السياسة الجديدة للتنمية الفلاحية والريفية في الجزائر -حالة بلديات من الإقليم الغربي والجنوب الغربي لولاية سطيف-The new policy for agricultural and rural development in Algeria - the case of municipalities from the western and southwestern regions of Setif Province
Plan du site au format XML


Archive: revues des lettres et sciences sociales


N°01 Avril 2004


N°02 Mai 2005


N°03 Novembre 2005


N°04 Juin 2006


N°05 Juin 2007


N°06 Janvier 2008


N°07 Juin 2008


N°08 Mai 2009


N°09 Octobre 2009


N°10 Décembre 2009


N°11 Juin 2010


N°12 Juillet 2010


N°13 Janvier 2011


N°14 Juin 2011


N°15 Juillet 2012


N°16 Décembre 2012


N°17 Septembre 2013


Revue des Lettres et Sciences Sociales


N°18 Juin 2014


N°19 Décembre 2014


N°20 Juin 2015


N°21 Décembre 2015


N°22 Juin 2016


N° 23 Décembre 2016


N° 24 Juin 2017


N° 25 Décembre 2017


N°26 Vol 15- 2018


N°27 Vol 15- 2018


N°28 Vol 15- 2018


N°01 Vol 16- 2019


N°02 Vol 16- 2019


N°03 Vol 16- 2019


N°04 Vol 16- 2019


N°01 VOL 17-2020


N:02 vol 17-2020


N:03 vol 17-2020


N°01 vol 18-2021


N°02 vol 18-2021


N°01 vol 19-2022


N°02 vol 19-2022


N°01 vol 20-2023


N°02 vol 20-2023


N°01 vol 21-2024


A propos

avancée

Archive PDF

N°01 vol 21-2024

السياسة الجديدة للتنمية الفلاحية والريفية في الجزائر -حالة بلديات من الإقليم الغربي والجنوب الغربي لولاية سطيف-

The new policy for agricultural and rural development in Algeria - the case of municipalities from the western and southwestern regions of Setif Province

تاريخ الاستلام 2018-05-09 تاريخ القبول 25-02-2024

وردة بوقبال
  • resume:Ar
  • resume
  • Abstract
  • Auteurs
  • TEXTE INTEGRAL
  • Bibliographie

سعت سياسة التجديد الفلاحي إلى تغيير أوضاع القطاع الفلاحي والتوجه نحو ليبراليته بغية الاندماج في الاقتصاد العالمي، وذلك من خلال خلق علاقات جديدة بين الإنسان والأرض قصد تحسين أداء الفلاحة الوطنية، والدولة مرغمة على اتباع معايير المنافسة العالمية القائمة على الكفاءة والفعالية والنوعية، وقد وضعت السياسة المذكورة نظام دعم خاص يتم من خلاله إشراك الفلاحين وخاصة منهم سكان الريف في التنمية الوطنية.  ينبغي الأخذ بعين الاعتبار آراء وطموحات الفلاح وبيئته وإشراكه بصفة عامة في اتخاذ أي خطة تنموية تتعلق بالقطاع الفلاحي. 

La politique de renouvellement agricole se donne pour objectif de changer la situation de l’agriculture et d’aller vers la libéralisation en vue de l’intégration à l’économie mondiale, Et cela par la mise en place de nouveaux rapports entre l’homme et la terre destinés à améliorer les performances de l’agriculture algérienne. L’Etat algérien est tenu de respecter les paramètres de la concurrence mondiale qui reposent sur la compétence, l’efficience et la qualité.  La politique agricole a institué un soutien particulier qui fait participer les agriculteurs au développement national, notamment parmi eux les habitants de campagne. Pour cela, il doit être tenu compte des avis et des ambitions de l’agriculteur ainsi que de leur environnement, comme il faut les faire participer d’une manière générale à toute démarche de développement portant sur le secteur agricole.

The agricultural rénovation Policy has aimed at altering the conditions of the agricultural sector and liberating It in order to integrate in the global economy, The creation of a new relationship between the man and the land enhances the performance of the national agriculture given the fact that the government is required to adhere to the standards of the international competition which is based on competence, efficiency and quality,  The aforementioned policy has laid the foundation to a special system of support which allows to involve the farmers in rural areas mainly in the national development. Farmers must be involved in tailoring the developmental plans in the agricultural sector through taking into consideration their views, ambitious and the environment

