوابات الماضي التراثية ونوادر الأدب العربي، فاستقى منه ما أشبع قريحته الأدبية من خلال انتقائه مجموعة من النصوص الأدبية التراثية، ظلت ظلا ملازما لنصه الروائي، لما تحتويه هذه النصوص من جماليات الخطاب الفني الإبداعي، وإعجازاته اللغوية الدلالية والبلاغية، حيث وظف عديد النصوص التراثية العربية - وما أكثرها -  ونجده قد ارتد الذاكرة الأدبية العربية واستقى منها ما وافق رؤاه وأيديولوجياته كاستدعائهخرافة جزيرة الواق واق و نص ألف ليلة و ليلة ونص الجزر الخالدات، فبعدما استعان ميموني بتقنيات النظام السردي العربي القديم، المتمثل في  تقنية  الاستهلال خارج الرواية  استدعى كذلك بعض المكونات الأدبية العربية القديمة، انفتح النص بواسطتها على عالم الغريب والعجيب.

وقد بدأ بقول فاليري: «بأن كل الحكايات تتجذر في الخرافات»(ميموني، 2003)، فكشف منذ البدء استعانته بالنص الخرافي القديم، حيث إن كل حكاية تحوي جانبا خرافيا غريبا لا تكتمل جمالية الحكي إلا به،  فانتقى جنس الخرافة والحكايات الشعبية العربية القديمة، لتكون النصوص الداعمة لنصه الجديد، فنفض الغبار عن عديد الخرافات والحكايات، التي أضفت على النص غرائبية شرقية وطابعا عجائبيا لا يجده القارئ إلا في الحكايات كتب التراث يقول الراوي : «فإنه ليس ضروريا انتظار الليل للبدء في الحكي، خشية أن يولد أبناؤنا صلعا»(ميموني، 2003)

فتح ميموني من خلال هذا القول على لسان الراوي الشعبي، بابا من بوابات التراث السردي الشعبي، الذي يضع شروط الحكي والسرد القصصي في الفكر العربي القديم الذي يستند إلى دعائم حكائية قديمة مقدسة، أهمها أن فعل الحكي بعد طلوع الفجر في التراث العربي يؤدي بالراوي إلى أن يولد أبناؤه صلعا، والأصل في هذا يعود إلى خصائص السرد والوصف وشروطه في حكايات ألف ليلة وليلة، حيث كانت شهرزاد تروي الحكاية طول الليل فإذا جاء الصبح وصاح الديك سكتت عن الكلام المباح، وأصبح فعل الحكي محرما بعد الفجر، لتظل على هذه الحالة ألف ليلة و ليلة .

وأدمج الروائي من خلال هذا نص حكايات ألف ليلة وليلة، فقول الراوي أن ما سيرويه ليس بحكاية حتى ينتظر نزول الليل للبدء في روايتها، استند فيه ميموني إلى خاصية وشروط السرد في الفكر العربي القديم، حين اعتبر نزول الليل شرطا أساسيا من شروط بداية الحكي، فلا يجوز للسارد أن يحكي حكايته بعد ميقات الفجر.

فأغلق ميموني من خلال هذا القول  في بداية النص باب الحكاية والخرافة وفتح باب الواقعية والصدق الفني، فقد وضع القارئ منذ بداية السرد في إطار السرد الواقعي البعيد عن الغريب والعجيب، لأنه لو كان ما سيقوله عجيبا أو غريبا أو خياليا، لانتظر نزول الليل وبدأ الحكي، فقد أغلق الراوي بذلك باب الخرافة والأسطورة والحكاية الشعبية، وفتح باب الواقعية والالتزام الفني تعمد الروائي من خلالها وضع النص الروائي في إطاره العربي الأصيل، كما جعل هاتين التقنيتين السرديتين أولى ركائز نصه الفرانكوفوني، الذي اتخذ من التراث والموروث الأدبي العربي بأنظمته السردية العربية الأصيلة ظلا ملازما لتجربة الكتابة الروائية، رسخ من خلالها الأدب العربي بكل مكنوناته التراثية السردية وغير السردية القديمة والحديثة في النتاج الأدبي الفرانكوفوني، الذي بات لا يتأصل إلا به، ولا تكتمل جماليته إلا باستحضاره .