Quelques mots à propos de :  وردة بوقبال

Dr. Warda Boukebbal   المدرسة العليا للأساتذة – مسعود زغار العلمة – سطيف، الجزائر  fk2828729@gmail.com
مقدمة
في الوقت الذي تسعى كل دولة لأن تكون عصرية وأن تكفل للناس الحياة الأحسن، ليس هناك أفضل من التخطيط الجيد مرشدا على ذلك الطريق الصعب، فهو يكفل الدور الايجابي في مواجهة التحديات المختلفة مثلما يكفل تحسين نوعية استغلال الموارد، ولئن أخذنا في الاعتبار الحاجة الملحة للتخطيط ومزاياه فإن الجزائر شرعت خلال السنوات الأخيرة في عملية إعادة هيكلة الدولة وتكييف اقتصادها مع قواعد السوق والتطورات الاقتصادية والاجتماعية المستمرة سواء على الصعيد الوطني أو الدولي.
وأخذت هذه التحولات بعدا خاصا كلما تعلق الأمر بالتخوفات التي تنجر عن عواقب اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي وانخراط الجزائر في المنظمة العامية للتجارة والتحضير لتحمل المسؤولية بتدبير حسن.
 وهذا التطور شمل قطاع حساس واستراتيجي بالنسبة للاقتصاد الوطني وهو قطاع الفلاحة، وليس من الصدفة أن تنبثق مسألة التخطيط التنموي الفلاحي في السياق الوطني الراهن لبلادنا، فهي نتاج تحول اقتصادي واجتماعي ونابعة من ضرورة التكيف مع متطلبات هذا التحول وبعث صورة أخرى للعالم الريفي بالنظر للإمكانيات الطبيعية والبشرية التي يتوفر عليها.
واستثمارا للمعرفة المستخلصة من التجارب الفلاحية السابقة وتداركا للعراقيل التي تعاني منها خاصة بعد فشل السياسات السابقة وفي إطار النهوض بالقطاع الفلاحي جاء المخطط الوطني للتنمية الفلاحية سنة 2000 ليعبر عن إرادة قوية لترسيخ مبدأ الحداثة في القطاع الفلاحي وهذا من خلال عمليات الدعم الفلاحي التي تقدمها الدولة في هذا الإطار، ثم كانت سياسة التجديد الفلاحي والريفي سنة 2009 لترسخ ذهنية جديدة من حيث أنها ترفع المزارع إلى مصاف العون الاقتصادي الحر والمسؤول عن اختياراته في إطار تقديم أفكار تفيد الاقتصاد واقتراحات ترفع من قيمة الإنتاج كما ونوعا، وذلك عبر استعمال أدوات المساعدة والحث على الاستثمار.
لكن التساؤل الذي يطرح حول هذا الموضوع، هل هناك توافق بين الأهداف النظرية وما تحقق على أرض الواقع حول تطبيق سياسة التجديد الفلاحي والريفي؟ وللإجابة على هذه الإشكالية تم اختيار بلديات من الإقليم الغربي والجنوب الغربي لولاية سطيف على اعتبار أن الولاية تعد من أهم الولايات التي يغلب عليها الطابع الفلاحي وسارعت هي الأخرى لتبني خطوات وبرامج هذه السياسة، كما أن الجهة المختارة تتميز بتنوع تضاريسي ومناخي يسمح لنا بإعطاء صورة عن دراسة مدى تطبيق سياسة التجديد الفلاحي في الميدان وبالتالي استنتاج الصعوبات والمشاكل التي عانى منها الفلاحون في إطار استفادتهم من الدعم الفلاحي.
وعليه تم تقسيم أجزاء البحث إلى ثلاث محاور كبرى كانت كالتالي:
-أولا: الإطار العام لسياسة التجديد الفلاحي.
-ثانيا: تطبيق سياسة التجديد الفلاحي والريفي والإنجازات المحققة على مستوى إقليم الدراسة.
-ثالثا: العراقيل التي أعاقت السير الحسن لبرامج سياسة التجديد الفلاحي والريفي والآفاق المستقبلية.
ولمعالجة الإشكالية وما ارتبط بها اتبعنا المنهج التحليلي الاستنتاجي بهدف التوصل إلى تقييم مدى تنفيذ برامج ومشاريع سياسة التجديد الفلاحي والريفي على أرض الواقع على اعتبار أنها سياسة حديثة ولازالت في طور التطبيق ويمكن لمثل هذه الدراسات والبحوث أن تكون عونا للمسؤولين ومتخذي القرار في الشأن الفلاحي مستقبلا نظرا لما يكتسيه هذا القطاع الحساس من أهمية حول ضرورة توفير الغذاء وتحقيق الأمن الغذائي الذي طالما سعت دول العالم لتحقيقه.    
الإطار العام لسياسة التجديد الفلاحي
لقد استحوذت قضية الغذاء والتنمية الزراعية بشكل عام على اهتمام الكثير من المفكرين على جميع الأصعدة الدولية والإقليمية والمحلية، فعلى الصعيد العالمي كان الاهتمام بتأمين الغذاء من منظور عام، وعلى الصعيد الاقليمي كان الاهتمام بتحقيق الأمن الغذائي في الإطار الموضوعي للظروف المحيطة بكل قطر وإمكانات التكامل المشترك بين الدول، وعلى الصعيد المحلي كانت مسألة الأمن الغذائي تتجلى في إطار السياسات والبرامج الفلاحية التنموية.
وتعاني الجزائر كباقي الدول العربية في وقتنا الحالي حالة العجز الغذائي المتزايد، فالإنتاج من الغذاء لا يكفي لتغطية ما يقابله من استهلاك، مما يستدعيها إلى التوجه نحو الاستيراد من الخارج بمبالغ مالية ضخمة، وهذا يعمل على إضعاف رصيد البلاد من العملات الأجنبية ويزيد من مديونيتها ومن ثم تبعيتها الاقتصادية والسياسية وحتى الثقافية أحيانا.
معالم سياسة التجديد الفلاحي والريفي
ترتكز هذه السياسة على قانون الزراعة التوجيهي الذي صدر في شهر أوت 2008، حيث يحدد هذا القانون معالمها وإطارها العام بهدف تمكين الزراعة الوطنية من المساهمة في تحسين الأمن الغذائي للبلاد وتحقيق التنمية المستدامة (وزارة الفلاحة والتنمية الريفية، 2009) .
وكان أساس هذه السياسة يقوم على تحقيق توافق وطني حول مسألة الأمن الغذائي لضمان السيادة الوطنية والتماسك الاجتماعي، وتستند على تحرير المبادرات والطاقات، عصرنة جهاز الإنتاج وترجمة القدرات الكبيرة التي يحتوي عليها الاقتصاد الوطني(عمراني سفيان، 2014) .
سياسة التجديد الفلاحي والريفي للمخطط الخماسي(2010-2014)
سياسة التجديد الفلاحي والريفي هي عبارة عن محاولة الوصول إلى استدامة الأمن الغذائي الوطني ، والمتمثلة في استراتيجيات تعتبر محور هذه السياسة، حيث في المدى المتوسط تبحث في التغيرات والآثار المهمة في البنية التحتية التي تؤسس دعامة الأمن الغذائي وتؤسس شراكة بين القطاع العام والخاص، تأثير جميع الفاعلين في عملية التنمية وبروز حكامة جديدة للفلاحة والأقاليم الريفية(الوزير المنتدب المكلف بالتنمية الريفية، 2007).
محاور سياسة التجديد الفلاحي والريفي: تتمحور هذه السياسة حول ركيزتين أساسيتين وهما
التجديد الفلاحي
يركز على البعد الاقتصادي ومردود القطاع لضمان وبصفة دائمة الأمن الغذائي للبلاد، حيث يهدف إلى تعزيز قدرات الإنتاج ، زيادة إنتاج المحاصيل والمنتجات الاستراتيجية، تأمين واستقرار عرض المنتجات وضمان حماية مداخيل الفلاحين والأسعار عند الاستهلاك من خلال نظام ضبط المنتجات الفلاحية ذات الاستهلاك الواسع، عصرنة وتكييف التمويل والتأمينات الفلاحية (عمراني سفيان، 2014).
وتقوم سياسة التجديد الفلاحي على ثلاث محاور أساسية، وهي :
أ- إطلاق برامج تهدف إلى التكثيف والتحديث من أجل زيادة الإنتاج والإنتاجية وتطوير المنتجات ذات الاستهلاك الواسع كالحبوب والحليب الاصطناعي ، والبقول والبطاطا، وزراعة الزيوت والطماطم الصناعية ، التشجير ، النخيل ، واللحوم الحمراء والدواجن، وهذه البرامج تدخل ضمن أنظمة اقتصاد المياه.
ب- تطبيق نظام الضبط والذي يهدف إلى تأمين وتثبيت عرض المنتجات الغذائية ذات الاستهلاك الواسع وحماية مداخيل الفلاحين والمستهلكين من جهة أخرى، ولتحقيق هذين الهدفين يجب أن تكون الأنشطة المبرمجة تستهدف تعزيز الأدوات الضرورية للضبط، كأماكن لتخزين المنتجات الفلاحية وتوفر المذابح .
ج- إنشاء بيئة آمنة من خلال إطلاق قروض بدون فوائد كقرض الرفيق لشراء المعدات والآلات الفلاحية، ووضع تأمينات فعالة من أجل الحد من انخفاض المردودية والكوارث الفلاحية، وتعزيز دعم التعاضدية الريفية الجوارية، والمنظمات المهنية(هاشمي الطيب، 2013-2014) . وبهذا فهو يشجع تكثيف وعصرنة الإنتاج في المستثمرات لتصويب أعمال دعم الاستثمارات العديدة المنجزة في القطاع حول إقامة القيمة المضافة طول سلسلة من الإنتاج إلى الاستهلاك.
  ويمكن تلخيص برامج سياسة التجديد الفلاحي في الجدول التالي :
 
                        جدول(01):  ملخص برامج سياسة التجديد الفلاحي
مستويات تجزئة البرامج البرامج الفرعية البرنامج
البلدية البذور، الشتلات، الآبار إنتاجية رأس المال
المستثمرة اقتصاد وحجز المياه
المزرعة النموذجية المكننة الفلاحية
التعاونية التسميد
البيوت البلاستيكية
التحويل والتثمين
البلدية البنية التحتية الفلاحية البنية التحتية الفلاحية والريفية 
المحيط
المستثمرة
المزرعة النموذجية البنية التحتية للري
التعاونية
البلدية تنظيم المنتجات الزراعية برامج التنظيم
المستثمرة إعادة التأهيل
الوحدة إنشاء البنية التحتية
 
المصدر: وزارة الفلاحة والتنمية الريفية، الاستثمارات والشراكة في الميدان الفلاحي بالجزائر، التجديد الفلاحي والريفي2010 . 
التجديد الريفي 
أدرجت برامج التنمية الريفية خلال فترة السبعينات ضمن مخططات التنمية الوطنية من خلال ميثاق الثورة الزراعية، إلا أن الإنجازات لم ترق إلى مستوى الطموحات الرسمية رغم إنجاز العديد من المشاريع ( مشروع ألف قرية اشتراكية للثورة الزراعية )، ولم تولي التنمية الريفية الأهمية اللازمة إلا بعد سنة 2002 وبخطوات محتشمة، أي بعد إطلاق المخطط الوطني للتنمية الفلاحية والريفية للفترة 2002- 2003، إذ تم توسيعه إلى الأبعاد الريفية سنة 2002 ، وسعى وراء ذلك إلى بعث الحياة في الفضاءات الريفية، خاصة المعزولة والمهمشة منها، ثم تم اعتماد سياسة التجديد الريفي ابتداء من سنة 2009 .
تستلهم سياسة التجديد الريفي أفكارها وبنيتها من ضرورة تحقيق تنمية متوازنة ومنسجمة من خلال التوازن بين مختلف الأقاليم الريفية النشيطة والأقاليم ذات القدرات الفلاحية التنافسية، ويمكن حصر أهداف سياسة التجديد الريفي فيما يلي:
- المساهمة في إحياء المناطق الريفية بتحسين ظروف الشغل وضمان مستوى معيشي عادل لسكان الريف.
- تثبيت السكان والحفاظ على عالم ريفي حي وفاعل وذلك بتحسين ظروف الحياة وتيسير الحصول على الموارد الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وهذا يتأتى من خلال تطبيق نموذج تنموي للأقاليم الريفية قصد تدعيم تنافسيتها.
- تدعيم قابلية المؤسسات الريفية للحياة وتعزيز دور الفلاحة التي ما تزال مكونا رئيسيا في الاقتصاد الريفي.
- المساهمة في حماية الامكانيات المتوفرة ورد الاعتبار للتراث الثقافي وقطاع السياحة(الوزارة المنتدبة المكلفة بالتنمية الريفية، 2006).   
نتيجة: يتبين لنا من خلال هذه الأهداف أن سياسة التجديد الريفي تطمح إلى تعزيز التماسك الاجتماعي والتنمية المتوازنة للأقاليم مع الأخذ بعين الاعتبار خصوصياتها وإمكانياتها وتحدياتها.
-تقديم منطقة الدراسة: تنتمي بلديات منطقة الدراسة إداريا  إلى ولاية سطيف، التي تقع في الشمال الشرقي للجزائر ولها حدود مشتركة مع 06ولايات من الشرق، ويبلغ مجموع البلديات محل الدراسة 10 بلديات بمساحة155205هكتار (أي ما نسبته 23,69% من مساحة الولاية)تقع في النطاق الغربي والجنوب الغربي لولاية سطيف مثلما توضحه الخريطة(01) 
خريطة (01): مجال بلديات الدراسة بالنسبة لاقليم الولاية
وهذا لدراسة إنجازات ومشاكل تطبيق سياسة التجديد الفلاحي والريفي على اعتبار أن الولاية تعد من أهم الولايات التي يغلب عليها الطابع الفلاحي، خاصة إذا أخذنا في الاعتبار اتساع مجالها الجغرافي من الشمال إلى الجنوب والتنوع التضاريسي والمناخي اللذان تشهدهما مما أدى إلى تنوع الغطاء النباتي والمحاصيل الزراعية، وهذه البلديات المختارة تتوزع على مظهرين تضاريسيين فهي محصورة طبيعيا بين السلسلة التلية ممثلة في جبال بابور 2004م وجبل مقرس 1737م من الناحية الشمالية وتمتد حتى جبال الحضنة في الجنوب ممثلة في جبل بوطالب بارتفاع 1886م، تتميز المنطقة بمعالم المناخ القاري الشبه الجاف الناتج عن الموقع الجغرافي الوسطي بين السلسلة التلية والسلسلة الصحراوية، ويمتاز بصيف حار وجاف وشتاء بارد. وعموما يمكن القول أن منطقة الدراسة تنتمي إلى نطاقين مناخيين متميزين، فالقسم الشمالي منها مثل بلدية عين أرنات ينتمي إلى النطاق المناخي الشبه الجاف الذي يتميز بشتاء شبه بارد، أما القسم الجنوبي فينتمي إلى النطاق الجاف مثل عين ولمان.                  
-التساقط ميزته التذبذب: لا تعتمد حياة النبات على العوامل الداخلية للنبات فقط ولكن على الشروط البيئية والمناخية وخاصة التساقط لكونه يؤثر في النبات أكثر مما يؤثر النبات على نفسه، فنمو النبات مرهون بالتساقط، وتتراوح الكمية المتساقطة بإقليم الدراسة بين 400ملم في الشمال و200ملم في الجنوب، وعموما تتميز بالتذبذب من سنة إلى أخرى مما ينتج عنه تذبذب في المنتوج والمردود الزراعي.
تطبيق سياسة التجديد الفلاحي والريفي والإنجازات المحققة على مستوى إقليم الدراسة
سياسة التجديد الفلاحي
يتم تقديم إنجازات سياسة التجديد الفلاحي في بلديات إقليم الدراسة لكل فرع فلاحي، وهذا خلال الرحلة الخماسية (2010 – 2014)، وفي هذا الإطار ندرس الإنجازات الفيزيائية وهذا المصطلح يستخدم من طرف الجهات المعنية – مديرية المصالح الفلاحية والفروع التابعة لها – ويقصد بها عدد المستفيدين والمساحة المحققة أو المنجزة في إطار برامج سياسة التجديد الفلاحي.
- عدد المستفيدين حسب الفروع: قدر عدد المستفيدين في مختلف الفروع الفلاحية ب 380 مستفيد على مستوى بلديات الدراسة أي ما نسبته 49,15% من إجمالي عدد المنخرطين (773) رغم تفاوت هذه النسبة بين الأنشطة المدعمة (الشكل رقم 01) وبلديات الدراسة (الخريطة 02).
 
شكل(01): عدد المنخرطين حسب الانشطة عبر بلديات  
                     الدراسة
خريطة (02): توزيع عدد المستفيدين من بين المنخرطين بكل  
                        الفروع الفلاحية على بلديات الدراسة
 