وإذا تجاوزنا عتبات النص الأولى  نجد أن الروائي ظل يتكئ على مختلف  النصوص التراثية العربية  وخاصة نص ألف ليلة ليلة الذي اعتبره النقاد أكثر النصوص التراثية حضورا في التجارب الكتابية اليوم مع تنوع لغاتها، فقد اتخذ من جنس الخرافة، التي ارتأى أنها أصل الحكايات وجذورها مستندا إلى قول فاليري، واستدعى جنس الخرافة والحكايات الشعبية التي استقاها من حكايات ألف ليلة وليلة (الحكي ليلا، جزر الواق واق، الجزر الخالدات وشخصية القوال ...)، وطوعها إبداعيا فاستحضر خرافة جزيرة الواق واق، التي أوردها ميموني في السياق الروائي عبر شخصية الرجل المشعوذ الغريب البوهيمي:

«الغريب الذي كان يأتي كل عام يزور قريتنا، نصف حضري ونصف مشعوذ، بلحية مجنونة، وشعر طويل متموج حتى الريح ... يبدو أنه التقط معرفته الكبيرة و البليغة من رحلاته الطويلة وغير المنتهية» (ميموني، 2003)

فبعدما أدرج الراوي الحكاية التي سيرويها في خانة الواقعي،ها هو ذا يقحم الخرافة بكل عجائبيتها من خلال شخصية البوهيمي، ليحمل القارئ من عالم الواقع إلى عالم الغريب والعجيب ويدخله عالم الخرافات والأساطير الشرقية، التي أدرج من خلالها الراوي النص التراثي بكل ما يزخر به من مكنونات وحمولات ثقافية أنثروبولوجيةعلى لسان البوهيمي، الذي يمكن اعتباره البوابة التي يلج من خلالها المتلقي  إلى عوالم القصص الشرقي القديم المليء بالخوارق وعجيب القول والفعل، حيث مثلت زيارة المشعوذ «البوهيمي» منعطفا حاسما في حياة البطل المحوري عمر المبروك وأهل القرية، فمقاتلة أبي عمر سليمان بن حسن المبروك و موته على يد الدب المتوحش، الذي يرعب به البوهيمي أهل القرية في كل مرة، قد استعان به الروائي ليمزج الواقعي بالعجائبي الغريب في الرواية، من خلال ما أضفاه من هالة غريبة وعجيبة على الوحش يقول عنه الراوي : «الذين باعوني إياه يزعمون أنه خرج من بطن ملكة وقفت على ما نتج عنها من رغبة هوجاء كانت أشبعتها، لكني أشك في أنهم خلقوا هذه الخرافة ليرفعوا الثمن»(ميموني، 2003)

استعمل الروائي في هذا السياق لفظة زعموا التي توحي في فن القص العربي القديم، بأن ما سيروى يحتمل الصدق والكذب، فحكاية أصل الدب الوحش وحقيقة وجوده، يمكن أن تدرج هي الأخرى في خانة الخرافة أو القصص الشعبي الذي يأتي في أغلب الأحيان لدواعي تفسيرية، وفي السياق ذاته انتقل الراوي إلى اختيار خرافة من خرافات ألف ليلة وليلة وحكاية جزر الواق واق ليقدمها الراوي على لسان الغريب البوهيمي  يصفها قائلا : «قضيت خمسة عشر شهرا في جزيرة الواق واق، التي تثمر شجرها فواكه بوجوه آدمية، واكشتفت تلك المناطق الغابية والجو الخانق، حيث أجنحة الجحافل من البعوض تهمس أغنية مهدهدة يموت من سماعها السكان الأصليون، لأنهم لا يستطيعون أن يستيقظوا  وزرت الجزر الخالدات التي لا ندخلها إلا ارتجالا ، والتي سكانها لا يتغدون إلا على الشعير ويرعون المعز، الذي يتركونه يموت شيخوخة ويقاتلون بالحجارة ... والذين في الخفاء يدعمون عقيدتهم ويخلدون أنفسهم طوعا، ويلمعون أسلحتهم استعدادا للثأر من مقتل الحسين، وفي يوم من الأيام ينزلون عليكم و من غير حياء و لا شفقة، سيفعلون بكم  ما فعل بالفتى الشهيد» (ميموني، 2003)

أقحم الروائي من خلال هذا المقطع مجموعة من المكونات الخرافية الشعبية، استدعاها ميموني واستقاها من كتب التراث العربي القديم، فاستحضر خرافة جزر الواق واق، التي جرى ذكرها في حكايات ألف ليلة وليلة، وكتاب المقدمة لابن خلدون، وقصص أليس في بلاد العجائب وكذا، حكايات أشعب في جزر الواق واق وغيرها.

وتروي حكاية جزر الواق واق قصة جزر تنمو فيها الشجر برؤوس آدمية وعلى شكل نساء بشعور طويلة، وبعد سقوطها وذبولها تصبح جوفاء وعندما يمر فيها الهواء تصدر صوتا بنغمة الواق واق، وقد ذكرها شهاب الدين الإبشيهي في كتابه المستظرف في كل فن مستطرف في قوله :» جزيرة الواق تقع خلف جبل يقال له أصطفيون، داخل البحر النوبي و يقال إن هذه الجزيرة كانت ملكتها امرأة، وأن بعض المسافرين وصل إليها، ودخل ورأى هذه الملكة وهي جالسة على سرير وعلى رأسها تاج من ذهب، وحولها أربعمائة وصيفة، كلهن أبكار، وفي هذه الجزيرة من العجائب شجر يشبه شجر الجوز، وخيار الشنبر، ويحمل حملا كهيئة الإنسان، إذا انتهى سمع له تصويت يفهم منه واق واق، ثم يسقط وهذه الجزيرة كثيرة الذهب حتى قيل أن سلاسل خيلهم، ومقاود كلابهم وأطواقها من الذهب» (الأشبيهي، 2008 )

أورد ميموني حكاية جزر الواق واق في متنه مكيفة تكييفا فنيا طوعها الراوي تطويعا وافق السياق الروائي حاد فيه قليلا عن النص الأول دون تغييبه تماما، فجزر الواق واق في المتن الروائي قد جاءت على أنها جزر تثمر ثمارا بوجوه آدمية، حيث نلاحظ أنه لم يستحضر خرافة جزر الواق واق بنصها الأول بل استدعاها ببصمة جديدة، بغية تشكيل نسيج النص الروائي بمزج دقيق بين الواقعي و الخرافي، وقد أضفى الكاتب باستدعائه خرافة جزر الواق واق طابع العجيب، حين قدمها الراوي في شرف القبيلة في أغرب صورها وأعجب أشكالها، على لسان شخصية وصفها على أنها شخصية رحالة طافت أطراف الأرض، وتحمل في جعبتها معرفة بكل شعوب العالم وثقافاتهم.

تعتبر شخصية البوهيمي في الرواية بمرجعيتها الخرافية عنصرا من العناصر الروائية، التي أضفت على النص جمالية فنية طوعت من خلالها العناصر التراثية العربية خدمة للنص الروائي، حيث مثل المكون الأدبي العربي  وخاصة الخرافي بكل ما يحمله من مكتنزات شرقية وطاقات فنية جددت الأدب القديم  وأثرت الجديد، وجدرت الرواية في أصولها العربية القديمة  «فأساس استدعاء المهرج المشعوذ الذي عاش ستة قرونوتجاربه، ودرايته بالعالم ...من خلال خطاباته وعروضه الفنية، التي جدبت أهل القرية هو دعوة سكان قرية الزيتونة إلى الخروج من جمودهم  وتصوير حياتهم البائسة». (Zoulikha, 2003)

كما نلاحظ أن ميموني قد كثف من استدعاء النصوص الأدبية التراثية وخاصة الخرافية منها، حيث حضرت هذه النصوص في شكل علامات شرقية ناطقة بالموروث الأدبي العربي، أكد بواسطتها الروائي تأصل نصه الروائي الجديد في النصوص التراثية القديمة، حيث استندت الرواية في أبرز محطاتها الابتدائية إلى مرجعيات نصية عربية قديمة، أضاءت ملامح النص الروائي الجديد، وجعلته يبدو بالرغم من لسانه الفرنسي بحلة شرقية عربية خالصة.