أ- عدد المستفيدين بفرع تكثيف الحبوب: بلغ عدد المستفيدين في برنامج تكثيف الحبوب 16 مستفيد من إجمالي عدد المنخرطين البالغ 18 منخرطا موزعين على ثلاث بلديات ذات الطابع السهلي (عين أرنات، مزلوق، قلال) من بين عشرة الخاصة بإقليم الدراسة.
نستنتج أن عدد المشاركين والمستفيدين بفرع تكثيف الحبوب كان ضعيفا ولا يعبر على مكانة الولاية في هذا النشاط الفلاحي خاصة النطاق السهلي الذي يشتهر بإنتاج الحبوب.
ب- زراعة الأعلاف: استفاد كل المنخرطين بهذا الفرع الفلاحي (08 مستفيدين) موزعين على نفس البلديات السهلية التي شاركت بفرع تكثيف الحبوب (مزلوق04 مستفيدين، 02 مستفيدين لكل من بلديتي عين أرنات وقلال). 
ج- زراعة الزيتون: احتلت زراعة الزيتون الرتبة الثانية بعد فرع تنمية أنظمة الري من حيث عدد المستفيدين (95 مستفيدا من بين 145 مشاركا)، رغم تباين عدد المستفيدين بين البلديات، حيث احتلت بلدية الرصفة الصدارة ب 24 مستفيد تليها بلدية أولاد تبان ب 22 مستفيد، ثم بلديات صالح باي 16 مستفيد، بوطالب 14 مستفيد، عين ولمان 08 مستفيدين، قصر الأبطال 06 مستفيدين وبأعداد جد قليلة للبلديات الأربع المتبقية (أقل من 04 مستفيدين).
نلاحظ أن أكبر نسبة استفادة بفرع زراعة الزيتون سجلت ببلديات أقصى الجنوب (الرصفة، أولاد تبان، صالح باي، بوطالب) التي أعطت جانبا كبيرا من الاهتمام لهذا الفرع الفلاحي، وبالنظر إلى فوائده الجمة وقيمته الاقتصادية ينبغي تشجيع أكثر هذا النوع من الزراعة التي تعتبر جديدة بالنسبة للإقليم الجنوبي بالولاية. 
نتيجة: من خلال دراسة توزيع المستفيدين بمختلف فروع الإنتاج النباتي على مستوى البلديات العشر نلاحظ ضعف المشاركة والاستفادة بمعظم فروع الدعم (تكثيف الحبوب، زراعة الأعلاف) ماعدا فرع زراعة الزيتون، ويمكن إرجاع هذا الضعف إلى نقص التحفيزات والإمكانيات التي تشجع على المشاركة بهذه الفروع الفلاحية ووضع قيود من طرف الجهات المسؤولة ترتبط بموقع المستثمرة ومساحتها إضافة إلى نقص الإعلام بهذا الجانب.
د- المستفيدون بفرع تربية النحل: بلغ عدد المستفيدين بهذا الفرع الفلاحي 36 مستفيدا من بين 71 مشاركا، وهناك تباين في عدد المستفيدين بين البلديات، وأكبر عدد سجل ببلدية الرصفة (11 مستفيدا)، رغم أن نسبة الاستفادة كانت ضعيفة والمقدرة ب36,66 % من إجمالي عدد المنخرطين بها بهذا الفرع، متبوعة ببلدية صالح باي ب07 مستفيدين، تليها بلديتي أولاد تبان ومزلوق ب 05 مستفيدين لكل منهما وبأعداد ضعيفة تتراوح ما بين مستفيدين اثنين إلى مستفيد واحد للبلديات الست المتبقية.
ه- المستفيدون بفرع تربية الأبقار: بلغ عدد المستفيدين بهذا الفرع الفلاحي على مستوى بلديات الدراسة 16 مستفيدا أي ما نسبته 27,11 % من إجمالي عدد المنخرطين، وحققت البلديات المستفيدة بهذا الفرع أعدادا متقاربة، حيث قدر عددهم ببلدية عين ولمان ب 04 مستفيدين متبوعة ببلديات مزلوق، قلال، صالح باي ب 03 مستفيدين لكل منها، وأخيرا بلديتي عين أرنات بمستفيدين اثنين والرصفة بمستفيد واحد.
   بالنظر إلى القيمة والأهمية الاقتصادية لهذا الفرع الفلاحي يلاحظ ضعف الاستفادة به على مستوى بلديات إقليم الدراسة (27,11 %) وحسب ما صرح به بعض الفلاحين هذا راجع إلى تماطل الجهات المسؤولة في تسهيل الاستفادة بهذا الفرع الفلاحي. 
و- المستفيدون بفرع تنمية أنظمة الري: حقق هذا الفرع الفلاحي أكبر نسبة استفادة من بين فروع الدعم (60,40%)ب 119 مستفيد من إجمالي عدد المنخرطين بهذا الفرع المقدر ب 197 مشاركا، وسجلت بلدية مزلوق أكبر عدد للمستفيدين والبالغ 26 مستفيدا، متبوعة ببلدية قلال ب 22 مستفيدا، يليها بلديتي عين أرنات وقصر الأبطال ب 15 مستفيدا لكل منهما، ليأتي بعدهما بلدية الرصفة ب 13 مستفيدا وعين ولمان ب08 مستفيدا وبأعداد أقل لباقي البلديات.
شملت عملية تنمية أنظمة الري تقديم مساعدات مالية تخص السقي عن طريق المرش والسقي بالتقطير إضافة إلى حفر أنقاب ببلديات: مزلوق، قلال، عين ولمان وطرق السقي المذكورة فيها اقتصاد كبير للمياه وهذا أمر ضروري في ظل مواسم الجفاف التي تشهدها الولاية في بعض الفترات.
ز- المستفيدون بفرع العتاد الفلاحي: استفاد بهذا الفرع 57 مستفيدا من بين 224 منخرطا موزعين على مستوى البلديات العشر (انظر الخريطة رقم 03) أي ما نسبته 25,44 %، واحتلت بلدية عين أرنات الصدارة ب20 مستفيدا، يليها بلدية الرصفة ب10 مستفيدين ثم بلديات عين ولمان ب07 مستفيدين، مزلوق 06 مستفيدين، صالح باي 04 مستفيدين، قلال وأولاد سي أحمد ب03 مستفيدين لكل منهما، وأخيرا بلديتي قصر الأبطال وأولاد سي أحمد بمستفيدين اثنين لكل بلدية. 
أما أسباب ضعف الإنجاز فتتعلق أساسا بغلاء تجهيزاته ومحدودية الدعم بهذا الفرع (30 %)، ليس هذا فقط وإنما طول مدة الانتظار بعد وضع ملف المشاركة بهذا الفرع أين انتظر بعض الفلاحين مدة تزيد عن 05 سنوات والكثير منهم لم يستفيدوا نظرا لمحدودية الإنتاج.
إضافة إلى مشاركة أنشطة أخرى (الخضر، تربية الدواجن، الحليب، المواد الطاقوية، البيوت البلاستيكية) ببرامج الدعم الفلاحي إلا أن نسبة المشاركة والاستفادة كانت جد ضعيفة لا تكاد تذكر نظرا لقيود معينة وضعتها الجهات المعنية. 
نتيجة: 
- من خلال دراسة توزيع المستفيدين بمختلف الفروع الفلاحية نلاحظ ضعف الاستفادة بمعظم فروع الدعم وهذا راجع لكون الجهات المسؤولة لم تمنح التسهيلات اللازمة لتحقيق النجاح بهذه الفروع إضافة إلى محدودية نسبة التدعيم بمختلف الفروع الفلاحية (30 %) من قيمة إنجاز المشروع رغم تحقيق استفادة معتبرة ببعض الفروع (تنمية أنظمة الري، زراعة الزيتون).
- تضعف الاستفادة أكثر بالبلديات النائية ذات الطابع الجبلي (أولاد سي أحمد، بوطالب) وهاتين البلديتين تعانيان من نقص هياكل التنمية بهما في كل المجالات بما فيها القطاع الفلاحي الذي لازال يمارس بوسائل تقليدية.
- تجدر الإشارة أن بعض فروع الدعم السابق ذكرها (فرع تربية الأبقار، تربية النحل، زراعة الزيتون) قد تم تدعيمها في برامج فلاحية أخرى على غرار برامج سياسة التجديد الريفي والبرنامج الولائي لدعم تشغيل الشباب.
المساحة المنجزة حسب الفروع
: بلغ متوسط المساحة المنجزة في إطار سياسة التجديد الفلاحي بالمحاصيل الزراعية المدعمة على مستوى البلديات العشر خلال 05 مواسم (2010- 2014) 4307 هكتار من بين 4970 هكتار المساحة المخصصة للمعالجة أي ما نسبته 86,65 % رغم التباين في هذه المساحة بين الأنشطة والبلديات.
أ- المساحة المنجزة بفرع تكثيف الحبوب: بلغت نسبة المساحة المحققة في فرع تكثيف الحبوب 88,11 % من إجمالي المساحة المخصصة لهذا الفرع أي أنجز 3685 هكتار من بين 4182 هكتار موزعة على ثلاث بلديات ذات الطابع السهلي (مزلوق، عين أرنات، قلال).
ب- المساحة المنجزة بفرع زراعة الأعلاف: تم معالجة 384 هكتار من بين 477 هكتار على مستوى ثلاث بلديات شاركت بهذا الفرع الفلاحي (عين أرنات وقلال 130 هكتار لكل منهما، مزلوق124 هكتار)، لكن المساحة المحققة لا تعكس نجاح الدعم بهذا الفرع بحكم اختصاص البلديات السهلية والمستثمرات الشاسعة بفرعي تكثيف الحبوب وزراعة الأعلاف.