بالإضافة إلى استدعاء الروائي بعض النصوص التراثية العربية القديمة، فقد استحضر بعض مكونات التاريخ الإسلامي، من خلال استحضاره شخصيات تاريخية إسلامية، وتمثل ذلك في ذكر شخصية الحسين، ابن سيدنا علي رضي الله عنه، وكل ما تحمله الشخصية من حمولات رمزية كما في قوله :» والذين في الخفاء يدعمون عقيدتهم، ويخلدون أنفسهم طوعا، ويلمعون أسلحتهم استعدادا للثأر من مقتل الحسين، في يوم من الأيام ينزلون عليكم، و من غير حياء ولا شفقة، سيفعلون بكم ما فعل بالفتى الشهيد» (ميموني،  2003)

عاد ميموني إلى صفحات التاريخ الإسلامي المثقل بالفتن والانشقاقات والصراعات على الخلافة بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، ومثل هذا الارتداد ترميزا فنيا، صور من خلاله الكاتب واقع الجزائر اليوم من خلال إشارات رمزية موحية اعتبرت رمز الانشقاق والانقسام والفتنة في التاريخ الإسلامي، حين استدعى شخصية الحسين الذي يمثل الفتى المظلوم الذي قتل غدرا طلبا للخلافة الإسلامية، وكان بذلك الحسين الفتى الشهيد كما وصفة ميموني على لسان راويه، لتكون فكرة ارتداد شخصية الحسين استباقا لما سيأتي بعد ذلك في الرواية، بمجيء الفتى عمر المبروك بغية الانتقام لمقتل والده الذي كان في الرواية رمز الشجاعة و الإباء.

ما يمكن أن يستشف من استدعاء الروائي شخصية الحسين بن علي رضي الله عنه، أن ميموني قد ورد التراث الأدبي العربي والتاريخ الإسلامي بالرغم من مزاولته الدراسة في المدارس الفرنسية، حيث كشف من خلال نماذجه الأدبية والتاريخية وغيرها المبثوثة في ثنايا الرواية عن الملكة الثقافية العربية التي يمتلكها، وتأثره بكل ما يزخر به التراث الشرقي العربي من فنون القول والأمجاد العربية، فقد نهل من مختلف الموارد التراثية العربية من تقنيات الكتابة السردية العربية وفنيات تعبيرها حينا، وحينا نجده يقلب صفحات تاريخ الفكر الإسلامي وأمجاده، وأحيانا أخرى يرد مورد التراث الشعبي العربي الأصيل، حين حدّث مادته المختلفة وطوعها فنيا خدمة  لمتنه الروائي الفرنسي .

وقد مثل حضور النصوص التراثية العربية القديمة بمختلف أصنافها في الرواية مرجعيات تأصيلية، اعتمدها الروائي لتكون لبنات أساسية استهل بها الراوي حكايته وكثف من استدعائها في مواضع متعددة تعددت مع تعدد سياقات النص ورؤى كاتبه، أعانت نسيج النص الروائي الجديد وجعلته أكثر تجذرا في الذات العربية الكاتبة، التي لمح إليها الروائي وتعمد استدعاءها لتكون ظلا ينشأ فيه نص شرف القبيلة، وكما يقال لكل نص أدبي ظل وظل نص رشيد ميموني النصوص الأدبية التراثية من نصوص استهلالية وخرافية وحكايات شعبية وغيرها ...