ج- المساحة المنجزة بفرع زراعة الزيتون: بلغت نسبة الإنجاز بهذا الفرع الفلاحي 63,34 %، أي معالجة 127 هكتار من بين 200,5 هكتار، واستفادت بهذا الفرع كل بلديات الدراسة بنسب متفاوتة ماعدا بلدية أولاد سي أحمد، وحققت بلديتا أولاد تبان وعين ولمان أكبر مساحة منجزة بهذا الفرع والمقدرة ب23 هكتار لكل منهما تليهما بلدية الرصفة ب22 هكتار ثم بلديتا بوطالب ب15,5 هكتار وصالح باي 14 هكتار وبمساحة أقل لباقي البلديات. وعموما يمكن القول أن هذا الفرع الفلاحي قد حقق نسبة إنجاز معتبرة بمعظم بلديات الدراسة رغم أنها زراعة جديدة بالنسبة للإقليم الجنوبي، وقد تم تدعيم هذا الفرع الفلاحي على مستوى برامج دعم أخرى.
2 – سياسة التجديد الريفي 
الأنشطة الجماعية
: من خلال ملاحظة الأنشطة الجماعية التي تم إنجازها عبر مجال بلديات الدراسة يتبين لنا أن هناك تنوع في الأنشطة، لذلك قمنا بتصنيفها حسب طبيعتها كما يلي: 
أ- الأنشطة الخاصة بعمليات التهيئة: وتضم الأنشطة التي من شأنها تسهيل حركة المواطنين مثل: فتح وتهيئة المسالك، تثبيت الجروف.
ب- الأنشطة الغابية (البيئية): وهي الأنشطة ذات الطابع البيئي الرعوي، وتشمل: القيام بعمليات تشجير، غرس أشجار رعوية، توسيع غرس أشجار الأرز، غرس أشجار الصبار، تجزئة المناطق الجبلية لتجنب انتشار النار، تنقية المناطق الجبلية من المواد التي تساعد على نشوب النيران في المناطق الأكثر عرضة لها.
ج- الأنشطة الخاصة بتسيير الثروة المائية: مادامت المياه عنصر ضروري لحياة كل الكائنات الحية بات من الضروري السعي قدر الإمكان إلى توفير هذا المورد الحيوي لأي تجمع سكاني، والأنشطة التي تم إنجازها من خلال سياسة التجديد الريفي في هذا الإطار شملت: حفر وتجهيز الأنقاب، تصحيح المجاري المائية، إنجاز وتهيئة منابع مائية.
د- الأنشطة الخدماتية: وهي الأنشطة ذات الطابع الخدماتي الاجتماعي في أي مجال من مجالات الحياة سواء تعلق الأمر بالصحة أو الترفيه أو غيرهما من الأنشطة، مثل: إنجاز قاعات العلاج، إنشاء فضاءات للعب.
ويقوم بإنجاز العمليات الجماعية مقاولون يتم اختيارهم على أسس قانونية وفق ما نص عليه قانون الصفقات العمومية، ويمنح له أمر بداية الأشغال واستكمالها في وقت محدد، غالبا ما يكون 12 شهرا، وما دامت العمليات (المشاريع) ذات طابع جماعي وليست خاصة بفرد معين، فإن الدولة تقوم بتمويلها بنسبة 100 %.
 * العمليات الجماعية المنجزة في إطار سياسة التجديد الريفي على مستوى بلديات إقليم الدراسة: قدر عدد العمليات الجماعية المنجزة على مستوى بلديات إقليم الدراسة ب 133 عملية موزعة كما يلي:
جدول رقم 2:  توزيع الأنشطة الجماعية المنجزة في إطار سياسة التجديد الريفي على بلديات الدراسة
البلديات ملخص الأنشطة الجماعية المنجزة عدد الأنشطة المنجزة
أولاد تبان فتح وتهيئة المسالك49,5كم، تثبيت الجروف 40 هكتار، تصحيح المجاري المائية 3900م3، حفر أنقاب والتقاط منابع مائية 04 ، أنشطة غابية ورعوية متنوعة 562 هكتار . 28
الرصفة فتح وتهيئة المسالك 50كم، تثبيت الجروف 10ه، تصحيح المجاري5470م3، التقاط المنابع03، حملات تشجيرية ورعوية706ه. 23
عين ولمان فتح وتهيئة المسالك25كم، تثبيت الجروف25ه ، تصحيح المجاري2000م3، حفر أنقاب وتجهيز منابع02، أنشطة غابية323 هكتار ، إنجاز مرافق خدماتية وأبراج مراقبة ( الغابات ) 04 . 19
صالح باي فتح وتهيئة المسالك49كم ، تثبيت الجروف70ه، تصحيح المجاري المائية5500م3 ، إنجاز أنقاب والتقاط منابع03، أنشطة غابية 50هكتار ، بناء مرافق خدماتية 01 . 15
بوطالب تهيئة المسالك 28كم ، تثبيت الجروف40 هكتار ، تجهيز أنقاب وأحواض والتقاط منابع مائية04، غرس أشجار رعوية20ه، مرافق خدماتية01 . 13
أولاد سي أحمد فتح وتهيئة المسالك22كم ، تثبيت الجروف 35 هكتار ، حملات تشجيرية 50هكتار، بناء مرافق خدماتية 04 . 10
مزلوق تهيئة المسالك01كم ، تجهيز أنقاب وبناء أحواض مائية 03 ، بناء مرافق خدماتية 05 . 09
عين أرنات فتح وتهيئة المسالك57,1كم، تصحيح المجاري المائية 2000 م3 ، أنشطة غابية وحملات تشجيرية 110 هكتار . 08
قلال فتح وتهيئة المسالك 23 كم ، تصحيح المجاري المائية . 05
قصر الأبطال تهيئة المسالك 17,5 كم ، تصحيح المجاري المائية 100م3 . 03
المصدر: محافظة الغابات لولاية سطيف2017
يختلف توزيع العمليات الجماعية المنجزة في إطار سياسة التجديد الريفي من بلدية إلى أخرى ومن خلال دراسة معطيات الجدول يتضح أن بلدية أولاد تبان هي التي استحوذت على أكبر عدد من العمليات المنجزة والمقدر ب28 عملية متعددة المجالات خاصة فرع فتح وتهيئة المسالك الذي شمل كل بلديات الدراسة بأحجام متفاوتة ( انظر الخريطة رقم 04) إضافة إلى تشجيع عملية التشجير. وهذا يثبت التوجه الأساسي لسياسة التجديد الريفي التي استهدفت أكثر المناطق الريفية والمناطق الجبلية المعزولة قصد تثبيت السكان هناك والتقليل من ظاهرة النزوح الريفي، وهذه البلدية معروفة بعزلتها وطابعها الجبلي والعدد الكبير للدواوير المتواجدة بمجالها الجغرافي، تليها بلدية الرصفة ب23 عملية استهدفت أكثر تصحيح المجاري المائية وإعادة إعمار المناطق المتضررة خلال العشرية السوداء بالغطاء النباتي وهي الأخرى تقع في نفس النطاق الجغرافي لبلدية أولاد تبان (النطاق الجبلي) لكنها أقل تضرسا منها ثم نجد بلدية عين ولمان ب19 عملية وهي معروفة بطابعها الحضري غير أن العمليات الموزعة على مجالها الجغرافي توجد في المناطق النائية والأكثر بعدا عن المركز، وشملت أنشطة متنوعة ( المياه، الصحة، تثبيت الجروف، أنشطة غابية...) ، ويأتي بعدها بلدية صالح باي ب15 عملية وجهت أساسا لفتح وتهيئة المسالك وتسيير الثروة المائية والقيام بعمليات التشجير، وتشهد هذه البلدية تحسنا حضريا ملحوظا في المركز لكن في مجالها الشرقي يوجد عدد معتبر من السكان الذين يقطنون دواوير ومناطق مبعثرة، متبوعة ببلدية بوطالب ب13 عملية التي عرفت نزوحا كبيرا لسكانها واستنزافا لطاقاتها الشبانية أثناء العشرية السوداء وكانت وجهتهم أكثر نحو الجزائر العاصمة خاصة المتواجدين في مناطق أكثر عزلة لدرجة أن البعض من هذه المناطق أصبحت خالية تماما من السكان، أما العمليات المنجزة فخصت أساسا توفير المياه ( أنقاب مائية ) وغرس الأشجار الرعوية وبناء بعض المرافق ( قاعات علاج)، ثم نجد بلدية أولاد سي أحمد ب10 عمليات، وهي الأخرى تشهد نزوحا كبيرا نحو بلدية عين ولمان بسبب عزلتها وتضرسها الكبير  (بلدية جبلية) لكن رغم هذا فمناطقها المبعثرة تشهد نموا سكانيا بسبب الجهود المبذولة من طرف الجهات المعنية حول تثبيت السكان وتوفير بعض المرافق الضرورية إضافة إلى فتح وتهيئة المسالك والقيام بحملات تشجيرية، أما بلدية مزلوق فقدر عدد العمليات المنجزة بها ب09 عمليات خصت مجالات مختلفة ( تهيئة المسالك، تسيير المياه، الصحة، الإنارة العمومية، الرياضة )، وهذه البلدية معروفة بموقعها الاستراتيجي وقربها من مدينة سطيف (10 كلم)، لذلك تقل فيها المناطق التي تحتاج إلى تجهيز خاصة وأن برامج سياسة التجديد الريفي شملت إنجاز المشاريع الضرورية التي تساعد على تثبيت السكان، وكذلك بلدية عين أرنات ب08 عمليات وهي الأخرى تشهد حركة حضرية كبيرة بحكم عامل قربها من مدينة سطيف (07 كلم) وامتصاصها للثقل السكاني الذي تعرفه هذه الأخيرة، وفي الأخير نجد كل من بلديتي قلال ( 05 عمليات ) وقصر الأبطال ( 03 عمليات )، فرغم العدد الكبير للمناطق الريفية التي تحتاج إلى برامج تهيئة بهما خاصة على مستوى بلدية قصر الأبطال إلا أنها لم تشهد عدد كبير للعمليات الجماعية المنجزة وفسر المسؤولون هذا الأمر بحجة أن البلدية استفادت في وقت سابق من برامج التنمية الريفية. 