كما استحضر ميموني من خلال شخصية البوهيمي نفسها عادة من عادات السرد الشعبي العربي القديم المتمثلة في شخصية القوال Goual، التي تسرد القصص الخرافية والأساطير الشعبية المتداولة بين الشعوب وتسافر بها من مكان إلى آخر « لتروي الحكايات الخيالية والأقوال في الأسواق والأماكن العمومية « (Zoulikha, 2003)

وقد مثلت شخصية البوهيمي كما سبق وذكرنا بوابة التراث السردي الخرافي في النص، كما يمكن اعتباره شخصية من الشخصية القوالة التي تنقل القصص الخرافية والأسطورية من بلد إلى آخر بغية التسلية، استدعاه الكاتب ليدمج الملمح الشعبي العربي، وعبر من خلاله عن وعي الذات الكاتبة بذاتها وخصوصيتها من خلال استحضار الخرافات والقصص الخيالية التي كانت تروى على لسان القوالين في القرى والمناطق البسيطة البدائية.

فقد رسخت شخصية البوهيمي الافتعالية في النص كثيرا من المكونات الأدبية التراثية، فشخصية القوال في النص إنما تأتت لتكون ناطقا بلسان التراث الشعبي، فقد كان لها باع كبير في الفكر العربي الأول، فهي مصدر القص والحكي البدائي، ونجد أن ميموني استحضرها في نصه لتكون مرجعية القص الأول، مؤصلا لروايته التي زاوج فيها الراوي بين الواقع والخيال وبين الرمزوالتصريح.

من خلال ما سبق رصده من المكونات الأدبية العربية المختلفة، أسفر الكاتب عن ملكة ثقافية لغوية تمكن بواسطتها من تطويع اللغة الفرنسية وفق السياق الروائي صياغة ومضمونا، وأدمج مكوناته النصية التراثية  باعتبارها «عنصرا هاما في حضارة المجتمع فهي عصارة الخيال الشعبي (أي الجماعية) ولكنها تمثل من حيث معناها الزمني العام عالما شبه بدائي بالنسبة إلى حاضر المجتمع» (شاكر، 2000م)

فمثلت الأخيلة الشعبية بنصوصها وعاداتها وأنظمتها في الرواية نسيجا من العلامات الدالة الناطقة بملامح الكاتب والمكتوب، تحقق بواسطة  انتقائه ثلة من الشخوص الروائية، مثلت الطبقة المحرومة و المهمشة في المجتمع الجزائري حصرا، تمثل الفئة الاجتماعية المحافظة على الموروثات وسنن الأولين من الآباء والأجداد، فباتت الرواية نموذجا لواقع الفئة الشعبية من المجتمع، ممن يظلون ضحايا الفساد والتهميش  وأضحت قرية زيتونة التي تمثلت ملامح الهوية الجزائرية صورة الجزائر العميقة، التي لطالما نجح ميموني في كتاباته المتنوعة من إزاحة اللثام عن مخبآتها السياسية والاجتماعية وغيرهما، كما كونت العناصر الروائية المتفاعلة فيما بينها صورة ذات شرقية جزائرية، من خلال تقديم صورة الواقع الجزائري بعد الاستقلال، واقع لا يختلف غده عن أمسه .

النص الديني

لو ابتعدنا قليلا عن النتاج الإنساني و التفتنا إلى مدى حضور النص الرباني في المتن الروائي، على اعتبار أن ميموني قد نشأ نشأة محلية إسلامية محافظة حاله حال جميع الأسر الجزائرية، نجد أن النص الديني القرآني قد سجل حضوره في المتن الروائي، حيث نستشعر من  الصفحات الأولى النفحات الدينية الإسلامية  المتمثلة في استعانته بالله العلي القدير قائلا :  «لكني لا استطيع أن أبدأ هذه القصة إلا بذكر الله العلي القدير خالق كل خلق، المحدث لكل حدث، و مالك كل قضاء وقدر، في كتاب العالمين العظيم أحصى كل شيء»(ميموني، 2003)

استدعى ميموني النص القرآني لفظا ومعنى  حين نهل من معاني القرآن الكريم وألفاظه، ومرد ذلك تشبع الكاتب من الثقافة الدينية الإسلامية، التي تميز جل أسر المجتمع الجزائري، والتي لطالما كانت مكونا أساسيا من مكونات هويته، ويظهر ذلك في بعض الملامح الدينية الإسلامية، التي اكتست الشخوص الروائية ومواقفها خلال وتيرة السرد على طول نفس الرواية، والتحولات التاريخية التي سيرت الأحداث الروائية، حيث يشرع الروائي في رسم ملامح شخصياته الشرقية العربية الإسلامية من خلال بعض الممارسات التي تجذرت في المجتمع الجزائري منذ القدم وكيف أن الأطفال في القرية زيتونة « تربوا على تعاليم الدين الإسلامي وحفظوا القرآن في سن مبكرة» (ميموني، 2003)