الأنشطة الفردية
: تخص الأنشطة الفردية المنجزة على مستوى بلديات الدراسة في إطار سياسة التجديد الريفي بعض فروع الإنتاج النباتي والحيواني إضافة إلى استصلاح وحماية الأراضي والسكن الريفي، واختلفت نسبة الدعم بين مختلف الأنشطة، لكن ما يمكن التأكيد عليه أن هذه النسبة كانت معتبرة حيث فاقت في كل العمليات نسبة 50 % من إجمالي التكلفة الكلية لإنجاز المشروع.
* توزيع العمليات الفردية الخاصة بسياسة التجديد الريفي عبر بلديات الدراسة حسب طبيعة النشاط: بلغ عدد فروع الدعم التي مستها برامج التنمية الريفية على مستوى بلديات الدراسة سبع فروع ( زراعة الزيتون، الأشجار المثمرة، تربية الأغنام، تربية النحل، السكن الريفي، استصلاح الأراضي، حماية التربة ) وهي موزعة بأعداد وأحجام متفاوتة بين بلديات الدراسة.
أ- الإنتاج النباتي: شملت العمليات الخاصة بالإنتاج النباتي نشاطين اثنين، وهما: زراعة الزيتون وزراعة الأشجار المثمرة، بالنسبة لزراعة الزيتون شهد هذا النوع من الزراعة تطورا كبيرا في مجال التدعيم على مستوى الولاية عامة والبلديات المعنية بالدراسة خاصة، حيث كانت زراعة قبل تطبيق سياسة الدعم الفلاحي مقتصرة على المناطق الشمالية للولاية فقط، ثم توسع مجال زراعتها على جميع تراب الولاية، وقد بلغت المساحة المغروسة بهذا النوع من الزراعة في إطار سياسة التجديد الريفي على مستوى بلديات الدراسة 430 هكتار ( بمعدل 01ه لكل مستفيد ويغرس حوالي 120 شجرة لكل 01ه ) موزعة بمساحات متباينة بين البلديات، لتستحوذ بلدية أولاد تبان الواقعة أقصى جنوب غرب الولاية على أكبر مساحة والمقدرة ب 93ه، ثم نجد بلدية صالح باي بمساحة 60هكتار موزعة على ثلاث مواقع بمساحة 20هكتار لكل موقع، تليها بلدية بوطالب التي غرس بها 57 هكتار شملت 04 مواقع متبوعة ببلدية الرصفة المحاذية لبلدية بوطالب من جهة الشمال بمساحة 55 هكتار، أما البلديات الثلاث المتجاورة التي تنتمي لدائرة عين ولمان ( قصر الأبطال، عين ولمان، أولاد سي أحمد ) فأنجزت بها نفس المساحة والمقدرة ب50 هكتار وفي الأخير نجد كل من بلديتي عين أرنات 10 هكتار، قلال 05 هكتار، أما بلدية مزلوق فلم تنجز أي مساحة بهذا النوع من الزراعة نظرا لطابعها السهلي الذي يتلاءم أكثر مع زراعة الحبوب.
   نتيجة: من خلال توزيع المساحة المنجزة الخاصة بزراعة الزيتون عبر بلديات الدراسة في إطار سياسة التجديد الريفي نلاحظ أن أكبر مساحة سجلت بالبلديات ذات الطابع الجبلي الواقعة في أقصى جنوب غرب الولاية (أولاد تبان، بوطالب، الرصفة ) وزراعة الأشجار هي الزراعة الأنسب للأراضي المتضرسة والمتقطعة ، أما بلديات الوسط (عين أرنات، مزلوق، قلال ) فسجلت بها أضعف مساحة بهذا الفرع الفلاحي وهذا راجع لكونها تهتم أكثر بالزراعات الواسعة نظرا لطابعها السهلي. 
   أما زراعة الأشجار المثمرة فشملت أربع بلديات فقط من بين عشر بلديات المعنية بالدراسة وذلك بمساحة 25 هكتار وهي أقل بكثير من المساحة المنجزة في فرع زراعة الزيتون، وسجلت أكبر مساحة ببلدية عين أرنات 10هكتار ثم البلديات الثلاث المتبقية (صالح باي، الرصفة، أولاد تبان ) بنفس المساحة والمقدرةب05هكتار.
ب- الإنتاج الحيواني: أهم فروع التربية الحيوانية التي تم تدعيمها في إطار سياسة التجديد الريفي هناك فرعين اثنين وهما: تربية الأغنام وتربية النحل.
بالنسبة لتربية الأغنام فتم تسجيل 220 مستفيد على مستوى بلديات الدراسة ، ويأخذ كل مستفيد 10 نعاج وكبش بمجموع 11 رأس، ونسجل تفاوت في عدد المستفيدين بين البلديات، لتستحوذ بلدية عين ولمان السهبية على أكبر عدد والمقدر ب43 مستفيد، وتسود تربيتها جنوب غرب إقليم البلدية، تليها بلدية بوطالب ب40 مستفيد هذه البلدية التي يعتمد سكانها فلاحيا بدرجة كبيرة على تربية الماشية ثم نجد بلدية قصر الأبطال التي تعتبر بوابة المجال السهبي من جهة الجنوب ( 30مستفيد )، أما البلديتين ذاتا الطابع الجبلي أولاد سي أحمد وأولاد تبان فسجل بهما 29 مستفيد لكل منهما، تليهما بلديات مزلوق ب20 مستفيد، قلال 15 مستفيد، صالح باي 09 مستفيدين وفي الأخير بلدية عين أرنات ب05 مستفيدين والتي تهتم أكثر بتربية الأبقار،  أما بلدية الرصفة فلم تسجل بها أي استفادة بهذا الفرع الفلاحي رغم أنها تشتهر بتربية الماشية.
أما عن تربية النحل فقد سجلت استفادة 135 شخص على مستوى البلديات العشر، ويأخذ كل مستفيد 12 صندوق مليء،   واستحوذت بلدية صالح باي على أكبر عدد ب43 مستفيد معظمهم من الأرياف الواقعة شرق مجال البلدية، لتأتي بعدها بلدية بوطالب ذات الطابع الجبلي ب28 مستفيد والتي أصبحت تزود السوق المحلية بجزء كبير من إنتاج العسل ( 2600كلغ سنة 2015) ثم البلديتان الواقعتان في نفس النطاق الجغرافي أولاد تبان ب26 مستفيد والرصفة 20 مستفيد، أما البلديات الخمس المتبقية (مزلوق، قلال ، قصر الأبطال، عين ولمان، أولاد سي أحمد) فسجلت أعدادا ضعيفة أقل من 10 مستفيدين لكل منها، في حين لم تسجل أي استفادة ببلدية عين أرنات المعروفة بطابعها السهلي ونقص المناطق الجبلية . 
   نتيجة: يرجع ضعف الاستفادة وانعدامها ببلديات الوسط (عين أرنات، مزلوق)في فرع تربية النحل إلى كون برامج سياسة التجديد الريفي كانت موجهة أساسا للعالم الريفي أي البلديات التي يطغى على مجالها الجغرافي الطابع الجبلي ضف إلى هذا أن تربية النحل تتلاءم أكثر مع البيئة الجبلية وليس السهول المفتوحة التي تعيق طبيعة هذا النوع من التربية.
ج – السكن الريفي: أولت الجهات المعنية أهمية كبرى لهذا الجانب الاجتماعي لما له من علاقة مباشرة في مساعدة سكان الريف على الاستقرار، حيث تم إنجاز 1199 وحدة سكنية على مستوى البلديات العشر خلال المرحلة الخماسية (2010 – 2014) موزعة بأعداد معتبرة ومتقاربة بين البلديات تتراوح ما بين 369 وحدة ببلدية عين أرنات و530 وحدة سكنية ببلدية قلال وهو ما تبرزه الخريطة رقم 05. 
و يمكن التأكيد على أن الجهات المعنية أعطت أهمية بالغة للسكن الريفي لما له من دور بارز في مساعدة سكان الريف على الاستقرار، لكن هذا لا يتأتى إلا بتوفير المرافق الأخرى الضرورية لحياة السكان
د – استصلاح وحماية الأراضي: تم في هذا الإطار استصلاح بعض الأراضي البور التي كانت في وقت سابق غير مستغلة، إضافة إلى غرس أشجار مصدات الرياح (أشجار السرو) لحماية النبات من الاعوجاج والتربة من الانجراف.
   بالنسبة لاستصلاح الأراضي فقد شملت هذه العملية تهيئة التربة وتنقيتها من الحجارة والشوائب التي تعيق زراعتها وفي هذا الإطار استفاد 383 شخص على مستوى خمس بلديات من بين عشرة محل الدراسة لاستصلاح 320 من الأراضي، وسجلت بلدية الرصفة أكبر مساحة المقدرة ب115 هكتار تليها بلدية عين ولمان ب77 هكتار، ثم بلدية صالح باي بمساحة 70 هكتار، أولاد سي أحمد 50 هكتار، وفي الأخير نجد بلدية قصر الأبطال ب08 هكتار.