يصف الراوي أهل القرية حين جاءهم مشروع الحداثة قائلا : «نصحهم أكثر الحكماء حكمة (والله هوالحكيم) بالاستسلام»(ميموني، 2003) وكذلك في حديثه عن قبيلته وقيبلة سيدي بونمر: «فليهد الله القبيلتين صراطه المستقيم»(ميموني، شرف القبيلة، 2003)

«je prie Allah pour quIl le ramène dans ladroit chemin»

(ميموني، 2003)

«أصلي لله كي يهديه الصراط المستقيم»

تنوعت الاقتباسات القرآنية تلميحا وتصريحا، لفظا ومعنى كما ورد في المقاطع السالفة الذكر، التي تجلى من خلالها النص القرآني، وتعالق النص تعالقا فنيا مع النص الروائي، حيث نلمس من خلاله تأثر الكاتب الشديد بالنص القرآني، الذي لم يغيب النظام اللغوي الفرنسي ملامحه إبداعا وإعجازا.

وأحدث التفاعل الخلاق بين النص الروائي والنص القرآني تعالقا فنيا إبداعيا، أضفى جمالية فنية جلية على النص الروائي لا مثيل لها تجعل القارىء يجري مقارنة بين عالم الدين وعالم الدنيا، الذي يتحدث عنه الكاتب من خلال حضور بعض الكلمات والألفاظ ذات البعد الديني الإسلامي، فنجد لفظة الرسول  (le prophète)قد تكررت كثيرا في النص على لسان الراوي وأهل القرية المحافظين كما سيرد في قول شيخ القرية ناصحا إياهم: «تزوجوا زواج الدم من غير أن تتعدوا سنة الرسول» (ميموني، 2003)، وكذا في قول الراوي يصف تقاليد بني النجار الذين تجاوزوا حدود الدين والأعراف كما في  قوله: «فإن بني النجار وهم يجهلون مناهي الرسول كانوا من بينهم من يمارسون الزنا ويأتونها بالمحارم، وكانوا بعد ذلك لا يعلمون من أي نطفة ولد أبناؤهم» (ميموني،  2003)

كما استدعى ميموني بعض الشخصيات التي كان لها صدى في التاريخ الإسلامي منهم الصحابة والتابعين، حيث استحضر الروائي شخصية من الشخصيات الدينية على لسان الراوي متحدثا عن جد عمر المبروك «حسن المبروك الجد البطل الشجاع الذي لا يهزم كما سيرد في قوله: «قيل أن حسامه الذي يقطع به رقابا كافرة كثيرة ورثه من الذي لا يهزم عليّ رفيق الرسول» (ميموني، 2003)

تضمن المتن الروائي مجموعة من الملامح العربية الإسلامية من خلال استدعاء الثقافة الدينية الإسلامية وبعض المناهي والأوامر التي تحدث عنها النبي محمد، واستدل الروائي ببعض الشخصيات الدينية كالرسول صلى الله عليه وسلم  وكذا علي بن أبي طالب رضي الله عنه متبعا تقنية الاقتباس باستحضار  الألفاظ والمعاني المستمدة من القرآن والثقافة الإسلامية  مثل : المسجد، الفاتحة  الآذان، يأجوج ومأجوج  إبليس عزرائيل  صلاة الغائب ... حيث يصف الراوي شخصية جورجو بعد لقاء الملازم الفرنسي قائلا: «لك شحبة رجل يعود من مقابلة عزرائيل» (ميموني، 2003)وكما ورد في قول الرجل الخارق البوهيمي مخاطبا أهل القرية: «أيها المؤمنون الشجعان، ليس هو الشيطان  وليس هو إبليس جاء إلى الأرض ليفزعكم»(ميموني، 2003)

تدل هذه المقاطع على مدى تأثر الكاتب بالنص القرآني، وأحكامه مبرزا ملامحه الدينية الإسلامية على لسان الراوي حينا، ولسان الشخصيات المتفاعلة مع الأحداث أحيانا أخرى.