نتيجة: هناك اختلاف في المساحة المستصلحة بين المستفيدين وبين بلديات الدراسة ، وهذا راجع إلى طبيعة المنطقة ( صغر أو كبر مساحة الأرض المستصلحة ) هذا من جهة ومن جهة ثانية يؤخذ في الحسبان أن الأراضي المستصلحة فيها ماهو تابع للقطاع الخاص وفيها ماهو تابع لأراضي العرش، حيث نلاحظ مثلا أنه سجل أكبر عدد للمستفيدين ببلدية أولاد سي أحمد (140 مستفيد) رغم أن المساحة المستصلحة بها لم تتعدى 50 هكتار، في حين سجلت أكبر مساحة مستصلحة ببلدية الرصفة (115 هكتار)  واستفاد من ذلك 68 شخص فقط.
أما بالنسبة لغرس أشجار مصدات الرياح في إطار حماية النبات والتربة من الانجراف فقد تم هذا خاصة في المزارع التي غرست بها أشجار الزيتون، وفي هذا الإطار استفادت خمس بلديات فقط من بين عشرة محل الدراسة، وهي: بلدية الرصفة التي سجل بها أكبر عدد للمستفيدين المقدر ب25 مستفيد، تليها بلدية قصر الأبطال ب21 مستفيد، ثم بلدية عين ولمان ب20 مستفيد وفي الأخير كل من بلديتي قلال 14 مستفيد وأولاد سي أحمد ب10مستفيدين.
أما من حيث توزيع حجم الإنجاز عبر بلديات الدراسة، فقد سجل أكبر حجم ببلدية قلال ب50 كلم رغم أنه استفاد 14 شخص فقط من هذا الحجم، تليها بلديات عين ولمان، قصر الأبطال، أولاد سي أحمد بنفس الحجم (10كلم)، وأخيرا بلدية الرصفة ب05 كلم التي سجلت أكبر عدد للمستفيدين بهذا البرنامج الريفي.
ملاحظة: من خلال دراسة مشروع غرس أشجار مصدات الرياح على مستوى بلديات إقليم الدراسة، نلاحظ أن بلدية قلال سجل بها أكبر حجم استفادة بهذا النشاط (50 كلم) واستفاد بالمقابل 14 شخص فقط وهذا راجع لطابعها السهلي واتساع مستثمراتها الفلاحية، في حين سجلت بلدية الرصفة أكبر عدد للمستفيدين ( 25 شخص ) وأضعف حجم استفادة (05 كلم) وهذا راجع لتجزء مستثمراتها الفلاحية وصغر مساحتها ذات الطابع الخاص خاصة في جزئها الجنوبي الذي يتميز بالتضرس. 
ثالثا: العراقيل التي أعاقت السير الحسن لبرامج سياسة التجديد الفلاحي والريفي والآفاق المستقبلية: رغم الجهود المبذولة من طرف الدولة ظل القطاع الفلاحي يعاني من مشاكل جمة، ومنذ تطبيق سياسة الدعم للخوصصة والقطاع لم يتمكن من تحسين مستواه بالصورة المرجوة والتمكن من تحقيق شروط المنافسة، وسنحاول في هذا المبحث تشخيص الصعوبات التي أعاقت السير الحسن لبرامج هذه السياسة  ومن خلالها اقتراح بعض الحلول التي من شأنها التخفيف من حدة هذه الصعوبات.
1- المشاكل التي عانت منها سياسة التجديد الفلاحي والريفي: يمكن إبراز أهمها فيما يلي:
- التفاوت الكبير في نسبة الدعم بين البلديات العشر وهذا يعود إلى مكانة البلدية في إطارها الإقليمي، حيث نجد البلديات الجبلية (بوطالب ) تعاني من بعض التهميش كانعدام الامكانيات الخاصة بالمستثمرات الصغيرة المساحة الواقعة في المناطق الجبلية(yannoussigeorges, 1984).
- تعرض أموال الدعم للتبديد وتحويلها من الأغراض والمشاريع التي قدمت من أجلها ، مما يؤثر حتما على نتائج هذه السياسة ، ولقد اكتشفت وزارة الفلاحة استفادة بعض الفلاحين المزيفين، من بين الفلاحين الذين يحملون بطاقة تثبت ذلك(ع سعاد، 2005).
- لم تكن الخدمات التي تقوم بها الأجهزة والمؤسسات التي أسندت لها بعض المهام في المستوى، فقد اشتكى العديد من الفلاحين من البيروقراطية التي تعيق عمليات الحصول على التجهيزات والعتاد والتماطل في ذلك لدرجة انتظار البعض منهم مدة تزيد عن خمس سنوات(غراب رزيقة، 1988-1989).
- انخفاض دخل الفلاحين والفقر في الأغلب الأعم مشكلة ريفية أين يعتمد السكان على الزراعة المعيشية(الطنوبي محمد عمر  وآخرون، 1995) ، مع أن سياسة الدعم الفلاحي وعدت بتحسين مداخيل الفلاحين وإعطاء أهمية للأوساط الريفية. 
- إن اتساع مساحة ولاية سطيف ( 654964 هكتار )، لا يعني ذلك وفرة الموارد الطبيعية التي يمكن استغلالها في القطاع الفلاحي،  وذلك راجع لظروف طبيعية كالتضاريس والمناخ (حداد بختة، 1996)  ، وظروف بشرية كقلة الامكانيات، هذا ما يحول دون الطاقات الفلاحية ويجعل استغلالها صعبا.  
- وفيما يخص تسويق المنتوجات الزراعية يلاحظ غياب شبه تام لوزارة الفلاحة عن هذه الأسواق الحيوية والتي تستطيع من خلال وجودها تأدية أكبر الخدمات للمزارع، أما فيما يتعلق بعملية التخزين فيلاحظ وجود أبنية ومستودعات غير مناسبة لحفظ وعرض الإنتاج الزراعي إضافة إلى أنها غير كافية(أبو نعمة نديم، 1999).
-يبقى ترسيخ سياسة التجديد الفلاحي والريفي – بالرغم من الجهود – ضعيفا وهذا لعدم أخذه كما ينبغي بالمعطيات الاقتصادية والاجتماعية فهو يعمل بشكل تقريبي، مع غياب الرقابة والمتابعة الفعالة على تنفيذ برامج هذه السياسة، ومع الأخطاء المرتكبة في التمويل وتقديم المساعدات للفلاحين(المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي، 2002).
2- الحلول المقترحة والآفاق المستقبلية: نظرا للصعوبات والمشاكل السالفة الذكر التي اعترضت السير الحسن للتنمية الفلاحية والتطورات المتسارعة الحاصلة في العالم بات من الضروري على الدولة أن تسعى جاهدة لتنظيم هذا القطاع حتى يتمكن من القيام بنفسه، لأن ما يتطلبه القطاع الفلاحي يصعب على الأفراد أو القطاع الخاص القيام به، فالقطاع لم يعد بحاجة إلى سياسة تعمل على المدى القصير أو المتوسط بل هو بحاجة إلى خطة ارتيادية بعيدة المدى، تعمل على تحقيق الأمن الغذائي في إطار التنمية المستدامة والمتوازنة، ومن أجل تحقيق ذلك نقترح اتباع جملة من الخطوات(عدلي ز، 2003)، منها: 
- التدعيم الفعلي والعادل للعاملين في القطاع الزراعي (OCDE, 2006) ومساعدتهم بالقروض الفلاحية، وهذا نظرا لعدم قدرتهم – خاصة منهم الفلاحين الصغار – على التمويل، ولابد أن يكون الدعم أو القرض بالحجم الذي يكفل تمويل المشروع، ويضمن احتياجات الفلاح، مع خلق توازن بين مختلف القطاعات المكونة لقوة الاقتصاد الوطني (OCDE, 2006).
- لابد من حماية الأراضي الفلاحية من التناقص، وهذا بتوسيع مخططات إعادة الاعتبار للأراضي، لتعويض الأراضي التي فقدت من جراء التوسع العمراني، مع حماية المناطق الزراعية ذات المردودية العالية، وتشجيع بناء المدن في مناطق الهضاب العليا والجنوب(صلاح محمد، 1996). 
- من المتطلبات التي يجب توافرها في البيئة الطبيعية الإحاطة بالأرض وخصائص الوسط الطبيعي وضوابطه وتصور ما يمكن أن يكون عليه التفاعل بين الإنسان والأرض بعد مواجهة الصعوبات والتخفيف من تأثيرها، وفرض فرص الاستخدام الأحسن من خلال أساليب أفضل (OCDE, 2006). 
- تشجيع البحوث العلمية والميدانية في القطاع الفلاحي، والتوسيع من التكوين والإرشاد الفلاحي، خاصة وأن معظم الفلاحين في الجزائر مستواهم التعليمي متدني، إذ يلعب الإنسان في عصرنا الراهن دورا كبيرا في تكييف الكائنات الحية النباتية حسب حاجاته وهو بذلك يساهم في تجديد الغطاء النباتي خاصة بعد استخدام الآلة والبحث العلمي في الزراعة على نطاق واسع(الصباغ عبد العزيز، 1989).
- ينبغي خلق سياسة جديدة للري، تهدف إلى تدعيم شبكة السدود والآبار والتحكم في مياه الأمطار ومحاربة الرواسب والانجراف والجفاف(خالفي  علي، 1990)، مع ترشيد استخدام المياه في أنظمة الري الحديثة (فليفل  فؤاد، 1999)، وإرشاد الفلاحين على حسن استعمالها واستغلالها وحماية مصادر المياه ومعالجة التلوث ودعوة الإدارات المحلية للقيام بدورها في هذا النطاق(محمد  يونس، 1999).