وكثف الكاتب الاقتباسات القرآنية من خلال تفاعل النص الروائي مع آيات القصص القرآني، التي أضفت على المتن الروائي جمالية مردها الإعجاز الذي ميز النص الرباني عن غيره من النصوص الأخرى، فيصف الراوي موقف رحيل أهل القرية من زيتونة بعد استقلال الجزائر متجهين نحو الأرض الموعودة،التي رسمها لاوعي أجدادهم طوال سنين، وسجلت هذه القصة تعالقا ضمنيا مع قصة سيدنا نوح عليه السلام عندما أخذ على سفينته من كل زوجين اثنين حيث يقول الراوي: «وفي انسحابهم حملوا معهم أنواعا من النباتات والبذور وأشكالا أخرى من الحيوانات من ذات القرن وغيرها ومن ذات الأربع و غيرها أكثر...» (ميموني، 2003)

وتجلى بذلك الملمح الديني المتمثل في النص الديني القرآني من خلال تعالقات النص الروائي  مع النص القرآني، حيث أفصحت هذه التعالقات عن بعض رؤى الكاتب، حين دافع  على لسان الراوي والشخصيات المحركة للأحداث عن مبادئ الرسول والتعاليم الإسلامية بأوامرها ومناهيها، وكان ذلك باستدعاء الروائي بعض الآيات القرآنية وكذا حضور لازمة الله الرسول، التي ظلت مسايرة لفعل الحكي على طول المتن الروائي  طرح من خلالها الكاتب إشكالية الدين والحداثة  قائلا: «لقد أوحى الرسول بالتميز بالورع لا بالثورة» (ميموني،  2003)

بناء على هذا القول الذي جاء على لسان الراوي لأنه يمثل صوت الحكمة في الرواية، حيث أغلق الكاتب باب الثورة ليفتح باب الورع والحكمة وحسن التسيير، لخص من خلاله معطيات واقع ما بعد الاستقلال والتحولات الجذرية، التي مست المجتمع الجزائري وسوء التسيير والتدبير اللذان  عقبا الثورة، وظهرت في الساحة الثقافية والسياسية والاجتماعية مجموعة من المفارقات شكلت فيما بعد هاجس المبدعين الروائيين وعلى رأسهم رشيد ميموني، الذي اعتبر الأديب الأكثر التصاقا بقضايا المجتمع في حقبة الثمانينيات، حتى إنه يمكن القول أن جميع رواياته تصب في هذه ثلاثية  (الثورة والاستقلال والديمقراطية المزعومة).

خاتمة

قدم الروائي رشيد ميموني منذ النفس الأول من الرواية العوالم الشرقية العربية بكل مكنوناتها الثقافية والأنثروبولوجية المعرفية، حين نفض الغبار عن التراكمات الأدبية القديمة و موروثاتها قبل الولوج إلى عوالم نصه التخييلي، فأشار في عنوان الرواية إلى العالم الشرقي الذي خصه الروائي بالكتابة، وهو عالم القبيلة والشرف هذان العالمان اللذان يمثلان مرتكز الفكر العربي الأول، فالقبيلة هي أول الأنظمة السياسية المتبعة في المجتمع العربي الأول، وأما الشرف فهو اللازمة التي يجب أن يحافظ عليها المجتمع وقد اقترن في الفكر العربي بالمرأة وموضوع الحريم و الحرمة وغيرهما من أشكال حظوة المرأة .

تمثل كل من اللفظتين محور العمل الروائي يقحم الراوي القارئ من خلالهما في عوالمه الشرقية العربية، فالتعالق النصي أو التناص إن صح الجمع بين المصطلحين هو حتمية كل نص لذلك تتعالق الرواية منذ الوهلة الأولى نصيا مع نصوص روائية أخرى بلفظة القبيلة والشرف كما أسلفنا، وهذا ما يجعل القارئ يلج منذ العتبة الأساسية عام الشرق بسحره، وتجلى ذلك في أن الروائي لم يستدع القصص التراثي العربي فحسب، وإنما وضع نصه الروائي في إطار الجغرافيا الشرقية التي تخلقها فنيا.

-كما استند في بداية سرده الروائي إلى نظام السرد العربي القديم، الذي ارتأى ميموني أن يجعل أحد أنظمته السردية أولى لبنات بناء الرواية 

-وانتقى من مكتبة التراث الأدبي العربي الشرقي، ما وافق سياقات نصه، وما أثرى فنيات تعبيره، مستندا في ذلك إلى ما يمتلكه من نواصي اللغة الفرنسية منها والعربية الفصحى والعامية، خاض بواسطتها الروائي غمار تجربة الكتابة الإبداعية الروائية، في ظل خلفيات أدبية تراثية جعلت النص يظهر أكثر تجذرا في عروبته إذا ما تناسينا اللغة الفرنسية المكتوب بها

-ومرد ذلك أن ميموني قد ارتأى أن التراث الأدبي العربي، بكل أجناسه التعبيرية المختلفة يحمل في مكنوناته نصوصا داعمة لنصه الروائي الجديد، فتجلت هذه النصوص التراثية القديمة في شكل تفاعلات وتعالقات نصية فنية إبداعية، هي في الحقيقة حتمية وقدر كل النصوص، تمازج فيها القديم بالجديد  والنص الغائب بالحاضر، فتجدد القديم في سياقات النص الروائي الجديد، مستحدثا ذاته بذاته ليتجلى في حلة فنية جديدة، حافظ فيها النص التراثي على ديناميكيته وملامحه الأولى فظهر بوجه جديد حددته سياقات فنية روائية فرانكوفونية جديدة وكذا أيديولوجيات المؤلف

رشيد ميموني، شرف القبيلة، ترجمة: الحبيب السايح، المكتبة الوطنية الجزائرية، الجزائر ،2003 م.

فلاديمير بروب، مورفولوجيا الحكاية الخرافية، ترجمة أبو بكر أحمد باقادر وأحمد عبد الرحيم نصر، النادي الثقافي الأدبي بجدة، السعودية، 1989م.

سمير المرزوقي، جميل شاكر، مدخل إلى القصة تحليلا وتطبيقا، الدار التونسية للنشر، تونس، 2000م

شهاب الدين محمد بن أحمد الأشبيهي، المستظرف في كل فن المستطرف، تحقيق: محمد خير طعمه الحلبي، الطبعة 5، 2008، دار المعرفة بيروت، لينان

نبيل حمدي الشاهد، في السرد العربي القديم، مائة ليلة وليلة والحكايات العجيبة والأخبار الغريبة نموذجا، الوراق للنشر والتوزيع، 2012م.ص:26

سعيد يقطين، الرواية والتراث الروائي، من أجل وعي جديد بالتراث، الطبعة الأولى المركز الثقافي العربي، بيروت 1992م

ياسين النصير، الاستهلال، فن البدايات في النص الأدبي، الهيئة العامة لقصور الثقافة، كتابات نقدية، العدد، 75، ط 1998

Rachid Bouguerra, histoire de la littérature du Maghreb, Paris Ellipsescoll« littérature du monde »2010

Bonn Charles, la littératuremaghrébine dexpression française,Cedex,Paris,1998

Mimouni Rachid, lhonneur de la tribu, Laphomic , Alger , 1990

Merrad Zoulikha,lechant pluriel dans la tribuANEP, Alger,2003.

@pour_citer_ce_document

مريم قواسمية / عبد المجيد حنون, «المكونات الأدبية العربية في رواية شرف القبيلة (L’honneur de la tribu) رشيد ميموني»

[En ligne] ,[#G_TITLE:#langue] ,[#G_TITLE:#langue]
Papier : ص ص 103-113,
Date Publication Sur Papier : 2024-01-24,
Date Pulication Electronique : 2024-01-24,
mis a jour le : 24/01/2024,
URL : https://revues.univ-setif2.dz:443/revue/index.php?id=9636.