- لابد من مكافحة ظاهرة التلف والهدر في الموارد الزراعية، فالمحاصيل بعد جنيها عادة ما تتعرض للتلف بسبب الحشرات والفطريات، إلى جانب ضياع بعض منها أثناء الجني بسبب عدم صيانة العتاد الفلاحي، كما يضيع المحصول أثناء النقل والتعبئة أو بسبب عدم احترام ظروف التخزين (كالحرارة والرطوبة ...)(مهندس محمد  محمد كذلك، 2001).
- التواجد الفعال لوزارة الفلاحة والجهات المسؤولة على الاسواق الحيوية إذ يمكنها ذلك من فهم أكثر واقعية لوضع المزارع والزراعة الوطنية، وبالتالي رسم السياسات الزراعية الواقعية التي تعود بالفائدة على المزارع(أبو نعمة نديم: المرجع السابق)، ففي ظل المدن المتطورة زراعتها التجارية تحدد السوق الذي يسمح بتطوير الدورات التجارية بين المدن والأرياف، المهم تسويق الإنتاج الزائد على الاستهلاك الذاتي، فالمدينة تستطيع أن تصدر للخارج كمحرك حقيقي للتحولات الزراعية وطريق تطور للمحيطات الريفية.  
- ينبغي على الجزائر تطبيق برامج مكافحة التصحر الذي يهدد التربة بتوسيع السد الأخضر وتشجيع عملية التشجير وتفعيل دورها، واتخاذ السياسات اللازمة وتطبيقها وتوسيع تطبيق النصوص القانونية المتعلقة بمكافحة التصحر(كالبرامج التي تصيغها وزارة البيئة). 
خاتمة
   تعتبر سياسة التجديد الفلاحي والريفي آلية جديدة سعت من خلالها الدولة إلى النهوض بالقطاع الفلاحي بإحداث إجراءات وتغييرات خاصة بتسيير هذا القطاع الحساس، مستثمرا المعرفة المستخلصة من التجارب الفلاحية السابقة، خاصة وأن القطاع عاش بعدا كبيرا في التسيير من طرف الدولة قبل ذلك بعد أن منحت صلاحيات ذلك للقطاع الخاص، وعليه تم وضع سياسة التجديد الفلاحي والريفي لتجسد الإرادة القوية نحو تغيير المنظومة الفلاحية وترسيخ قدم الحداثة في هذا القطاع سعيا من الدولة نحو إعادة بناء اقتصادها ومسايرة التطورات الحاصلة في العالم نظرا للمكانة البارزة التي يحتلها القطاع الفلاحي في الاقتصاد الوطني، فهو يرتبط بقضية كبرى تشغل اهتمام الدول النامية والمتخلفة مادامت تعاني من تبعية غذائية مزرية للعالم المتقدم والذهنية الجديدة التي أتى بها المخطط تحاول رفع الفلاح إلى مصاف العون الاقتصادي المسؤول عن اختياراته باستعمال أدوات المساعدة – الدعم الفلاحي – التي سخرتها الدولة والقائمة على المشاركة الايجابية والفعالة.
ومن هذا المنطلق يمكن القول أنه يصعب وضع خطة زراعية ناجحة دون معرفة خصائصها ، فدراسة خصائص ومتطلبات أي خطة تنموية تمكن من معرفة نمط علاقاتها وطبيعة متضمناتها المادية والاقتصادية وأحيانا معطياتها الاجتماعية ويضفي التكوين الزراعي واقتصادياته على القطاع الذي يعمل فيه خصائص وسمات تميزه عن نشاط القطاعات الأخرى، وجدير بالذكر أن معرفة هذه الخصائص تمكن من وضع استراتيجية لتطويره وفقا لبرامج ملائمة للتنمية والنمو الزراعي.
وفي الأخير نعود إلى التنمية الفلاحية على المستوى الوطني لنطرح التساؤل التالي: هل يمكن للدولة أن تتدارك النقائص والصعوبات التي قلصت من مستوى السير الحسن لبرامج سياسة التجديد الفلاحي والريفي خاصة بعد وضعها حيز التنفيذ؟ وهل هناك توافق بين أهداف وطموحات الفلاح والسياسة الفلاحية التي تنتهجها الدولة؟  
المراجع
وزارة الفلاحة والتنمية الريفية: الاستثمارات والشراكة في الميدان الفلاحي بالجزائر - التجديد الفلاحي والريفي، 2009، ص01.
عمراني سفيان: سياسة التجديد الفلاحي والريفي كاستراتيجية لكسب رهان الأمن الغذائي المستدام بالجزائر ، الملتقى الدولي التاسع حول استدامة الأمن الغذائي في الوطن العربي ، كلية العلوم الاقتصادية والتجارية وعلوم التسيير، جامعة حسيبة بن بوعلي-الشلف، 23- 24 نوفمبر 2014 ، ص07.
الوزير المنتدب المكلف بالتنمية الريفية: وزارة الفلاحة والتنمية الريفية، أداة بيداغوجية للتنمية الريفية، ديسمبر2007، ص08.
هاشمي الطيب: التوجه الجديد لسياسة التنمية الريفية في الجزائر ، أطروحة مقدمة للحصول على شهادة الدكتوراه في العلوم الاقتصادية ، كلية العلوم الاقتصادية والتجارية ، جامعة أبوبكر بلقايد، تلمسان ،2013- 2014، رسالة منشورة،  ص 243
الوزارة المنتدبة المكلفة بالتنمية الريفية: برنامج سياسة التجديد الريفي ، المطبعة الرسمية، 2006 .
ع سعاد:11ألف فلاح مزيف من مجموع 700ألف بطاقة فلاح، جريدة الخبر، جريدة يومية، الجزائر، عدد4329، الصادرة في 27 فيفري 2005، ص24.
غراب رزيقة: أثر التكامل – الصناعي الزراعي – على التنمية الزراعية ، بحث مقدم لنيل درجة الماجيستير في العلوم الاقتصادية ، معهد العلوم الاقتصادية، جامعة باتنة ، 1988 – 1989 ، ص 74.
الطنوبي محمد عمر  وآخرون: الإرشاد الزراعي ، ط1، دار الكتب الوطنية ، بنغازي، الجماهيرية الليبية العظمى، 1995، ص96.
حداد بختة: مجهودات تكثيف الفلاحة الجزائرية في فترة الثمانينات وآثارها على إنتاج البقول - منطقة اسطاوالي، مذكرة مقدمة لنيل درجة الماجيستير، معهد العلوم الاقتصادية، جامعة الجزائر، 1996، ص38.
أبو نعمة نديم: مشاكل الزراعة اللبنانية، أغروتيكا، مجلة الزراعة في الشرق الأوسط والعالم العربي، العدد28 مارس – آفريل 1999، ص13.
المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي: مشروع تقرير حول الظرف الاقتصادي والاجتماعي للسداسي الثاني من سنة 2001، 2002، ص52- 53.
عدلي ز: الإصلاحات الاقتصادية والشفافية في البلدان المتجهة نحو اقتصاد السوق، المعهد الوطني الجزائري للبحث الزراعي، مجلة نصف سنوية ، العدد 13، ديسمبر2003 ، ص6.
صلاح محمد: الجغرافيا الواضحة ، مطابع أمزيان ، الجزائر ، 1996، ص – ص 511- 512.
الصباغ عبد العزيز: موسوعة النبات العام ، ديوان المطبوعات الجامعية ، الجزائر، منشورات عويدات، لبنان، 1989، ص06. 
خالفي  علي: واقع التنمية الفلاحية في ولاية البليدة، رسالة لنيل شهادة الماجيستير، فرع التحليل الاقتصادي، معهد العلوم الاقتصادية، جامعة الجزائر، 1989 – 1990، ص91.
فليفل  فؤاد: الدورة التدريبية في نقابة المهندسين حول أنظمة الري، أغروتيكا، مجلة الزراعة في الشرق الأوسط والعالم العربي، العدد 31، سبتمبر- أكتوبر1999، ص14.
محمد  يونس: المياه في لبنان وآفاق المستقبل، أغروتيكا، مجلة الزراعة في الشرق الأوسط والعالم العربي، العدد 32، نوفمبر- ديسمبر1999، ص14.
مهندس محمد  محمد كذلك: مقدمة في زراعة الخضروات، مطبعة عصام جابر، نشر منشأة المعارف، الاسكندرية ، 2001، ص314 .
yannoussigeorges: agriculture et développement régional :emploi et résultats économique de l’activité agrico dans le département de trikala(grèce),thèse de magistère, institut agronomique, grèce,1984, p26
OCDE (Organisation de Coopération et de Développement Economique), Agriculture et développement, vers des politiques, 2006, p123.

@pour_citer_ce_document

وردة بوقبال, «»

[En ligne] ,[#G_TITLE:#langue] ,[#G_TITLE:#langue]
Papier : ,
Date Publication Sur Papier : 2024-06-30,
Date Pulication Electronique : 2024-06-30,
mis a jour le : 30/06/2024,
URL : https://revues.univ-setif2.dz:443/revue/index.php?id=9850.